في فرنسا.. هجوم على مركز للشرطة بقذائف الهاون

هجوم على مركز للشرطة في فرنسا
هجوم على مركز للشرطة في فرنسا

مي السيد

 تحقق الشرطة الفرنسية فى هجوم يعد الأول من نوعه، حيث استهدف عددًا من الملثمين قسم شرطة فى ضواحى باريس بقذائف الهاون والمولوتوف، فى واقعة لم تشهدها فرنسا من قبل، وهو ما جعل السلطات الأمنية تعلن حالة الاستنفار القصوى، وقالت الشرطة إنها تمكنت من اعتقال 3 أشخاص على خلفية الهجوم الدامى.

طبقًا للتحقيقات الأولية؛ فقد شن عشرون شخصًا يرتدون أقنعة وملابس سوداء هجومًا على مركز الشرطة بمنطقة «فيترى سور سين» بباريس، وألقوا زجاجات المولوتوف لمدة تقرب من الساعة فجرًا، فى عملية مباغتة لم يكن يستعد لها الضباط المناوبون المتواجدون داخل مركز الشرطة.

وأفادت التحقيقات حول الحادث أن الضباط المتواجدين بقسم الشرطة حاولوا القيام بحملة اعتقالات واسعة ضد المهاجمين، إلا أنهم فوجئوا بوابل من قذائف الهاون تنهال عليهم، إحداها قامت بتفجير سيارة تابعة لفرقة مكافحة الجريمة، حيث امتدت عملية مهاجمة مركز الشرطة لما يقرب من  3 ساعات بحسب تقديرات الشرطة.

المعلومات الأولية حول الحادث أشارت إلى أن الهجوم تم التنسيق والتحضير له بعناية، كما إن قذائف الهاون التى تم استخدامها محلية الصنع، وذلك عقب عثور الأجهزة الأمنية على جهاز إطلاق قذائف فرنسية الصنع فى مكان الحادث، حيث أثار ذلك الهجوم حالة من الجدل فى الشارع الفرنسى كونه الأول من نوعه، فلم تشهد الأجهزة الأمنية أى هجوم مماثل بهذه الجرأة من قبل، وكانت أكثر ما يمكن أن يحدث هو قذف الحجارة على الشرطة والسيارات التابعة لها خلال المظاهرات فقط.

من جانبه عبر وزير الداخلية الفرنسى جيرالد دارمارنين، عن دعمه الكامل لقوات الشرطة ببلاده وقال فى تصريحات له؛ «إن ضباط الشرطة يقومون بعمل صعب، مؤكدًا بأن هؤلاء الرجال الصغار «منفذى الهجوم»  لا يثيرون إعجاب أى شخص، ولن يردعوا عمل الشرطة فى مكافحة تجارة المخدرات فى البلاد.

وحول ذلك أكد مجيد بودن المحلل السياسى ورئيس جمعية القانونيين الدوليين بباريس؛ أن هذا الاعتداء بهذه الطريقة الممنهجة والمنظمة وباستخدام قنابل الهاون والمولوتوف على قسم الشرطة يعتبر انتقالا فى طبيعة هذه الأعمال الإجرامية والإرهابية وهو شيء جديد يزعج المجتمع الفرنسى.

وأوضح بودن؛ أن كل المواطنين عبروا عن رفضهم لتلك الأعمال مطالبين بالتصدى لها بكل قوة، لأنه لو استمرت لتغيرت الموازيين فى فرنسا والأمن الفرنسى والشرطة الفرنسية لن يسمحان بذلك، بل المجتمع الفرنسى بكامله لن يسمح بذلك، لافتًا أن هذا التغيير وهذا الانتقال فى طبيعة هذا العمل يعطى دلائل على أن الذين قاموا بذلك هم فى وضع الحصار ويريدون ردة فعل قوية لكى يخف الضغط عليهم.

وتابع المحلل السياسى الفرنسي، «الاستنتاجات الأولية من التحريات تشير إلى أن الحادث كان بمثابة ردة فعل من الشبكات والمنظمات الإجرامية، على حصار الأجهزة الأمنية لهم والتى تحاول كسر شوكة تلك الشبكات الإجرامية، التى تتعامل بالمخدرات وتوزيعها والتجارة فيها، والفترة الماضية كانت هناك ضربات متتالية ضد هذه المجموعات.

ولفت المحلل السياسى إلى أن هذه المجموعات الإجرامية لها ارتباطات بالفاسدين سياسيًا وماليًا، وخاصة فى بعض مناطق فرنسا وكذلك فى الخارج، مع تيارات إرهابية وهناك تداخل فى المصالح بينهم، وهذه العصابات التى تتعامل بالمخدرات هى اساس الجريمة المنظمة، ويستخدمهم المتطرفون أحيانًا لتمويل وغسل أموالهم .

وعن التحقيقات الجارية أكد رئيس جمعية القانونيين دوليين بباريس؛ أنه إلى الآن ثبت أن هناك جهات من الجريمة المنظمة قامت بردة الفعل هذه لأن الضربات الأخيرة كانت كبيرة جدا ضدها وأرادت أن تقوم بذلك لتبث الرعب والخوف فى صفوف رجال الشرطة، وهذا يذكرنا بما حدث فى إيطاليا خلال عدة سنوات سابقة والآن التحقيقات تجرى لكى تثبت هل ما حدث له علاقة بالتطرف السياسى واليمين أم الإرهاب أم مجرد توابع للعمليات الأمنية ضد الشبكات الإجرامية، ولكن المؤكد هو أن هذه الهجمات دليل على ضعف تلك المنظمات الإجرامية.

بدورها وصفت فابيولا بدوى المحللة السياسية والصحفية المقيمة بباريس تلك الواقعة؛ بأنها نادرة الحدوث فى فرنسا على وجه العموم، لافتًا أن هناك عددًا ن  الجماعات التى يمكن أن تكون وراء هذا الحدث مثل جماعة البلاك بلوك أو جماعة les casseursالفرنسية، وهي تعني الكاسرون وهي جماعة سياسية تنتمى إلى اليسار الراديكالي واليمين المتطرف.

وفي الوقت ذاته أكدت فابيولا أن تلك الجماعات أهدافها سياسية بحتة وأقصى ما يمكن أن تفعله خلال تعبيرهم عن غضبهم هو الخروج للشوارع في مظاهرات، وعادة ما يقومون بتكسير محطات الأتوبيس والسيارات وواجهات البنوك، وكل ما يرمز للرأسمالية، ويكون هناك عمليات كر وفر بينهم وبين الشرطة ليس أكثر من ذلك،وأشارت فابيولا أن تلك الهجمة جعلت هناك العديد من التساؤلات حول الهدف منها، فهل كانوا يستهدفون الحصول على السلاح المتواجد فى القسم؟، هل هى عملية انتقامية لها أبعاد إرهابية؟، وأيضا هل هى مجرد عملية إجرامية للسطو على الضباط وأخذ الأسلحة وبيعها؟، أم أنها عملية انتقامية، ردًا على المداهمات الأمنية؟، مؤكدة أن نتائج التحقيقات ستكشف عن مفاجآت فى هذه القضية الغريبة من نوعها على المجتمع الفرنسي.