أزمة الطاقة في أوروبا تهدد بإبطاء التحول الأخضر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أن الحرب في أوكرانيا دفعت العديد من الدول على الاعتماد، بشكل أكبر على الوقود الأحفوري على المدى القصير بينما تعهدت هذه الدول بالابتعاد عنه بشكل أسرع في المستقبل.

وأضافت الصحيفة أن أزمة الطاقة المتفاقمة وموجة الحر العالمية وارتفاع الأسعار والتعقيدات في سلاسل التوريد، فضلا عن المخاوف بشأن الانكماش الاقتصادي، يهددون جميعا بتأخير تلك الوعود طويلة الأجل بالانتقال نحو مصادر طاقة منخفضة الانبعاثات أيضًا.

اقرأ أيضًا: وزارة المالية في بلجيكا تجمد أصولًا روسية بأكثر من 50 مليار يورو

ونسبت الصحيفة -في تقرير أوردته عبر موقعها الإلكتروني ،اليوم الثلاثاء 2 أغسطس، إلى مستثمرين ورجال اقتصاد قولهم، إن الوضع خطير بشكل خاص في أوروبا، حيث تركز اهتمام القادة على المشكلات العاجلة جراء احتمالية حدوث نقص حاد في الوقود هذا الشتاء.

وقالت الصحيفة إن أسعار الجملة الأوروبية للغاز الطبيعي ارتفعت بشكل حاد الأسبوع الماضي، حيث قامت روسيا بخفض التدفقات عبر خط أنابيب رئيسي إلى المنطقة، إذ ارتفعت الأسعار لأكثر من الضعف هذا العام، الأمر الذي أدى إلى إجهاد الأسر والشركات وزيادة المخاوف اقتراب حدوث ركود.

من جانبهم قال خبراء الطاقة إن موجة الحر الشديدة ونقص الطاقة الكهرومائية ومشاكل التآكل في المفاعلات النووية الفرنسية تجعل وضع الطاقة في القارة أشد خطورة، كما أدى انخفاض منسوب المياه في نهر الراين -وهو نهر يعمل بمثابة طريق شحن رئيسي في أوروبا- إلى إثارة مخاوف بشأن المزيد من الاضطرابات في إمدادات السلع الأساسية.

وأضافت الصحيفة أنه ردا على ذلك، كانت الحكومات والشركات تتدافع من أجل إيجاد حلول التوريد التي تتضمن المزيد من الوقود الأحفوري وليس أقل، بينما يبرم الكثيرون عقودًا للغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة والشرق الأوسط وأفريقيا، واستشهدت في ذلك بشركة شل بي إل سي، التي قالت الأسبوع الماضي إنها تمضي قدما في تطوير كبير للغاز الطبيعي في بحر الشمال الذي كان قد رفضه في السابق منظمون بريطانيون لأسباب بيئية.

ونقلت الصحيفة عن فرانشيسكو ستاراس، الرئيس التنفيذي لشركة إينل إس بي إيه الإيطالية، التي تقوم ببناء مرافق تصنيع الطاقة الشمسية وغيرها من المشاريع الخضراء: "لقد أبرزت الحرب المستمرة في أوكرانيا أهمية الكهرباء والطاقة المتجددة".

غير أن العديد من مراقبي السوق يقولون إن خطط الطاقة الخضراء في أوروبا تتسبب في تراجع الجهود المبذولة الرامية إلى معالجة آثار العملية الروسية في أوكرانيا، وارتفاع معدلات التضخم وضغوط ما بعد الإغلاق على سلاسل التوريد، بينما قالت شركة الطاقة الفرنسية العملاقة شنايدر إلكتريك إس إي، إنها تواجه تأخيرات تصل إلى عام لمشاريع الطاقة المتجددة في بلدان مثل إسبانيا وهولندا ودول الشمال، ويعزى ذلك إلى حد كبير إلى مشكلات سلسلة التوريد وارتفاع تكاليف النقل.

وأشارت وول ستريت جورنال إلى أن الولايات المتحدة تواجه نفس المشاكل التي تواجهها أوروبا من حيث ارتفاع التكاليف وتعثر سلاسل التوريد لمصادر الطاقة المتجددة، الأمر الذي يؤدي إلى تأخير المشاريع.

ويرى النقاد إن بعض الجهود الأوروبية الرامية إلى لتأمين الطاقة في أعقاب العملية الروسية في أوكرانيا تستلزم استثمارات ضخمة وطويلة الأجل وستزيد من اعتماد المنطقة على الوقود الأحفوري، وبحسب الصحيفة فقد صوت مشرعو الاتحاد الأوروبي في يوليو الماضي لإدراج الغاز الطبيعي في قائمة الاتحاد للاستثمارات الخضراء، وهي الخطوة التي رأت الصحيفة بأنها يمكن أن تساعده في الحصول على الإمدادات اللازمة، ولكن أيضا تفتح الباب أمام استخدام الوقود لفترة أطول.

ومضت الصحيفة تقول إن ثمة حاجة إلى المزيد من المال والعمل للتحول بعيدا عن الوقود الأحفوري بالسرعة اللازمة، من أجل السيطرة على الانبعاثات والاحتباس الحراري، إذ يقول محللون إن تنفيذ هذه الخطوات سيكون شاقا حتى بدون الاضطراب الاقتصادي والطاقة الأخير.

وتعليقا على ذلك قالت سوزي دينيسون، وهي مديرة برنامج القوة الأوروبية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية هو مؤسسة فكرية: "هناك شعور بأن الأموال اللازمة لتوسيع نطاق مصادر الطاقة المتجددة يجب أن تأتي في وقت لاحق الآن، في ظل الأزمة"، وأضافت: "إذا لم نقم بالاستثمارات المطلوبة الآن في الطاقة الخضراء فإن ما نراه على أنه إجراءات قصيرة الأجل سيصبح مجرد إجراءات طويلة الأجل".

من جانبه قال أليساندرو بوسشي، رئيس قسم الطاقة المتجددة في بنك الاستثمار الأوروبي إنه للقيام بكل ذلك تحتاج أوروبا، إلى مضاعفة مستواها الحالي تقريبا من استثمارات الطاقة المتجددة إلى حوالي 66 مليار يورو سنويا، وهذا بدوره يتطلب من الحكومات الأوروبية تنفيذ تدابير مثل تبسيط عمليات السماح لمصادر الطاقة المتجددة فضلا عن تشجيع السوق على عقود الطاقة النظيفة.