يوميات الأخبار

آخر الزمان

سارة الذهبى
سارة الذهبى

الانفتاح بقى بزيادة والفجوة بين جيلنا وجيل ولادنا كل يوم بتوسع ومش بنلحق نجاريها!.. المعلومات اللى بتوصلهم سواء صح أو غلط مش بنقدر نتحكم فيها بشكل كافى !

كل يوم أشفق على نفسى وعلى كل الأهالى اللى عندها عيال فى الزمن ده.. كل يوم بخاف من بُكرة أكتر من اليوم اللى قبله وبحس ان حِمل التربية بيقطم ضهرى وضهر كل الأهالى اللى فعلاً فارقلهم عيالهم!

قلبى اتوجع وانا بتابع قضية قتل جديدة لشابة مجتهدة ولم يختلف اثنان على أخلاقها، ضحية جديدة من ضحايا التفكك الأسرى وغياب التربية وانعدام الدين..
ضحية جديدة لنوع جديد من الجرائم دخيل على مجتمعنا!

ضحية جديدة من ضحايا الشباب الغير سوى اللى انتشروا بينا زى السرطان بالظبط.. فى هدوء وبدون سابق انذار ومحدش عارف يفرمله ولا يوقفه !
ضحية جديدة من ضحايا الأهالى اللى ما يعرفوش ولادهم بيعملوا ايه ولا بيفكروا فى ايه.. منفصلين عنهم وبيتفاجأوا بشخصياتهم زيهم زى الغريب! أو عارفين هما بيعملوا ايه وساكتين عشان مكبرين دماغهم ومش فايقينلهم!

لحقت الطالبة سلمى بهجت الله يرحمها برفيقتها نيرة أشرف رحمة الله عليها بسبب رفضهم للشابين اللى سبق واتقدموا لخطبتهم وتم رفضهم من الأهل.. مش هندخل فى تفاصيل القضيتين لأنهم تحت نظر القضاء المصرى وان شاء الله الحكم يثلج صدورنا جميعًا ويجيبلنا حقهم.. ولكن أما آن الأوان اننا نفوق من غفلتنا عشان نعرف ايه السبب فى اللى وصلنا له؟؟

مآنش الأوان نفهم ايه اللى جدّ جديد فى مجتمعنا وخللى الشباب متوحش وهمجى ومتجرد من الانسانية ومتعطش للجريمة ومش ندمان على قتل نفس بغير ذنب؟ وهل كل بنت هترفض اللى اتقدملها هتنطعن حتى الموت وتندبح؟؟

تساؤلات كتير بتدور فى أذهان كل المصريين وخصوصًا الأهالى اللى مرعوبين على بناتهم وخايفين يتصدموا فى ولادهم ويتفاجأوا انهم كانوا مربيين وحوش فى بيوتهم وهما مش دريانين.. خلينا نناقش القضية بشكل عام بعيدًا عن أى شخصنة.. دور الأسرة هو العامل الأساسى والجذرى وراء تنشئة جيل سوى أو جيل شاذ فى الفكر والسلوك والاعتقادات.. فى خلل كبير فى تربية الأجيال الجديدة..

والخلل ده متشعب الأسباب، وخلينا نبدأ بأهمها هو ان قليلا من الأهالى اللى لسه بيزرع فى ولاده الدين.. ولسه بيفهمهم بالراحة الحلال والحرام من غير تنفير ولا ترهيب ولا ضغط.. قليل مننا بيقعد مع ولاده يتكلم معاهم عن فتن العصر وازاى نحمى نفسنا من كل الأفكار الشاذة اللى بتتسرسب من شاشات الموبايل!.. المعظم مهتم بالدراسة والمظاهر والتمارين واللى لسه بيتكلم فى الحلال والحرام بيتحكم عليه أحيانًا انه مُتزمت ودقّة قديمة!

ده غير حجم التفكك الأسرى الذى لا يخفى على أحد فى زمننا ده.. وانهيار بيوت كتير من أول سنة جواز ! تفكك بسيناريوهات كتير.. وتحت مسميات اجتماعية عديدة!

