ذبحه لأجلها.. شرط «الخطوبة» رأس حبيبها السابق

الضحية
الضحية

آمال فؤاد 

 من الحقد والغل ما قتل، وأيضا من الحب ما قتل.. جريمة بشعة بكل المقاييس، أكبر دليل على انعدام الرحمة في قلوب البعض، والانحدار الأخلاقي، وانعدام الضمير.. الضحية في هذه الواقعة شاب عرف الشقاء منذ صغره، حلم بغد أفضل، لكن لقيَ مصرعه على يد شخص ملأ الحقد قلبه، وطغى الانتقام عليه، ضحية كل ذنبه أن فتاة أحبته، ورسمت أحلامها بريشته، لكنه رفض هذا الحب لظروفه الصعبة، فتحول الحب في قلبها إلى غل، وقررت الانتقام منه.. خططت ودبرت وحرضت خطيبها على قتله، فـأخذه غدرا أثناء نومه وطعنه بـ 8 طعنات متفرقة في كافة انحاء جسده. تفاصيل مثيرة ترويها السطور التالية.

بدأت حكاية «صديق محمد» صاحب الـ 20 عامًا منذ نعومة أظافره، فقد عرف الشقاء منذ صغره، واعتاد أن يساعد أسرته البسيطة، فهو عائلهم بعد وفاة والده، يعيش مع أسرته الصغيرة داخل منزل بسيط بمحافظة المنيا، وكان جديرًا بأن يكون رب أسرة، حيث أنه لم يكن مثل أقرانه الذين يحبون اللهو والتنزه، فقد قرر «صديق» أن يرتدي عباءة المسئولية، ويواصل مشوار والده، ويأخذ بأيدي والدته المسكينة، وأشقائه الثلاثة القصر، حتى يصل بهم إلى بر الأمان، وعليه قرر السفر للعمل، وانتقل إلى محافظة الجيزة، سعيًا وراء لقمة العيش، وتوفير حياة كريمة لهم.

قصة حب

 قبل عامين، اشترى «توك توك» للعمل عليه، وبحكم الجيرة تعرفت عليه «أماني .ش»، والتي تبلغ من العمر 18 عامًا، أعجبت به وبدأت قصة حب بينهما، أو بالأحرى، حب من طرفها هي، لأنها يوم أن صارحته بما في قلبها لم يبادلها نفس الشعور، وحاول إبعادها عنه ليقينه بأن ظروفه الخاصة لن تسمح له بأن يدخل في علاقة حب وزواج، لذلك صارحها بأنه لا يفكر في الزواج إطلاقًا، وبدلا من أن تعرض عنه حاولت التقرب منه أكثر، وخططت أن يقع في شباكها، وكانت تطارده وتلاحقه في أي مكان يذهب إليه، لكن في كل مرة كان الفتى المكافح يصدها، ولم يسمح لها بالتقرب منه، وأخبرها أنه في رقبته عائلته وأنه مسؤول عنهم ومسئولين منه، وطلب منها الابتعاد عنه.

استيقظت «أماني» من أحلامها على كابوس مفزع، عندما أخبرها بحقيقة مشاعره تجاهها، وعدم رغبته في الارتباط بها، هنا انتابتها حالة من الحزن الشديد والاكتئاب، ومزقت الصدمة قلبها، وتحول هذا الحب الذي تكنّه له لكره فاض وكفى؛ سيطرت عليها فكرة الانتقام منه بأي طريقة. وبعد شهور تقدم لخطبتها شاب وافقت عليه على مضض، وبعد شهور من خطبتها، وجدت نفسها مع شخص لا تشعر تجاهه بأي مشاعر، ولم يشغل تفكيرها غير «صديق»، حتى بعد أن تم خطبتها لغيره، فاتصلت به، وطلبت منه أن ينقذها من خطيبها، وشرحت له حقيقة مشاعرها تجاهه، واعترفت له بأنها فعلت كل ذلك من أجل أن تمس الغيرة قلبه عندما يراها خطيبة لغيره، لكنه كان على رأيه، وصدها للمرة الثانية.

فكرة شريرة

هنا قررت الانتقام منه وخطر في ذهنها حيلة شيطانية؛ استغاثت بخطيبها وأخبرته بأن «صديق» يعترض طريقها، ويحاول التحدث اليها، رُغما عنها، وهي ترفض ما يفعله، وأنه حاول المساس بسمعتها طمعًا في الارتباط بها، وحذرته مرات ومرات، وطلبت منه أن يبتعد عنها، لكنه رفض، وبدموع التماسيح أقنعته أنها لا حول لها ولا قوة، بل وتخاف أن وقع بها شر!

بعد أن سمع خطيبها منها ذلك، ملأ الغل والغضب قلبه، خاصة أنه كان على علم بالعلاقة القديمة بينهما، واشتعلت نار الغيرة في قلبه وتوجه اليه قاصدًا قتله. وقد كان.

