«قهوة ..بطعم غيابها» مجموعة قصصية جديدة لـ«أسامة السعيد».. براعة الأديب وشياكة الدبلوماسي

الدكتور أسامة السعيد
الدكتور أسامة السعيد

دراسة نقدية : عبدالنبي النديم

استطاع بسهولة أن يسرق منا الوقت متعمدا مع سبق الإبداع والتميز، رحلة شيقة تعيش فيها وأنت تحتسي عدة فنجانين من القهوة بصحبة ممتعة برائعة الدكتور أسامة السعيد الروائي المتميز والكاتب الصحفي المتفرد بأسلوبه، الذي يحمل بين طيات إبداعه فكرا مستنيرا، وفلسفة وحكمة كبار المثقفين، ورشاقة الدبلوماسي، مع تطعيم ابداعاته بالحس السياسي والمواقف الوطنية بمعالجة أدبية تضاف إلى كنوز أدب القصة القصيرة.

يغوص بنا متمكنا من الأسلوب الفني المتميز، والذى يتسم بالسهولة والوضوح، والإيجاز والتركيز، يجول بنا بين قصص مجموعته الرائعة «قهوة .. بطعم غيابها» ، متحررا فى بعض المواطن من قيود الصنعة وبعيدا عن التكلف، يرسم شخوصه في براعة رائعة في لوحات فنية، لشخصيات تعيش بيننا، مستعينا بخزينته الثقافية المتنوعة، متسما بالقدرة في قصصه على تسلسل الأحداث وترابطها، وربطها بالواقع، خاصة القصص التى بها اسقاطات سياسية، الأمر الذى يدل على دقة الملاحظة لدى الدكتور أسامة السعيد، والنزعة الإنسانية والإطلاع ومحاولته وحبه للإصلاح، بما يمتلكه من ثقافة واسعة والتعبير بشجاعة عن الكثير من القضايا الوطنية والسياسية والقومية، متعمقا فيما يعانيه المواطن فى الشرق من قضايا أرقته على مدار العقود الماضية..
وعلى الرغم من تمكن السعيد من أدواته فى السرد، والتحكم في عناصر القصة القصيرة، إلا أن هناك لمسة أدبية، إنحرف بها إلى قالب آخر من القوالب الأدبية، وهو أدب الرحلات، والتى ظهرت جلية فى قصة «ذاكرة الأحزان» وقصة «بط بالبرتقال» وقصة «سوناتا الصمت»، التى زادت من جمال إبداعه، وجمعت بين قالبين من صنوف الأدب القصة القصيرة وأدب الرحلات، وزادت من جمال ولذة «قهوة .. بطعم غيابها»،فبالحصيلة اللغوية والثقافية والوطنية التى يتمتع بها أسامة السعيد، كتب مجموعته القصصية بأسلوب أدبي متفرد، وشياكة وأناقة دبلوماسي متمرس، وحس وطني عال..
واختيار المؤلف عنوان «قهوة .. بطعم غيابها» .. لمجموعته القصصية هى سيميائية جميلة، تثير لدى القارئ شهية البحث عن طعم القهوة، وكعتبة ملكية تؤهلك للدخول إلى رحلة ممتعة، تطوف فيها بين بلدان العالم، وتغوص داخل النفوس البشرية، بأسلوب فلسفي متعمق، وقراءة متأنية واضحة سهلة وبسيطة تعبر عن مكنون الروح والمشاعر الإنسانية، فعنوان المجموعة القصصية من أهم العتبات النصية الموازية المحيطة بالنص، فهى بمثابة الرأس للجسد، وتفتح شهية القارئ للقراءة أكثر، في علاقة جدلية وانعكاسية، تسهم في توضيح دلالات السرد، ولاستكشاف معانيه الظاهرة والخفية، والمفتاح الضروري لسبر أغوار النص، والتعمق في شعابه التائهة، والسفر في دهاليزه الممتدة، فبين الحين والآخر وأنت تجوب حديقة الزهور الفيحاء فى «قهوة بطعم غيابها»، يغلب على القاص أسلوب أدب الرحلات، الذي طعم به مخطوطته الرائعة، لتعيش معه في رحلة أدبية شيقة، لا تريد الخروج من رحابها، ولا تتمنى أن تنتهي من صحبتها..
