صاحبة الحاجز الرقيق توضح رؤيتها عن التغيرات الاجتماعية للطبقة الوسطى

نفيسة عبدالفتاح
نفيسة عبدالفتاح

في مجموعتها القصصية «حاجز رقيق» تطرح الأديبة والكاتبة الصحفية نفيسة عبدالفتاح رؤيتها عن التغيرات الاجتماعية للطبقة الوسطى كما تعرفها، وعن العالم الروحانى الذي يرشد من يؤمن به، بعد مجموعتين قصصيتين: «لا شىء سواها» و«للنهر بعض الأسرار»، ورواية واحدة بعنوان «تراب أحمر» التى دارت أحداثها حول معاناة زوجين مصريين يُقيمان فى دولة أفريقية أخرى فى تسعينات القرن الماضى لتكشف عورات كثيرة.

وتأخذنا إلى عالم مختلف، وأرض لم تطأها إلا أقلام قليلة، وتثير التساؤلات حول العلاقات مع دول القارة، لكن فكرة الانتماء كانت حاضرة بقوة فى أعمالها السابقة، ووفقًا لقول الأديبة فى حوارنا معها فإن مشروعها فى الكتابة قد تأكد مع مجموعتها الأخيرة الصادرة حديثًا عن دار أم الدنيا، وعنوانها «حاجز رقيق».

وهو ليس مجرد عنوان لنص من نصوصها بل إنه بمثابة خيط يجمع حبات العقد، ويتماهى مع حالة كل نصوصها، وهو ما تعلق عليه المؤلفة قائلة: «يمكن أن يشعر القارئ بهذا الحاجز الرقيق الذى قد يكون عبوره أو كسره.

أو التغلب على وجوده، أو التمكن من الرؤية عبره، هو محور النص، وقد حرصت على تنوع الحواجز، ففى نص الموعد ونصوص أخرى يسقط الحاجز بين عالمى: الروح والمادة، وفى نص «استغماية» تتنوع الحواجز، فابنة «التربى» تعبر حاجز المكان بالرسم والجدة ترى أن الحاجز الذى يفصلها عن الموتى مجرد لوح زجاجى يرونها ولا تراهم.

والطفلة لا تتحمل سقوط حاجز الجهل بطبيعة المكان، بينما فى نص «بمزاجه» يسقط حاجز الخوف عند الموظف البسيط، ويتغير أسلوب تعامله مع من يسرقونه، وفى «نصف قلب» تحجب الحبيبة حبيبها الراحل فى شطر قلبها.

وتدفع ثمن هذا الحاجزعلة فى القلب تبقى منه للزوج ولابنتها نصفه فقط.»، ومثلما أشارت الأديبة، فهناك حس دينى وروحانى مباشر فى نصوص المجموعة وهو ما تعلق عليه «نفيسة» قائلة: «يمثل عبور الحاجز الرقيق.

بين عالمى: الروح والمادة العدد الأكبر من النصوص، لكنه ليس كل الحواجز، لكن هناك نصوصًا أخرى تختلف فيها الحواجز، والقصص يغلب عليها طابع عائلى وحميمي، وكأنها تخص تفاصيل حياة المؤلفة.

وكل بطلات النصوص زوجات وأمهات فى الغالب، وهناك نوع من الاحتفاء بقيمة أدوارهم الاجتماعية، وهو ما تؤكده نفيسة عبد الفتاح قائلة: «المبدع قد يأخذ قطعة من حياته لتكون نواة لنص، مجرد نواة تتغير كل الظروف المُحيطة بها، لأنه ببساطة مبدع، وليس كاتب سيرة ذاتية، ولو نظرنا إلى كل ما يكتب على أنه يخصه لظلمناه كثيرًا، ولأسقطنا كل نص إنسانى على حياة مبدعه.

وهو تقليل من شأن إبداعه وقدرته على التحليق بأفكاره بعيدًا، ومنذ مجموعتى الأولى «لاشئ سواها» وأنا أعمل على مشروعى وهو الكتابة عن الأسرة والمجتمع، كتابة قد يجد كثيرون أنفسهم فى أى نص منها.

وقد اخترت الطبقة المتوسطة بكل درجاتها لأعبر عنها، فى محاولة للفت الانتباه الى أهميتهما البالغة وإظهار جوهر هذه الطبقة التى تتآكل، وتتغير ملامحها يومًا بعد يوم.» على جانب آخر، هناك إشارة إلى ازدواج دور المرأة كزوجة وأم ومبدعة، و«نفيسة» صحفية ذات تجربة فى هذا الشأن.

وهو ما توضحه قائلة: «فى نص «ونس»، فنانة تشكيلية متحققة جعلت من شارعها وملجأ الأيتام أسرة كبيرة، وهى تعيش سلامًا نفسيًا حقيقيًا، وفى نصى «ازدواج»، و»بالأعصاب» : صورتان مختلفتان للمرأة إحداهما مقهورة تمامًا، والأخرى يحتمل زوجها طقوس إبداعها الغريبة، لكن القارئ يستشف محبته البالغة وتقديره لإبداعها.

وهى حالات مختلفة، وقد أكون أقرب فى بدايات كتاباتى إلى صاحبة نص بالأعصاب التى تبتهج لنجاة أبطالها أو انتصاراتهم، وتبكى وتتأثر بتعاستهم، وأذكر أننى كنت لا أستطيع النوم أحيانًا لمعايشتى لمشكلة أكتبها، أما نص «ازدواج» فهو يمس كل مبدعة تعيش معاناة انفصام حقيقى فى حياتها، لخصته فى جملة النهاية عندما أكدت بطلة النص أنها أميرة على منصات الشعر وفى بيتها لا تتوقف عن عمد وترصد محاولات تشويهها وتجريدها من كل مخصصاتها.»

اقرأ ايضا | صاحبة «تميمة العاشقات»: تصادمنا مع الطبيعة سر المأساة!