حكايات الفن: لماذا كسر مصطفى متولى أنف أحمد راتب؟

مصطفى متولى و أحمد راتب
مصطفى متولى و أحمد راتب

مايسة أحمد

قبل أن نعرف إجابة هذا السؤال، دعونا نعود لسنوات طويلة للوراء لنعرف في الأساس، “كيف استطاع مصطفى متولي اقتحام عالم الفن؟”.. هذا ما نجيب عنه في السطور التالية.. 

 

ولد مصطفى متولي في مدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ عام 1949، وكان ترتيبه الثالث بين 4 أشقاء، وكان والده صاحب محل كبير لتجارة “الميني فاتورة”، وظهر عشق مصطفى للفن مُنذ صغره، وتحديدا أثناء دراسته، حيث ظهرت موهبته في المدرسة، وكان عضواً بفريق التمثيل بمدرسة “الاتحاد الإبتدائية”، ثم في المرحلة الإعدادية والثانوية، وانتقل بعدها إلى القاهرة من أجل الدراسة، فألتحق بمعهد الفنون المسرحية عام 1967، وكان من أبناء دفعته أحمد عبد الوارث وأحمد راتب وعهدي صادق وأحمد ماهر ومنى قطان، واشترك في كثير من الأفلام والمسرحيات وهو مازال طالباً بالمعهد، وأول من عمل معهم المخرج حسن الإمام ونور الشريف وغيرهم، وعمل في مسرح الحكيم بعدة عروض، منها “يا سلام سلم.. الحيطة بتتكلم”، وغيرها، وأدواره في المسرح كانت دور أول وبعضها ثاني، وأشتهر مصطفى بأنه جاد في عمله، حريص على أدائه، فتمكن من إيجاد موقع مميز له في عالم الفن.

 

متولي كان قاسماً مُشتركاً في أكثر من فيلم مع “الزعيم” عادل إمام، حيث توطدت علاقتهما، حتى أصبحت صداقة قوية، وزادت صلابتها مع زواجه بإيمان شقيقة “الزعيم”، والتي أنجب منها 3 أبناء، هم “عمر وعادل وعصام”، وبالتدريج أصبح متولي وإمام كيانًا واحدًا، وقدما العديد من الأعمال السينمائية والمسرحية المختلفة، ومن الأفلام التي شاركا فيها “جزيرة الشيطان، الإرهابي، شمس الزناتي، اللعب مع الكبار، سلام يا صاحبي، عنتر شايل سيفه، بخيت وعديلة، المنسي، حنفي الأبهة، رسالة إلى الوالي، المولد، مُسجل خطر، حتى لا يطير الدخان.. وغيرها”، كما شاركه أيضاً مُعظم مسرحياته منها: “الواد سيد الشغال” و”بودي جارد”.

 

مواقف 

في فترة الثمانينات، وأثناء عرض “الواد سيد الشغال”، قال “الزعيم” أن متولي تعرض لموقف مؤلم جدًا خلال العرض، حيث كان يتواجد في مشهد واحد على السرير بجانب مشيرة إسماعيل، وإذا بهم يفاجئوا أن السرير سقط بهم لعدم تركيبة بصورة جيدة، وأضاف: “من سوء حظ متولي أنه كان هناك مسمارًا في السرير دخل في ظهره، ليصرخ بشدة وحاولنا تهدئته، لكن دون فائدة، مما إضطرنا لغلق الستار لحين حل المشكلة”.

 

ومن المواقف التي لا تنسى لمتولي، أنه أثناء تصوير مشهد في فيلم “بخيت وعديلة”، كان على متولي أن يلكم أحمد راتب ضمن الأحداث، ويبدو أنه اندماج مع الشخصية بشكل زائد، فتسبب بكسر أنف راتب، وتم إيقاف التصوير على الفور - وهذا المشهد لم يُعرض بالفيلم - وتم نقله إلى المستشفى، وكان معه متولي وعادل إمام، الذي طلب إحضار أشهر دكتور تجميل لراتب حتى لا يصاب بأي تشوهات، لأن أي شيء يحدث سيؤثر على عمله.

