«جروبات» الخراب الأسرى

أندية الرجال والنساء السرية.. فضائح زوجية واستشارات غير علمية على السوشيال ميديا

«جروبات» الخراب الأسرى
«جروبات» الخراب الأسرى

الخبراء: نشر الحياة الخاصة كفيل بتدميرها

على طريقة فيلم «نادي الرجال السري» للفنان كريم عبد العزيز، استغل آلاف الشباب ورواد السوشيال ميديا، اسم الفيلم، وابتكروا ما يسمى «بالجروبات الخاصة»، على صفحات الفيس بوك وتويتر وغيرها من ادوات «السوشيال ميديا»، وأطلقوا عليها اسم «نادي الرجال السري» كدعوة صريحة لكل الشباب المتزوج و المقبل على الزواج للانضمام لتلك «الجروبات» كنوع من الخصوصيه بين صفوف الرجال، ولعرض المشاكل الزوجية بعيداً عن الزوجات، وللاقتراحات فى كيفية ادارة المنزل للازواج الجدد، وكيف لك أن «تشم نفسك» خارج منزلك دون ان تشعر زوجتك.

ولكن سرعان ما تحول هذا الجروب إلى أداة كبيرة لخراب البيوت.. نساء أصبحن أرامل ورجال فقدوا «عش الزوجية»، وأطفال أصبحوا مشردين بين ثنايا المشكلة التي احدثتها الجروبات بين أبويهم .. أما النساء فلم يقفن مكتوفات الأيدى أمام مهازل الرجل فابتكرن هن أيضاً جروب للرد عليهم .. واطلقن عليه إسم «نادي النساء السري» كنوع من الانتقام من الرجال.. وغالباً كان يحوي داخله نساء طُلقن بسبب «نادي الرجال السرى».. وأيضا كن يعرضن من خلاله مجموعة من المشاكل الزوجية لحلها.. ولكنه فى النهاية أيضا باء بالفشل وأدى كل منهم إلى «خراب البيوت».. «الأخبار» فتحت ملف جروبات السوشيال ميديا الضارة.. واستعرضت آراء مجموعة من رواد تلك الجروبات.

«كانت مجرد مزحة وضياع وقت فراغ ليس أكثر» .. بهذه الكلمات بدأ «محمد. م» حديثه عن جروب نادي الرجال السري الذي أصبح عضواً فيه منذ تدشينه على كل صفحات السوشيال ميديا.. مؤكداً أنه لم يخطر بباله لحظة واحدة بأن يتحول هذا الجروب كأداة لخراب البيوت.. وبدأ فى سرد حكايته مع ذلك الجروب الذى وصفه بأن «سره باتع» عندما كان كثير الخناق والشجار هو وزوجته فى فترة من الفترات.. ولم يجد أمامه سوى عرض مشكلته تلك أمام أعين كافة أعضاء الجروب.. وبين طيات صفحاته عسى أن يجد حلاً لها ويعود الوفاق والدفء الأسرى من جديد بينه وبين زوجته.

ولكنه على حد قوله فوجئ، بأن كثيراً من اعضاء الجروب ينصحونه بعكس ما توقع ينصحونه بأن يلعب عليها دور «الواد التقيل» أو «يطنشها».. وبدأ بالفعل فى تنفيذ ما نصحوه به، ولكن انقلبت الأمور وتعقدت بينه وبين زوجته أكثر وأكثر.. حتى وصلت إلى مرحلة الطلاق بلا رجعة، وحتى هذه اللحظة يحاول أن تعود الامور لنصابها خاصة وأن لديه من زوجته طفلين يبلغان من العمر ثلاث وخمس سنوات.. ولكن باءت كل محاولاته بالفشل.. و نصح «محمد. م» كل رواد السوشيال ميديا وخاصة فيس بوك بعدم الانسياق والانصياع لجروب نادي الرجال السري لأنه ليس له أي فائدة تجني وما يأتى من خلفه خراب فقط .

واحدة عليها

فى حين أن «إسلام. م» كانت حكايته مع جروب نادي الرجال السري مختلفة تماماً .. إسلام بطبيعته كما يروى لنا أنه لا يستطيع السكوت فهو كثير الكلام وحكاء فبالتالى أي مشكلة يواجهها لم يجد أي غضاضة فى سرد تفاصيلها هنا وهناك، وبالتالي فالأمر لم يستغرق معه بضعة لحظات فى التفكير كي يقنع نفسه بأن يروى تفاصيل بيته بين صفحات ذلك الجروب اللعين، حتى لو أن تلك الأسرار تتعلق بشجاره الدائم مع زوجته التي لم تتوان لحظة فى إظهار برودها العاطفي على حد قوله وعدم اكتراثها به، بل الأمر امتد معها إلى أنها تهمل أيضاً فى تربية طفلهما محمد، والذي يبلغ من العمر عامين، فبدأ سيل النصائح تنهال عليه، وكما أكد أن أهم نصيحة لاحظها هو من أحد الأعضاء عندما قال له «أعرف واحده عليها».. وبدأ إسلام بسذاجة واضحة فى تنفيذ تلك النصيحة الصماء التي أدت إلى خراب بيته فى «التو».. دون حتى ان يحاول إظهار أنها أكذوبة هو من بدعها فى محاولة منه لإصلاح زوجته .

