مي حجي تكتب: كل نجاة بقدر

مي حجي
مي حجي

لم يكن يوم الثلاثاء الماضي، يوما عاديا، بل كان مريبا منذ بدايته ...وقع  عز ابني  ذو العام الواحد وهو واقف ليرتطم وجهه بحافة المنضدة لضعفه الشديد بعد نوبات متتالية من المرض وتناوله كميات كبيرة من المضادات الحيوية قرابة شهر،  أثرت علي نشاطه وحركته، ومن لطف الله هدأ بعد بكاء يضني القلب... وأنا اصعد به  التاكسي وبرفقتنا توأم روحه عمر الذي حملته معي زوجة البواب الصعيدية الودودة، إذ بالسيارة تتحرك بشكل مفاجيء للأمام لترتطم رأس عمر في الباب وتفاديه زوجة البواب حتي لا يقع منها تحت عجلات التاكسي  لعطل بفرامل اليد ويدهس السائق قدمها ... وهي تصرخ وتمسكني بعمر .. حفظه الله بستره .

التف حولنا المارة واصحاب المحال للاطمئنان علي سلامتنا جميعا وسلامة زوجة عبد اللطيف البواب ذهبنا لطبيبي بمنطقة وسط البلد .. وخلال عودتنا نواجه حادثا مشينا بقرب مستشفي السلام الدولي وحديث عن وفاة شاب وخطيبته في حادث سير بشع وانا احتضن صغيري وادعو الله بالستر والعودة بسلام.

وصلنا البيت وبعد الاطمئنان علي صحة زوجة البواب صعدنا معا الي شقتي ورغم ألم قدميها لم تتركني بمفردي وأصرت كعادتها علي مساعدتي هي وصغيرها محمد وبعد ساعة  انقطعت الكهرباء عن العمارة بالكامل وانقطعت معها المياة والانترنت واي اتصال بالعالم الخارجي وكانت ليلة حمدا لله ولطفه على نهايتها ...


وجاء الأربعاء الذي لم يختلف تماما عن الثلاثاء  ليتعطل بنا المصعد الكهربائي لمدة ١٨ دقيقة كدنا خلالها مفارقة الحياة وحدث اغماء تام لأحد ابنائي والآخر يصرخ وأنا احاول دق الباب والحائط المقابل لنا وجاء ايضا لطف الله ان تسمعنا إحدى الجارات وتؤكد لزوجها ان هناك عطل وان أحد الجيران داخل المصعد والبواب وزوجته خارج العمارة ولم يسمع أحد ذر الانذار الذي لم يفارقه اصبع يدي وقدم ابني من لحظة العطل 

أخرجونا بحفظ الله وستره ....
أطل بوجه ابنائي بعد نجاتنا وانظر لمن حولي في صمت  مصاحب بهزة رأس تعبر عن الامتنان لهم جميعا، وصوت بداخلي يحدثني يشبه صوت أمي  نعم انه صوت أمي تناديني وابنائي ...لم يمر الاربعاء بسلام علينا علي الاطلاق ولم يهدأ ابنائي ولو لساعة ليلة الخميس وقررت ان أقصد المنصورة  بل أقصد قلب أمي ...
وصلت برفقة صغيري عز وعمر وحقائبنا الثلاثة الي موقف القللي، لنجد زحاما وضجيجا. انه الخميس  ويبدو انني لقلة السفر نسيت ان سفر الخميس كارثة لجميع قاطني المنصورة العائدين من قاهرة المعز ... ليكون أول باص يمكننا استقلاله بعد ساعتين ولا يوجد سرفيس مع زحام وارتفاع شديد بدرجة الحرارة اتكأت علي أحد الكراسي حاملة صغيري وجميع المسافرين يعرضون المساعدة وانا اصمم ان اركب الباص الذي سيتحرك بعد دقائق ولا يوجد به أماكن حتي ولو في الكرسي المجاور للسائق ... واصراري قوبل بالرفض لوجود ٣ سائقين في هذه الرحلة وحتي هذا المقعد مشغوووول ...
لاجد شخصا اربعينيا يعرض علي ان اركب مكانه وانه سينتظر ساعتين بكل رحب وسعة وانا انظر لوجهه واعيد عليه كلامه وانا ابتسم واردد فعلا أنا أسفة جدا لكن انا طبعا موافقة وشكرا جدا جدا ربنا يحفظك ويبارك في عمرك لم اتردد لحظة حملت ابنائي وهو رفع حقائبنا اعلي الباص وبعد دقائق تحركنا انظر الي الموقف وزحام المسافرين وانظر امامي للطريق واشكر الله علي رزقه الطيبين لنا .
الجميع من ابناء بلدتي، الطيبين من يساعدني في تحضير الببرونات ومن يحمل احدهما بعض الوقت واطفال يداعبون صغاري ومر الوقت رغم  طول الطريق المزدحم  لكنه كان لطيفا. قرابة مدينة أجا اذ بمطب مرتفع يفتح الباب الخلفي وتطيح احدي حقائبي من الباص علي الطريق ويقف الباص وينزل شباب ورجال ويصعدون بها بفضل الله، وبعد لحظات من استكمال الرحلة اذ بالسائق يستقبل اتصالا من المحطة يفيد بان الباص الذي كنا سنلتحق به انا وصغاري ًحدث حريق به لارتفاع درجات الحرارة وهناك عدد من المصابين ويوجه حديثه لي بان يلطف الله بمن اركبني بمقعده بحق طيبته ويكون من الناجين باذن الله وانا اردد آمين وجميع من بجواري يدعون له وللمسافرين حتي وصلنا بسلام لالتقط انفاسي علي صدر أمي واطلب من أختي أن تغلق الباب جيدا مرددة " اللهم أكفنا شر المستخبي" كما كانت تردد جدتي رحمها الله 
هدأ صغاري بحضن أمي بعد ثلاث ليال عجاف كان فيهم لطف الله ورحمته بقدر .