طار بنا السعيد من أعماق الريف إلى حوارى بودابست والعواصم الأروبية، ممطتى جواد السرد الذي أحكم لجام التحكم عليه، يسوقنا داخل عالمه رافعا هامته، وواثقا من بضاعته التى روت بداخلنا أحاسيس فقدناها منذ زمن، ولم يتخلى عن دبلوماسيته الرائعة في السرد، وثقافته الواسعة من خلال عمله ودراسته لفن السياسية..
وقبل أن تبدأ في الغوص داخل عالم أسامة السعيد «قهوة .. بطعم غيابها»، وفى صفحة بيضاء كانت هناك وردة تداعبها حبات الندى، فى كلمة إهــداء المؤلف المُختصرة والمُعبــرة، التى حملت بين حروفها، كل المشاعر الجياشة، «لمياء .. قصتي التي تكتبني بلا نهاية»، ففي ست كلمات كانت رواية جميلة لعلاقة إنسانية في أروع مكنوناتها، كـ«نهر جار» تحدد مساره شطآنه.. ويترك لنا حرية التأويل عن هوية لمياء..
وبأسلوبه الدبلوماسي الأنيق، يجذبنا صاحب المجموعة القصصية «قهوة بطعم غيابها» إلى عالم جميل تنجذب إلى رفقته من أول جملة، وتحزن لفراقه مع آخر قصة فى مجموعته المميزة، والتى رتبها ترتيبا أنيقا يليق بكاتب من وزن الدكتور أسامة السعيد، بدأها بـ«ذاكرة الأحزان» الذي عالج فيها بوطنية ما يختلج صدر كل عربي على قضية شغلت بال الجميع منذ احتلال فلسطين.
ويدخل بنا مباشرة إلى «ذاكرة الأحزان» ليضعنا داخل جدلية الغربة والإغتراب، فحالة الاغتراب لدى الإنسان تكون وهو في عقر داره، كحالة نفسية يعيشها الشخص بناءً على القيم والمبادئ المترسخة داخله، أما الغربة فهى هجرة الأجساد والقلوب والعقول من موطنها، تاركةً وراءها قلباً ينبض بالمحبة والحنين للوطن والأهل والأرض التى تربي عليها، ليؤكد القاص حديثه النفسي، أن قراره ليس بيده، فى قوله«كنت أتحضر للعودة إلى منفاى الذي اختارني» موضحا حالة الشتات التي يعيشها مرتحلا، فى اتجاهات إجبارية لرحيل لا ينتهي.. ليصف لنا حالته التى عاشها فى رحلته بكد وعواصف، والتى لم تهدأ بوضع رأسه داخل التاكسي، صراع نفسي صوره القاص بهروبه من كل ما يحيط به، محاولا الهروب من حوار سائق التاكسي، ولكن ينجح سائق التاكسي في جره إلى أطراف الحوار، الذى أظهر لنا ماهية الصراع الداخلي لبطل قصته، فهو مهموم بقضية وطنه وقوميته، فقد جذبته عبارة السائق له عندما علم أنه كان أحد ضيوف القمة، «أكانت تستحق كل ما أنفق من أجلها»، ورغم عدم تصريحه عن ماهية القمة، إلا أن سياق السرد يوضحها جلية، ليكمل السائق بعبارة أشد قوة «يا بنى الأوطان لا توضع على موائد، إلا عندما يريد الجالسون حول تلك المائدة إلتهامها».
