وول ستريت جورنال: أسوأ أزمة طاقة تلوح في الأفق للدول الأوروبية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

قال الصحفيان جو والاس، وكيم ماكرايال في "وول ستريت جورنال" ، اليوم الثلاثاء 6 سبتمبر، إن تعليق خط أنابيب الغاز الروسي "السيل الشمالي" يطرح السيناريو الأسوأ على الإطلاق للدول الأوروبية.

ولاحظ الصحفيان أنه بعد الإعلان عن الإغلاق، قفزت أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء أولًا بمقدار الثلث، ثم عادت لترتفع بأكثر من 10%، وهو ما أدى إلى انخفاض قياسي في قيمة اليورو خلال 20 عامًا.

اقرأ أيضًا: المفوضية الأوروبية تهدف لوضع سقف لسعر الغاز الروسي المستورد عبر الأنابيب

كما يمكن أن يؤدي ذلك في المستقبل إلى مزيد من ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية تاريخيًا، ثم إلى تسارع التضخم وإفقار المستهلكين والضغط على الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، والتي تشهد موجة من إغلاق المصانع.

وبينما تحاول الدول الغربية تخفيف ضربة الطاقة الناجمة عن تعليق إمدادات الغاز من روسيا، مددت ألمانيا تشغيل محطتي طاقة نووية، كانتا قد أغلقتا سابقًا، وخصصت 65 مليار دولار لدعم الأسر والشركات المتعسرة.

ومن جانبها قالت فرنسا إنها ستفتح عنق الأنبوب الرئيسي في تدفقات الغاز الأوروبية، ما سيسمح لها بتصدير الغاز إلى ألمانيا مقابل إمدادات الكهرباء.

ويتابع الصحفيان نقلًا عن الوثائق المتاحة لهما: "يتمثل الهدف الرئيسي في كبح التحركات الجامحة في أسواق الكهرباء، والتي تجبر الشركات الأوروبية على الإغلاق، وتشمل الخيارات تدابير للحد مؤقتًا من أسعار واردات الغاز، بما في ذلك تلك المستخدمة في توليد الكهرباء، فضلًا عن الحد من الإيرادات التي تحصل عليها شركات الطاقة المتجددة والنووية والطاقة الكهرومائية من تكاليف التشغيل المنخفضة، وسيتم سحب الدخل الذي يتجاوز سقفًا معينًا وإعادة توزيعه بين المستهلكين".

في الوقت نفسه يؤكد الصحفيان على أن بروكسل تدرك أن الخطط المعلنة سابقا لوضع "سقف لسعر" المواد الهيدروكربونية الروسية قادرة على قطع جميع علاقات الطاقة مع روسيا، حيث قال معدا التقرير إن أحد الأساليب التي يبدو أن المسؤولين التنفيذيين في الاتحاد الأوروبي يدرسونها بجدية هي تحديد سعر ما تبقى من واردات الغاز الروسي، وهو ما سيوقف إمدادات الغاز الروسي إلى المنطقة".

وكان وزراء المالية لمجموعة الدول السبع قد أكدوا، 2 سبتمبر الجاري، وجود خطة لفرض "حد أقصى لسعر النفط" على النفط الروسي، ودعوا "جميع الدول" للانضمام إلى المبادرة، بينما كان المفوض الأوروبي للاقتصاد، باولو جينتيلوني، قد قال في وقت سابق إن هدف المفوضية الأوروبية هو الوصول إلى السعر الذي كان موجودا حتى 5 ديسمبر من العام الماضي للنفط الخام، وحتى 5 فبراير من العام الحالي للمنتجات النفطية من روسيا.

من جانبه صرح نائب رئيس الوزراء، ألكسندر نوفاك، بأن فكرة الحد من أسعار النفط في روسيا في فكرة سخيفة تماما، وأن روسيا لن تزود الدول الداعمة لهذه المبادرة بالنفط والمنتجات النفطية، مضيفا أن فرض قيود على أسعار النفط الروسي سيدمر السوق، كذلك لم يستجب المنتجون الآخرون بشكل إيجابي لمثل هذه المبادرة.

وعلى الأرض، تتواصل العملية العسكرية الروسية في الأراضي الأوكرانية ، منذ بدايتها في 24 فبراير المنصرم.

واكتسب الصراع الروسي الأوكراني منعطفًا جديدًا فارقًا، في 21 فبراير، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بجمهوريتي "دونيتسك" و"لوجانسك" جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، في خطوةٍ تصعيديةٍ لقت غضبًا كبيرًا من كييف وحلفائها الغربيين.

وفي أعقاب ذلك، بدأت القوات الروسية، فجر يوم الخميس 24 فبراير، في شن عملية عسكرية على شرق أوكرانيا، ما فتح الباب أمام احتمالية اندلاع حرب عالمية "ثالثة"، ستكون الأولى في القرن الحادي والعشرين.

وقال الاتحاد الأوروبي إن العالم يعيش "أجواءً أكثر سوادًا" منذ الحرب العالمية الثانية، فيما فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حزمة عقوبات ضد روسيا، وصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنها "الأقسى على الإطلاق".

ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو" يصران حتى الآن على عدم الانخراط في أي عملية عسكرية في أوكرانيا، كما ترفض دول الاتحاد فرض منطقة حظر طيران جوي في أوكرانيا، عكس رغبة كييف، التي طالبت دول أوروبية بالإقدام على تلك الخطوة، التي قالت عنها الإدارة الأمريكية إنها ستتسبب في اندلاع "حرب عالمية ثالثة".

وفي غضون ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في وقتٍ سابقٍ، إن اندلاع حرب عالمية ثالثة ستكون "نووية ومدمرة"، حسب وصفه.

وعلى مسرح الأحداث، قالت وزارة الدفاع الروسية، في بداية العملية العسكرية، إنه تم تدمير منظومة الدفاع الجوي الأوكرانية وقواعدها وباتت البنية التحتية لسلاح الطيران خارج الخدمة.

ولاحقًا، أعلنت الدفاع الروسية، يوم السبت 26 فبراير، أنها أصدرت أوامر إلى القوات الروسية بشن عمليات عسكرية على جميع المحاور في أوكرانيا، في أعقاب رفض كييف الدخول في مفاوضات مع موسكو، فيما عزت أوكرانيا ذلك الرفض إلى وضع روسيا شروطًا على الطاولة قبل التفاوض "مرفوضة بالنسبة لأوكرانيا".

إلا أن الطرفين جلسا للتفاوض لأول مرة، يوم الاثنين 28 فبراير، في مدينة جوميل عند الحدود البيلاروسية، كما تم عقد جولة ثانية من المباحثات يوم الخميس 3 مارس، فيما عقد الجانبان جولة محادثات ثالثة في بيلاروسيا، يوم الاثنين 7 مارس. وانتهت جولات المفاوضات الثلاث دون أن يحدث تغيرًا ملحوظًا على الأرض.

وقال رئيس الوفد الروسي إن توقعات بلاده من الجولة الثالثة من المفاوضات "لم تتحقق"، لكنه أشار إلى أن الاجتماعات مع الأوكران ستستمر، فيما تحدث الوفد الأوكراني عن حدوث تقدم طفيف في المفاوضات مع الروس بشأن "الممرات الآمنة".

وقبل ذلك، وقع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، في 28 فبراير، مرسومًا على طلب انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، في خطوةٍ لم تجد معارضة روسية، مثلما تحظى مسألة انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي "الناتو".

وقال المتحدث باسم الكرملين الروسي ديمتري بيسكوف إن الاتحاد الأوروبي ليس كتلة عسكرية سياسية، مشيرًا إلى أن موضوع انضمام كييف للاتحاد لا يندرج في إطار المسائل الأمنية الإستراتيجية، بل يندرج في إطار مختلف.

وعلى الصعيد الدولي، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الأربعاء 2 مارس، على إدانة الحرب الروسية على أوكرانيا، بموافقة 141 دولة على مشروع القرار، مقابل رفض 5 دول فقط مسألة إدانة روسيا، فيما امتنعت 35 دولة حول العالم عن التصويت.

وأعلنت الأمم المتحدة فرار أكثر من 3 ملايين شخص من أوكرانيا منذ بدء الحرب هناك، فيما كشفت المنظمة الأممية، يوم السبت 19 مارس، عن مقتل ما يقرب من 850 مدنيًا في الحرب حتى الآن. 

وفي الأثناء، تفرض السلطات الأوكرانية الأحكام العرفية في عموم البلاد منذ بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية.

وأعلن الرئيس الأوكراني، يوم الأحد 20 مارس، تمديد فرض الأحكام العرفية في البلاد لمدة 30 يومًا، بدايةً من يوم الأربعاء 23 مارس.

وكانت روسيا، قبل أن تبدأ في شن عملية عسكرية ضد أوكرانيا، ترفض بشكلٍ دائمٍ، اتهامات الغرب بالتحضير لـ"غزو" أوكرانيا، وقالت إنها ليست طرفًا في الصراع الأوكراني الداخلي.

إلا أن ذلك لم يكن مقنعًا لدى دوائر الغرب، التي كانت تبني اتهاماتها لموسكو بالتحضير لغزو أوكرانيا، على قيام روسيا بنشر حوالي 100 ألف عسكري روسي منذ أسابيع على حدودها مع أوكرانيا هذا البلد المقرب من الغرب، متحدثين عن أن "هذا الغزو يمكن أن يحصل في أي وقت".

لكن روسيا عللت ذلك وقتها بأنها تريد فقط ضمان أمنها، في وقت قامت فيه واشنطن بإرسال تعزيزات عسكرية إلى أوروبا الشرقية وأوكرانيا أيضًا.

ومن جهتها، اتهمت موسكو حينها الغرب بتوظيف تلك الاتهامات كذريعة لزيادة التواجد العسكري لحلف "الناتو" بالقرب من حدودها، في وقتٍ كانت روسيا ولا تزال تصر على رفض مسألة توسيع حلف الناتو، أو انضمام أوكرانيا للحلف، في حين تتوق كييف للانضواء تحت لواء حلف شمال الأطلسي.