جريمة غامضة بوسط البلد.. أسرار سقوط زوج من شرفة مسكنه بالطابق التاسع

جثة الزوج بعد سقوطه من الطابق الــ ٩
جثة الزوج بعد سقوطه من الطابق الــ ٩

كتبت: آمال فؤاد

بالتأكيد ليست كل النساء هذه الزوجة، فالاستثناء لا يخضع أبدًا لقاعدة، لكن ما فعلته هذه المرأة فاق كل حد وتصور، وكأننا نشاهد فيلمًا من أعمال رائد أفلام الفانتازيا المبدع الراحل رأفت الميهي؛ لكن هذا ما جرى بالفعل في حي عابدين العريق.

مشهد تعود عليه سكان البرج الشهير باسم «برج الأطباء» لما يحتوي على عيادات للأطباء في كل التخصصات؛ وخلف الشقة يسمعون صوت زوجة متسلطة من شتائم واعتداءات على زوجها في كل وقت، بعدها يفتح الزوج المغلوب على أمره باب الشقة ويهبط درجات السلم مثل طفل عاقبته أمه تذرف عيناه دمعات قليلة يمسحها بيده حتى يصل إلى المقهى الموجود بجوار البرج الذي يسكنه يطلب من القهوجي كوبًا من الشاي وأحيانا يشتري له «ساندوتش فول» بناءً على طلبه من المطعم المجاور للمقهى؛ حتى جاء يوم الحادث حدث ما لم يتوقعه أكثر سكان البرج تشاؤمًا، وإلى التفاصيل. 

ماذا دار في المشادة الكلامية بين الزوجين قبل الحادث بلحظات؟!

بلا شك الخلافات والمشكلات الزوجية، موجودة في كل بيت نتيجة اختلاف وجهات النظر بين الزوجين ولكن بالنقاش والحوار تنتهي المشكلات على خير وتعود المياه الى مجاريها، أو على اقصى تقدير قد يسود الخصام بين الزوجين يومًا أو بضعة أيام وسرعان ما يعود الوئام مرة أخرى، أو التسريح بإحسان في أسوأ الظروف.

لكن في هذه الواقعة، خرج النقاش والحوار بين الزوجين عن الإطار الطبيعي في معالجة بعض المشكلات الاسرية بينهما، تحول الى مشادة كلامية تطورت برد فعل سيئ من الزوجة، وهي ليست المرة الأولى بل تعودت على ذلك حتى تخيلت في نفسها أنها «شمشون الجبار» وهو من شخصيات الكتاب المقدس ومعروف بقوته وجبروته حتى أتى الناس اليه بدليلة فانتهت قوته، لم تراع مشاعر الزوج المسكين ولم تحترم رجولته، ولكن من باب التسلط والتحكم في تصرفاته ومحاسبته وتضييق الخناق عليه كانت هي الآمر الناهي، مارست عليه كافة أساليب السيطرة من أجل الاستسلام لرغباتها وإخضاعه لتنفيذ أوامرها بالحرف الواحد دون مناقشة، لم تراعِ المتسلطة انها تضغط على أعصابه ولابد في النهاية أن ينفجر الزوج الذي اختار الهروب من هذا الجحيم، هو بالتأكيد لم يقصد الانتحار ولكنه انطلق إلى الشرفة يصرخ بهدف إخراج شحنة الغضب التي بداخله فاختل توازنه وسقط.

مسرح الجريمة
توجهنا إلى مسرح الجريمة ببرج الأطباء بباب اللوق الذي يتبع حي عابدين، وإذا بجثة رجل يرتدي ملابسه كاملة غارقة في دمائه على الأرض لا أثر للحياة في جسده من أثر سقوطه من الطابق التاسع، وجميع الأهالي والجيران في حالة ذهول من بشاعة المنظر وفي الوقت ذاته يرددون أن سبب هذا الخلافات بينه وزوجته لا تنتهي بعد وأنها هاربة من منزل عائلتهاـ توقفت أمام هذه العبارة، وعقب سماعي لها توجهت الى داخل البرج قاصدة في البداية، زوجة المجني عليه التي تسكن الشقة بالبرج وطرقت الباب، وإذا بها تفتح الباب فتحة صغيرة وبعدما اخبرتها بشخصيتي، رفضت الحديث معي بحجة أن حالتها النفسية لا تسمح لها بإجراء أي حوار، وردت من وراء الباب قائلة؛ إن زوجها اختل توازنه وسقط من «البلكونه» على الأرض ليس أكثر من ذلك، كما إنها ليس لديها أي كلام تتحدث فيه، وسرعان ما أغلقت الباب في وجهي.

