صاحبة «تميمة العاشقات»: تصادمنا مع الطبيعة سر المأساة!

صاحبة «تميمة العاشقات»:تصادمنا مع الطبيعة سر المأساة!
صاحبة «تميمة العاشقات»:تصادمنا مع الطبيعة سر المأساة!

تشاركت مع بطلة المستقبل «زينة» فى جمع خيوط الحكايات الست وكأنها تنتمى إلى عالم واحد، وليست إلى عوالم مختلفة، هل ترين أن كل النساء فى روايتك هن تحورات أو أشكال مختلفة من ذات واحدة؟
ربما تبدو التقاطعات التى شكلت عالم كل بطلة متشابهة، لكن رؤيتى للكتابة الروائية تنطلق من أن الرواية ليست مجرد حكاية أو حكايات متجاورة، الحكاية هى اللحم الذى يغطى العمود الفقرى للنص، الوسيلة التى نود أن نوصل من خلالها رؤيتنا. ثمة ما يجمع ما بين بطلات «تميمة العاشقات» معا، إنها قضايا جوهرية حكمت حياتهن مثل : « الفن والحرب والحب»، ورغم وجود هذه التقاطعات إلا أن لكل منهن عالما مستقلا زمانيا ومكانيا ونفسيا.

فيما يخص شخصية الفتاة المستقبلية «زينة»، التى تمثل الرابط بين كل الحكايات، فإن لها معاناتها وتأزماتها الخاصة مع فكرة الزمن والعاطفة، لو لاحظت أن سرد زينة كان الأكثر تكثيفا واختصارا، تتكلم بشكل سريع وموجز، وغير مسترسل، وهذا مقصود كى يقدم تجسيدا لزمنها الذى تبحث عن بديل له، وتحاول التجرد منه. وهكذا سائر بطلات الرواية، فكأن لكل شخصية مفتاحين أحدهما لا يمكن أن يفتح باب حكاية شخصية أخرى والآخر يمكنه فتح أبواب حكايات كل الشخصيات.


 تنتصر الرواية للطبيعة، ويبدو كأن هناك نوعا من التمرد على المستقبل و»التكنولوجيا»، هل ترين، رغم كل الألم الذى واجهته نساء روايتك فى أزمنة مختلفة، أن العودة إلى الماضى والانسجام مع الحياة البدائية هو الحل لكل مشكلات النساء، أو بالأحرى، لما تواجهه الإنسانية؟
لنتفق على أن العودة إلى الماضى غير ممكنة، لكن ليس علينا نبذ الماضى والتجرد منه، بل النظر إليه ومعرفة ما يمكننا حمله معنا منه، ونحن نمضى إلى الأمام، الكون بأكمله يتكون من الطبيعة المجسدة فى الضوء والصوت وتردد الموج والموسيقى المتفاعلة بين كل هذا على سطح الأرض، العلاقة بين هذه العناصر وتأثيرها وتفاعلها قديم منذ الأزل،.

لكن أظن أن مشكلة الانسان المعاصر الحالية والمستقبلية فى انفصاله الكامل عن الطبيعة، بل وفى قيامه بايذائها، والمشكلة الأعمق أنه لا يعترف بذلك، ونتيجة عدم اعترافه تظهر كل أنواع الألام الجسدية والنفسية التى نسمع عنها يوميا، والتى عجز الطب الحديث عن ايجاد حلول جذرية لها. حسب ظنى أن البشرية ككل وصلت إلى مأزق لا مفر منه، وخرج عن السيطرة.


المصائر التى صارت إليها كل شخصيات روايتك متشابهة، حب مستحيل قد يتحقق لتكتشف النساء إنه وهم، أو حب حقيقى ينتهى بالموت أو الكراهية، ثم نهايات فى أزمنة الحروب أو الأوبئة، إننا أمام خريطة تيه لا مفر منها، هل هذه هى رؤيتك لوضع النساء عبر العصور؟
أظن أن الأمر يتعلق دائما بوجود نوعين من النساء كما يخيل لي، نوع متماهٍ مع الدور الذى يطلبه منه المجتمع، بل ويكون ملكيا أكثر من الملك، ونوع يمشى عكس التيار فى اختياراته، أرى أن هذا مطروح فى كل الأزمنة والعصور. إن خريطة التيه الموجودة فى « تميمة العاشقات» هى سلسلة ممتدة بين النساء عبر الأجيال، المرأة فى كل حكاية تحاول أن تفهم ذاتها وتقدم رؤيتها للعالم عبر اختيارها لمصيرها الخاص غير المتشابه.


روايتك يمكن اعتبارها رواية معنية بعوالم النساء الخاصة ومشاعرهن وأحلامهن ووضعهن فى هذا الكون عبر تقلباته، هناك نوع من التحفظ على مصطلح أدب نسائى أو أدب المرأة، كثير من المبدعات المعاصرات يحاولن الفرار من هذا المصطلح الذى يراه البعض يجمع الأديبات فى سلة واحدة، ويخلق نوعا من التمايز بين ما يكتبه الرجل وما تكتبه المرأة..ما تعليقك على هذا؟


فى حقيقة الأمر لا أفكر كثيرا فى التصنيفات، ليس لدى أى تعمد لكتابة أدب ينتمى إلى نوع معين،ما يشغلنى فى الكتابة القدرة على صياغة الفكرة فى أسلوب فنى معبرعن الصدق الإنساني، هنا أخذتنى أيضا فكرة الهوية والزمن والجذور الإنسانية وتشظى ماضى الانسان ومستقبله.

وأرى أن المرأة بكل الأعباء الملقاة عليها عبر التاريخ، وبوصفها الرحم الحامل لكل الأجناس، تمكنت من حمل هذا السلسال «الجيني» الثقيل والمتداخل منذ العصور السحيقة، أظن أن هذا الأرث العتيق ظل ممتدا من زمن ما قبل التاريخ، إلى زمن «زينة» المستقبلي.

اقرأ ايضا | مصمم أغلفة كتب «غسان كنفانى»: حاولت استحضار روح الأديب المغتال!