تفاصيل المخططات الإرهابية لصناعة التعصب الكروي

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كتب: عمرو فاروق

لم يتمكن اعداء الدولة المصرية على مدار التاريخ المعاصر من تحقيق مخططهم بتدمير وحدتها وشق صفوفها وجبهتها الداخلية، من خلال صناعة "الفتنة الطائفية" بين مسلميها ومسيحييها، أو بتمرير مشاريع التقسيم التوسعية الاستمعارية الحديثة، وتقليب الطبقات والفئات الشعبوية والنخبوية، هدف أساسي للمتربصين بالدولة المصرية، لتحقيق سيناريوهات الخراب الداخلي والفوضى ولكن عيون رجال الأمن كانت ولا تزال لهم بالمرصاد، فكشفت خططهم في اختراق الأندية الرياضية.

 

ربما باتت لعبة "كرة القدم" الأداة الأسهل والأكثر فاعلية في صناعة حالة الاستقطاب والتفرقة الداخلية، في ظل انتقالها من ساحة "التعصب الكروي"، إلى "دائرة الكراهية"، واقعياً لم تعد القصة "بطولة دوري" أو "بطولة كأس"، لكنها تحولات إلى فتيل تتنازع الأطراف المتناحرة على إشعاله دون النظر إلى تباعاته وعواقبه، لا سيما أن ثمة أطراف أخرى خارجية التقطت خيوط الأزمة وبدت تحركها تبعاً لصالحها، إن لم تكن حرضت عليها من البداية. 

محاولات اختراق الأندية

فرضية تمويل الإرهاب والانتماء للجماعات الأصولية، تحولت لمظلة اتهام وتراشق بين مشجعي الأندية المصرية، في ظل الترويج بسيطرة رجال الأعمال المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين على مقاليد النادي الأهلي، وكذلك تغلغل المنهجية السلفية على المنتمين لنادي الزمالك، وسعيهم ايضاً في الهيمنة على الأندية الساحلية (سموحة - الاتحاد- المصري- الاسماعيلي).

ظلت الأندية الرياضة المصرية في مخيلة عقلية تيارات الإسلام السياسي، لسنوات طويلة لما لها من جماهيرية كبيرة يمكن استمالتها فكرياً وتجنيدها تنظيمياً، ومن ثم كان النشاط الرياضي ركيزة في استقطاب قواعدها التنظيمية والتأثير فيهم.

أهمية النشاط الرياضي في حقل تيارات الإسلام الحركي، دفع إحدى الدولة العربية، إلى تأسيس أكاديمية رياضية كبرى ملحقة بنادي الزمالك تستهدف في المقام الأول تدشين أجيال رياضية تحمل الأيديولوجية السلفية، إلا أن المشروع باء بالفشل لأسباب أمنية في مرحلة ما قبل عام 2010.

في المقابل عملت جماعة الإخوان المسلمين منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي، على اختراق الأندية والهيئات الرياضية، واستهدف الدوائر المعاونة للأجهزة الفنية، والأطقم الطبية، وكذلك محاولة السيطرة على قطاعات الناشئين للوصول إلى أكبر فئة من المراهقين والشباب، مع امكانية التحكم في الدفع بالعناصر المختارة إلى الملاعب.

الهيكل التنظيمي لجماعة الإخوان،–وفقاً لعناصر سابقة - ضم ثلاث لجان للعمل على اختراق الأندية الرياضية واستمالة رموز العمل الرياضي، أولها لجنة "النشاط الرياضي"، التي كرست جهدها في حيز الأندية الرياضية ومراكز الشباب ومجالس إدارتها، فضلاً عن تركيزها على قطاع الناشئين، وتأسيس عدد كبير من الأكاديميات الرياضية وتمويلها بهدف الوصول للشريحة العمرية المستهدفة من خلال تلك التجمعات.

ثانيها "لجنة الكشّافة" التي تأسست منذ ثلاثينات القرن الماضي، واستهدفت قطاع الكشّافة في مختلف المدارس والجامعات ومراكز الشباب، ووظفتها لخدمة مشروع الجماعة، وثالثها لجنة "الصفوة"، التي ركزت نشاطها بين العائلات الكبرى والأوساط الراقية وصفوة المجتمع، فضلاً عن دعمهم في الوصول لمجالس إدارة الأندية الشهيرة أملاً في السيطرة عليها تماماً.

