مجرد فكرة

يا عمر

محمود سالم
محمود سالم

إذا كانت الحياة كلمة كبيرة فإن معناها أكبر بكثير.. خلالها نتعرض لمواقف لا حصر لها منها ما يصدق ومنها ما لا يصدق ومع ذلك هى جديرة بالتأمل، وكما تقول المواعظ فإن الحياة قصيرة لكن المصائب تجعلها طويلة، هى حلم يوقظنا منه الموت، إنها الدنيا التى ترينا كل يوم من جديد الألم ما هو أوجع.

 فى يوم وليلة تتبدل المشاعر ما بين ضحكات صافية مع الأصدقاء والزملاء وما بين بكاء وأنين على نفس الأصدقاء والأحبة.. تلك هى مشاعرى عندما علمت برحيل صديق العمر محمد عمر الذى اختطفه الموت فى لحظات مريرة. لا أصدق أننى عندما أدخل إلى أخبار اليوم وأنادى عليه: يا عمر فلا يرد.. لقد رحل مدير التحرير والكاتب الساخر والمحرر البرلمانى الأول والأشطر فى مصر..

رحل صاحب النكتة والضحكة الصافية التى يوزعها على كل الزملاء وسط جو من المرح. رحل بلا أى مقدمات اللهم إبلاغى يوم الجمعة قبل الماضية وقبل رحيله بــ 48 ساعة بأنه يشعر بآلام بسيطة فى صدره وأنه سوف يجرى بعد يومين عملية استكشافية فى الشرايين واحتمال تركيب دعامات، طمأنته بأنها عملية بسيطة وانصرفت إلى منزلى ليبقى هو بالجريدة لإعداد الطبعتين الثانية والثالثة، وكانت آخر مكالمة تليفونية معه فى الحادية عشرة مساء نفس اليوم لإبلاغه بفوز الزمالك على فريق فاركو واقترحت عليه عنوانا للصفحة الأولى يقول إن الدورى على أبواب ميت عقبة ونحن نشعر بلحظات سعادة كانت الأخيرة..

رحل محمد عمر دون مشاركتى الاحتفال بحصول الزمالك ــ الذى نشجعه معا ــ على بطولة الدورى العام.

ياعمر.. لقد ترك فراقك غصة فى قلبى وسيبقى مكانك شاغرا، كنت أعز الناس إلى قلبى، لقد ترك فراقك ألما لا ينسى، سوف أسأل عنك كل يوم جمعة بأخبار اليوم.. أسأل عنك فى مكتب الأستاذ عمرو الخياط رئيس التحرير وفى مكتب الأستاذ مجدى حجازى حيث كنت تتواجد هناك لمتابعة إعداد الصفحة الأولى وأسال عنك الزملاء هشام عطية  ومحمد سعيد وأحمد ممدوح، وسوف أذهب إلى نادى الشمس لعلى أجدك تنتظرنى فى المكان الذى كنا نجلس فيه معا، لن أترك مكانا دون البحث عنك لعل ما عشته يوم الأحد الماضى كان كابوسا مزعجا..

أعلم أننى لن أجدك وساعتها لن أفعل غير البكاء، لذا سوف أعيش على ذكراك مؤمنا بحكمة تقول: «ما قيمة هذه الدنيا الفانية ذات المظهر الخداع فى مقابل العذاب الأبدى».