سـباق الانتخابات الأمريكية يشتعل مبكرًا.. ترامب وبايدن .. «الصداع» مستمـر

العجوزان فى السباق للبيت الابيض
العجوزان فى السباق للبيت الابيض

كتب: خالد حمزة

لأول مرة فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية يضطر الرئيس بايدن، الذى لم يكمل عامه الثانى فى الحكم، إلى الإعلان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، وبالمقابل سارع الرئيس السابق دونالد ترامب، بإعلان نيته للترشح، وأكد حلفاؤه أنه إذا جرت الانتخابات اليوم فسيفوز ترامب بفارق ست نقاط عن أى مرشح أمامه.. والسؤال، لماذا بدأ سباق الانتخابات الرئاسية مبكرا هذه المرة وقد جرت العادة أن يبدأ بعد انتخابات التجديد النصفى للكونجرس المقررة فى نوفمبر المقبل؟.. ومن غير بايدن وترامب يمكن أن يكونا مرشحى حزبيهما؟

 

مرشحون محتملون مبكرون داخل الحزبين لإنهاء تلك الحقبة

ليس الهدف فقط من إعلان البيت الابيض عن نية بايدن فى الترشح المبكر، تفادى إضعاف موقف الرئيس من جانب فريقه، وقطع الطريق أمام المرشحين المحتملين للحزب، من مجرد التفكير فى خوض الانتخابات التمهيدية الداخلية، لاختيار مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية القادمة، فبينما يبقى النقاش داخل الديمقراطيين حول قدرة بايدن، على منافسة جمهوريين بارزين، كالرئيس السابق دونالد ترامب أو نائبه مايك بنس أو وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، إلا أن مؤيديه كما تقول صحيفة نيويورك تايمز قبل معارضيه، قالوا إن أداءه أسوأ مما توقعوا، فهناك سلسلة الإخفاقات الداخلية والخارجية، التى أدت لتدنى شعبيته، التى تأثرت بشدة لأسباب عديدة أبرزها الانسحاب الفوضوى من أفغانستان، وعدم تعافى الاقتصاد الأمريكى، والفشل فى التعامل مع تداعيات أزمة جائحة كورونا، إضافة لسياسة التعامل مع المهاجرين على الحدود الجنوبية، والتراجع الملحوظ لدور أمريكا كقطب أوحد للعالم، خاصة بعد الغزو الروسى لأوكرانيا، وتهديدات الصين المستمرة والملف النووى الإيرانى.

كل تلك العوامل أثرت بشكل أو بآخر على المواطن الأمريكى، وهناك الخلافات الداخلية بين الجناح التقدمى بقيادة السيناتور الديمقراطى بيرنى ساندرز والسيناتور إليزابيث وارن من ناحية، والجناح المعتدل من ناحية أخرى، وهو ما جعل البعض يطرح سؤالاً حول إذا ما كان الرئيس لا يستطيع أن يسيطر أو يوحد حزبه، فكيف يمكن أن يوحد الأمريكيين؟

إقرأ أيضًا

البيت الأبيض: زيارة بيلوسي ليست انتهاكًا لسيادة الصين.. وتهديدات بكين لن تخيفنا

ورغم نفى البيت الأبيض وجود خلافات بين الرئيس ونائبته هاريس، إلا أن  الخلافات فى البيت الأبيض لا تنتهى، وحسب صحيفة «التايمز» البريطانية، فإن هاريس ووزير النقل بوتيجيج، يسعيان للفوز بمنصب الرئيس بدلاً من بايدن، ولهذا ينظر إلى الإعلان المبكر من جانب الرئيس وفريقه، بشأن ترشحه للانتخابات الرئاسية 2024، بأن هدفه قطع الطريق على من يحاولون الترويج لشخصيات أخرى داخل الحزب الديمقراطي، سواء هاريس وبوتيجيج، أو حتى طرح أسماء جديدة مثل ميشيل أوباما والملياردير مايكل بلومبيرج، كما أن وزيرة الخارجية الأمريكية والمرشحة السابقة للرئاسة هيلارى كلينتون، تتحرك بنشاط فى الفترة الأخيرة.

 

بايدن يعلن ترشحه مبكراً لقطع الطريق أمام منافسيه الديمقراطيين

ويواجه الرئيس بايدن مشكلة كبرى فى طريق التوجه لولاية ثانية فى البيت الأبيض، ليس من داخل حزبه فقط، بل على المستوى القومى، حيث ينتشر فى الشارع الأمريكى، جدل حول ضرورة ألا يكون رئيس الدولة مسناً، وعند إجراء الانتخابات الرئاسية فى الثلاثاء الأول فى شهر نوفمبر 2024، سوف يكون عمره 82 عاماً، مع ارتباط كل ذلك باللياقة الذهنية والصحية لأى رئيس أمريكى.

 

وهناك التراجع الشديد لشعبية بايدن، وفقا لكل التصويتات الافتراضية بينه وبين منافسيه وبخاصة الرئيس السابق ترامب، الذى تفوق عليه حتى الأسبوع الماضى بـ 3 تصويتات منها، ويبلغ متوسط تأييد الرئيس بايدن نحو 43%، وهو رقم لم يصل إليه الرئيس السابق دونالد ترامب خلال فترة رئاسته، وهو الأمر الذى أعطى انطباعا، بأن بايدن هو مرشح الفترة الرئاسية الواحدة، وأن من يريد الترشح لنيل بطاقة الحزب للانتخابات القادمة، عليه أن يبدأ فى التحرك، وإعلان نيته للترشح مبكرا، لبناء قاعدته الانتخابية داخل الحزب، وعلى المستوى القومى كله، ولذلك أعلن عدة أشخاص داخل الحزب، عن نيتهم للترشح مبكرا، حتى فى حالة ترشح بايدن وأبرزهم كامالا هاريس وحاكم ولاية نيويورك أندرو كومو وحاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم وحاكم ولاية كنتاكى آندى بشير والنائبة السابقة عن ولاية جورجيا ستايسى أبرامز، وأعضاء مجلس النواب الأمريكى مثل ألكساندريا كورتيز.

