ضحى عاصى: الشعوب المثقفة أقدر على المشاركة فى تنمية الوطن

الدكتورة ضحى عاصى
الدكتورة ضحى عاصى

الأديبة الروائية د.ضحى عاصى التى تعشق الأدب وتهوى السياسة فتحت قلبها لـ»الأخبار»وتحدثت عن مشروعاتها الطموحة فى عوالم: الإبداع والسياسة والعمل العام ليس فقط باعتبارها عضوا فى مجلس النواب وإنما لكونها -فى الأساس- مثقفة مهمومة بما يؤرق مجتمعها ومحيطها الأكبر من الدائرة التى تمثلها فى «البرلمان»، وفى حوارها معنا تفسر ضحى -التى أصدرت مؤخرا روايتها «صباح 19 أغسطس»  رغم انشغالها بأعباء دورها النيابى- لماذا رفعت شعار «الثقافة للجميع»، وخبايا وجود المشروعات الثقافية الكبرى التى لا ندرى عنها شيئا، وحكاية تحولها من السياحة إلى فن الرواية:

لماذا رفعت شعار «الثقافة حق للجميع» فى المنافسة على مقعدك بمجلس النواب؟
من البداية اختيارى للشعار هو محاولة أن يسمع الشعب خطابا مغايرا من نائبة والمطالبة بالحق فى الثقافة للجميع تعادل فى أهميتها ما يطالب به النائب بتوفير المواد الغذائية الأساسية، ورصف الطرق وزيادة ميزانية الصحة والتعليم.. والشعوب المثقفة أقدر على المشاركة فى تنمية الوطن.


وماذا تحقق من الشعار منذ دخولك المجلس فى ديسمبر 2020؟
بالتأكيد كنت مدركة أن تحقيق الشعار يتم خطوة خطوة.. مثلا بدأت فى تقديم طلبات إحاطة لبناء قصور ثقافة فى مناطق منسية، واجتهدت فى توفير ميزانيات لها.. والأهم بالنسبة إلى المشروع الذى قدمته وجرت الموافقة عليه بإنشاء ما يسمى بـ»السجل الثقافى».

وهو مثل السجل التجارى والصناعى.. لكنه يخص من يريد إنشاء مشروع ثقافى، أطالب فيه بألا يُعامل كمشروع تجارى.. فلابد من تشجيعه بتسهيلات ومزايا، ويخصص له كود وتراخيص تناسب طبيعة النشاط، وهذا يعد تفعيلا للثقافة كنشاط اقتصادى لتثقيف المواطن وزيادة الوعى.


وما الخطوات التى بدأت فى مشروع «السجل الثقافى»؟
حقيقى حتى الآن لم يأخذ أحد فيه خطوات.. ومن المفترض أن وزارة الثقافة تقدم تصورها عن طبيعة النشاط الثقافى ومجالاته وما يمكن اعطاؤه من تسهيلات ومزايا للجهات المختصة وتناقشها مثل وزارة المالية..!


هل لجنة الثقافة والإعلام والآثار بالمجلس راضية عن ميزانية وزارة الثقافة؟
-  ميزانية «الثقافة» تحتاج إلى إعادة نظر.. وأظن أن اللجنة بالمجلس ممكن تشتغل على زيادة الميزانية.. أو على الأقل بداية يمكن أن تعيد توجيه مخرجات ميزانية الوزارة.. فمثلا معروف أن جزءا كبيرا من الميزانية يذهب إلى المرتبات والمكافآت والإنشاءات وليس إلى الإنتاج الثقافى.

ولا على المنتج أى المبدع، كما أن «المنتج والمنُتج» فى حاجة إلى دعاية مناسبة للتعرف عليه، مثلا مطلوب «بروتوكولات» تعاون مع الإعلام والقنوات للترويج للمنتج الثقافى ولو لتصدير المنتج الثقافى المصرى حتى داخل مصر.. والدعاية تعنى رصد أموال لها.


المشروعات داخل الوزارة لماذا لا نشعر بها؟
ربما لأنه لا توجد دعاية كافية للمشروعات.. لكن هناك مشروعات تنجز جيدة داخل الوزارة من سنوات ومشروعات تحتاج إلى أن تكتمل.. مثلا منذ فترة يعيدون بناء وترميم قصور الثقافة لكن النشاط داخل القصور ليس بالدرجة التى تجعل المجتمع يشعر بدورها وتحقق مردودها.

ومراحل ثانية مطلوب تفعيل النشاط وتركيز الإعلان عليه حتى يصل إلى المجتمع.. بالتأكيد نحتاج إلى بعض الإنفاق على الدعاية.. ومشروعات مثل محاولات تخفيض سعر الكتاب، وإحياء مشروعات مثل القراءة للجميع، وهناك مشروع سينما الشعب الذى جرت مناقشته فى المجلس.. وهناك ملفات عديدة.. وطبيعى كل الملفات بها أشياء سلبية وأشياء إيجابية.


