حرب أوكرانيا زادت تكلفة الغذاء والطاقة فى العالم

رائد العمل المناخى البريطانى فى حوار لـ «الأخبار»: مصر موقع ممتاز لجذب استثمارات الاقتصاد الأخضر

نايجل توبينج خلال حواره مع «الأخبار»
نايجل توبينج خلال حواره مع «الأخبار»

أكد رائد العمل المناخى البريطانى نايجل توبينج دعم لندن للقاهرة فى جهودها لتنظيم مؤتمر الأمم المتحدة لأطراف اتفاقية المناخ COP27 فى شرم الشيخ نوفمبر المقبل، مع تسليم بريطانيا رئاسة المؤتمر لمصر. وفى حوار خاص لـ «الأخبار» كشف أن هناك اهتماما كبيرا من رجال الأعمال فى العالم للاستثمار فى مصادر الطاقة المتجددة ومصر موقع ممتاز لاستقبال جانب كبير من تلك الاستثمارات.

كيف يتم التعاون بين مصر وبريطانيا فى تنظيم مؤتمر شرم الشيخ؟

نحن الآن على بعد نحو 100 يوم من المؤتمر، ويمكننى القول إن الشراكة بين بريطانيا ومصر فى التحضير للمؤتمر قوية للغاية، كوننا نسلم «عصا السباق» إلى مصر كما يفعل العداءون فى السباقات، ونحن سعداء بالرئاسة المشتركة للأجندة الزراعية الخضراء بالتعاون بين مصر وبريطانيا ما يعد مثالاً للتعاون بين دول الشمال والجنوب فى مجال تغير المناخ. كما أن COP27 سيكون أول مؤتمر يركز على جزئية التطبيق والتنفيذ سواء عالمياً أو فى القارة الإفريقية.

تغيرات المناخ

هل التقيت برائد العمل المناخى المصرى محمود محيى الدين؟

التقينا فى واشنطن ونحن على تواصل بصورة أسبوعية تقريباً، وفريقا العمل الخاصان بنا ينسقان التعاون بشكل جيد للغاية، وهو يجلب معرفته العميقة ليس فقط بشأن الاقتصاد المصرى والإفريقى وإنما كافة الأسواق الناشئة، وهو دائماً ما يشجع التركيز على النمو الاقتصادى باعتباره الموضوع الأساسى المتعلق بتغير المناخ، وأن الحد من الانبعاثات مفيد للاقتصاد العالمى، كما يركز على آليات تطبيق التعهدات وتوفير التمويل لآليات الحد من تغير المناخ، فما يركز عليه الدكتور محمود محيى الدين هو ملء الفراغ بين رءوس الأموال المتاحة والمشاريع المطلوب تنفيذها فى مجال تغير المناخ.

ما الذى ركزت عليه فى زيارتك الأخيرة لمصر؟

مهمتى حالياً التواصل مع قطاع الأعمال والمستثمرين وغيرهم حول العالم لدعم الرئاسة المصرية لمؤتمر المناخ COP27، وما أركز عليه هو تطبيق الأهداف المناخية، والنظر إليها على أنها فرصة للتنمية لخلق وظائف وزيادة معدلات النمو الاقتصادى، وخلال زيارتى لمصر التقى برجال أعمال ومسئولى وزارة الخارجية والتعاون الدولى، إذن هدف الزيارة هو التأكد من تقديم كل الدعم الممكن للرئاسة المصرية للمؤتمر، خاصة فى مجال تنفيذ الالتزامات البيئية والاستثمارات فى مجالات مثل الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، بالنظر إلى أن شركات شحن كبرى أعلنت عزمها التخلى عن الوقود الأحفورى فى السفن بحلول عام 2040، إذن القطاع الخاص سيأتى إلى شرم الشيخ محملاً بمشاريع اقتصادية وخطط قصيرة المدى تساعد على الحد من الانبعاثات.

هل الحرب فى أوكرانيا وتداعياتها على قطاع الطاقة يضع مزيداً من العبء على الدول خاصة فى جهود التصدى لتغير المناخ؟

بلا شك وضعت الحرب مزيداً من العبء على الدول فى مجال تكلفة الوقود الأحفورى، حيث لم ترتفع تكلفة الطاقة المتجددة، كذلك زادت الحرب من تكلفة الغذاء، وبالطبع الطاقة والغذاء من أهم العناصر لأى اقتصاد، وأدى ارتفاع أسعارهما لتأثير سلبى بالغ على الاقتصاد العالمى..

