العراق - لبنان.. استنساخ الأزمات | بغداد.. الطريق إلى المواجهات فى الشارع

مخاوف من العودة إلى المواجهات بين الفصائل المتصارعة فى الشارع
مخاوف من العودة إلى المواجهات بين الفصائل المتصارعة فى الشارع

من السهولة بمكان التعرف على التشابه بين التحديات التى تواجه البلدين العراق ولبنان وأسبابها، أما الأزمات فهى الفشل فى التوصل إلى أسماء رئيس الجمهورية أو الوزراء خلال أشهر من المشاورات التى لم تؤدْ إلى نتيجة، فمنذ اليوم الأول لإعلان نتائج البرلمان اللبنانى فى مايو الماضى ونحن أمام عرقلة لبنان إذا صح التعبير فكلا البلدان محكومان بالمحاصصة الطائفية والخلاف بين الطوائف ذاته سواء الشيعة أو السنة والاكراد كما هو فى الحالة العراقية ويزيد على ذلك التنوع فى الطوائف وزيادة عددها كما هو الحال فى لبنان والغريب ان التشابه وصل الى حالة ان الانتخابات أفرزت برلمان أقليات ونتائجها لم تسمح لأى حزب بالقدرة على الوصول الى اغلبية مريحة تسمح له بتشكيل حكومة بشكل سلس بل افرزت كتلًا سياسية صغيرة قادرة على امتلاك فيتو نظرًا لغياب من يملك النصف زائد واحد او اغلبية الثلثين فكانت النتيجة هذا العجز والشلل الذى تعانى منه البلدان معًا، العراق العاجز على حسم معركة رئاسة الحكومة والوزراء ولبنان التى يعيش على وقع عمل حكومة تصريف اعمال ومخاوف من عدم القدرة على حسم الاستحقاق الرئاسى فى المواعيد المستحقة بالبدء فى اختيار رئيس جديد فى الفترة من اول سبتمبر الحالى حتى نهاية أكتوبر القادم.

يبدو أن الأزمة السياسية فى العراق منذ شهور، مازالت مستعصية على إرساء الاستقرار فى البلاد، والانتهاء من الاستحقاقين الدستوريين باختيار رئيس الحكومة الجديد ورئيس الجمهورية، بل وتزداد تصاعدًا. حيث تعددت فرص التهدئة بين الأحزاب والقوى السياسية، لاسيما بين التيار الصدرى والاطار التنسيقى، ولكن سرعان ما يتم وأدها بظهور أزمات جديدة تزيد من الفتيل اشتعالًا فى هذا المشهد السياسى المُعقد.


كان أمام التيار الصدى، يوم الاربعاء الماضى، فرصة أخرى والمتعلقة بقرار المحكمة الاتحادية العليا، حول قضية حل البرلمان، بحسب الدعوة التى رفعها مقتدى الصدر وعدد من القوى المستقلة، إلا ان القرار جاء برد الدعوى، دافعة بعدم الاختصاص.

على الرغم من اعترافها فى البيان الذى أصدرته عقب حكمها النهائى، بأنه لا يجوز لأى سلطة الاستمرار فى تجاوز المدد الدستورية إلى ما لا نهاية.. قرار المحكمة الاتحادية العليا، وهى السلطة القضائية الأعلى فى العراق، وتحويل هذا الملف إلى مجلس النواب، للبت فيه، دفع مقتدى الصدر فى اليوم التالى برمى الكرة فى ملعب حليفيه السابقين فى تحالف « إنقاذ وطن».

وهما «الحزب الديمقراطى الكردستاني» برئاسة مسعود بارزاني، و»تحالف السيادة» برئاسة محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان العراقي، داعيًا اياهما باتخاذ موقف من مسألة حل البرلمان أو الانسحاب منه.. إلا انه حتى كتابة هذه السطور، لم يصدر عن أى موقف واضح من الطرفين.