أول سيناريو منهم أم وأب متجوزين فقط على الورق والتفاهم بينهم معدوم والحياة بينهم مستحيلة وعايشين مع بعض عشان الولاد بس كل واحد فيهم عايش فى وادى ولا يعرف حاجة عن ولاده .. مشغولين بالخناق والمشاكل ومش فارقلهم عيالهم فين والا مع مين والا بيفكروا ازاى والا مين صحابهم! مش فارقلهم مصلحة ولادهم قد ما فارقلهم رمى التُهم على بعض ومين اللى يقلب الترابيزة على التانى عشان يطلعه هو الطرف المُقصر !!

سيناريو تانى منتشر أكتر هو الطلاق..

الطلاق غير القائم على الاحترام.. اتنين سابوا بعض وكرهوا بعض وكرّهوا عيالهم فى عيشتهم من كتر التشتت والشحططة بين الأم والأب.. سيناريو انعدمت فيه القدوة.. مفيش صورة الأب اللى الابن المفروض يحبها ويبقى نفسه يقلدها ويبقى شبهها لما يكبر وانعدام لقدوة الأم الحنونة الطيبة اللى ولادها عندها بالدنيا وقريبة منهم وهى مستودع أسرارهم.

وفى سيناريو ألعن لأن الأهل فيه مبيحسوش بحجم المشكلة الا لما بتحصل لأنهم مُنفصلين تمامًا عن ولادهم رغم انهم هما الاتنين موجودين.. أهل بيقتصر دورهم تجاه ولادهم على الصرف وبس.. مدخلين ولادهم أحسن مدارس.. مشتركينلهم فى أحسن نادي.. بيلبسوهم أغلى لبس بس غير كده متلاقيش.. لا تلاقى بيت ولا تواصل مع الأولاد ولا حد بيسأل التانى انت فين.. ولا بتعمل ايه ! كل واحد داير فى ساقيته.. فى بيوت كتير دور الأب فيها كريديت كارد.. الأب مجرد زائر بييجى ينام آخر اليوم ويخرج من الصبح على شغله… أنا مُقدرة تمامًا قد ايه متطلبات الحياة غالية وقد ايه الدنيا بقت صعبة بس احساسك ايه لما تبقى عمّال تحوش فلوس لعيالك وتكتشف ان ابنك ده متعرفش عنه ولا حاجة زيك زى الغريب.. وتكتشف ان مكنش ليك أى دور فى تربيته نهائى ؟؟

فى آباء كتير طافحة الدم فى شغلها بس عندهم بيتهم وعيالهم رقم واحد.. أب ليه وجود وكيان وهيبة فى البيت.. بيعرف دبة النملة مهما كان مشغول ومطحون فى شغله..

هو كبير البيت والولاد فاهمين معنى الكلمة دى كويس.. بيحترموه فى غيابه وحضوره وبيخافوا من زعله حتى لو بيشوفوه فى اليوم ساعتين.. اللى أهالى كتير مش قادرة تفهمه ان العِبرة فى الكيف مش الكم..

وزى ما فى بيوت الأب فيها مجرد زائر، فى بيوت الأم فيها ضيفة شرف ! آخر حاجة تشغل بالها الولاد! والموضوع ملوش علاقة لا بأم عاملة ولا أم متفرغة لعيالها! الرك على فكر الأم نفسها واهتمامها بولادها اللى نابع من جواها مهما كانت مضغوطة..يعنى فى أمهات صبح وليل مش بتفارق ولادها بس معلوماتهم عنهم صفر وفى أمهات بتشتغل بس قريبة جدًا من ولادها وتعرف عنهم الصغيرة قبل الكبيرة…مفيش مقياس! و فى مشكلة خطيرة بتضييع العيال فى النص.. لما يبقى الأب والأم منفصلين وكل واحد بيدارى أى مشكلة عن التانى عشان ما يشمتش فيه.

افتكر مرة فى شاب بعتلى ايميل بيقولى ان أمه منفصلة عن والده وأبوه مسافر بيشتغل بره واكتشفت بالصدفة انه مُدمن مع انه كان واضح زى الشمس انه بيتعاطى بس هى مش مركزة معاه خالص، ولما عرفت ما عملتش أى حاجة عشان خايفة ابوه يعرف فا يديها كلمتين ويسم بدنها..

والشاب ده ضاعت سنين كتير من عمره لحد ما واحد قريبه انتشله من اللى هو فيه واتعافى!!!