ومن المهم الإشارة إلى أن مصادر الطاقة المتجددة سعرها أقل وأكثر استدامة كما أن الحرب سرعت من عملية التحول من الوقود الأحفورى إلى الطاقة المتجددة، وسرعت الاستثمارات فى ذلك المجال، لكن من المفهوم أن الفترة الراهنة ستشهد استخدام المزيد من الغاز والفحم للحفاظ على النشاط الاقتصادى وخدمات الكهرباء، إلا أن ذلك سيكون على المدى القصير بينما سيكون الاهتمام بالطاقة المتجددة على المدى الطويل.

العديد من الدول الأوروبية أعادت استخدام الفحم وزادت من استهلاك الغاز الطبيعى.. هل يشعرك ذلك بالتخوف من أننا نتراجع ولا نمضى قدماً بملف التغير المناخى؟

أعتقد أن هناك خطرا لأن الحكومات بالتأكيد تريد الحفاظ على تدفق إمدادات الطاقة للمواطنين، وأعتقد أن الاستثمار فى الوقود الأحفورى نفسه وليس البنية التحتية المرتبطة به، بهدف إبقاء «المصابيح مضاءة» وهذا لا مفر منه فى ظل استمرار الأزمة مع روسيا، وفى اعتقادى فإن الاعتماد على الوقود الأحفورى حالة مؤقتة بينما على المدى البعيد الحرب تسرع الانتقال للطاقة المتجددة.

الاهتمام الدولى

هل استحوذت الحرب على اهتمام العالم على حساب التغير المناخى؟

فى مؤتمر المناخ العام الماضى COP26 كان العالم يمر بجائحة كورونا، وتوقع الجميع أن تأخذ الاهتمام الدولى على حساب تغير المناخ لكن ذلك لم يحدث ووجدنا مزيدا من الطموح لإنجاح المؤتمر، وأعتقد أننا نمر بموقف مشابه..

بالطبع الحرب تستحوذ على كثير من الاهتمام لكن هناك أيضاً مؤشرات على استمرار الإنتباه لخطورة التغير المناخى، حيث قرر الاتحاد الأوروبى قبل أيام تقليل استهلاك الغاز الطبيعى بنسبة 15% وفتحت جنوب أفريقيا الباب أمام القطاع الخاص للاستثمار فى مزيد من مشاريع الطاقة المتجددة، وهى خطوات ترتبط بتداعيات الحرب.

هل يمكن أن يحفز ذلك رءوس الأموال على الاستثمار فى مجال الطاقة المتجددة بالدول التى تمتلك مقومات ذلك مثل مصر؟

هناك الكثير من رءوس الأموال المستعدة للاستثمار فى الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المرتبطة بها مثل الهيدروجين الأخضر، ووقود السفن الأخضر، ومصر فى موقع ممتاز لجذب الكثير من تلك الاستثمارات.. وهناك التريليونات مستعدة للاستثمار فى الاقتصاد الأخضر فى حال وجود إجراءات واضحة لاستقبال تلك الاستثمارات، ومصر لديها الزخم وقوة الدفع لتسريع هذه العملية.

كيف يمكن لمنظمات المجتمع المدنى فى العالم أن تضغط على الحكومات لكى لا تحد من إنفاقها بمجال المناخ بسبب التركيز على الجانب العسكرى مؤخراً؟

هذا تحدٍ بالطبع، لأن هناك استثمارات عسكرية قصيرة المدى حالياً، ومن المهم الإشارة إلى أن قصة النجاح الاقتصادية الوحيدة فى القرن الحادى والعشرين هى مكافحة تغير المناخ، وما يبقى البلدان متقدمة اقتصاديا ومستقرة هو التحول إلى مستقبل خالٍ من الكربون، فهذا هو الطريق لتوفير وظائف وتحسين المستوى الصحى، وكذلك توفير الطاقة فعلى سبيل المثال فى أفريقيا 600 مليون شخص لا يتمتعون بخدمات الكهرباء ويمكن للشمس والرياح أن توفر لهم ذلك، بدلاً من أن يحرقوا حطبا للطهى ويتسببوا فى مزيد من الانبعاثات، والاستثمار فى المجالات المفيدة للبيئة يمكنها أن تساعد فى خلق الوظائف لذا النظر لتغير المناخ بمنظور اقتصادى يساعدنا على القيام بإجراءات الحد منه.

إقرأ أيضاً|«المشاط» تبحث مع رائد العمل المناخي البريطاني تنظيم ورشة العمل الإقليمية