وأعلن محمود محمد المتحدث باسم الديمقراطى الكردستانى، فى تصريحات صحفية الجمعة الماضية:» أنه لغاية الآن لم يتم التحاور حول مسألة حل مجلس النواب العراقى بهذا الشكل، وأضاف: لدينا لجنة تقوم بأداء دورها، ونتصور أن مثل هذه المواضيع من الأفضل اتخاذ قرار مشترك بشأنها من خلال الجلوس على طاولة الحوار ومناقشتها.


وكان صالح محمد العراقى المقرب من زعيم التيار الصدرى مقتدى الصدر، والمعروف بلقب «وزير الصدر»، أعلن بشكل قاطع عدم عودة كتلة التيار الصدرى إلى مجلس النواب العراقى بعد استقالة أعضائها منه. وأكد أن انسحابه جاء بهدف سد الطرق كافة أمام التوافق السياسى مع الإطار التنسيقى الذى يضم قوى سياسية شيعية، فإنه جدد أمله فى أن يتخذ حلفاؤه الكرد والسنة قرارًا بالانسحاب من البرلمان.

والمُضى إلى إجراء انتخابات مبكرة فى البلاد، يشرف عليها رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي.. يكشف عدم رد حليفى الصدر من الكرد والسنة، على أنه بمثابة انتصار للإطار التنسيقى الخصم الأبرز لمقتدى الصدر. فعلى الرغم من انه لا توجد مشكلة لدى تحالف السيادة السنى فى أن يشرف رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمى على الانتخابات المبكرة المقبلة.

إلا ان قوى الإطار التنسيقى الشيعى لديها مشكلة فى بقاء الكاظمى فى منصبه، كما أن لدى الحزب الديمقراطى الكردستانى بزعامة مسعود بارزانى مشكلة فى بقاء برهم صالح رئيسًا للجمهورية.


تكشف التطورات الجديدة فى المشهد السياسى فى العراق حاليًا، أن مشكلة زعيم التيار الصدرى مقتدى الصدر لم تعد مقصورة على خصومه الشيعة فى الإطار التنسيقي، بل وصلت إلى حليفيه من السُنة والأكراد، اللذين أصبحا يأخذان مسافة من الصدر بخصوص خياراته السياسية فى العراق، وأبرزها خياره الحالى المتمثل فى الانسحاب من البرلمان وصولًا إلى حله.


فى ذات السياق، تسعى قوى الإطار التنسيقى الشيعى للترويج إلى إمكانية عقد جلسة للبرلمان العراقى يوم 20 من سبتمبر الجارى، لانتخاب رئيس الجمهورية، وتكليف مرشحهم محمد شياع السودانى لتشكيل الحكومة. ولكن يستبعد مراقبون إمكانية حصول مثل هذا السيناريو بهذه البساطة التى يفكر بها الإطار التنسيقي.

وأشارت تقارير إعلامية الى أن لهجة الصدر الهادئة نسبيًا، طبقًا لتغريدة له، ربما تخفى تصعيدًا مقبلًا بعد نهاية الزيارة الأربعينية فى كربلاء. فى الوقت الذى التزم الخصمان الشيعيان بشروط الهدنة التى قبلها كلاهما، بعد مواجهات عنيفة فى المنطقة الخضراء. إلى جانب ذلك، يزيد الإطار التنسيقى من الضغط على التيار الصدرى وحلفائه.

ومن خلال شن حملة اعتقالات استهدفت ناشطين فى بغداد ومدن الجنوب.. لاتزال الأزمة بين الخصمين الشيعيين ملتهبة، وسط إصرار التيار الصدرى بحل البرلمان وتنظيم انتخابات مبكرة، وتمسك خصومه فى الإطار التنسيقى الموالى لإيران، بتشكيل حكومة أغلبية، تشرف على انتخابات جديدة.

اقرأ ايضا | ذكرى 11 سبتمبر| العراق.. أبرز ضحايا تصفية الحسابات الأمريكية بعد الهجمات الدامية