لماذا تجددت الاشتباكات بين أرمينيا وأذربيجان؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم: سميحة شتا

رغم مرور عامين تقريبا على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين أذربيجان وأرمينيا، والذى أنهى حربا واسعة النطاق بين الجانبين أسفرت عن آلاف القتلى، واستعادة  أذربيجان أجزاء واسعة من أراضى إقليم قره باغ التابع لها وتسيطر عليه أرمنيا منذ سنوات طويلة .

 إلا أن الوضع على الحدود بين البلدين توتر مرة أخرى ووقعت اشتباكات جديدة أدت لمصرع نحو 200 جندى على جانبى الحدود، تبادل الطرفان  خلالها الاتهامات بالتسبب فى هذه الاشتباكات.


التصعيد الأخير جاء فى وقت تنشغل فيه روسيا أقرب حليف لأرمينيا فى حربها المستمرة منذ نحو سبعة أشهر فى أوكرانيا. ومع ذلك سعت روسيا للتوسط السريع لعقد هدنة لوقف إطلاق النار.


وجاء التحرك الروسى السريع كرد فعل على التخوف من أن تتطور الاشتباكات لحرب شاملة ثالثة بين أرمينيا وأذربيجان، يمكن أن تتورط فيها روسيا باعتبارها حليفاً لأرمينيا، من جانب، وتركيا باعتبارها حليفاً لأذربيجان من جانب آخر. بينما يتحسب الاتحاد الأوروبى من مخاطر تخريب أو تعطيل خطوط إمداد الطاقة فى الأراضى الأذربيجانية.


تشعر أذربيجان بمزيد من الثقة، مع تشتيت انتباه روسيا فى أوكرانيا.. فلقد نزعت الحرب جزئياً الشرعية عن وجود قوة حفظ السلام الروسية فى قره باغ، وعززت طريق النقل «الممر الأوسط» الذى يمر بين تركيا والصين عبر أذربيجان وبحر قزوين وتجاوزت روسيا، ما جعل أوروبا أكثر حرصاً على شراء الغاز الأذربيجاني.


ويرى الخبراء ان التصعيد الأذربيجانى الأخير حاول الاستفادة من تزايد الانشغال الروسى بالحرب فى أوكرانيا، خصوصاً بعد تصاعد الهجمات المضادة من الجانب الأوكرانى فى الأسابيع الأخيرة وصولاً لاستعادة أوكرانيا مقاطعة خاركيف قبل يومين من تفجر المواجهات الأذرية- الأرمينية الأخيرة، وهذا الانشغال الروسى يمثل فرصة لأذربيجان لكسر الجمود على الجبهة مع أرمينيا بدون عواقب كبيرة، أى بدون حصول تدخل مباشر من الجانب الروسي.

والمشكلة أن حرب 2020، دفعت نيكول باشينيان رئيس الوزراء الأرمينى الذى كان يسعى للابتعاد عن موسكو، إلى أن يدخل أكثر تحت جناحها، إذ أصبحت أرمينيا عضواً فى منظمة معاهدة الأمن الجماعى للدول السوفيتية السابقة، كما تحرس القوات الروسية حدود البلاد مع تركيا وأذربيجان وإيران، وتنتشر قوات حفظ سلام لمراقبة خط وقف إطلاق النار المهتز بينها وبين أذربيجان فى ناجورنى قره باغ.

وكذلك تمتلك روسيا البنية التحتية للطاقة فى أرمينيا، وجميع خطوط السكك الحديد الخاصة بها، وتدفع أرمينيا أسعاراً أقل من أسعار السوق للغاز الطبيعى الروسي. ولهذا طلبت أرمينيا رسميًا المساعدة من منظمة معاهدة الأمن الجماعى عقب الاشتباكات الحدودية مع جارتها أذربيجان.

وعقدت المنظمة اجتماعا طارئا لمجلس الأمن الجماعى.. رغم  أن الولايات المتحدة تقوم منذ عام 1992 كرئيس مشارك لمنظمة الأمن والتعاون فى مجموعة مينسك الأوروبية، لكن فى السنوات الأخيرة لم تتدخل بشكل مؤثر حيال النزاع فى منطقة القوقاز.

ولعبت روسيا وتركيا دورًا أكثر نشاطًا فى التفاوض بين البلدين، فكان بوتين هو من أخذ زمام المبادرة فى التفاوض على وقف إطلاق النار لإنهاء حرب 2020، وأرسلت روسيا ما يقرب من 2000 جندى حفظ سلام إلى المنطقة.


 وفى الوقت الذى أيدت فيه تركيا  موقف أذربيجان  حيث طالب الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أرمينيا بوقف استفزازاتها ضد جارتها والالتزام باتفاق 2020 الذى أنهى الحرب الأخيرة بينهما جاء الموقف الأمريكى المؤيد لأرمينيا ليزيد الأوضاع تعقيدا بعد أن  طالبت واشنطن أذربيجان بوقف إطلاق النار.

وأشارت لنزاع الطرفين حول إقليم قره باغ، وهو ما انتقدته  أذربيجان مؤكدة  بأن الإقليم يتبع لها بحكم القانون الدولى وعقب الاشتباكات  قامت  نانسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب الأمريكى بزيارة وصفت بأنها مثيرة للجدل لأرمينيا، اتهمت خلالها أذربيجان بإشعال فتيل الاشتباكات الأخيرة.

واعتبرت أنها تهدد «احتمال التوصل لاتفاق سلام». كما أكدت أن أرمينيا لديها أهمية خاصة لواشنطن، وخلال زيارة بيلوسى التى استمرت 3 أيام - والتى تعرضت لانتقادات شديدة من تركيا، باعتبارها خطوة لا تسهم فى السلام -زارت نصبا تذكاريا لضحايا أحداث 1915 التى تصفها أرمينيا بالإبادة وتتهم الدولة العثمانية بارتكابها، وقالت بيلوسى «فى الكونجرس، نحمل تركيا وأذربيجان مسئولية النزاع حول ناجورنى قره باغ.

 زيارة بيلوسى لأرمينيا فى هذا الوقت اعتبرها المراقبون استفزازا من واشنطن لكل من روسيا وتركيا وأذربيجان وتدخلا أمريكيا جديدا فى منطقة القوقاز الهدف منها زيادة الاستقطاب الداخلى فى أرمينيا حيث تتزايد دعوات انسحاب أرمينيا من منظمة معاهدة الأمن الجماعى التى تقودها روسيا. 

اقرأ أيضا | استقرار شحنات غاز جازبروم الروسية إلى أوروبا عبر أوكرانيا