كنوز| «علقة» ساخنة للولد الشقي ووالده المزيف!

محمود السعدني
محمود السعدني

ما أكثر المواقف الساخرة فى حياة الساخر الأكبر محمود السعدنى الذى يروي فى مذكرات «الولد الشقي» أحد هذه المواقف بأسلوب السهل الممتنع، فيقول: «طردنى الناظر من المدرسة وأمرنى بعدم العودة إلا ومعى ولى الأمر، وخفت أن أعود وحدى فيضربنى أمام التلاميذ، وعندما شكوت همى لعم رضوان «بائع السمين» تطوع بالذهاب معى للمدرسة والقيام بدور ولى أمري! 

وفعلا.. سحبنى فى اليوم التالى «عم رضوان» ودخلنا حجرة الناظر. 

نظر حضرة الناظر لعم رضوان من فوق لتحت ومن تحت لفوق، وراح يتفرس فيه وبعد عملية استعراض لهيئته دامت طويلا قال له: «أنت أبوه؟».

لم يرد عم رضوان على سؤال حضرة الناظر، لكنه راح يتوسل إليه، ويطلب من الله أن يبقيه، وأن يمد فى أجله، وأن يجعله من السعداء المنصورين، وراح يكررها وينغمها، وكأنه شحات يتوسل على الأبواب، وليس وليا لأمر تلميذ يدفع له كل عام ستة جنيهات! 

وأغرى ضعف «عم رضوان» حضرة الناظر، فشتمه، وسبه، وأهانه إهانة بالغة !

ثم طلب منه فى عنجهية بالغة أن يلطعنى قلما على قفاى، وعلى الفور امتدت كف «عم رضوان» الغليظة فلزقتنى لزقا شديدا وألقت بى على الأرض.

وكان اللزق شديدا ورهيبا، فنسيت نفسى، وقمت أسب وأضرب «عم رضوان» بالشلوت وبالأقلام! 

واكتشف حضرة الناظر اللعبة على الفور.. فسحبنى أنا و«عم رضوان» الى حوش المدرسة.. والتف التلاميذ، ثم طرحنى أرضا ورزعنى علقة كدت أموت فيها إلى رحمة الله! 

لكن، وخلال العلقة الرهيبة ظللت اضحك واضحك حتى كدت أموت فعلا من الضحك، ففى نفس اللحظة التى كانت العصا تمزق فيها قدمى، كان «عم رضوان» مطروحا على الأرض هو الآخر، ورجله إلى أعلى وصوته المبحوح يرن فى حوش المدرسة، وكأنه عروس فلاحة فى ليلة زفاف أسود من الكحل! 


محمود السعدنى من «مذكرات الولد الشقى»

اقرأ أيضاً | الأيادى العابثة| حرب الشائعات ومعركة الوعي