ما تستغربوش بقى لما شاب يطلع غير سوى ولما واحدة ترفضه يهددها ويدبحها والا يطعنها ١٧ طعنة ويتلذذ وهو بيقتلها!! ما تستغربوش لما ولادكم ما يعرفوش دينهم ولا يعرفوا حدود العلاقة بين الولد والبنت المفروض تكون ايه وازاي؟ ما تستغربوش لما تكتشفوا ان بنتكم كانت على علاقة بشاب أو ان ابنكم كان بيزنى أو بيشرب مخدرات وانتوا معندكوش خبر !!

الزمن ده صعب.. والأصعب فيه ان الحلال اختلط بالحرام.. مع ان الحلال بيّن والحرام بيّن..

الصعب ان الزمن ده كل حاجة فيه متاحة ومباحة وسهل الوصول ليها! مفيش حد بقى بيعرف يسيطر على اللى ولاده ممكن يشوفوه أو يسمعوه! حتى الأطفال بقى الموبايل اللى فيه شريحة الانترنت معاه ومش بيفارقه صبح وليل !

الانفتاح بقى بزيادة والفجوة بين جيلنا وجيل ولادنا كل يوم بتوسع ومش بنلحق نجاريها! المعلومات اللى بتوصلهم سواء صح أو غلط مش بنقدر نتحكم فيها بشكل كافى !

سألت مرة مُحفظة القرآن ازاى أحمى ولادى فى الزمن ده.. قالتلى ربيهم على الحرام والحلال.. علميهم دينهم… فهميهم القرآن بيقول ايه.. خلى فى بينك وبينهم مساحة انهم يحكولك.. اسمعيهم حتى لو الكلام مش عاجبك وغلط عشان انتِ اللى تصححيلهم الغلط وتوجههيهم مش حد تاني.. عشان يتعودوا ييجوا يحكولك من غير ما يخافوا منك أو من أبوهم.. الحل الأمثل فى الزمن ده انك تصاحب ولادك… حاول تجاريهم فى كلامهم وتعرف لغتهم حتى لو مش عجباك.

والبنات بالذات فى أهالى كتير مش بتعرف عنهم حاجة مع ان فى الزمن ده فى بنات تصرفاتهم تشّيب بالذات فى وجود التطبيقات اللى جرأت البنات زى التيك توك!

فى ستات تبعتلى تقولى اكتشفنا ان بنتنا بترقص على التيك توك رقص خليع وعاملة حاجات نتكسف نشوفها وآلاف بيتابعوها واكتشفنا ده بالصدفة!
مينفعش نكتشف بالصدفة واحنا تحت سقف واحد..

مينفعش نكتشف بالصدفة والفاصل بينا وبينهم حيطة!

مينفعش نبقى مش دريانين بولادنا وهما قاعدين معانا على نفس ترابيزة السفرة!

الحل مش المراقبة ولا الشك ولا تضييق الخناق!! الحل هو اننا نعلمهم الدين والحلال والحرام والصح والغلط ونتحاور معاهم ونبقى صحابهم ونستودعهم الله.. ندعيلهم فى كل صلاة وفى كل سجدة..

الشخص الغير سوى متولدش كده، مش وليد اللحظة مش بيظهر فى يوم وليلة… ده شخص اتربى غلط أو عنده خلل فى شخصيته بس محدش انتبه فحالته ساءت.. شخص شاف قسوة وعنف شديد أو اتربى على دلع مفرط.. شخص أفكاره شاذة وملقاش اللى يصححهاله..

شخص مجنى عليه من أهل وتربية وأصبح الجانى على أرض الواقع.

جانى استحل القتل وسفَك الدماء وتفنن فى الطعن والذبح!

ارجوكم اهتموا بتربية ولادكم..

التربية مش فلوس ونوادى ومدارس وبراندات ..

دورنا كأهالى صعب واللى يحس انه مش تعبان فى تربية ولاده يعرف انه ماشى غلط وان ربنا هيحاسبه على استهانته بالنعمة اللى ربنا وهبهاله..

اعرفوا ولادكم قبل ما تتفاجأوا انكم رغم السنين دى كلها متعرفوش عنهم حاجة!