الإفراط في المضادات الحيوية يتسبب في مقتل الملايين حول العالم

المضادات الحيوية
المضادات الحيوية

كتبت: ياسمين عبدالحميد 

لم تكن شاهندة، ابنة الإسماعيلية ذات الـ16 عامًا، تعلم أن إجراءها لعملية الزائدة الدودية سيكتب نهاية حياتها، فهى عملية بسيطة للغاية ونسبة نجاحها تتخطى الـ98% عالميًا وإجراؤها لا يسبب الوفاة إلا فى حالات نادرة للغاية، لكن الخطأ الطبى الذى توفيت على إثره لم يكن بسبب العملية، ولكنه بسبب حقنها بمضاد حيوى دون إجراء اختبار للحساسية الأمر الذى أدى لوفاتها بعد توقف عضلة القلب.

 

حالة شاهندة لم تكن الأولى، ولكن نأمل جميعًا أن تكون الأخيرة، فتناول المضادات الحيوية يعتبره البعض أمرًا طبيعيًا للغاية، ولا يشكل خطورة على أرواح ذويهم، لكن الأمر ليس كذلك فهناك تحذيرات شديدة الخطورة من قبل منظمة الصحة العالمية، تؤكد أن فرص إصابة المرضى الذين يتناولون المضادات الحيوية فى المستشفيات بعدوى فطرية تكون أكبر، وذلك بسبب اضطراب الجهاز المناعى فى الأمعاء كما أنها تُعطل جهاز المناعة فى الأمعاء، حيث تتمكن بكتيريا الأمعاء من الهروب، مما يؤدى إلى خطر إضافى للعدوى البكتيرية، فيما توصل الخبراء إلى أن الوفيات العالمية من االجراثيم الخارقةب المقاومة للمضادات الحيوية ارتفعت 7 أضعاف خلال 5 سنوات فقط لتصل إلى أكثر من 5 ملايين وفاة سنويًا، وذلك وفقًا لما ذكرته صحيفة اديلى ميلب البريطانية.

 

الدكتور جمال شعبان، عميد معهد القلب الأسبق، حذر من خطورة تناول عقاقير وحقن المضادات الحيوية دون روشتة طبية ودون الذهاب للمستشفى حيث يحذر تناولها فى المنزل دون إجراء اختبار للحساسية مسبق، وأوضح أن إعطاء حقن المضادات الحيوية كلها وخاصة الـاكيفالسبورينب فى المنزل أو فى الصيدليات، دون اجراء اختبار أولا قد يسبب الوفاة بسبب الحساسية الحادة.

 

وقال شعبان: ممنوع منعًا باتًا كتابة هذه الحقنة فى روشتات عيادة خارجية لحقنها فى الصيدلية أو المنزل فهذه الأدوية لها تأثير حساسية، وتسبب صدمة وعائية وانسداداً فى الشعب الهوائية للأشخاص الذين يعانون من هذه المادة وفى هذه الحالة قد تكون هذه الحقنة قاتلة نتيجة الإصابة بالحساسية الحادة نتيجة مادة الكيفالسبورينب، ونصح بعدم صرف أى مضاد حيوى حتى لو أقراص إلا من خلال روشتة طبية معتمدة والمدة المطلوبة لتناولها كما تفعل معظم الدول عالميًا.

 

وواصلت وزارة الصحة تحذيراتها بشأن عشوائية تناول المضادات الحيوية، وشرعت فى تدريب 2158 صيدليا على برامج الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية، إلى جانب التدريب على قياسات الاستهلاك، وما يتصل بها من أساسيات ممارسة الصيدلة الإكلينيكية، والدور الصيدلى فى مكافحة العدوى، وتحقيق جودة النظام الصحى، وقال الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة والسكان، إن البرنامج يهدف إلى نشر التوعية وتصحيح مفهوم مقاومة مضادات الميكروبات، وذلك من خلال التعليم والتدريب المستمر، وخفض معدلات الإصابة بالعدوى، بالإضافة إلى التأكيد على مبادئ وأسس الاستخدام الفعال والرشيد للمضادات الحيوية. 

 

وأشار عبدالغفار، إلى تطبيق الزيارات الميدانية لمستشفيات المرحلة الأولى، من المبادرة والتى سجلت تطبيق برامج الإشراف على المضادات الحيوية فى كافة المستشفيات المستهدفة، والوقوف على ما تم إنجازه وفقا لمعايير التقييم الصادرة عن مراكز مكافحة الأمراض والوقاية الأمريكية اCDCب ومنظمة الصحة العالمية اWHOب، وذلك فى إطار الخطة القومية لمكافحة الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية.

 

أضاف أنه تم تطوير نموذج إلكترونى لرصد استهلاك المضادات الحيوية بالمستشفيات، وفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية ممثلة فى نموذج اPoint Prevalence Surveyب اPPSب الذى يعد أداة لتقييم جودة واستخدام المضادات الحيوية، ضمن برنامج الإشراف على المضادات الحيوية داخل المنشآت الصحية، وذلك تمهيدًا لتعميمه وتدريب صيادلة المستشفيات عليه.

 

من جانبها، أكدت الهيئة العامة للرعاية الصحية، أنها تستهدف تبنى استراتيجية واضحة مبنية على أسس علمية للحد من مقاومة المضادات الحيوية عن طريق زيادة الوعى بظاهرة مقاومة المضادات الحيوية وفهمها وتعزيز الترصد والبحث وتخفيض معدلات الإصابة بعدوى الالتهابات، واستعمال أدوية المضادات الحيوية على الوجه الأمثل، وضمان استدامة الاستثمار فى مجال مكافحة مقاومة المضادات الحيوية.

 

وأكد الدكتور أحمد السبكى، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، أن الاستراتيجية مبنية على تضافر جهود الهيئات والشركات المعنية فى مجال الرعاية الصحية سواء بالقطاع الحكومى أو الخاص من أطباء وصيادلة وتمريض وغيرها من التخصصات كالبيئة والزراعة للوصول إلى صحة أفضل، لافتًا إلى أن منظمة الصحة العالمية أعلنت أن مقاومة المضادات الحيوية تعتبر من التهديدات العالمية العشرة الرئيسية للصحة العامة التى تواجه البشرية، والتى تتسبب بشكل مباشر فى وفاة 1.270 مليون شخص سنويًا، بينما تتسبب بشكل غير مباشر فى وفاة 5 ملايين شخص سنويًا، مؤكدًا أنها تشكل تهديدًا عالميًا للصحة والتنمية، وتعد إساءة استخدام المضادات الحيوية، والإفراط فى استعمالها، المحركين الرئيسيين لظهور الميكروبات المقاومة للأدوية.