الجفاف يضرب أنهار أوروبا و البدء في الإنهيار الإقتصادي| صور

أرض نهر سانت لورانس الذي جف
أرض نهر سانت لورانس الذي جف

تعيش أوروبا هذا الصيف أسوء فتراتها حيث أنها تواجه أسوأ موجة جفاف تشهدها أوروبا منذ عقود في تقلص المياة الأنهار الرئيسية في القارة.

ويخضع ما يقرب من نصف أراضي الاتحاد الأوروبي حاليًا لحالة جفاف قصوى وهي الأشد، مما يعيق الزراعة وإنتاج الطاقة وإمدادات المياه، بحسب ما أكدت المفوضية الأوروبية. 

فمن توزيع المعونات المائية في فرنسا ونفوق الأسماك في صربيا في الشرق، إلى تبخر مياه نهر في ألمانيا وتلاشي أشجار الزيتون في إسبانيا وإيطاليا، يعاني جزء كبير من الإقليم مما سيكون أسوأ جفاف تشهده القارة الأوروبية منذ 500 عام.  

وبحسب "مونت كارلو"، فقد تعرضت حوالي 47٪ من أراضي الكتلة لظروف جفاف "تحذيرية"، وهي ثاني أشد فئات الجفاف، خلال الأيام العشرة التي سبقت 30 يوليو 2022 وأكدتها البيانات الجديدة الصادرة عن مرصد الجفاف الأوروبي التابع للمفوضية الأوروبية (EDO) مساء أول أمس الثلاثاء. 

والأمر الأكثر إثارة للقلق، هو أنّ 17٪ من الأراضي وصلت إلى حالة "التأهب" الأشد، ارتفاعًا من 15٪، وهذا لا يعني فقط جفاف التربة بعد قلة الأمطار، ولكن النباتات والمحاصيل تعاني أيضًا.

وأدى الجفاف المستمر الذي يؤثر على معظم أوروبا إلى انخفاض مستويات وتبخر بعض الأنهار مثل:

«نهر الراين» ... «ألمانيا وهولندا وسويسرا»

 يعتبر هذا النهر أحد أهم أعمدة الاقتصاد في ألمانيا وهولندا وسويسرا لعدة قرون، أصابه الجفاف بقوة، مما يعيق حركة نقل البضاع من خلاله حاليًا.

وأفادت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية بانخفاض مستوى نهر الراين الذي ينقل 80% من الشحنات في ألمانيا إلى مستويات خطيرة لدرجة قد تهدد إبحار المراكب ما ينعكس على الإمدادات الحيوية للبلاد.

وفي عام 2018، عندما عانت أوروبا من آخر موجة جفاف كبيرة، تم إغلاق نهر الراين أمام سفن الشحن لمدة 132 يوما، مما أدى تقريبا إلى حدوث ركود في ألمانيا.

أدي انخفاض منسوب المياه إلى مما منع السفن الكبيرة ذات الأحمال الثقيلة من عبور نقاط مرور رئيسية وإجبار شركات الشحن على استخدام سفن أصغر.

وبلغ منسوب المياه عند نقطة ضيقة، والتي تقع بالقرب من بلدة كاوب على نهر الراين الأوسط، 37 سم بعد ظهر السبت. حال ذلك دون مرور السفن الكبيرة والثقيلة المرور التي لا تتمكن من العبور إذا انخفض المستوى عن 40 سم.

وعلى الرغم من أن عمق ممر الشحن في كاوب لا يزال حوالي 150 سم، يرى الخبراء أن المرور سيصبح صعبا حتى بالنسبة لسفن الشحن الخفيفة أو المعدلة خصيصا إذا انخفض منسوب المياه عن 35 سم. ولا يمكن لسفن الشحن المرور إذا قلت القراءة عن 30 سم.