 

الشارع الأمريكى أصبح يرفض انتخاب الرئيس العجوز

أما على الجانب الجمهورى، فقد ظهر الرئيس السابق ترامب لأول مرة منذ عام ومنذ أيام قليلة، ليخطب أمام مؤيديه ويعلن أنه سيقرر أيضا خلال الأسابيع القادمة، ترشحه للمرة الثالثة للانتخابات الرئاسية وقبل أكثر من عامين، ودون الانتظار لما بعد انتخابات التجديد النصفى للكونجرس فى نوفمبر المقبل، وحسب «نيويورك تايمز» وشبكة «سى إن إن»، فإن ترامب الذى بدأ حملته الرئاسية الأولى فى يونيو 2015، أى قبل عام وخمسة شهور من انتخابات ٢٠١٦، سيطلق حملته لانتخابات 2024 فى مرحلة مبكرة هذه المرة، وقبل الاقتراع الرئاسى فى الولايات المتحدة الأمريكية بعد نحو٢٨ شهرا، وتهدف هذه الخطوة جزئياً إلى حماية الرئيس السابق من سيل من الاكتشافات الناشئة عن التحقيقات، فى محاولاته للتشبث بالسلطة بعد خسارة انتخابات 2020.

 

ترامب يعود للمنافسة ويأمل فى الإفلات من اتهامات اقتحام الكونجرس

وفى حين أن العديد من الجمهوريين، سيرحبون بدخول ترامب فى السباق، فإن خطوته ستؤدى إلى تفاقم الانقسامات المستمرة، حول ما إذا كان الرئيس السابق، هو أفضل أمل للحزب فى استعادة البيت الأبيض، كما أن الحزب منقسم حول ما إذا كان ترشيحه، سيشكل انصرافا عن الانتخابات النصفية للكونجرس.

 

ولا توجد أى قيادة جمهورية تقترب شعبيتها من شعبية ترامب، على الرغم من دوره فى اقتحام مبنى الكابيتول، وحظره على وسائل التواصل الاجتماعى، فلدى 81 بالمائة من الناخبين الجمهوريين وجهة نظر إيجابية تجاه ترامب، وكشف استطلاع لصحيفة «بوليتكو»، عن أن 76% من الجمهوريين، يعتقدون أن ترامب سيترشح للرئاسة، حتى السناتور ميت رومنى السناتور الجمهورى الوحيد، الذى صوت لإدانة ترامب بعد كل إجراءات عزله، قال منذ أيام فقط، إن الرئيس السابق «من المحتمل جدًا»، أن يكون مرشح الحزب الجمهورى، إذا ترشح فى عام 2024، وقد لمح ترامب منذ فترة طويلة إلى نيته الترشح للانتخابات للمرة الثالثة على التوالى، وقام بحملة واسعة لذلك مبكرا، للتأكيد على أنه يتمتع بقبضة حديدية على الحزب، ولسرقة الانتباه من المنافسين المحتملين، ومنهم حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس ونائب الرئيس السابق مايك بينس، الذى يلقى تقديراً كبيراً فى الشارع الأمريكى؛ لرفضه الاستجابة لتعليمات الرئيس دونالد ترامب، بإلغاء نتائج المجمع الانتخابي، ما جنب البلاد أزمة دستورية، بالإضافة إلى رفضه الاستجابة لضغوط مجلس النواب، واستخدام التعديل رقم 25 للدستور الأمريكى لإقالة ترامب، والسيناتور تيد كروز، أحد المرشحين الجمهوريين السابقين للرئاسة، والسفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكى هايلى، ويتوقف إقصاء ترامب من الترشح فى 2024، على محاكمته التى تم تحديد 8 فبراير المقبل موعداً لها، بالاتفاق بين الحزبين.

 

وهناك عامل لا يقل أهمية عن سبب التبكير هذه المرة بالترشح، وهو اختبار الثامن من نوفمبر المقبل، حين تشهد الولايات المتحدة الأمريكية، انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، وفيها يعاد انتخاب كافة أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435 عضوا، مقابل ثلث أعضاء مجلس الشيوخ، أى 35 مقعداً من أصل 100، كما تشمل الانتخابات الاقتراع على مناصب 39 حاكم ولاية.

وهى معركة حقيقية لتكسير العظام بين الحزبين الديمقراطى والجمهورى، واختبار حقيقى لاتجاهات التصويت لأى من الحزبين لدى الناخب الأمريكى، الذى لا ينتمى لأى منهما، وقد يكون لذلك تداعيات فورية على الجمهوريين، الذين يسعون للسيطرة على الكونجرس فى نوفمبر.

وجود ترامب كمرشح محتمل وقوى، سيجعل من السهل على الديمقراطيين، تحويل الانتخابات النصفية، إلى استفتاء على الرئيس الحالى بايدن، ومدى قدرته على استكمال مهمته بفترة رئاسية ثانية، وعلى الرئيس السابق ترامب الرئيس السابق، الذى قام منذ خسارته منذ عامين، بنشر الشائعات حول شرعية الانتخابات.