عبلة الرويني تكتب: المطبخ «١»

عبلة الرويني
عبلة الرويني

عندما صفقت «نورا» الباب وراءها، مغادرة بيت الزوجية، فى مسرحية (بيت الدمية) للكاتب النرويجى ابسن.. كان خروجها المدوى، ثورة فى النظرة إلى المرأة، لم تهز فقط جدران بيتها المسرحى، بل هزت قيما اجتماعية فى أوروبا القرن ١٩... تلك اللحظة الكاشفة، لحظة التمرد والخروج.. الوعى بالذات وتحريرها.... ربما هى نفس اللحظة التى أمسك بها الكاتب الشاب محمد عادل فى مسرحيته (المطبخ) والتى قام أيضا بإخراجها لفرفته المستقلة (حصدت ٥ جوائز بالمهرجان القومى للمسرح).

الزوجة (لبنى المنسى) ميراث من القهر والضعف والخضوع واليأس.. لا تفعل شيئا، سوى الذهاب إلى المطبخ لطهو طعام لا تحبه، ولا تأكله.. حياة ميتة، عاجزة يائسة حد المهانة، التى تدفع زوجها (أحمد شكرى) إلى اصطحاب فتاة ليل (ليلة مجدى) معه إلى البيت، دون أن يشغلها الأمر أو يفضلها!! ورغم أن العرض يقدم قهر الزوج من خلال رؤيته للزوجة كجسد لا كأنسانة.. لكن القهر الأكبر الذى توضحه المسرحية بصورة أكبر هو قهر المرأة لنفسها.. قبولها بالعجز والضعف والخضوع والموت البطيء... ولعل فتاة الليل التى تعاطفت مع الزوجة ونشأت بينهما صداقة وحوار، أضاء لها الكثير من حياتها.. لتنتهى المسرحية بقرار الزوجة الحاسم بمغادرة البيت والخروج..   

قوة نص محمد عادل فى تقنية الكتابة نفسها.. لغته الدرامية المكثفة والعذبة، منحت العرض إيقاعا حيويا وعميقا... وإن كان مشهد النهاية (خروج  الزوجة من البيت) وهو جوهر الدراما، لم يكن بالقوة الحاسمة ولا باللحظة المدوية.. ولعله خطأ المخرج محمد عادل (رغم أنه المؤلف).. كان عليه إنهاء العرض بلحظة الخروج، دون حاجة لمشهد عودة الزوج للبيت، واكتشاف خروج الزوجة!!

مسرحية (المطبخ) إنتاج مستقل لمجموعة من الشباب، يصعدون للمرة الأولى إلى خشبة المسرح... ولا يعنى ذلك أننا أمام إنتاج فقير، بقدر ما يعنى إنتاجا شديد الغنى بطموح وحب وشغف أبطاله بالمسرح.... ولتلك مساحة أخرى تستحق الإشادة.