شىء من الأمل

اختبار قادم لنا!

عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب

بعد خروج أكثر من عشرين مليار دولار من الأموال الساخنة من بلدنا فى غضون أسابيع قليلة هذا العام قال وزير المالية إننا قد وعينا الدرس ولن نعتمد على تلك الأموال الساخنة مجددا، وأن الحكومة قررت الاعتماد على الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى تدبير احتياجاتها من النقد الأجنبى التى مع توفيرها فرص عمل جديدة تسهم فى زيادة صادراتنا للخارج وتقلل من وارداتنا من الخارج، وبالتالى تزيد من مواردنا من النقد الأجنبى..

وقد لاقى كلام وزير المالية ارتياحا من قبل كل من كانوا يرون أن الاعتماد على الأموال الساخنة يضر بالاقتصاد، وهذا ما خبرناه بشكل صارخ خلال أزمة النمور الآسيوية فى تسعينيات القرن الماضى.. ويبدو أننا سنكون أمام اختبار قريب لتعهد الوزير بعدم الاعتماد على الأموال الساخنة مجددا! 

فها هى وكالة بلومبرج تتحدث فى أحدث تقدير لها لتطورات الأزمة الاقتصادية العالمية عن احتمال عودة الأموال الساخنة قريبا إلى الدول الناشئة التى هجرتها قبل بضعة أشهر، بعد ان ضمدت هذه الدول، وفى مقدمتها باكستان وسيرلانكا، جراحها الاقتصادية بما تلقته من دعم خليجى وهندى وصينى، ومن صندوق النقد الدولى أيضا..

وذلك رغم استمرار الفيدرالى الامريكى فى رفع سعر الفائدة حتى نهاية هذا العام وربما الشهور الثلاثة الأولى من العام المقبل.  

هنا سنكون أمام إغراء العودة للاعتماد على تلك الأموال الساخنة مجددا، خاصة أن الحصول على هذه الأموال أسهل وأسرع من تدفق الاستثمارات المباشرة علينا، حتى ولو جاءتنا فى شكل استحواذات على بعض أصولنا..

وبالتالى سنكون إزاء اختبار مهم لعلنا نخضعه لنقاش جاد وعملى سواء فى المؤتمر الاقتصادى الذى سوف يعقد قريبا، أو فى الحوار الوطنى الذى سيكون أحد محاوره الأساسية أحوالنا الاقتصادية وعلاج المشاكل التى يعانى  منها اقتصادنا. 

إن إغراء الاعتماد على الأموال الساخنة يعطل ولوج السبيل السليم الذى يقره كل خبراء الاقتصاد وان اختلفت توجهاتهم السياسية والاجتماعية للنهوض بالاقتصاد، وهو سبيل زيادة الإنتاج الذى يوفر للناس احتياجاتها الأساسية والضرورية، لأن هذه الأموال الساخنة توفر النقد الأجنبى بسهولة وسريعا على عكس الاستثمارات المباشرة، لكنها تهجر ايضا سريعا وسهلا وتضع من تهجره فى أزمة!