مي سيد تكتب: حقًا.. «ظلمت النقاب»

مي سيد
مي سيد

حقيقي «الكلمة الطيبة» صدقة و«لين القلب» هبة من الله؛ وهاتان الجملتان يستطيعان تغيير معتقدٍ أو فكرة كان يؤمن بها انسان فأنا تربيت في بيت ليس الحجاب من ثقافته.. نعم أقصد كلمة ثقافته لأن الحجاب في مصر ثقافة اجتماعية وليس معتقدًا دينيًا، وبالطبع النقاب أمر غير مستحب في معتقدات منزلي وعائلتي والمجتمع القريب مني فأنا عشت حياتي كلها لم أرى امرأة منتقبة من المحيطين بي أو المجتمع الذي تربيت فيه ولذلك كنت اعتقد أن المنتقبات سيدات متشددات بل كنت اعتقد أيضًا أنهن معقدات.

كنت ما أسأل نفسي دائمًا: لماذا ترتدي هؤلاء السيدات النقاب من الأساس؟ غير أنهن متشددات ليس إلا؛ المهم ظللت مؤمنة بتلك الفكرة  حتى التقيت تلك السيدة التي غيرت من فكري الكثير بل جعلتني أنظر لأفكاري وأشعر بأنها «محدودة» بعض الشيء فلماذا لا أترك كل سيدة ترتدي ما تريد ولا أصدر أحكامًا مسبقة لمجرد أنهن مختلفات عني في الزي أو المظهر العام.

ذات يوم كنت عائدة من عملي وفي طريقي لمنزلي وأنا من سكان حي المنيل وبسبب ازدحامه أترك سيارتي في جراج يبعد عن منزلي حوالي ٢ كيلو متر وأسير تلك المسافة على أقدامي؛ وإذا بي أشاهد امرأة عجوز يبدو أنها تعمل حارسة لعقار أحد المنازل وكانت تحمل الكثير من الحقائب المليئة بطلبات المنازل فسقط من يديها إحدى هذه الحقائب، وهرولت مسرعة لمساعدتها حتى عادت هي لطريقها حاملة أشياءها الكثيرة.

ولكن وأنا أساعد هذه المرأة رأيت أخرى تقف على بُعد حوالي متر بالقرب منا تشاهدنا بصمت وكانت ترتدي نقابًا وبعد أن عادت السيدة العجوز للسير، اقتربت مني تلك السيدة المنتقبة، وقالت لي: « كنت رايحة أساعدها ولكن ربنا اختار الثواب لكي أنت مش أنا ربنا عايزك أنتي مش أنا».. قمت بشكرها ومضيت في طريقي ولكن ظلت هي في تفكيري ووجداني كم كانت تتمتع بلطف وطيبة جعلاني أشعر براحة نحوها وكم كانت لبقة في حديثها وصوتها يتمتع بجمال آخاذ.. فهي لم تعلم ديانتي فأنا غير محجبة وبالطبع وأنا أقف في شارع لا أحد يستطيع أن يعرف ما هي ديانتي بل صممت هي أن تقول لي هذا الكلام الحلو بالرغم من أنها لم تعرفني أوأنني حتى من نفس الديانة أم لا.

«والله يا سيدتي.. لين قلبك وحلو كلامك جعلاني أغير معتقداتي في كل المنتقبات».