قيل إن هناك مفارقات وتضحيات وراء بداية تفرغك للكتابة ما هى؟
بالفعل لم أكن متعمدة الكتابة ولا حتى احترافها.. وأول ما كتبت كان مقالا قبل وفاة والدى الشيخ مصطفى عاصى.. وكنت قد عملت بالسياحة وحققت نجاحا، لكننى أحسست فجأة بحنين إلى عالم الفكر الذى تربيت عليه فى مكتبة والدى التى كانت عامرة بكل صنوف الفكر والأدب.. ثم خطفتنى نداهة الكتابة فتركت العمل بالسياحة.

ولم اكن أدرى كيف ابدأ وبماذا.. وبالمصادفة كان لى قريب يعمل بإحدى الصحف الكبرى وقلت له إننى أريد دخول عالم الأدب، ولا أعرف كيف.. فسأل بدوره أحد النقاد من معارفه، وقال له إنها متزوجة ولديها أبناء، وعمرها 33 عاما.

و هى ذات شخصية متميزة.. فقال له: «خليها تقعد فى البيت وتربى عيالها وبلاش حكاية الكتابة».. سمعت ما قاله، ونزلت فورا اشتريت مجموعة كتب مختلفة فيها التاريخ والأدب والثقافة.. ومصادفة أخرى تقابلت فيها مع أحد زملائى القدامى الذى يعرف أننى كنت أكتب ونحن معا فى الكلية.

وطلب منى أن اكتب مقالا كل أسبوع فى مجلة يعمل بها، وكتبت.. لكنه فاجأنى بعد ذلك بأن ما أكتبه ليس مقالا، إنه يدخل فى باب القصص القصيرة.. وتقابلت مع الناقد شعبان يوسف، واقترح ان تصدر تلك المقالات كقصص وواصلت الكتابة وأصدرت عدة روايات أحدثها «صباح 19 أغسطس» الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية.


ألم يكن ممكنا الاستمرار فى المجال السياحى مع انتاجك الأدبى؟
شعرت أننى لن أكون مخلصة للأدب وأنا أعمل بالسياحة.. وإننى لن أشعر بمردود ما أنتجه ولا بمصداقية ما أكتبه إلا حين أتفرغ للكتابة، واخلص لها.. وأنا سعيدة جدا حاليا بما أنتجته.. ووجدت مردودا لما أكتبه عند القراء والنقاد.. وتعدد قراءات ما أكتبه عند النقاد يفسر لى ما أعمله ويرشدنى.


فى روايتك «غيوم فرنسية» شخصية يعقوب المتعاون مع الحملة تباينت فيها الآراء فكيف نظرت إليها؟!
حين كتبت عن شخصية يعقوب بالرواية، لم أكن أبحث هل هو خائن أم وطنى.. رغم وجود وجهات نظر لدى البعض، فمنهم من يراه وطنيا و يراه آخرغير ذلك، وحاولت أن أشرح وجهة نظر كل جماعة وملابسات ما جرى ولم أره خائنا أو وطنيا.. فمشاعر الوطنية بالمعنى الحديث لم تكن قد نضجت.

وأحد التفسيرات أنه ومن معه من الأقباط فروا من معاملة المماليك معهم بقسوة وازدراء فلماذا لايساعد الحملة للتخلص منهم وحين فشلوا فى النهاية.. فضّل الرحيل مع الحملة.. ثم كيف نتجاهل أفكار الحملة الفرنسية التى تأثر بها رغم خيانة البعض من الحملة لها.


فى كثير من رواياتك بُعد تاريخى فهل يمكن اعتماد الأدب كمصدر للتاريخ؟
- أنا لا أكتب تاريخا، واعتمادى على بعض الأحداث التاريخية لا يعنى أنى أقدم تاريخا.. أنا اقدم تأويلات للحدث التاريخى الموثق لا أنكره أو أبدل فيه.. لكن أقدم وجهات نظر لماذا حدث والدوافع وراءه.

بمعنى أن نعيد طرحه للمناقشة..على سبيل المثال «كليبر» قائد الحملة الفرنسية بعد نابليون جرى قتله هذا حادث موثق.. لماذا قتل وما الدوافع والأهداف من قتله؟.. فيمكن للأدب تقديم تأويلات جديدة ومغايرة لما جرى تقديمه وبالطبع بناء على الجو العام فى ذلك الوقت.

‎اقرأ ايضا | أحمد القرملاوى: لا يمكن حصر عالم محفوظ فى أسلوب فنى واحد