تمرد وهروب
لكننا لم نكتفِ بهذا الرد خاصة وأن سكان البرج كانوا شهودًا على ما كانت تفعله بزوجها؛ التقينا ببعض شهود عيان من سكان البرج الذين شهدوا الواقعة لمعرفة ملابسات الحادث وطبيعة العلاقة بين الزوجين خاصة أن الزوج أجنبي، والوقوف على ملابسات الحادث وكشف الحقيقة.

قالت أم يوسف واحدة من جيران المجني عليه؛ أنه قبل خمس سنوات، ضربت الزوجة  المتهمة «ص. أ 32 سنة» عرض الحائط، عادات وتقاليد ورغبة أسرتها في الاطمئنان عليها بزواجها من أحد أقاربها، عقب شعورها بأن والدها يحاول اجبارها على  إتمام الزواج، وانها  ستقع فريسة للزواج التقليدي، اختمرت في ذهنها فكرة الهروب ورفضت الواقع الذي يريد والدها إجبارها عليه، وتركت منزل العائلة ومحافظة الإسكندرية التي تنتمي اليها بأكملها، ونفذت مخططها بمنتهى الانانية دون النظر إلى سمعة عائلتها أو مراعاة لوالدتها المسكينة ووالدها المريض، كما تمردت على كل من يحاول المساس بها، سافرت إلى القاهرة واستأجرت الشقة المقيمة بها  بشارع جاويش بمنطقة باب اللوق، وقررت العيش بمفردها وبعد مرور سنوات، انقلب حالها بعدما اعتمدت على نفسها واشتغلت في أكثر من وظيفة.

زوج الغفلة
وبمرور السنين وكما تحكي أم يوسف؛ تعرفت «ص» على المجني عليه «إ. مجدي» 40 سنه شاب أمصري حاصل على جنسية إحدى الدول الأوروبية، نال إعجابها وبدأت تتحدث اليه وتتقرب منه باعتباره  زوج تنطبق عليه كل المواصفات التي تتمناها ووضعتها في خيالها، وسيم ميسور الحال والأهم هادئ الطباع، نشأت بينهما علاقة حب، وبدأ يصارحها بمشاعره تجاهها ملبيًا لها جميع أوامرها لإتمام الزواج، وبعد أكثر من 4 شهور خطبة تم الزواج، وفي بداية الزواج كانت تحبه وتهتم به وتلبي له كافة احتياجاته، وهو لم يبخل عليها بشيء، أعطى لها كل ما كانت تتمناه من أموال وحياة مليئة بالسعادة، الى أن طلب منها الانجاب حلم حياته أن يكون أبًا والمفروض أن تحلم هي بالأمومة مثلها مثل كل فتاة، لكنها فاجأته بالرفض، تمردت على رغبته في الانجاب منها ومعاملته الحسنة لها وبدأت الخلافات والمشكلات بينهما تدب وفي كل خناقة كان يخرج الزوج مهزومًا.

«بياكل كتير»!
كما أضاف «سمير،م حارس البرج»؛ أنها كانت تعامله معاملة سيئة وبدأت الخلافات الزوجية تطفو بعد شهور من الزواج تتهمه بالتقصير في واجباته المنزلية، وأنها من تدبر شئون المنزل، رغم أنها هي من استولى على كل أمواله، وحاولت تطفيشه بشتى الطرق دون جدوى، الأدهى أنها كانت معتادة الاعتداء عليه بالضرب بالحزام والعصي، والشتائم بألفاظ بذيئة، تحملها الرجل كثيرا،لأنه كان يحبها ومتمسكا بالعلاقة بينهما، كانت كل اهتماماتها الخروج والتنزه في الأماكن الراقية وارتداء أفخم الملابس والسهر والمرح ولا يحق له الاعتراض على أي تصرف من تصرفاتها هي تفعل ما تريد، وليس من حقه الاعتراض.