الأزمة

ولأن إرضاء الجميع غاية صعبة المنال، فقد أعتبر البعض التعاون الفني بين الثنائي متولي وإمام هو تقليل من موهبة الأول، وهو الأمر الذي رد عليه أحمد زكي في لقاء تليفزيوني بتأكيده أن الفن لا يعرف “الواسطة”، وأن الأعمال الفنية التي ظهر فيها متولي مع عادل إمام كانت نتاج لموهبته، باعتباره أحد أبناء المعهد العالي للفنون المسرحية، قائلا: “عادل إمام بيستعين به لأنه نجم وممثل كويس، ومفيش مجاملة في الفن”.

وتعالت الأصوات لفترة ظهوره المتكرر مع إمام يرجع لرابطة القرابة والنسب بينهما، وأن كثرة أعماله ليست بسبب موهبته، وهذا الاتهام الظالم أزعج متولي، مما جعله يشارك في العديد من الأعمال الناجحة بعيداً عن “الزعيم”، وأثبت موهبته فيها، ومنها “حياة الجوهري، أنا وأنت وبابا في المشمش، أحلام العمر، خيوط من دهب، أوبرا عايدة، بكيزة وزغلول، سامحوني مكنش قصدي،  أم كلثوم،  جمهورية زفتى، التوأم، حلم الجنوبي”، ولا يمكن نسيان دوره الأشهر بشخصية “إبراهيم سردينة” في المسلسل الأيقوني “لن أعيش في جلباب أبي”.

ورغم نجاحه في تلك الأعمال، إلا أنه أكد حبه للعمل مع “الزعيم”، مفسرا ذلك بأن العمل مع عادل إمام يوفر له قاعدة جماهيرية مصرية وعربية ضخمة، مؤكدا أن العديد من الفنانين أستفادوا من شهرة ونجومية عادل إمام بعملهم معه. 

الشرير الكوميدي

على الرغم من أن متولي أشتهر بتجسيد شخصية الشرير، إلا أنه أيضا إستطاع إنتزاع ضحكات الجمهور عندما قدم الأعمال الكوميدية بتلقائيته و”خفة دمه”.. كما تميز في عدد من الأعمال التليفزيونية، ومن أشهرها “بكيزة وزغلول، رأفت الهجان، حياة الجوهري، أم كلثوم، لن أعيش في جلباب أبي، خيوط من ذهب، أوبرا عايدة، هارون الرشيد، عمر بن عبد العزيز، سامحوني ماكنش قصدي، علي بابا والأربعين حرامي، البراري والحامول، حلم الجنوبي، السقوط في الهاوية، الثعلب، أنا وأنت وبابا في المشمش.. وغيرها”، حتى بلغ رصيده حوالي 151 عملاً فنياً بين المسرح والسينما والتليفزيون.

الرحيل

بعد انتهائه من عرض مسرحية “بودي جارد” مساء السبت 5 أغسطس عام 2000، تعرض مصطفى لأزمة قلبية مفاجئة، توفى على إثرها، مما أربك حسابات صديقه عادل إمام، وتركت غُصة في قلبه، وكان لابد أن يتخذ قرارا بإستمرار العرض كإلتزام مع الجمهور، وفي اليوم التالي عرض المسرحية وتمت الإستعانة بالفنان محمد أبو داوود بديلًا عنه، لكن العشرة الطويلة كان لها رأي آخر، فقبل غلق الستار بكى “الزعيم” بحرقة، في وداع صديق العمر، وأعلنت حالة الحداد بين أسرة المسرحية بعدها، وتوقف العروض بناءً على قرار “الزعيم”.

بعد الرحيل

رغم مرور أكثر من 20 عاما على رحيل مصطفى متولي، إلا أن أدواره مازالت عالقة في أذهان وقلوب الجمهور، حتى أنه بين الحين والآخر يتداول رواد السوشيال ميديا العديد من مشاهده في السينما والدراما بما يتناسب مع مواقف كثيرة في حياتنا كأفيهات من خلال “الكوميكس”.

ومؤخرا نشر عمر إبن الفنان الراحل صورة تجمعه في طفولته مع والده بكواليس أحد المسلسلات التاريخية، وعلق عليها قائلا: “كان عاجبني أوي طريقة اللبس والمكياج بتاعت المسلسلات التاريخية، وفي يوم وأنا في التصوير مع أبويا – الله يرحمه - المساعد بتاعه قالي تعالي هخليك تلبس زي بابا، وعملت كده وكانت مفاجأة له بمنظري ده، فوقع من الضحك وخلاهم يصورونا مع بعض أكننا في مشهد بجد، وأتصورت صور حلوة اليوم ده مازلت أحتفظ بها”.