د. جمال ياقوت مدير المهرجان: المسرح التجريبي لكل المصريين

د. جمال ياقوت
د. جمال ياقوت

محمد بركات

بعد مسيرة طويلة في المشاركة وإدارة عدد من المهرجانات المصرية والعربية وحتى الأوروبية، يحاول المسرحي د. جمال ياقوت – في الدورة الثانية تحت رئاسته - أن يعيد مهرجان المسرح التجريبي إلى رونقه الذي انطلق به عام 1988، ووصل إلى قمته مع بداية الألفية.. د. جمال ياقوت يكشف في حوار لـ”أخبار النجوم” عن الاختلافات التي تشهدها الدورة الجديدة عن الدورات السابقة، سبب زيادة العروض، سبب إطلاق اسم بيتر بروك على هذه الدورة. كما كشف عن ميزانية المهرجان، وأسرار أخرى من كواليس المهرجان.

في البداية.. ما الاختلافات التي تشهدها الدورة الجديدة مقارنة بالدورات السابقة؟

أهم ما يميز الدورة 29 من المهرجان استمرار مشروع “نادي المسرح التجريبي” الذي كان الهدف منه إظهار إبداعات فناني مصر التجريبية في جميع أنحاء الجمهورية، لأن المهرجان مهتم بكل العروض التجريبية في العالم، لكنه أيضا مهرجان لكل المصريين، فكانت فكرة تجربة نوادي المسرح بالإشتراك مع الهيئة العامة لقصور الثقافة قائمة أساساً على الحرية الإبداعية والتجارب الجديدة المغايرة للمألوف، وكان الهدف التركيز على فكرة التجريب في الثقافة بالمدن المصرية، والعام الماضي قدمنا ما يقرب من 35 مشروع أنتج منهم 8 مشاريع عرضت في قرى ونجوع مصر، منها في كفر شكر بالقليوبية ووادي النطرون بالبحيرة والمنيا وبور سعيد ودمياط والجيزة، وفي هذه الدورة تقدم 188 مشروع أنتج منهم 14 من 12 محافظة، وتم الانتهاء من العروض مساء السبت الماضي، وفي ختام المهرجان سيتم إعلان نتيجة الفائزين الثلاثة الأوائل،وهذا المشروع مهم جداً لإنه سيطور آليات التعامل مع التجريب، وسيكون له تأثير كبير في المستقبل.

ماذا عن مشروع نشر الرسائل العلمية؟

هذا هو المشروع الثاني و هو “نشر الرسائل العلمية” دكتوراة وماجستير التي تخص محور الدورة “التجريب المسرحي والتطور التكنولوجي”، حتى لا تترك هذه الرسائل دون نشرها وتداولها في الجامعات، فكان هدفنا ظهور هذه الرسائل للنور ليستفيد منها المجتمع المسرحي والعربي، تقدم عدد كبير جداً من الرسائل واستقر الأمر على نشر 7 رسائل، ولاقى هذا المشروع استحسان كبير من الباحثين والأكاديميين لأن توجد أزمة كبيرة في نشر المجالات التخصصية، أيضاً من ضمن المشاريع الجديدة في هذه الدورة هي “مسابقة الكتابة المسرحية التجريبية القصيرة”، تقدم لها 222 نص، تم اختيار 69 نص للمرحلة القصيرة، وجاري نشرهم في 3 أجزاء سيتم نشرهم في هذه الدورة ويحصل الفائزين الثلاثة على جوائز، وأيضاً تم استحدث محور “العروض التجريبية القصيرة” التي تتراوح مدتها بين 15 إلى 30 دقيقة، وسيتم عرضهم في مسرح “الطليعة” بالتناوب بين القاعة والمسرح، بالإضافة لعروض برنامج المهرجان.

في الدورة السابقة كانت عدد العروض المشاركة بالمهرجان 14 عرض، وحاليا هناك ما يقرب من 44 عرض.. ما سبب هذه الزيادة؟

السبب استحداث محور العروض القصيرة وعروض نوادي المسرح التي تم استحداثها العام الماضي، ولاقت قبول واستحسان كبير، وكما ذكرت في العام الماضي تقدم ما يقرب من 22 عرض، تم إنتاج 8 عروض منها، وهذا العام تقدم 188 عرض أنتج منهم 14 عرض، وهذا يدل على نجاح التجربة.

