خلّفت الأمطار والفيضانات غير المسبوقة وراءها سلسلة من الدمار في الهند، ودمرت ملايين المنازل، كما دمر حريق غابات في شمال غرب إسبانيا ما يقرب من 75000 فدان من الغابات، في حين أدت الرياح القوية بالقرب من برلين بألمانيا إلى إشعال حريق قوي دفع المسؤولين إلى إجلاء حوالي 600 مواطن.
وفي اليونان، حلقت سحب كثيفة من الدخان فوق ضواحي أثينا حيث كان رجال الإطفاء يكافحون مع حريق هائل غير متوقع، وفي غضون ذلك، اندلعت حرائق الغابات في أمريكا الشمالية في نيوجيرسي ونيو مكسيكو إلى الشمال، أعلن البيت الأبيض كارثة كبرى في مونتانا ردًا على فيضانات شديدة في الجزء الجنوبي من الولاية هددت بانهيار الجسور وغسل الطرق في متنزه يلوستون الوطني الشهير عالميًا، كما تم تحذير أكثر من 100 مليون شخص في الولايات المتحدة من توقع درجات حرارة تصل إلى 109 درجة فهرنهايت (43 درجة مئوية)، وكان ذلك في شهر يونيو فقط.
وفي هذا العالم، يجب أن نحمي منازلنا ومدننا وبنيتنا التحتية من أكثر بكثير من قوى الطبيعة العادية ومن الكوارث العرضية اليوم، نحتاج إلى إعادة تصور استراتيجيتنا لحماية الأصول والأشخاص بشكل فعال من حيث التكلفة من العدد المتزايد من الكوارث التي يسببها المناخ المتغير.
وقد أصبحت التكنولوجيا أحد مجالات التركيز الرئيسية لوكالات الطوارئ لدعم إدارة الكوارث وللمخططين الحضريين ومحللي العمليات والوكالات التنظيمية ووكالات النقل التي تبحث عن حلول للمدن الواقية من المستقبل من المأساة الرئيسية التالية.
وإحدى المجموعات التكنولوجية في طليعة الكفاح من أجل حماية المدن وبناء بنية تحتية حيوية أكثر مرونة هي مزودي بيانات مراقبة الأرض (EO)، الذين يجمعون معلومات أساسية حول الأنظمة الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية للكوكب، فيمكن إجراء EO باستخدام سواتل المراقبة - تقنيات الاستشعار عن بعد - أو من خلال مستشعرات الاتصال المباشر في الأرض أو الغلاف الجوي.
هذا ويمكن للحكومات والقطاع الخاص تقييم ظروف الأرض الحالية والتغيرات في درجة الحرارة والجيولوجيا بمرور الوقت والمخاطر المستقبلية المحتملة بتكلفة أقل، بالإضافة إلى ذلك تستخدم الوكالات والصناعات التي تغطي الطاقة والأشغال العامة والنقل والعقارات التجارية والتأمين وتخطيط المدن المستدام بيانات EO لتعزيز الأصول الحالية ومراجعة البنية التحتية الحيوية وتقييم المخاطر النقدية والتخطيط للمجتمعات المستدامة التالية.
ولسنوات، سمحت البيانات التي تم جمعها من منصات EO للعلماء ببناء نماذج أكثر دقة للتنبؤ بالتغييرات القادمة في بيئتنا، فعلى سبيل المثال، في عام 2002، أطلقت ناسا مركبتها الفضائية أكوا للتنبؤ بالعواصف القادمة بدقة، وقياس الرطوبة وتقديم تنبؤات أفضل بالطقس.
والآن، في عام 2022 ، لم تعد منصات EO في عالم وكالة ناسا فحسب، وقد توسعت قدرات التحليل حتى الحكومات البلدية يمكنها الاعتماد على بيانات EO الموثوقة والجاهزة، ولبناء مدن ذكية في المستقبل، سيحتاج مخططو المدن إلى الوصول إلى معلومات مفصلة مكانياً لاتخاذ قرارات مستنيرة.
وعلى سبيل المثال، في ظروف ضعف الموارد، تفتقر البيانات الديموغرافية الحديثة والموثوقة بشكل خاص غالبًا ما يكون الأشخاص ذوو الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض أكثر عرضة لخطر التعرض لكارثة طبيعية بسبب موقعهم وضعف منازلهم، كما يواجهون صعوبة أكبر في تلقي المساعدة والرعاية أثناء الحدث وبعده.
ومع استمرار تطوير صور الأقمار الصناعية التجارية وانخفاض التكلفة، من حيث عدد ونوع بيانات أجهزة الاستشعار، تتحسن القدرة على تقدير التوزيعات السكانية، وهذا يسمح بتخطيط أكثر دقة للاستجابة لحالات الطوارئ، وإدارة البنية التحتية الحالية والموارد الحضرية، وتصميم وتكييف الخطط للنمو السكاني والتنمية.
ويمكن أن توفر منظمة أصحاب العمل أيضًا بيانات سكانية أخرى مهمة للتخطيط المكاني على مستوى المدينة، وأحد الأمثلة على ذلك هو نسبة السكان الذين يتمتعون بسهولة الوصول إلى وسائل النقل العام، كما يمكن دمج المعلومات المتعلقة بمكان وجود المناطق السكنية وكثافتها مع معلومات عن طرق العبور لقياس الوصول والسماح للوكالات بتعديل وسائل النقل الحالية والتخطيط لاحتياجات مستقبلية تتسم بالكفاءة والفعالية.
ويعد توفير الطاقة والمياه والبنية التحتية اللازمة لتغذية النقل والمدن الذكية مجالًا رئيسيًا آخر للتطبيق لمنصات EO، يمكن للمراقبة المتكررة والميسورة التكلفة للبنية التحتية للكهرباء والنفط والغاز والمياه أن تقلل من التكاليف التشغيلية وتحسن الكفاءات عبر هذه الأنظمة الحيوية.
وعلى سبيل المثال، تتيح الحلول الجديدة التي توفر قدرًا أكبر من استقلالية عملاء EO في تكليف مجالات اهتمامهم مجموعات ديناميكية تضمن للمحللين الحصول على البيانات اللازمة لاتخاذ قرارات في الوقت المناسب عبر الأصول العالمية. إلى جانب رؤى من أدوات إدارة الأصول، والتي تتيح الكشف المبكر عن الأعطال الميكانيكية في المناطق النائية، يكتسب المشغلون فهمًا أكثر شمولاً لظروف الأرض والإجراءات التي يجب اتخاذها.
وبالنسبة للمخاطر والكوارث الطبيعية التي تفاقمت بسبب تغير المناخ، مثل الفيضانات والانهيارات الأرضية، تعمل مجموعات بيانات EO هذه على تعزيز وتسريع التخطيط والرصد والاستجابة ، وتحسين التخفيف من المخاطر والتعافي.
وتدخل EO مرحلة جديدة من النمو حيث ستلعب دورًا أساسيًا في بناء مستقبل مستدام بالإضافة إلى تمكين التطبيقات التي توفر فوائد كبيرة لقطاع الأعمال مدفوعة بالبيانات منخفضة التكلفة، وأنظمة التنبؤ والكشف عن المخاطر، والاستعداد للكوارث والاستجابة لها، فإن تطوير البنية التحتية الحيوية للطاقة والنقل والتخطيط الحضري سيستفيد جميعها من EO.
اقرأ أيضا | «وفاة 24 شخصًا وخسائر مادية بشمال كردفان بسبب الامطار»