«نهر البو» ...«إيطاليا»



حالة من الفزع تجتاح إيطاليا بسبب جفاف أهم أنهارها وهو نهر "بو" الذى تراجعت مياهه إلى مستوى منخفض للغاية، وتخشى السلطات أنه سيكون هناك نقصا خطيرا فى مياه الشرب والرى فى شمال إيطاليا، ما لم تكن هناك أمطار قريبا، حسبما قالت صحيفة "الجورنال" الإيطالية.

ويمتد نهر بو 652 كيلومترًا (405 ميلاً) عبر شمال إيطالي.

وإن المياه في نهر بو الإيطالي الذي ضربه الجفاف انحسرت لدرجة الكشف عن قنبلة من الحرب العالمية الثانية ظلت مغمورة تحت الماء.

«نهر الدانوب»


انخفض منسوب مياه نهر الدانوب بالقرب من بودابست بمقدار 1.5 متر في الأسابيع الثلاثة الماضية، ولا يُتوقع هطول أمطار في أي وقت قريب.

ويمكن أن يتسبب تسخين النهر في انخفاض الأكسجين إلى ما بعد المستويات الصالحة للعيش بالنسبة للأسماك.

الذي يشق طريقه عبر مساحة 1800 ميل بين وسط أوروبا والبحر الأسود، يجف هو الآخر، مما يعيق حركة تجارة الحبوب وغيرها.


«منابع نهر التايمز»

بلغ معدل جفاف منبع نهر التايمز أعلى مستوياته على الإطلاق في اتجاه مجرى النهر، إذ يبدو أن إنجلترا تتجه صوب موجة جفاف.

هذا الجفاف لم تشهده البلاد منذ أكثر من 85 عاماً.

ويمتد نهر التيمز بطول 356 كيلومتراً عبر جنوب إنجلترا، من غلوسترشير في الغرب عبر قلب لندن، قبل أن يصبّ في البحر في إسكس إلى الشرق.

ويجفّ الينبوع الطبيعي الذي يغذّي النهر أو منبعه في معظم فصول الصيف. لكن هذا العام، وصل الجفاف إلى مجرى النهر بشكل أكبر مما كان عليه في السنوات السابقة، وفقاً لملاحظات خبراء الحفاظ على البيئة.

«نهر سانت لورانس» .... «فرنسا»



مع موجة حارة مبكرة في يونيو وشهر مايو حار وجاف بشكل غير عادي، وصل قاع الامر لمشاهدة قاع نهر سانت لورانس مستويات المياه منخفضة للغاية بحيث يمكن عبور النهر سيرًا على الأقدام في أماكن معينة.

ويعاني ثلثا فرنسا من أزمة جفاف. وتسببت أربع موجات حر في الآونة الأخيرة في حرائق الغابات لأسابيع وحولت نهر سانت لورانس العظيم إلى مجرى مائي في بعض الامتدادات.

«النقل عن طريق الأنهار»

للانهار والقنوات المائية أهمية كبيرة للاقتصاد الأوروبي، إذ تساهم حركة النقل النهري بنحو 80 مليار دولار في اقتصاد منطقة اليورو، بحسب بيانات هيئة "يوروستات"، وهو مبلغ قد تفقده ميزانية دول الاتحاد الأوروبي إذا ما توقفت حركة النقل عبر الأنهار والقنوات المائية بالمنطقة.

وتشير التوقعات، والتي تفترض استمرار الظروف السيئة، إلى أن اقتصاد منطقة اليورو قد يفقد نحو 5 مليارات دولار بسبب الأضرار التي تمنع حركة التجارة عبر نهر الراين حاليًا، وفقًا للاقتصادي المتخصص بقطاع النقل في بنك "إيه بي إن"، جان سوارت.

وقال سوارت إن قدرة الدول الأوروبية على استخدام النقل النهري أصبحت محدودة بشكل كبير، خاصة في ظل قلة الأمطار، ما يتسبب في زيادة تكلفة بدائل النقل الأخرى بشكل كبير.

