نمر سعدى يكتب : ثلاث قصائد من فلسطين

فلسطين
فلسطين

شرفةٌ‭ ‬للقصيدة

هذهِ‭ ‬شرفةٌ‭ ‬للقصيدةِ‭ ‬أم‭ ‬فسحةٌ‭ ‬للخواءْ؟

زقاقُ‭ ‬العناقِ‭ ‬الضروريِّ‭ ‬أم‭ ‬شاطئٌ‭ ‬قاحلٌ‭ ‬

نتنادى‭ ‬على‭ ‬كلِّ‭ ‬أشباهنا‭ ‬فيهِ‭ ‬

أو‭ ‬نتصادى‭ ‬مع‭ ‬الغرباءْ؟

هنا‭ ‬عابراتُ‭ ‬يمِّسدنَ‭ ‬أشعارهنَّ‭ ‬على‭ ‬رجعِ‭ ‬موجِ‭ ‬الغناءْ‭ ‬

وندامى‭ ‬يمرُّونَ‭ ‬في‭ ‬الريحِ

أو‭ ‬يحرثونَ‭ ‬مدى‭ ‬البحرِ‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬اللا‭ ‬حقيقةِ‭ ‬والما‭ ‬وراءْ

القصيدةُ‭ ‬لن‭ ‬تصلحَ‭ ‬الذكرياتِ‭ ‬وما‭ ‬أفسدَ‭ ‬الدهرُ‭ ‬

من‭ ‬عرباتِ‭ ‬الليالي‭ ‬وأخيلةِ‭ ‬الشعراءْ

القصيدةُ‭ ‬قبضُ‭ ‬هوىً‭ ‬أو‭ ‬هواءْ

أنامُ‭ ‬لأنسى‭.. ‬وأنسى‭ ‬لأكتبَ‭ ‬نثرَ‭ ‬الحنينِ

وشِعراً‭ ‬على‭ ‬الماءِ‭ ‬

أو‭ ‬أتشافى‭ ‬سريعاً‭ ‬من‭ ‬الصيفِ‭ ‬والشوقِ‭ ‬

كيما‭ ‬أغنِّي‭ ‬كجون‭ ‬كيتسَ‭: ‬يا‭ ‬ليتني‭ ‬نجمةٌ‭ ‬في‭ ‬سماءْ

دربُ‭ ‬العطر‭ ‬والليمون

أتذكَّرُ‭ ‬الولدَ‭ ‬الخجولَ‭ ‬

ونسوةً‭ ‬يرقصنَ‭ ‬في‭ ‬بهوِ‭ ‬الخريفِ

ورغبةَ‭ ‬الإيقاعِ،‭ ‬والحنَّاءَ،‭ ‬والقمرَ‭ ‬النحيلَ‭ ‬

أصابعَ‭ ‬الزيتونِ،‭ ‬دربَ‭ ‬العطرِ‭ ‬والليمونِ‭ ‬يفضي

للشموسِ‭ ‬الخضرِ‭ ‬في‭ ‬ليلِ‭ ‬الجليلْ

أتذكَّرُ‭ ‬الأعراسَ‭.. ‬خفقَ‭ ‬الهالِ‭ ‬في‭ ‬كلِّ‭ ‬الجهاتِ‭ ‬الستِّ‭ ‬

‭ ‬والعطرَ‭ ‬الفرنسيَّ‭ ‬الثقيلْ

والريحَ‭ ‬في‭ ‬القمصانِ‭ ‬أو‭ ‬طعمَ‭ ‬الغبارِ‭ ‬

وجلوةَ‭ ‬امرأةِ‭ ‬النهارِ‭ ‬

وبحَّةَ‭ ‬الحادي‭ ‬وماءَ‭ ‬الحزنِ‭ ‬في‭ ‬عينيهِ‭ ‬والوجعَ‭ ‬النبيلْ

أتذكَّرُ‭ ‬العمرَ‭ ‬الجميلْ

ينسابُ‭ ‬من‭ ‬قلبي‭ ‬

ومن‭ ‬عينينِ‭ ‬حالمتينِ‭ ‬في‭ ‬أقصى‭ ‬المرايا‭.. ‬

والحنينَ‭ ‬المستحيلْ

أتذكرُّ‭ ‬الوادي‭.. ‬جراحَ‭ ‬العشبِ‭ ‬والناياتِ

أحلى‭ ‬أغنياتِ‭ ‬القمحِ

رائحةَ‭ ‬الأنوثةِ‭ ‬في‭ ‬هبوبِ‭ ‬الصيفِ

والسهرَ‭ ‬الشتائيَّ‭ ‬الطويلْ

فى‭ ‬شهر‭ ‬آبَ

في‭ ‬شهرِ‭ ‬آبَ‭ ‬يحطُّ‭ ‬عصفورانِ‭ ‬فوقَ‭ ‬يدي‭ ‬فلا‭ ‬أقوى‭ ‬على‭ ‬رفعِ‭ ‬الضبابْ