ويبدأ التعارف بسؤال السائق أنت مصري؟ فيرد عليه أنت فلسطيني؟ جزمت وكنت أعرف الإجابة مسبقا، وهنا تتضح القمة بكل أركانها، ويبدأ الحوار الذى حمل اللغة الدبلوماسية التى يجيدها الدكتور أسامة السعيد، ليصل بنا إلى توضيح الرؤية فى الغربة والإغتراب، «عندما تفقد وطنك ومعه إرادتك للخروج أو العودة، فعلى الأقل لديك مبرر ترتكن إليه، وهو أنك مغلوب على أمرك، أما أن تغترب داخل وطنك، أن تشعر أنك لست في زمانك، وأن الأيام صارت عبئا لا يحتمل، فتعالج اغترابا بغربة، وتفقد شجاعتك، على أتخاذ قرار العودة، فتلك قسوة لا يحتملها قلب، هنا تصبح الغربة حلا باهظ الثمن، لكنها على الأقل بثمن».
ويقوم القاص بعملية إسقاط على الصراع النفسي بداخله، بمرور سيارة فارهة محاولة أن تتخطاهم، بسرعة جنونية، ويوجه قائدها الشتائم لهم رغم أنه المخطئ، فالعالم وكذلك المحتل المتغطرس، يسير بسرعة ولا يلقي بالا بوجودك وهو ما يحدث فى فلسطين، ليرد عليه السائق بعبارة أشد قسوة« الرأس الفارغ يتوهم دوما أنه الأعلى حتى أنه لا يرى طريقه، ولا يحسب له حساب»
يشير القاص فى قصته على قوة العلاقة بين أصحاب اللسان الواحد واللغة الواحدة، فبعد أن كان يهرب من الحوار مع السائق، يقبله على رأسه قائلا له: «انت لست حصانا يستحق القتل، وإنما أنت قارورة عطر كلما طال عمرها زاد رحيقها، وفاح عطرها».
فبأسلوبه الدبلوماسي أتسم السعيد بالموضوعية في تناول القضية العربية الأولى، وتعمد أن لا يفصح عن اسم بطل قصته، ولا اسم السائق، لأنها تخص كل ما ينطق بلغته..
تلتها قصة «رحيل ميت» ذلك المحارب الذى هرب منه الموت، وكان شاهدا على موت رفاقه في الحرب شهداء، وكان مصيره الموت على فراشه، ليغوص بأسلوب فلسفي داخل أعماق النفس البشرية، مؤكدا أن ملح الجبهة ورمالها أصدق من تلك الدنيا التي يعيشها، ثم ينتقل إلى قصة «قاتل لوجه الله»، ليصدمنا بالقاتل الشريف صاحب المبادئ، الذي اكتشف أن ملك الموت كان يسكن بداخله..
ثم يرأف بنا الأديب الدكتور أسامة السعيد بإستراحة، بقصص قصيرة جدا، أقرب للومضات وهى«ثروة وسكن ورواية وستار ومواء وأضغاث وسفر وقرار وترويض، ثم ينهي ومضاته بشجرة الشكولاتة ذات الخيال الطفولى النقي»، لتغمض عينيك بعد قراءة كل قصة قصيرة جدا لتتخيل الصور التي رسمها المؤلف بكل براعة، وترك للقارئ حرية التأويل، كما شملت هذه الـ«ق. ق. ج» عناصرها مكتملة، وهى قالب أدبي مستحدث في الأدب، انتشر انتشارًا واسعًا حتى صار له شهرته ومكانته بين الأجناس الأدبية، والذى يعد رسالة خاطفة ومختصرة، ويكون طابعها التلميح لا التصريح، وفيها تقدم الأفكار والمفاهيم بأقصر قدر ممكن من الكتابة، جمع فيها بين المتناقضات والأضداد، فالقصة القصيرة جدًا تتوافق مع متطلبات العصر الحديث، عصر السرعة، فهي توصل الأحداث بسرعة وخفة وتكثيف دون الدخول في الأوصاف الكثيرة والتفاصيل التي تكون مملة لجيل عصر السرعة والتكنولوجيا.