 ندم شديد

على الجانب الآخر كانت هذه الجروبات سبباً فى ندم العديد من الزوجات، بل والمقبلات على الزواج أيضا، فتروي لنا «منى.م» قصتها قائلة: «من نحو 9 شهور تقدم لى شاب من العائلة من محافظة أخرى بعيداً عن أهلي، وكانت عائلته لديها منزل كبير مكون من 3 طوابق ولم يكن له إخوة سوى أخت واحدة تقطن فى الدور الثاني»، وتضيف «بالطبع ترددت كثيراً قبل الموافقة وبما إننى عضوة بأغلب الجروبات السرية للنساء، فكنت أرسل من حساب مزيف قصتي ومشكلتي لأجمع أكبر عدد من الآراء، وبالفعل لم أجد من يشجعني، بل كانت الكلمة الأكثر ترديداً «إهربي بلاش بيت عيلة».

كان الأمر الأكثر غرابة أن منى قرأت من خلال التعليقات قصصاً سوداوية لنساء تزوجن فى «بيت عيلة» وانتهى الأمر بالطلاق أو بالخناق والهجر، وتشير إلى أن كل ذلك دفعها للتفكير جيداً ورفض العريس، لكنها ندمت ندماً شديداً بعد ذلك، فقد خطب هذا الشاب قريبة لها وتزوجا بالفعل، وعلمت من قريباتها فى هذه البلدة أن الحماة على خلق وأنها تعامل الزوجة الجديدة معاملة الإبنة تماماً، فندمت وقررت ألا تأخذ بأى آراء من صفحات السوشيال ميديا.. خاصة من الجروبات النسائية.

 ضياع المودة

أما «س.ن» والتي كانت حياتها هادئة بعد أن مر على زواجها 15 عاماً ورزقت بطفلتين، فقد تسببت تلك الأفكار السامة التى تبث على هذه الجروبات فى انقلاب حياتها رأسها على عقب.
وتروى لنا قصتها قائلة: «مثلى كالعديد من الفتيات تزوجت عقب التخرج مباشرة، ورزقت خلال 5 أعوام بطفلتين ومكثت أعواماً عديدة أعمل على تربيتهم بما قسمه الله لى وبما يوفره زوجي، وبعدما كبرت بناتى نظرت لعمرى فأحسست انه مر سريعا فى تربيتهم، فبدأت الاهتمام بنفسى والاشتراك خلال فترة الكورونا بجروبات البنات والنساء لنقل وصفات التجميل، كما انضممت لمجموعات تشجع على العمل من المنزل وغيرها، إلا إنني وجدت من ضمن هذه المجموعات مكاناً مخصصاً لمشاكل السيدات يطلقن عليه «نادي النساء السري»، وبدأت يومياً أقضي عليه فترات طويلة أقرأ المشكلات وحلولها».

وتضيف «س.ن» أن كل ذلك لم يسبب مشاكل إلا أنها مع مرور الوقت وجدت الكثير من المشكلات تنطبق عليها، فتشجعت وروت قصتها التى تحدثت فيها عن أن زوجها يقضى بعد العمل وقته للساعة الثانية صباحا على القهوة، وكيف أنه يوفر أموالاً ليرسل لأخيه الصغير مساعدات فى حين أنها وبناتها لم يذهبن لمصيف أو لسفرية أو خروجة ممتعة منذ الزواج، كما أنها كانت تشك فى علاقته بإحدى زميلاته فى العمل.

وتؤكد أنها وجدت المئات من التعليقات التى تنصحها بأخذ موقف ومواجهة زوجها بأن بيته أولى، وبين تعليقات توضح لها كيف تتصرف مع زوجها وتفتش هاتفه وتراقبه لتتأكد من علاقته بزميلته، فأصبحت لا يشغلها سوى تنفيذ تعليمات «نساء الجروب»، حتى تصادمت مع زوجها فى أكثر من مواجهة، وفى كل مرة تروى لهن ما حدث، فيشجعنها على أن تكون قوية وتحصل على كل حقوقها.

إلا أنه مع مرور أقل من شهرين تفاقم الأمر وتحول البيت الهادئ لساحة عراك بينها وبين زوجها، ووصل الأمر إلى تطاول بالأيدي، فأخذت ابنتيها وذهبت لمنزل والدها الذي تمكث فيه منذ 6 أشهر جميعها مرت فى الإهانات وتفاقم المشكلات بينها وبين زوجها.
الأسر تراقب أبناءها.

ويقول الدكتور وليد هندي استشارى الطب النفسى، أن مثل تلك الجروبات «الرجال و النساء السريين» وغيرها مما يتيح فضح اسرار البيوت أن مثلها يخرج من أشخاص يعانون مما يسمى «الفضا» دون أي تفكير ولو لدقيقة واحدة أن مثل هذه الاعمال تؤدى الى خراب البيوت وتشتيت الأسر ويتعرض الاطفال إلى التيتم المبكر فى وجود الأب و الأم .. وأضاف هندي أن على المجتمع كافة مواجهة مثل تلك الظواهر التي انتشرت على السوشيال ميديا ويجب إلغاؤها.

إقرأ أيضاً .. «تبهر السوشيال ميديا».. صورة شاب تونسي يحمل والده كـ«رد الجميل»