حبيبة جمال
آسف.. الجوازة دي متلزمنيش»، «هكذا أخبرني أنه لا يريد إتمام زواجنا بعدما ضاع عمري معه، قالها ببرود لتشتعل النار في قلبي بلا رحمة، قلبي ينزف دمًا وملامحي انطفأت، وروحي خذلت للمرة الأخيرة، هنا أدركت أن أسرتي كانت على حق، هنا تأكدت أنني وقعت في حب ندل»، كلمات أخيرة ربما لم ينطق بها لسان رنا «بطلة قصتنا»، ولكن نطقت بها عيونها، قبل أن تصعد روحها للسماء، ٤٢ ساعة فقط كانت فاصلة بين حلمها الذي لطالما انتظرته كثيرًا، ظلت تعد الأيام والليالي التي ستجمعها بمن أحبته وهامت في حبه عشقًا، وقبل أن يتحقق حلمها استيقظت على كابوس مفزع، وذلك الشخص يرفض إتمام زواجهما، فلم يتحمل قلبها الضعيف تلك الصدمة القوية، وسقطت على الأرض وصعدت روحها للسماء، ليتحول الفرح إلى مأتم.. تفاصيل مثيرة نسردها لكم في السطور التالية.
قبل ٤٢ عامًا من الآن، داخل بيت صغير تملؤه الألفة والرحمة، الأم تصرخ بسبب آلام الولادة، والأب تبدو عليه علامات القلق والتوتر، وفي ركن بعيد تجلس الجدة التي تدعو لابنتها، لم تمر الساعات حتى سمع الجميع أول صوت لها، طفلة جميلة كالملاك، أسموها «رنا»، هي الطفلة الوحيدة لتلك الأسرة الصغيرة، حظت بحب وحنان من الجميع، نمت الطفلة كشجرة ارتوت بمياه عذبة نقية مثل ابتسامتها، كانت رنا علامة واضحة كمقياس للذكاء، تميزت بالنبوغ، أسرتها تأمل لها بمستقبل باهر، كانوا يلقبونها منذ الصغر بالدكتورة، نسجت أحلامها منذ صغرها، وحققت حلمها وحلم والديها، والتحقت بكلية الصيدلة، لتبدأ رنا فصلا جديدا في حياتها، هنا في هذا المكان تعرفت على زميلها محمد، الذى احبته منذ اللحظة الأولى، أعطت كل مشاعرها له، وهو أيضا اعترف لها بحبه، كل يوم يزيد حبه في قلبها، كانت لا ترفض له طلبًا، ونتيجة حبها الكبير له وقعت تحت براثنه، فبدأ يستغلها ماديًا ليحقق رغباته، تقدم لخطبتها، ليثبت لها حسن نيته، وبعدما تخرج الاثنان، انتظرت رنا إتمام زواجهما، فكانت تعد الأيام والليالي منتظرة ذلك اليوم الذي سيكونان فيه تحت سقف واحد، وفي يوم طلب منها محمد أن تأخذ قرضًا يساعده في عمل مشروع حتى يتمكن من الزواج منها، لم ترفض رنا ووافقت على طلبه وأخذت القرض، ولكن بعدما علم والدها بما فعلته، لم يكن في وسعه شيئا سوى تسديد ذلك القرض حتى لا تكون ابنته مدانة، ولكن مازال ذلك الشخص يسيطر عليها بشكل كبير، فأقنعها للمرة الثانية أن تأخذ قرضًا آخر، وكعادتها نفذت دون تفكير وكأنها منومة مغناطسيًا، عدت الأيام ونقلت رنا جهازها لعش الزوجية وانتظرت كتب كتابها، كان السيناريو يسير كما كتبت وتمنت إلا أنه في اللحظة الأخيرة تغير كل شيء.