قبل الحادث بيومين دارت مشادة كلامية بين المتهمة والمجني عليه، كانت على مرأى ومسمع من جميع سكان البرج، بالإضافة الى خلافاتهما السابقة؛ اتهمته أنه يأكل  طعام الأسبوع كله في وجبة أو وجبتين، وانهالت عليه ضربا وشتمًا، وطردته من الشقة  ومنعته من  تناول الطعام، بحجة أنه يتناوله بشكل عشوائي، رغم أن بعض الجيران كانوا على علم ومعرفة  بأنه   في معظم الأحيان يتناول وجباته خارج المنزل، يشترى بعض الفطائر من الفرن المجاور للبرج ويجلس على المقهى ويتناول طعامه ثم يحتسي  فنجانا من القهوة، ويعود مرة أخرى الى شقته حزينًا بسبب الخلافات المستمرة بينهما، لدرجة سألناها مرة عن سبب إهانتها له فأجابت بأغرب إجابة؛ «أنها تقوم بشراء احتياجاتها من الطعام والشراب بشكل اسبوعي، لكنه يقضي على كل ما بداخل الثلاجة من اطعمة، وانها لا تستطيع أن تتحمل تصرفاته وحذرته مرات من عدم تكرار هذه العادة لكن دون جدوى»!

اقرأ أيضًا

موعدنا 7 أكتوبر.. الجهة المنظمة لحفل محمد رمضان بالإسكندرية تتقدم ببلاغ للنائب العام

يوم الواقعة
في تمام الساعة السابعة والنصف من مساء يوم الحادث، قالت أم أحمد إحدى جيران المجني عليه وزوجته؛ كان في بعض الأطفال بيلعبوا أسفل البرج مع حفيدتها وجمع كبير من الناس جالسين على المقهى، أمام البرج ،شاهدوا شخصا يسقط  من أحد أدوار البرج  على الأرض، فصاح الأطفال من هول المنظر وتفرقوا في حالة فزع  وصياح انتبه جميع الجالسين الى صوت ارتطام شديد، كانت جثة المجني عليه وصياح الأطفال لا يزال مستمرًا، خلال لحظات معدودة تجمع أهالي المنطقة، وسكان البرج لكي يتعرفوا على شخصية المجني عليه، لدرجة أنهم انتابهم الشك أن يكون حرامي أو عامل تكييفات هو الذي سقط، فلم يستطع أحد التعرف عليه  ولكن حفيدتي 14 عاما، حيث نقيم بالطابق الأعلى من شقة المجني عليه، صاحت قائلة؛» ده عمو الأجنبي اللي ساكن في التاسع،كان لا يزال يرتعش وتسيل الدماء منه على الأرض، وفور ذلك  اتصل بعض الأهالي  بشرطة النجدة، التي أتت فورًا وخشى الناس ان يمسكوه خوفا من كسور بداخله ممكن أن تتضاعف ولكن ابلغ الناس الإسعاف ايضًا.

بلاغ
وفور ذلك اتصل الأهالي بالنجدة وكانت قد تلقت أجهزة الأمن بالقاهرة إخطارًا عن سقوط شخص من علو بأحد شوارع منطقة عابدين وأبلغت الأجهزة الأمنية وفور البلاغ توجه رجال المباحث إلى مكان الواقعة وثبت صحتها تبين أن المجني عليه يرتدي ملابسه ومصاب بكسور وكدمات، وعقب ذلك تم نقله الى المستشفى، لكنه توفى بعدها بساعات قليلة متأثرًا بإصاباته.

واستكمل فريق المباحث التحريات تبين أنه المجني عليه يحمل إحدى الجنسيات الأجنبية، وقامت أجهزة الامن بالتحفظ على الكاميرات المحيطة بالبرج وفور ذلك تم القبض على زوجة المجني عليه، وتحرر محضر بالواقعة وتم إحالتها للنيابة للاستماع إلى أقوالها.

جاء في اعترافاتها أمام النيابة؛ أن دائما يحدث بينهما خلافات عادية مثل أي زوجين عاديين وأن يوم الواقعة حدثت مشادة كلامية بينهما على بعض الطلبات المنزلية وتركته في صالة الشقة ودخلت الى غرفة النوم، وانه توجه إلى البلكونة وبدأت تسمعه يتشاجر مع نفسه ولم ترد عليه وبعد مرور بعض الوقت، فوجئت بأحد الجيران يدق الباب عليها ويخبرها بسقوط زوجها من الطابق التاسع بعدما اختل توازنه أو انتابته حالة نفسية وكان قريبا من سور الشرفة فهوى إلى الأرض، كما استمعت النيابة إلى شهود عيان الواقعة، وأكدوا حسن سير وسلوك المجني عليه وأنه منذ تواجده بالبرج يخرج ويدخل في حاله، ولا يزال التحقيق مستمرا في الواقعة.