كم تبلغ ميزانية المهرجان؟

رغم ارتفاع الأسعار والزيادة الكبيرة في كل شيء، إلا أن ميزانية المهرجان لم تزد عن العام الماضي، وهي 9 ملايين جنيه، وهذه ميزانية قليلة جداً مقارنة بالميزانيات التي كانت تخصص للمهرجان من سنوات، ورغم الأزمة العالمية مازال المهرجان مستمر بدعم الدولة المصرية، وهذا في حد ذاته دعم كبير للثقافة، وأنا أعمل بشكل منظم في التخصيص الأمثل للموارد بأفضل طريقة، الميزانية تشمل الجوائز والأجور والتجهيزات الفنية والطيران وإقامة المغتربين في الفنادق وكل شيء وكان من المفترض انتهاء المهرجان يوم 11 من الشهر الجاري، وبسبب ضعف الميزانية تم ضغط المهرجان لينتهي يوم 8، أن شاء الله سيخرج مهرجان راقي جداً يليق باسم مصر.

ما سبب إطلاق اسم المخرج الراحل بيتر بروك على الدورة الحالية؟

إطلاق اسم المخرج العالمي الراحل بيتر بروك بسبب رحيله المفاجئ منذ أشهر قليلة، لما له من تاريخ مسرحي كبير وتجارب ودراسات أثرت الحركة المسرحية والبحثية في العالم، فهو أحد رواد التجريب المسرحي عالميا - قبل وفاته- وكنت أفكر في دعوته للمهرجان سابقا، لكن الأمر كان صعب بسبب مرضه.

شهدت الدورات الماضية توقيع برتوكولات مع مهرجانات دولية وعربية لإرسال بعثات لشباب المسرحيين.. هل هناك خطوة جديدة في هذا الشأن؟

أتمنى أن يكون للمهرجان دور في هذا الشأن، ومن المفترض أن وزارة الثقافة أعتادت أن ترسل بعثات للخارج للشباب خرج منهم خالد جلال، أشرف فاروق، كمال عطية وغيرهم، لكن نسعى لسفر الشباب للإطلاع على أحدث الأساليب التجريبية، وهذا ضمن لائحة المهرجان، لكن لم يفعل هذا العام لأن الميزانية قليلة جداً، وفي المقابل البعض يعتمد على نفسه للسفر إلى الخارج، ثم يأتي لنقل ما شاهده هنا.

المهرجان واجه انتقادات كثيرة سابقاً منها عدم ملائمته لطبيعة المشاهد العربي خاصة أنه يعتمد على الأداء الحركي أكثر من الكلمة.. ما ردك؟

الأزمة كانت في التقليد الأعمى، كل من كان يشاهد تجريب رقص  كان يرقص، وهذه الأزمة التي حدثت في بداية المهرجان، وهو أن نسبة كبيرة أعتبرت التجريب هو رقص ولغة جسد فقط، لكن التجريب يشمل كل عناصر العرض من السينوغرافيا، الإضاءة، الديكور، التمثيل وغيرها، وحتى في النص المسرحي نفسه، لكن الناس أعجبت بفكرة التعامل مع الجسد، وحاليا اختلف الأمر لأن الرقص الحديث والمعاصر أصبحوا فنون مستقرة وراسخة ولهم فنانين متخصصين، وأصبح الأمر غير مبهر، بدأ الجميع ينظر للتجريب من خلال كل عناصر العرض، وليس من خلال عنصر الجسد الذي كان يمثل عامل جذب، الحقيقة عندما ننتقي العروض المشاركة في المهرجان نحرص على التنوع في عروض التجريب، أيضاً من الآن تجد فرق تستعد للدورة المقبلة، وذلك بعد أن شاهدوا إن المهرجان يخاطب الجميع، لإنه في الماضي كان يوجد مفهوم إنه موجه للصفوة، أما الآن فأصبح يصل للنجوع والقرى،  وتلاشت الأزمات.

كيف تقيم المشهد المسرحي في مصر حاليا؟ 

المسرح المصري تراجع كثيرا لعدة ظروف، مسرح القطاع الخاص مثلا أصبح غير موجود بسبب غياب النجم، وعندما يقدم الفنان يحيى الفخراني عرضاً مسرحياً يشاهده الجمهور حتى يتوقف العرض، لأن النجم يجذب الجمهور، وبسبب التباين الضخم جداً في الأجور بين السينما والفضائيات من جهة والمسرح من جهة أخرى غاب النجوم عن المسارح، وتقلص الجمهور المهتم بالمسرح لغياب نجمه، ولم يبقى من نجوم المسرح سوى الفخراني وأشرف عبد الباقي وسامح حسين، لذلك يجب إعادة النظر في أجور السينما والفضائيات والمسرح، بجانب ذلك يجب خلق الاحتياج للمسرح عن طريق بناء جمهور له، ووضع المسرح في المناهج الدراسية، حتى نحمي أنفسنا بثقافة القوى الناعمة.