في الصباح، قامت زوجة شقيق «صديق» تعد الإفطار لزوجها، ثم ايقظته وتناول معها الإفطار ونزل إلى عمله، بعد خروجه بدأت تعيد ترتيب المنزل، وتقوم ببعض مهامها المنزلية، وبجوارها أطفالها، بينما كان «صديق» ينام داخل غرفته، فجأة سمعت صوت عالي ينادي على زوجها وشقيقه، على مرأى ومسمع الجيران، وأهالي منطقة زاوية أبو مسلم بالجيزة. وبمنتهي الفجور والطغيان طرق الباب بشدة ودفعه وكأنه وحش كاسر، ودخل المنزل فوجد أمامه زوجة شقيق «صديق» وأطفالها، فسألته.. إنت مين وعايز إيه، وبدون أن يجيبها اعتدى عليها بالضرب على وجهها، فأيقظ صراخها «صديق» من نومه، فخرج مفزوعًا ليعرف ماذا حل بزوجة شقيقه، وفور خروجه انهال عليه المتهم بالضربات والطعنات المميتة بمنتهى الغل والجبروت، حينها لم يقو «صديق» على مقاومته، وسقط على الأرض جثة هامدة غارقًا في دمائه.

بعد أن رأت الزوجة شقيق زوجها جثة هامدة، انتابتها حالة صراخ هستيري، فتجمع الأهالي على صوتها ودخلوا الشقة، فوجدوا المتهم وهو يمسك في يده أداة الجريمة وبجواره «صديق» غارقًا في دمائه، فأمسكوا به وأبلغوا الشرطة، التي بدورها حضرت وألقت القبض على المتهم، وإبلاغ الإسعاف التي جاءت ونقلت الجثة الى مستشفى الهرم، و تحرر محضر بالواقعة.

اعتراف

عقب إحالة المتهم للنيابة، وبمواجهته، اعترف بارتكابه الواقعة، وعلل ذلك بالدفاع عن شرف خطيبته وشرفه، واتهم «صديق» أنه تعدى على خطيبته وحاول معاكستها. وهو ما نفته «أماني» نفسها في التحقيقات، وبرأت «صديق» من أن يكون قد تعرض لها، فأصبح الذي قتل مخدوعًا ومغيبًا، وأن الدم الذي تلطخ يده به من كان إلا سبب حب خطيبته لـ صديق ورفضه لها.

في شارع الياسمين، بمنطقة زاوية أبو مسلم بالجيزة، حيث كان يسكن «صديق» مع شقيقه، التقت «أخبار الحوادث» بـ والدته وشقيقه، اللذين كانا في حالة يرثي لها، والدموع تنهمر من عيونهما.

بدأت  الأم حديثها  بكلمات حزينة وأنفاس ثقيلة تلتقطها في حالة إعياء شديدة، وتساءلت: «لماذا حدث كل هذا لنجلي المسكين، كان رحمة الله عليه ليس له أي عداوات مع أحد، الجميع في المنطقة يحبونه، ومعروف عنه حسن الخلق والسمعة الطيبة، حسبنا الله ونعم الوكيل، ماذا فعل حتى يموت تلك الميتة البشعة، لم يكن يوجد أي خلافات بين نجلي والمتهم، الفتاة هي السبب في قتل نجلي».

وأضافت: «دي مرة عشان تقنعه يتجوزها جاتله المنيا، وعرضت عليه قدامي الزواج منها، لكن ابني كانت ظروفه صعبة وقالها ده، وقالها الصعايدة ليهم عادات وتقاليد، ليس من الرجولة أن يرتبط بفتاة من وراء أهلها طالما أنه ليس معه ما يؤهله للزواج منها، وبرضه بعد كل ده ظلت على عنادها، دي اتعرفت على مرات اخوه وبقوا اصحاب، وبدأت تتودد لكل أفراد الأسرة عشان تكتسب حبهم ونكون عون ليها في الارتباط من ابني».

أما عن العقوبة التي تنتظر المتهم، وضح الدكتور «الخطيب محمد» المحامي بالاستئناف ومجلس الدولة؛  أن المتهم هنا أقدم على قتل شخص معللا جريمته بأنها دفاع عن الشرف، وفي الواقع لا يوجد ما يسمى في القانون بجرائم الشرف، ولكن يوجد في القانون ما يسمى بجريمة القتل مخفف العقوب، وذلك وفقا لنص المادة 237 من قانون العقوبات، والتي تنص على أنه من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها في الحال ومن يزني بها يعاقب بالحبس بدلا من العقوبات المقررة في المادتين 234،236، ويكون في حالة دخول الزوج على زوجته فجأة ويجدها في حالة زنا هنا تعامل الجريمة كجنحة، لكن بشروط أولها أن العذر في تلك الحالة يسمى «عذر شخصي «يستفيد به الزوج فقط، لوجود عنصر الاستفزاز لديه، ولا يستفيد بذلك العذر لا أخ ولا أب ولا عم، ولا غيرهم، أما الشرط الثاني فهو عنصر المفاجأة، بمعني أنه لا يمكن للزوج أن يجهز لجريمته أو يعد كمينا لزوجته كي يضبطها في تلك الحالة، حينها لا يستفيد من التخفيف، ويعد قتل عمد، أما هنا نجد أن المتهم توجه إلى منزل المجني عليه وقتله وعلل جريمته دفاعا عن الشرف، ومن ثم لا ينطبق عليه العذر المخفف من قانون العقوبات، وانما تعد جريمته قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد.