أحمد الزناتى يكتب: الأبدية الآن...الوحدة والعزلة عند باول تيليش

أحمد الزناتى يكتب : الأبدية الآن:الوحدة والعزلة عند باول تيليش
أحمد الزناتى يكتب : الأبدية الآن:الوحدة والعزلة عند باول تيليش

فى المقدمة الجميلة التى كتبها د. مجاهد عبد المنعم مجاهد يقول إنه ليس للإنسان مرشد فى رحلته إلى الأعماق إلا خيط أبيض واهٍ وحيد، وإن الإنسان محاصر باليأس وباللا معنى، واللا معنى هنا ظاهرى، اختبار يخفق فيه أكثر الناس. لأن الباحث عن معنى الحياة بقصد وترصّد وبالورقة والقلم لن يجد شيئًا (فى تقديرى الشخصى).

وسيُمنى بخيبة أمل فادحة، معنى حياتك تعثر عليه (أو ربما يتبدّى أمامك) عَرضًا وبمحض الصدفة وأنت تنهض بمسؤولياتك، وأنت تؤدى واجباتك كبنى آدم أمام نفسك وأمام المُعلّقين فى رقبتك (أب، أم، عامل، موظف، كاتب، مدير، غفير، إلخ). أما عند تيليش يعثّر الإنسان على المعنى عند الغوص بعيدًا فى أعماق وجوده، العودة إلى أساس كل شىء.

عند تيليش المعنى هو العودة إلى «الله المتعالى»، الذى هو المصدر النهائى للشجاعة من أجل الوجود. حينما تفقد الرموز والحلول التقليدية التى تمّكن البشر من الصمود أمام قلق ليس أمامه من بديل إلا أن يعود إلى الأصل، إلى الحقيقة الأزلية القابعة فى أعماقه.

وفق كتاب تيليش الحنين إلى الغيبى/المقدس موجود ولا سبيل إلى ردّه أو قمعه، لأن قمع العقل الباطن بتصوراته الغيبية من شأنه أن يخلق أزمة وجودية تفاقم من حالة الاغتراب التى يعيشها ابن الحضارة الحديثة. إلا أن ذلك لا يعنى معاقرة أفيون يومى اسمه «الدروشة» أو مفارقة الواقع أو الغرق فى التصورات الأسطورية، فهذا الطرائق بوابات إلى كوارث أسخَم، بل فى العثور على شىء يعرف به المرء كل شىء.

فى بيت شعرى لراينر ماريا ريلكه يقول إن كل إنسان سيخرج من هذه الدنيا بكلمةٍ واحدة فقط (مال، نفوذ، حب، إخلاص، خيانة)، سيخرج كل إنسان بأكثر كلمة خبرها وعاشها ومارسَها وتاق إليها فى حياته، والفقير من خلا من المراد كما يقول عبد الحق بن سبعين فى مسائله الصقلّية. 


فى نهاية كل أسبوع أتجوّل على فضاء أمازون، ثم ألقى نظرة على مجموعات مناقشات الكتب الأجنبية على فيسبوك للتعرف على عناوين جديدة (أو القديمة الجديرة بالاكتشاف). قبل ثلاثة أشهر عثرت على عنوان لافت للفيلسوف، يحمل عنوان الأبدية الآن (The Eternal Now)، استغرق الأمر شهرًا آخر لتصلنى نسخة مستعملة بحالة جيدة.

وهو مجموعة من المقالات والمحاضرات التى واصل فيها تيليش العزف على لحن الأساسى، ووقع اختيارى على المحاضرة الأولى من الكتاب ويتكلم فيها تيليش عن الفرق بين العزلة والوحدة، وعن خطورة ألا ينعم المرء بعزلة طويلة يصل بها إلى نفسه. المقال بعنوان الوحدة والعزلة أنقله فقرات مُطولة منه فى السطور التالية. 

(وَبَعْدَمَا صَرَفَ الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ مُنْفَرِدًا لِيُصَلِّىَ. وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ كَانَ هُنَاكَ وَحْدَهُ)
 متى 14: 23
كان [السيد المسيح] هناك، وحدَه. ونحن أيضًا كذلك. الإنسان وحيد لأنه من بنى البشر، وكل مخلوق وحيد بشكل من الأشكال. وسط غِمار عزلة مهيبة  يسافر كل نجم عبر ظلام الفضاء اللامتناه. تنمو كل شجرة وفقًا لقانونها الخاص.

وتحقق إمكانياتها الفريدة. تعيش الحيوانات وتقاتل وتموت لأجل نفسها وحدها، محصورة فى حدود أجسادها. بالتأكيد، تظهر الحيوانات فى صورة ذكور وإناث، وسط عائلات وقطعان. بعضهم ينزع إلى العيش مع القطيع، لكن كل حيوان بمفرده أن تكون على قيد الحياة يعنى أن تحيا داخل جسم منفصل عن بقية الأجسام الأخرى. والانفصال يعنى أن تكون وحيدًا.


ولئن انطبق الكلام السابق على سائر المخلوقات، فإنه يصدق على الإنسان أكثر من غيره، فالإنسان ليس وحيدًا وحسب، بل إنه يدركُ وحـدَته. وإدراكًا لما هو عليه يسأل سؤال الوَحدة، أى يسأل: لِمَ هو وحيد وكيف ينتصر على وحدته؟ فى حين أنه لا يطيق صبرًا على هذه الوحَدة ولا يستطيع الهروب منها. قـدَر الإنسان أن يكون وحيدًا وقدَره أن يعـى ذلك، وليس فى استطاعة السماء أن تخلّصه من هذا المصير.


نقرأ فى قصة خلق الجنة: «ثم قال الرب الإله : لا يجدر بالإنسان أن يكون وحده». فخلق المرأة من جسد آدم. تُستخدم هنا أسطورة قديمة لإظهار أنه لم يكن هناك فى الأصل انفصال جسدى بين الرجل والمرأة ؛ فى البداية كانا كيانًا واحدًا وهما الآن يتوقان إلى أن يتحدا مرة أخرى. ولكن برغم أنهما يتعرّفان إلى بعضهما البعض كلحمٍ ودم، يظل كل منهما قائمًا بمفرده.

ينظران إلى بعضهما البعض ، وعلى الرغم من اشتياقهما إلى بعضهما البعض يريان غُربة غريبة. ينبّه الله الرجل والمرأة إلى إدراك تلكم الحقيقة عندما يتحدث إلى كل منهما على حِدة، عندما يجعل كل شخصٍ مسئولًا عن ذنبه، عندما يستمع إلى أعذار كل طرف وإلى الاتهامات المتبادلة. فى القصة الدينية يجعل الله البشر مدركين لهذه الحقيقة عندما يخاطب كل إنسان على حدة، عندما يجعل كل نفسٍ مسئولة عما كسبتْ، عندما يستمع إلى أعذارهم واتهاماتهم المتبادلة، عندما يحكم باللعنة على كل آثمٍ وعندما يتركهما يرَون العارَ فى وجه عُريهما، كلٌ على حِده. 


إن خلق المرأة لم يُصلِح من الوضع الذى رآه الله غير صالح للرجل، أى أن يبقى وحيدًا. وبرغم أن خلقَ حواء كان بمثابة تعزيزٍ لموقف آدم، إلا أنه لم يقدِّم إلى الرجل الوحيد إلا إنسانًا آخر وحيدًا يقف معه على قَدم المساواة، ومن أصلاب جميع الرجال الآخرين، سيقف كل واحد منه فردًا. 


لكننا نسأل - هل الأمـر على هذا النحو حقًا؟ ألا  يزول شعورنا بالوحـدَة إلى حد بعيد عند التقاء الرجل بالمرأة جنسيًا؟ من المؤكد أن ذلك ما يحدث فى أثناء الجِماع وفى لحظات الحب الحميمة. يمكن لنشوة اللقاء الجنسى أن تمتص الذات فى أثناء اتحادها مع الذات الأخرى فيجرى تجاوز شعور الانفصال ظاهريًا.


لكن بعد انقضاء تلك اللحظات يصير انعزال الذات عن الذات محسوسًا بشكل أعمق عن ذى قبل، بل قد يصل الأمر أحيانًا إلى درجة النفور المتبادل. فنشعر أننا أعطينا ​​الكثير من أنفسنا، فنتوق إلى استعادة ما أعطيناه، وما يلبث أن يتجسّد التعبير عن رغبتنا فى حماية وحدتنا فى شعورنا بالخزى. نشعر بالخجل عندما تنفتح ذواتنا الحميمية - العقلية أو الجسدية-، فنحاول أن نستر عرينا مثلما فعل آدم وحواء عندما صارا واعييْن بنفسيهما.


 وهكذا يظل الرجل والمرأة وحيديْن حتى فى أشدّ أشكال الاتحاد حميمية، لأنهما عاجزان عن اختراق أعمق نقطة فى نواة ذاتيهما. ولو لم يجرَ هذه الاختراق فلا يمكن لأحدهما أن يكون عونًا لصاحبه، ولا يُمكن لهما أن يكوِّنا رابطة إنسانية.

لهذا السبب يأبى الربّ أن يحرر الإنسان من وحدته؛ عظمة الإنسان أنه متمركز فى ذاته. فبعد انفصاله عن العالم المحيط يكتسب الإنسان القدرة على النظر إلى ذاته فقط، ولأنه يستطيع النظر إلى ذاته ففى مقدوره أن يعرفها حق المعرفة وأن يحبّها وأن يغيّرها.

ومن ثم أراد الربّ لما استخلف الإنسان على الأرض، أن يفصله وأن يزّجَ به إلى العزلة لأنه يستطيع أن ينظر إليها ، يمكنه أن يعرفها ويحبها ويغيرها. كان على الله، إذ جعل الإنسان الحاكم على الأرض، أن يفصله ويدفعه إلى العزلة.

ومن هنا فالإنسان قابل لأن يخاطبه الله ويخاطبه غيره من بنى الإنسان. فى مقدور الإنسان أن يطرح الأسئلة وأن يعطى الأجوبة وأن يتخذ القرارات، متمتعًا بالحرية فى الاختيار بين الخير والشرّ. الإنسان الحرّ وحده من يتمتّع بمركز داخلى لا سبيل إلا اختراقه. الإنسان الحقيقى هو الإنسان الوحيد، وهذه هى عظمة الإنسان ومركز ثقلِه الحقيق. 


 (2)
بحكمةٍ بالغة لمستْ اللغة هذين الجانبيْن من كون الإنسان وحيدًا. فابتكرتْ كلمة «الوحدة» تعبيرًا عن ألم كون الإنسان وحيدًا، بينما ابتكَرتْ  كلمة العزلة تعبيرًا عن مـجد أن يكون الإنسان وحيدًا. 


وبرغم أننا لا نميّز، فى حياتنا اليومية، بين هاتين المفردتيْن تمييزًا دقيقًا، يتحتم علينا التمييز بينهما بشكل متواصل لأجل تعميق فهمنا مأزقنا الإنسانى العصيب. نقرأ فى المزمور الخامس والعشرين: «التفِتْ إلىَّ وارحمنى لأننى وحيد ومسكين أنا». يشعر كاتب سِفر المزامير بألم الوحدة، صحيح أننا لا نعرف الطابع المميز لـوَحدته، لكننا جميعًا نعرف أوجه الوحدة، ولا بدَّ أننا جميعًا مررنا بشىء منها.