ثم يعود بنا الأديب أسامة السعيد برائحة وعبق الزمن الجميل فى قصة «بيت قديم» في علاقة فلسفية ووصف لأعماق النفس وإرتباطها بالماضي، والتي لو خرجت منه مصيرها الموت تحت أنقاضه. 
ثم يطفو علينا القاص بقصة «سوناتا الصمت»الذي يستعرض فيها ثقافته السياسية العميقة، ودرايته بالقضايا العالمية، والتاريخ، باسقاطات سياسية ومقارنة بين ما يعيشه الغرب والمجتمع الشرقي في وصفه العالم الشرقي «لم تكن تعلم أني جئت من بلاد لا يصمت فيها الناس إلا بالسوط أو بالموت، لكن معظم كلامهم بلا معنى وقد كنت أحتاج إلى صمت أختاره ولا يختارني»، وكذلك وصفه للفكر الذى عايشه،  ويصفه فى روعة قائلا على لسان بطل قصته «فقد جئت من لاد مسكونة بالحجارة في العقول قبل التاريخ والجغرافيا».
ثم يظهر لنا جانبا آخر للقاص أسامة السعيد، في الكتابة العاطفية في وصفه للفتاه الغربية، بجمالها ودلالها، والتي شبهها بروايته التى إختارها لتكون رفيقته فى الرحلة، وهى رواية «ذاكرة الجسد» للأديبة الجزائرية المتألقة أحلام مستغانمي، التي عبرت فيها مستغانمي عن واقع الجزائر بصورة عامة ومدينة «قسنطينة» بصورة خاصة، لتجذب القارئ ليعيش أحداثها وحضارتها، فالرواية بمثابة وسيط بين الإنسان وماضيه، وبطل قصة أسامة السعيد للرواية يشبه بطل ذاكرة الجسد «خالد» ، شخصية يكتنفها الحزن، وذاكرته مشتتة بين الماضي الدفين والحاضر المرير، متردد فى اتخاذ القرار، وهو في الوقت نفسه مُفعم بالحب الصادق للوطن، فقد أهداه ذراعه اليسرى، ويشبه بطلة قصته بـ«بحياة» الشابة الجزائرية التي وقع خالد في حبها، التي عاشت حياة اليتم والحرمان بعد استشهاد والدها، وعاشت مشتتة بين ثقافتين؛ الثقافة العربية والثقافة الغربية، والتي أبدع في وصفها متعمقا فى المقارنة بين الشرق والغرب، فتشابه النهايات فى الرواية وقصة أسامة السعيد، بهروب البطل من الفتاة التي عشقها من أول نظرة، لتجري خلفه تناديه بعد فراره من الغرفة، لتعطية روايته، قائله له «استمتع بقراءة روايتك، واستمع لصوت صمتك، فالشياطين لا تسكن الغرف الهادئة، وأنما تعشش في العقول الفارغة».
ثم يصف لنا القاص في قصة «حادث صغير»، رتم الحياة السريع الذي نعيشه الآن والتفكك الأسري الذي تعانى منه الأسر المصرية، والذى يصفه القاص فى أبشع صورة عندما يفتح الصغير عينية بعد الحادث لينطق بأسم الخادمة، «فتح الصغير عينيه، أراد أن يبكي، فخارت قواه، ولكن شفتيه الصغيرتين كانتا تهمسان باسم الخادمة» في غياب كامل للأب والأم، وعودة المتسوقين إلى وجهات المتاجر، ونسو حادث الصغير الذي تركه والداه فى يد الخادمة الصغيرة.