ففي يوم واحد، ارتفعت أسعار الشحن بنحو 30 بالمئة، بحسب سوارت.

ومن جهة أخرى، قد يبدو أن معاناة ألمانيا من أزمة نقص الغاز قد تتضاعف، إذ أن صعوبة النقل النهري قد تعيق حركة نقل الفحم إلى ألمانيا، ما قد يهدد خطة الحكومة الألمانية لإعادة تشغيل محطات توليد الكهرباء باستخدام الفحم.

وتقف فرنسا، وهي الدولة المصدرة للكهرباء، عاجزة عن سد النقص المحتمل للكهرباء للدول الأوروبية، فنحو نصف مفاعلاتها النووية متوقفة لأعمال الصيانة، كما أن النرويج تقلل من تصدير الكهرباء حاليا بسبب اتجاهها لتوفير استهلاك الغاز، وملء احتياطياتها منه.

هذا ومن جانبها قد أكدت المفوضية الأوروبية أن معظم دول أوروبا تتعرض لموجة جفاف هي الأسوأ منذ القرن السادس عشر مما يؤثر على إنتاج الغذاء، والطاقة  وأن هذا هو العام الأسوأ من 500 عام .

وقال أندريا توريتي، كبير الباحثين في مجلس البحوث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية: "في الوقت الحالي، يبدو أن هذا هو العام الأسوأ منذ 500 عام، وهو حتى أسوأ مما كان عليه في عام 2018"، مبينا أن "عام 2018 كان شديد الحرارة لدرجة أنه بالنظر إلى القائمة الخاصة بالأعوام الـ500 الماضية، لم تكن هناك أحداث أخرى مماثلة، نظرا لتفاقم الطقس الحار والجاف منذ أربع سنوات".

وأوضح أنه "في ذلك العام ، ترك الطقس الجاف والحار بشكل خاص وسط وشمال أوروبا مع انخفاض غلة المحاصيل الرئيسية بنسبة تصل إلى 50٪، لكن الظروف الرطبة في جنوب أوروبا شهدت ارتفاعا في المحاصيل"، مضيفا: "أما هذا العام، فعلى العكس من ذلك، معظم أوروبا معرضة لموجات الحر والطقس الجاف، حيث يؤثر الجفاف على إنتاج الغذاء والطاقة ومياه الشرب والحياة البرية".

وأظهرت أحدث البيانات من المرصد الأوروبي للجفاف (EDO) أن حوالي 45٪ من أراضي الكتلة الأوروبية تحت ظروف "تحذير"، وهي الثانية من فئات الجفاف الثلاث، خلال الأيام العشرة التي سبقت 20 يوليو.

أعلن مرصد الجفاف العالمي «جيه آر سي» أن معظم أنحاء أوروبا يشهد ظروفا أكثر جفافا من المعدل الطبيعي هذا العام، ولكن نهر «بو» شمالي إيطاليا هو الأكثر تضررا، وتواجه إيطاليا أسوأ موجة جفاف منذ 70 عاما، وذلك بعدما سجلت مياه نهر «بو»، وهو الأطول في البلاد، أدنى مستوى لها على الإطلاق خلال هذه الفترة.

وزادت المخاطر على المحاصيل الزراعية بدخول مياه البحر الأدرياتيكي باتجاه دلتا نهر «بو» لمسافة 10 كيلومترات على الأقل، ما يزيد من خطر تسرب المياه المالحة إلى مياه الشرب والزراعة، ومن ثم بدأت مدن شمال إيطاليا ترشد استخدام المياه، وتخصص شاحنات للإمداد بها.

وذكرت صحيفة (ذا جارديان) البريطانية أنه بعد شتاء جاف، كانت موجات الحر الصيفية التي ضربت أوروبا كارثية على الأنهار الجليدية في جبال الألب، التي كانت تذوب بمعدل متسارع.