ماذا‭ ‬سأكتبُ‭ ‬والقصيدةُ‭ ‬من‭ ‬حياةِ‭ ‬الناسِ‭ ‬تهربُ؟

هل‭ ‬سأكذبُ‭ ‬في‭ ‬ابتساماتي‭ ‬على‭ ‬نفسي‭ ‬أنا‭ ‬الرجلُ‭ ‬المضرَّجُ‭ ‬بالعذابْ؟

الناسُ‭ ‬مرضى‭ ‬الوهمِ‭.. ‬والزمنُ‭ ‬انتهازيُّ‭ ‬الإشارةِ‭ ‬والعبارةِ

كيفَ‭ ‬أفلتُ‭ ‬من‭ ‬شراكِ‭ ‬الاستعارةِ؟

أو‭ ‬أزوِّجُ‭ ‬قبلةً‭ ‬لفمٍ‭ ‬وغيماً‭ ‬للترابْ؟

ماتَ‭ ‬الوحيدُ‭ ‬مساءَ‭ ‬يومِ‭ ‬السبتِ‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يجدْ‭ ‬في‭ ‬الأرضِ‭ ‬من‭ ‬أحدٍ‭ ‬ليعثرَ‭ ‬في‭ ‬الصباحِ‭ ‬عليهِ،‭ ‬كانَ‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عينيهِ‭ ‬سربُ‭ ‬كواكبٍ‭ ‬ومجرَّةٌ‭ ‬عمياءُ‭ ‬قاحلةٌ‭ ‬وفي‭ ‬يدهِ‭ ‬كتابْ

ماتَ‭ ‬الوحيدُ‭ ‬وظلَّ‭ ‬أسبوعاً‭ ‬يجوبُ‭ ‬الكونَ‭ ‬أو‭ ‬أبدَ‭ ‬الظلامِ‭ ‬

ولم‭ ‬يجدْ‭ ‬قمراً‭ ‬شفيفَ‭ ‬الماءِ‭ ‬أو‭ ‬شجراً‭ ‬خفيفَ‭ ‬النومِ‭...‬

أغفتْ‭ ‬قطَّةٌ‭ ‬تركيَّةٌ‭ ‬فوقَ‭ ‬البيانو‭ ‬

واستمرَّتْ‭ ‬في‭ ‬الغناءِ‭ ‬حبيبةٌ‭ ‬لحبيبها‭: ‬عضَّتْ‭ ‬أصابعكَ‭ ‬الصغيرةُ‭ ‬كالفراشةِ‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬جسدي‭ ‬وريحِ‭ ‬الليلِ‭ ‬من‭ ‬وردِ‭ ‬الغيابْ

في‭ ‬القلبِ‭ ‬عاصفةٌ‭ ‬من‭ ‬الأحلامِ‭.. ‬تحتَ‭ ‬دمي‭ ‬نوافيرُ‭ ‬انهمارِ‭ ‬الضوءِ‭ ‬فوقَ‭ ‬الظلِّ‭.. ‬لا‭.. ‬لا‭ ‬شيءَ‭ ‬تحتَ‭ ‬الشمسِ‭ ‬يا‭ ‬امرأةً‭ ‬من‭ ‬النعناعِ‭ ‬والحنَّاءِ‭ ‬أينَ‭ ‬اليومَ‭ ‬من‭ ‬عينيكِ‭ ‬أهربُ؟

يا‭ ‬سليلةَ‭ ‬شهرزادَ‭ ‬وعطرِ‭ ‬آبْ

الناسُ‭ ‬غرقى‭ ‬لعنةِ‭ ‬الفيسبوكِ‭ ‬

أو‭ ‬بحثِ‭ ‬النساءِ‭ ‬عن‭ ‬السعادةِ‭ ‬والرجالِ‭ ‬عن‭ ‬السرابْ