ثم يعود بنا القاص إلى إستراحة بمجموعة أخرى من الـ«ق . ق . ج» ألوان وكتابة وخلود ونصف طفل» ثم يعود بنا إلى قصة «قهوة بطعم غيابها» التى حملت اسم المجموعة القصصية، تلك المجموعة العميقة فى قراءة أغوار النفس البشرية، والعلاقات الإنسانية في أسمى معانيها، بتلك القهوة الصباحية التي كان يحتسيها مع الحب القديم، وعشنا معه مشاعر فياضة، ووصف مبدع، بين بطل قصته ومحبوبته السابقة على المقهى القريب من منزلها، حت شفى من مرضه ورجع لواقعه، «طالبا فنجان آخر من قهوته المرٌة ، صفعه طعم غيابها، كل شيء حوله يفتقدها، وهى لم تأتي بعد»، والتي قرر ان يترك حياته التى توهم انها ستعطيه السعادة بعيدا عنها، واكتشف أن ركوبه قطار الشوق معها إلى المجهول أفضل من تلك الحياة الفارغة بدونها، لنصطدم بالنهاية، بقيام البطل بفتح حساب محبوبته السابقة على الفيس بوك يتطلع الى صورتها، ويقوم بإرسال طلب صداقة إليها، وهو ينظر إلى المقعد الشاغر بجواره، الذى لم يشغله أحد منذ عرف طريقه للمقهى.
ويطلق علينا الأديب أسامة السعيد ثقافته السياسية والدبلوماسية وعلاقاته بحكم عمله التي اعطته ثقافة وخبرة، فى قصة «بط بالبرتقال» معالجا فيها ما يعانيه المجتمع من محاباة ووضع بعض المسئولين فى أماكن لا يستحقونها، فى مقارنة ساخنة بين زوجة السفير فى المجر، والنادلة فى المطعم، الذى انبهر بطل القصة بجمالها وسمو أسلوبها فى التعامل مع زبائن المحل، مستعينا ببراعته فى وصف المشاعر الجياشة ووصف الجمال، للفتاة المجرية أو الغجرية كما جاء فى سياق السرد، فكلاهما ينمان عن روعة جمال بطلة قصته.. 
وفي قصة «نوستالجيا» يعالج فيها القاص الغربة التي يعيشها بطل قصته، والتمزق الداخلي الذى يعانيه، مستعينا بقصة اوزوريس الفرعوينة، والذى يعبر عن حبه الشديد للعصور الماضية بشخصياتها وأحداثها، محاولا الربط بين الماضي والحاضر الذي يعيشه.
وفي نزعة وطنية وإسقاط سياسي، فى قصة «ولادة» يصف تلك المخططات الخارجية التى كانت لا تريد الخير لوطنه، باسقاط سياسي مبهر ومعادل موضوعي كما يجب ان يكون، التى وقعت على وطنه فى لحظة الضعف، وما تعرض له الوطن من تعذيب، ولم تفلح سياط الجلادين أن تخيف أبناء الوطن في انتفاضات مزلزلة وأصاب الوهن جلاديها، ويئسوا من أن يقهرها الموت، لتلد طفلا بقبضة مضمومة كدلالة على الإصرار والعزيمة، ليتركنا فى حيرة هل الطفل ابن العذاب أم ابن معجزة فى زمن لا يعرف المعجزات، أى كان هذا الوليد فهو في النهاية سيطر بقبضته المضموة على وطنه وينقذه من الموت.
 وينطلق بنا القاص في مطاردة ثرية بين الفلاحة في السوق الشعبي والقط الأسود في قصة «أرزاق»، الذى اختطف سمكتها، ليصف المطاردة بألقاب تستخدم في النزاعات السياسية بين الدول، مثل الدهاء الاستراتيجي وجبهة المواجهة، والهجوم المضاد والقصف ورح الاستسلام، تحرك معاد، احساس الانتصار ونظرة الإنكسار.. ومن خلال هذه المعركة يلقي الدكتور أسامة السعيد بالكرة في ملعبنا، لتفسير استراتيجية المعركة، فهل الأنتصار فيها كان حليف الفلاحة، أم أن استراتيجية السمكة فى الحصول على السمكة جعلت فى النهاية الإنتصار حليفها، فقد ظلت السمكة منتظرة في ارض المعركة حتى انتهت الفلاحة من بيع بضاعتها، ولم يتبقى منها سوى السمكة التى اختارتها السمكة لتطعم ابنائها الصغار، فقد اصابت القطة السمكة بخدوش وجروح عزف المشترين عن شرائها، وبارت سلعتها، ولم يبقى أمام الفلاحة إلا الإلقاء للقطة بها..             