مفاجأة اللحظة الأخيرة
فتحت دولابها، وأخذت الفستان الأبيض الذي اختارته لكتب كتابها، ارتدته وهي تطير من الفرحة والسعادة، كحلت عينيها ووردت وجنتيها، ووضعت أحمر الشفاه، والتقطت الصور التذكارية مع أسرتها وأصدقائها، وانتظرت عريسها الذي لطالما انتظرت هذه اللحظة ولكنها استيقظت من حلمها الجميل على كابوس مفزع؛ عريسها يرفض إتمام الزواج دون سبب واضح، لتنهار رنا وتبكي بشكل هستيري، لتدرك وقتها أنها وقعت في حب نصاب ماهر استغلها واستغل حبها، فموقف صعب أن تعيش سنوات من السعادة والحب وفجأة تدرك أنه كان وهمًا، فلم تتحمل تلك الفتاة المسكينة وسقطت جثة هامدة، ليتحول الفرح إلى مأتم، وينكسر قلب والديها بعدما فقدا ابنتهما الوحيدة، وبدلا من أن تراها والدتها بالفستان الأبيض، كفنتها وودعتها لمثواها الأخير، لم يعد في أيدي تلك الأسرة المكلومة شيئا سوى حق ابنته بالقانون، فهذا الشخص كان سببًا في وفاة عروس شابة في مقتبل عمرها، دمر أسرة بأكملها كانت ابنتهما الوحيدة واملهما في الحياة، خاصة وقد صارت صيدلانية، فجأة وبدون سابق إنذار سرق هذا الندل قلبها وعمرها، لذلك تقدم الأب ببلاغ ضده يتهمه بالنصب والاحتيال، وتم القبض عليه وحبسته النيابة أربعة أيام على ذمة التحقيق، اخلى سبيله بعدها بكفالة مالية ومازالت التحقيقات مستمرة.
د.أحمد فخري: غير سوي وعدواني.. يطبق عليه القانون
هذه الشخصية الإجرامية ماذا يقول عنها علم النفس؟!، سؤال يتبادر لذهننا اجاب عنه الدكتور أحمد فخري استشاري علم النفس وتعديل السلوك بجامعة عين شمس، فقال: «هذه الشخصية نطلق عليها النصاب أو المحتال، وهم أشخاص يفتقدون جانب المشاعر والأحاسيس، ودائما ما تحركهم فكرة الإيقاع بالضحايا، ويختارون ضحاياهم بعناية شديدة ممن تتوافر فيهم السذاجة والطيبة وحسن النية، ودائما ما يكونون أنانيين لا يفكرون سوى في أنفسهم فقط، وهم أشخاص لا يشتكون من شخصيتهم وإنما فقط المحيطون بهم هم الأكثر تضررا، لذلك تلك الشخصية لا تطلب العلاج ويصعب علاجها، حتى بعدما يقعوا تحت طائلة القانون يحاولون بشتى الطرق النجاة بأنفسهم، ودائما ما يلقون اللوم على الشخصيات الضعيفة بأنها السبب فيما فعلوه معهم». فسألناه هل من الممكن أن يقع هذا الشخص في حب إنسان يغير من سلوكه؟، فقال:»لا.. لأن تلك الشخصية من معدومي الضمير ممن يتلذذون بالإيقاع بالآخرين واستغلالهم، لذلك يختارون شخصية أضعف منهم، تجاربهم في الحياة قليلة، يحبون بقلبهم ويختفي لديهم العقل والمنطق، مشاعرهم هي المحرك الأساسي لديهم، خيالهم أقوى من الواقع، فمن وجهة نظري أن هناك قصورا من الأب والأم، كان مفروض يكون هناك وقفة حاسمة لما حدث في المرة الأولى عندما أخذت قرضا دون علمهم، كان لابد من استدعاء الشاب ومعرفة الدافع، وهذا القصور جعل الفتاة تقع في نفس الخطأ مرة ثانية.
واضاف؛ هو شخص غير سوي وعدواني، نطبق عليه القانون، ونصيحتي للآباء والأمهات أوجدوا وسائل تواصل مع ابنائكم مبنية على الصدق والصراحة، كلما توافرت عناصر الأمان والاحتواء، وكلما كانت الأسرة مستمعا جيدا كلما قلت أخطاء الأبناء، ولن يقعوا فريسة سهلة للمحتالين أمثال هذا الشخص.