ملف | في ذكرى وفاة نجيب محفوظ الـ 16 | بناء على فتوى «عمر عبدالرحمن» فني كهربائي يطعن أديب نوبل

نجيب محفوظ بعد محاولة اغتياله
نجيب محفوظ بعد محاولة اغتياله

30 أغسطس من كل عام، تمرعلينا  ذكرى رحيل الأديب العالمي صاحب نوبل في الآداب نجيب محفوظ، الذي ملأ الأرض شرقا وغربا الأعمال الروائية التى ترجمت إلى عشرات اللغات العالمية، وأصبحت وما زالت سفيرا فوق العادة للأدب العربي، فأديب نوبل شغل حياة المصريين ورصدها بكل دقة، ومن أعماق الحارة المصرية، تعمق في الحياة المصرية المحلية، فوصلت أعماله إلى العالمية، وما زالت أعماله شمسا تنير العالم في الأدب والفكر الإنساني، ولن تغيب وستظل أجيال وأجيال قادمة تتربي على أدب وروايات أديب نوبل ناشدة المتعة والفائدة والحكمة.. 
الكثير من الألقاب اكتسبها نجيب محفوظ، قبل وبعد حصوله على جائزة نوبل في الآداب، منها عميد الرواية العربية، و«بلزاك مصر» و«ديكنز المقاهي المصرية»، والهرم الكبير، وأمير الرواية العربية، وأبو الرواية العربية، وسيد الرواية العربية، وأديب نوبل، ملهم الغرب ومبدع الشرق، واكتسب أديب نوبل نجيب محفوظ هذه الألقاب عن جدارة, خاصة بعد حصوله على جائزة نوبل العالمية فى الآداب، وكانت تتويج لرحلة أدبية، ضمت إبداعات أدبية ترجمت إلى معظم لغات العالم.

وبمناسبة مرورذكرى وفاة الأديب العالمى نجيب محفوظ، واحتفالات كافة الأوساط الثقافية والأدبية فى مصر والعالم العربى بذكراه، نتذكر هنا محاولة الاغتيال الفاشلة التى تعرض لها أديب نوبل، من قبل الجماعات الإرهابية التى أصدرت فتوى بإهدار دمه.

ففى شهر أكتوبر من عام 1995، تعرض الأديب العالمى وصاحب نوبل «نجيب محفوظ» للطعن بسكين في عنقه على يد شابين قد قررا اغتياله، لإتهامه بالكفر والخروج عن الملة بسبب روايته المثيرة للجدل«أولاد حارتنا»، ولم يمت نجيب محفوظ كنتيجة للمحاولة، ولكن أعصابه على الطرف الأيمن العلوي من الرقبة قد تضررت بشدة أثر هذه الطعنة، كان لهذا تأثيرٌ سلبي على عمله، حيث أنه لم يكن قادرًا على الكتابة سوى لبضع دقائق يوميًا، وفيما بعد أُعدم الشابان المشتركان في محاولة الاغتيال رغم تعليقه بأنه غير حاقدٍ على من حاول قتله، وأنه يتمنى لو أنه لم يُعدما، وخلال إقامته الطويلة في المستشفى زاره محمد الغزالي، والذي كان ممن طالبوا بمنع نشر أولاد حارتنا.

وحاول الإرهابيون اغتيال محفوظ أثناء خروجه من منزله في حي العجوزة بالجيزة، إلا أنه أفلت من الموت بأعجوبة وتم نقله للمستشفى، وخلال التحقيق مع المتهمين بعد القبض عليهم، تبين أن الإرهابين قرروا اغتياله بسبب رواية "أولاد حارتنا"، لا سيما بعدما أفتى أمير الجماعة الإسلامية عمر عبد الرحمن وقتها بإهدار دم نجيب محفوظ, وأظهرت التحقيقات حينها مفاجأة كبيرة في سببها وفي الشخصية التي شرعت في تنفيذها، أن الشخص الذي نفذ الجريمة كان "أميا" لا يجيد القراءة ولا الكتابة، ولم يحضر الاجتماع الذي تم تكليفه فيه باغتيال محفوظ، وإنما صدر له تكليف بذلك، وأكد المتهم في اعترافاته أنه حاول اغتيال محفوظ بسبب الراوية، قائلا إنه لم يقرأها.

وحكى الأديب والكاتب الكبير محمد سلماوى فى كتابه «في حضرة نجيب محفوظ»، عن محاولة اغتيال أديب نوبل, قائلا: أقدم شاب يدعى محمد ناجي على محاولة اغتيال «محفوظ»، وكان يعمل فني إصلاح أجهزة كهربائية وإلكترونية، حيث انضم  قبل حادثة الاغتيال بأربع سنوات للجماعة الإسلامية، واعترف الشاب له، أنه حاول اغتيال محفوظ لأنه «ينفذ أوامر أمير الجماعة، والتي صدرت بناء على فتاوى الشيخ عمر عبد الرحمن».
ومن جانبه، قال الكاتب والروائي يوسف القعيد، إن محاولة اغتيال محفوظ لم تخيفه بل زادته قوة، وأن الحادث ترك إصابة في يد الأديب العالمي أثرت على كتابته، ما اضطره لاتخاذ اشخاص يكتبون له، وأنه أحد الذين صاحبوا نجيب محفوظ لسنوات طويلة، أن ما اختلف على حياة نجيب محفوظ بعد محاولة اغتياله، هو أنه أصبح يتحرك بحراسة مسلحة، خوفًا على حياته، ونجا محفوظ الذي كان يستقل سيارة صديقه الطبيب البيطري محمد فتحي أمام منزله أثناء طعنه عدة طعنات في رقبته أصابت أحداها شريان رئيسي، إذ توجه به فتحي إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة على الفور، وأمضى محفوظ عدة أسابيع بالمستشفى متجاوزًا مرحلة الخطر، غير أنه لم يتمكن من الكتابة بيده اليمنى أو السير لمدة ساعة يوميًا كما أعتاد قبل الحادث.

كما روت نجلة أديب نوبل «أم كلثوم نجيب محفوظ» أنها قبل الحادث الذي تعرض له والدها في عام 1994 كانت قلقة وفي يوم الحادث كانت نائمة عندما حاول أحد الأشخاص اغتياله، وأن والدها ظل فترة طويلة ممتنعا عن الكلام عقب الحادث، وكان مشفقا على الشخص الذى حاول قتله لأنه تعرض لغسيل مخ من الجماعات المتطرفة وكان يرى أن هذه الفئة مضحوك عليها، ووالدى كان مجاملا وهادئ الطباع ونادرا لما يتخانق مع أحد".

اقرأ أيضا | ملف | في ذكرى وفاة نجيب محفوظ الـ 16 | أوّل روائي عربي يحصل على جائزة نوبل في الأدب