فى النهاية وفي ملحمة حزينة يصف لنا العلاقة التى نشأت بين أستاذ الأدب بالجامعة والشاعر الكبير والرصين ، ومكتبته المتخمة بالكتب التي جمعها من كافة أنحاء العالم، فى جملته التى تحمل عمقا وحزنا دفينا عندما سمع صوت بائع الروبابيكا « هل كانت حياتي كلها عبثا، ولن يتبقى منها سوى ما يحمله ذلك البائع المتجول الذى تتساوى عنده دواوين الشعر بأواني الطهي الصدئه»، ليوجه حديثه إلى ابنه يوصيه «لم أستطع ان أزرع فيك حب الكتب، لكنك على الأقل لن تهينها من بعدي» .. ويرد عليه إبنه بعبارة تنم عن علاقة الكره التى يكنها للكتب التى خطفت والده منه فى صغره، «ماذا منحتك تلك الكتب سوى العمى، كي توصيني عليها وصيتك الأخيرة» ولا يتخلى عن وطنيته ليقحم ثورة يوليو 52، التى شاركت الكتب فى القضاء على ثروة والده، ولم تفلح محاولات تلامذته واصدقائه على علاحه على نفقة الدولة بالخارج، ولكن تكون النهاية بأن بائع الروبابيكا هو من يفوز بالنهاية بكنز لا يعلم قيمته الكثير.

الدكتور أسامة السعيد حصل على بكالوريوس الصحافة من كلية الإعلام بجامعة القاهرة، وحصل على درجة الماجستير في الصحافة، وحصل على الدكتوراه بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى عن رسالته بعنوان «صورة الإسلام السياسي في الصحافة العربية وانعكاسها على اتجاهات الجمهور في مرحلة الثورات العربية»، ويشغل منصب نائب رئيس تحرير جريدة الأخبار، وتولى العديد من المناصب بداخل مؤسسة أخبار اليوم.
وتنوعت إبداعاته بين الكتب السياسية والأدبية منها، «ما قبل السقوط: كواليس قصر العروبة» مذكرات سياسية، 2013، و«خطايا مبارك السبعة» (دراسة سياسية)، 2013، «هيت لك» (مجموعة قصصية)، 2014، و«رواق البغدادية» (رواية)، 2015، و«الربيع الزائف: الثورات وأزمة الإصلاح في الوطن العربي»، 2016، و«دواعش عبر التاريخ: قصة الإرهاب والتطرف في العالم»، 2017، و«إمبراطورية الدم: حقيقة الوجود التركي في المنطقة العربية»
كما حصل السعيد على العديد من الجوائز المهمة، منها جائزة القصة القصيرة، كلية الإعلام بجامعة القاهرة، جائزة القصة القصيرة، المنتدى الأدبي لجامعة القاهرة، وجائزة الطالب المثالي، كلية الإعلام جامعة القاهرة، وجائزة التميز الصحفي في مجال التحقيقات الاجتماعية، الهيئة المصرية العامة للإستعلامات حول المشكلة السكانية في مصر، 2004، وجائزة أفضل حوار صحفي في مجال دعم قضايا الإعاقة، والمركز الأول، جائزة الشارقة للإبداع العربي في مجال الرواية، 
وجائزة إحسان عبد القدوس الأدبية، مجال الرواية، وجائزة الصحافة الاقتصادية في مسابقة التفوق الصحفى.

اقرأ أيضا | ندوة لمناقشة وتوقيع مجموعة "قهوة .. بطعم غيابها".. السبت