 

لجنة "النشاط الرياضي" داخل التنظيم الإخواني، شكلت لجنة خاصة تولت متابعة كل نادٍ رياضي بشكل مستقل، ودفعت القواعد التنظيمية للإشترك في عضوية الأندية المصرية، متكفلة بالنفقات المالية، لصناعة لوبي مؤثر يحمل التوجهات الإخوانية، ويدين لها بالولاء والتبعية داخل هذه الكيانات الحيوية، ما جعلها تتدخل تاريخياً في تشكيل القوائم الانتخابية، وكذلك الإشراف على روابط الألتراس والتحكم فيها عن بعد، أوراق مكتب الإرشاد المضبوطة ضمت مشروعاً لتأسيس نادٍ اجتماعي، وفريق رياضي يحمل مسمى "الإخوان المسلمين"، لتمثيل الجماعة رسمياً في الدورات الرياضية المصرية والإفريقية، بجانب سعيهم للدفع بشخصيات إخوانية في انتخابات مجالس إدارات الأندية.

 

المرحلة الأبرز في مشروع الهيمنة على الأندية الرياضية والاجتماعية من قبل جماعة الإخوان، أدارها أسامة ياسين، إبان توليه منصب وزير الشباب والرياضة في عهد المخلوع محمد مرسي، في إطار استراتيجية "التمكين"، التي قادتها الجماعة للتغلغل المطلق في أروقة الدولة المصرية، وهناك قائمة طويلة من اللاعيبين المصريين المنتمين تنظيمياً لجماعة الإخوان، والذين أداروا وأشرفوا على النشاط الإخواني في مختلف الأندية والهيئات الرياضية المصرية، عدد منهم أعلن عن توجهاته الفكرية خلال مرحلة تسلل الجماعة للحكم، وبعضهم مازال مختبيء خلف الأضواء.

اقرأ أيضًا

الباز: التعصب الكروي بيخرَّج أسوأ ما فينا

في منتصف عام 2012، أجرت قيادات مكتب الإرشاد، اتصالات سرية مع رموز العمل الرياضي، في إطار حالة من الاستحواذ المطلق على مفاصل الحياة السياسية والمدنية والرياضية، والدفع بقائمة من عناصرها أو القريبين من توجهات الإسلام السياسي، لخوض انتخابات اتحاد الكرة المصري، والترتيب لإسقاط قائمة الكابتن هاني أبو ريدة.  

حرصت المكاتب التنظيمية داخل جماعة الإخوان الإرهابية على مشاركة أفرادها بقطاعات الأشبال والثانوي، في اختبارات الأندية الرياضية والالتحاق بأنشطتها، بجانب تحفيزهم للإشتراك في روابط الألتراس، وفقاً لتصريحات بهاء أبو رحاب مسؤول اللجنة الرياضية بحزب "الحرية والعدالة"، من أن الإخوان اخترقوا المنظومة الرياضية، وروابطها الجماهيرية.

محاولات التأثير الفكري والتوجه الأيديولوجي بين طواقم العمل الرياضي، اتخذ حيزاً كبيراً خلال مرحلة الرئيس حسني مبارك، إذ تم تجنيد عدد ليس بالقليل من اللاعبين المصريين، والأطقم الفنية المساعدة، من خلال عقد الدورات الدينية داخل مسجد أسد بن الفرات، ومسجد دعوة الحق بالدقي، ومسجد المغفرة بالعجوزة، تحت إشراف الشيخ صفوت حجازي المحبوس حاليًا، وحازم صلاح أبو إسماعيل المحبوس حاليا ايضا.

جماعة الإخوان تاريخياً شكلت عدداً من الفرق الرياضية منذ ثلاثينيات وأربعينات القرن الماضي، بتعليمات من مؤسس التنظيم حسن البنا، كما دشنت مسابقة رياضية تحت مسمى "كأس المرشد"، وضمت مشاركة القواعد التنظيمية داخل  المكون الإخواني.