على أن أشدّ ألوان الوحدة ذيوعًا هو شعورنا بالوحدة بعد أن يفارقنا من ساعدوننا يومًا ما ونَسَوا أننا وحيدون بعد فراقهم، سواء أكان الفراق بسبب الانفصال أم بسبب الموت. ولا أخصّ بالذكر هنا أقرب الناس إلينا وحسب، بل أقصد كذلك من منحونا شعورًا بالوَنَس، والجماعات  التى انخرطنا معها  فى علاقة عمل، أو تواصلنا معها اجتماعيًا أو تواصلنا معهم روحيًا.
بالنسبة إلى كثير من البشر تتحوّل الوحدة إلى علّة مزمنة ومصدرٍ مستمرٍ للكآبة العميقة. يملأ أنين عددٍ لا يُحصى من البشر الوحيدين، سواء من حولنا أو فى كافة أرجاء العالم، الآذان المفتوحة بمشاعر الحب


ولكن دعونا أيضًا ننظر بعين الاعتبار إلى الموجودين بيننا، أولئك المحاطين دومًا بالأصدقاء والجيران وزملاء العمل وأبناء الوطن الواحد ومن يعيشون فى مجموعات عائلية، من يتمتعون بفضيلة التشارك المجتمعى، من يملكون ما لا يملكه الآخرون الوحيدون، ودعونا نطرح سؤالًا: هل يعيشون من دون أن يعانوا ألم الوَحدة؟ 
هل تشفى الحشود التى يعيشون وسطها ألمَ وحدتهم؟ لو اعتبرنا أنفسنا من بين هؤلاء فربما نجيب عن السؤال على النحو التالى: لم أشعر قط بالوَحدة كما شعرتُ بها فى الساعة التى كنتُ محاطًا فيها بالبشر، لكنى أدركتُ بغتة وحدَتى المطلقة، فلذتُ بالصمت وانسحبتُ من الجموع لأكون وحيدًا مع وحدت كنتُ أرغب أن تتفق أزمتى الروحية الداخلية مع مأزقى الخارجي.


دعونا فى البداية لا نقلل من قيمة هذه التجربة الحياتية (تجربة الوَحدة وسط الجموع) بتأكيدنا أن بعض البشر يفتقرون إلى القوة الكافية ليصنعوا لهم مكانةً مُعتبرة وسط المجتمع، حتى لو رأينا أن انسحابهم ليس إلا مظهرًا من مظاهر ضعفهم، الأمر الذى يستلزم استشارةً نفسية أو دعمًا معنويًا. 


من المؤكد أن لهؤلاء وجوداً وبأعداد كبيرة، وهم فى حاجة إلى تلقّى أوجه الدعم والمساعدة، لكنى أخصّ بكلامى الأقوياء، مَنْ صنعوا لأنفسهم مكانة بين البشر، لكنهم يكابدون ألم الوَحدة العميقة إذ هم يُدركون، فى لحظة اختراق مباغتة للعالم من حولهم، مأزق الإنسانية الحقيق. دعونا أيضًا ألا نحطَّ من شأن هذه التجربة عبر التلميح إلى أن بعض الناس يشعرون بسوء الفهم برغم رغبتهم الملحّة لأن يكونوا مفهومين، وبالتالى يشعرون بالوحدة وسط جموع البشر.


لا أحد فى مقدوره أن ينكر وجود هؤلاء، فوجودهم ضرورى لأنهم يبرهنون على حقيقة معينة؛ حقيقة تقول: ومَن حقًا مفهوم فى هذا العالم؟ بل من مِنا يفهم نفسه؟ الحقيقة أننا لا يُمكننا الإحاطة بسرّ الإنسان عبر وصف ملامح شخصيته وصفًا دقيقًا. المشكلة أن من يشعرون دومًا بسوء فهم الآخرين لهم يخلطون بين السرّ المكنون فى  شخصية كل إنسان وبين الكنوز التى يظنون أنهم يضموّنها بداخلهم، التى تستلتزم، بدورها، اعترافًا من الآخرين. وعندما يبدو اعتراف الآخرين بعيد المنال سرعان ما يشعرون بالوَحدة ويلوذون بالانسحاب.


هؤلاء أيضا بحاجة إلى المساعدة. ولكنى أقول مُجددًا، ثمة من يطوون بين جوانحهم كنوزًا صالحة لأن يُعبّر عنها وأن يتلقاها الآخرون ويفهمونها، لكنهم، برغم ذلك، يخشون التجربة المرعبة للوَحدة المطلقة، وفى اللحظات هاته يخترقون سطح حياتهم العادية، متغلغلين إلى عمق مأزق الإنسان.


ينتاب كثير من الناس شعور الوحدة لأن حُبّهم يواجَـه بالرفض من الآخرين برغم مساعيهم الحثيثة لأن يُحِــــبّـوا وأن يُـحَــــبّوا. وغالبًا ما تكون هذه الوَحدة صنيعة أيديهم. ربما يدعى هؤلاء الناس الهدية (قبول الآخرين لحبّهم) كأنه حق مُكتسب، فينسحبون إلى الشعور بالوحدة التى اختاروها بأنفسهم وينتقمون ممن رفضوا حبّهم عبر إظهار مشاعر الوجع والبغضاء،مسُتمتعين بشعور ألم وَحدتهم. هؤلاء الأشخاص موجودون بكثرة وهم يسهمون إسهامًا كبيرًا فى تنامى الشعور بالوحدة العصابية فى عصرنا الراهن، إلا أنهم يحتاجون قبل كل شىء إلى العون والمساعدة، لأنهم يقعون بسهولة بالغة فريسة قوة شيطانية تعزلهم عزلًا تامًا داخل أنفسهم.


إلا أن ذلك لا يمنع من وجود تجربة حقيقية للحب المرفوض، إلا أن الأمر لا يكون الأمر فى صورة ادعاء شىء خاص، بل فى صورة أمل يتحرّق شوقًا إلى بلوغ الآخر، لكن المرء يُصاب فى النهاية بخيبة الرجاء فتذوى رابطة الحب وتُمنى بالإخفاق التام. إلا أن هذه الوحدة تمزّق صلاتنا بالعالَم، فنشعر بوحدة مُطلقة عميقة، ويعجز أى حبّ قادم من جهة  أخرى عن إزاحة هذا العبء عن كاهلنا و قوة حُبنا فى إزاحة هذا العبء عن كاهلنا. 


أما من يقدر على تحمّل عزلة تجربة الحب الفاشل من دون مكابدة مشاعر مرارة سيقدر على أن يختبر عُمق المأزق الإنسانى الوجودى على نحو جذرى وإبداع. وأخيرًا  ثمة نوعان من أنواع بالوحدة لا يمكن تجاوزهما أو الهروب منهما: أما الأول فشعور الوحدة بسبب الذنب وأما الثانى فشعور الوحدة بسبب الموت.

ليس فى مقدور أحد أن يمحو منا ما اقترفناه فى حقّ كياننا الحقيقى، نشعر بالذنب فيما أعلنّا وفيما أسررنا، ونشعر أنه ذنبنا، وذنبنا وحدنا فقط. ليس فى مقدورنا أن نحمّل غيرنا المسؤولية عما جنته أيدينا، وليس فى مقدورنا الهروب من ذنبنا ولا التستّر عليه تمامًا. نقف وحدنا أمام ذنبنا،

وهذا اللون من الوحدة هو الذى ينفذ إلى أعماق أشكال الوحدة الأخرى، ويصنع من التجربة حُكمًا على أنفسنا.  ثم  أخيرًا  هناك وحدة الاضطرار إلى الموت. ففى انتظار الموت نبقى وحدنا، وليس فى مقدور أى شكل من أشكال التواصل مع الآخرين محـو هذا الشعور.

ولا يُمكن لأى حضور آخر فى ساعة موتنا الفعلية أن يخفى عنا حقيقة أنه موتُنا وأنه موتنا نحن فقط . فى ساعة الموت تنقطع العلائق عن الكون بأسره وكل ما حوى، ونُحرم من كافة الأشياء الأشياء والمخلوقات التى جعلتنا ننسى كوننا وحيدين. 

اقرأ ايضا | منصورة عز الدين تكتب: على هامش أغلفة محفوظ