خطة أوروبية لترشيد استهلاك الغاز.. تعرف على التفاصيل

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

كتب: سميحة شتا

فى محاولة لتفادى أزمة الشتاء الناجمة عن تخفيض الإمدادات الروسية إلى الاتحاد الأوروبي، يواجه الاتحاد تحدياً كبيرا بعد أن وافق على خفض استهلاك الغاز بنسبة 15%، وقد تساءلت صحيفة «الجارديان» البريطانية عن مدى فعالية هذا الإجراء فى حماية تلك الدول من الشتاء القارس القادم.


وكانت دول الاتحاد الأوروبى قد اتفقت، الثلاثاء الماضي، على تلك الخطة التى أقرها وزراء الطاقة فى بروكسل، واعتبرت رداً فعالاً على استخدام روسيا ثروتها الطاقية سلاحاً اقتصادياً.


وتلزم الخطة دول الاتحاد الأوروبى بخفض استخدامها الغاز بنسبة 15% خلال فصل الشتاء، مع وجود استثناءات لبعض الدول، وستعنى الاستثناءات المتفق عليها أن دولا من بينها قبرص ومالطا وإيرلندا ودول أخرى ترتبط بشكل محدود بشبكة إمدادات الغاز المترابطة مثل إسبانيا والبرتغال، لن تضطر إلى توفير الغاز لأن أنظمة الغاز الخاصة بها ليست مرتبطة مباشرة بأنظمة دولة عضو أخرى. كذلك، ستعفى دول البلطيق إذا قطعت وصلاتها الكهربائية بشبكة روسيا.


وبحسب «الجارديان»، فيمكن لحكومات الاتحاد الأوروبى أن تختار كيفية تقنين الغاز، طالما أنها تحمى الإمدادات للأسر، إلا أن الشركات الصناعية سوف تشعر بتبعات تلك الخطة أكثر من المستهلك العادي، وبالتالى يجب إعطاء المصانع حوافز لتقليل استخدام منظومات التدفئة والتبريد، وذلك عبر تقديم استثناءات للشركات والمصانع التى تنتج سلعاً حيوية، وللمصانع التى يصعب إعادة تشغيلها بعد التقنين اليومى المؤقت فى استخدام الطاقة.


وفى حين سوف يجرى حماية الأفراد المستهلكين فمن المتوقع أن يؤدى مواطنو تلك الدول واجبهم، إذ تحث سلطات الاتحاد الأوروبى الحكومات على إطلاق حملات لتشجيع الناس على إطفاء الأنوار وخفض الحرارة للتدفئة والتقليل من استخدام مكيفات الهواء.


وينبغى أيضاً، على حكومات الاتحاد الأوروبى أن تسرع من عملية التحول إلى الطاقة المتجددة، وأن تفكر أيضاً فى تأخير الاستغناء عن الطاقة النووية أو الفحم فى محاولة لتوفير وجود بدائل كاملة عن الغاز الروسي.


ويتعين على الدول الأعضاء إبلاغ سلطات الاتحاد الأوروبى فى بروكسل بخطة توفير الطاقة الخاصة بهم كل شهرين.وقد نجحت هولندا منذ بداية العام فى خفض استهلاكها من الغاز بنحو الثلث ما يمثل أكثر من ضعف الانخفاض الذى حققته ألمانيا والذى وصل إلى 14% فى الفترة ما بين يناير ومايو فيما خفضت إيطاليا فى الفترة ذاتها استهلاك الغاز بنسبة 2%. 


وتعتمد الدول الثلاث والعديد من البلدان الأوروبية الأخرى بشكل كبير على الغاز الطبيعى لا سيما الغاز الروسى كمصدر للطاقة. ويرجع رينيه بيتر، أخصائى قطاع الغاز فى منظمة «تى أر أو» البحثية الهولندية، نجاح هولندا فى تقليل استهلاك الغاز إلى ثلاثة عوامل، الأول اعتدال فصل الشتاء، والثانى إعادة تشغيل محطات الطاقة التى تعمل بالفحم.

والثالث انخفاض كبير فى استهلاك الغاز. وأضاف أن عنصرى الطقس والفحم ساهما بنسبة من 5 إلى 10% من الخفض، فيما كان العامل الحاسم يتمثل فى «تقليل استهلاك الغاز فى المنازل والمصانع». 


ونظراً لأن الاتحاد الأوروبى كان فى المرحلة الأخيرة من المفاوضات بشأن الخطة، فقد أعلنت شركة جازبروم الروسية أن خفضاً حاداً فى الإمدادات عبر خط أنابيب «نورد ستريم 1» المهم سيبدأ سريانه يوم الأربعاء، ولكن حتى لو كان التوقيت من قبيل الصدفة فإن ذلك يؤكد سبب ضغط الاتحاد الأوروبى لتقليل استخدام الغاز الروسي.


وبالنسبة للعديد من الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبي، سيكون إنهاء استخدام الغاز الروسى أمراً مؤلماً، فقبل الغزو، زودت روسيا 40% من غاز الاتحاد الأوروبى و 55% من ألمانيا التى تعد أكبر اقتصاد فى أوروبا.


إذا قلل الاتحاد الأوروبى من استخدام الغاز بنسبة 15%، فسوف يجرى توفير 45 مليار متر مكعب من الوقود، وفقاً لتقديرات المفوضية الأوروبية، ولكن المسئولين يقولون أنه حتى إذا استفادت الدول استفادة كاملة من الإعفاءات، فإن الخطة ستظل صعبة التحقيق.

ومن المتوقع أن يكون شتاء 2022-23 صعباً، خاصةً إذا انخفضت درجات الحرارة، لكن البعض يخشى أن يكون الشتاء التالى أسوأ، إذ تبلغ مستويات تخزين الغاز فى الاتحاد الأوروبى 66%، ولكن بحلول نهاية الربيع المقبل قد تنضب بشدة مع وجود خيارات أقل لاستبدال المخزونات.


ويقترح مسئولو الاتحاد الأوروبى أنه يمكن سد الفجوة عن طريق خط أنابيب الغاز من النرويج وأذربيجان، والحصول على المزيد من الغاز الطبيعى المسال الذى يتم تسليمه بواسطة الناقلات من أماكن بعيدة مثل الولايات المتحدة.


وكان من المفترض أن تستمر خطة توفير الغاز الأصلية لمدة عامين، لكن حكومات الاتحاد الأوروبى قلصت النطاق إلى عام واحد، بعدما أعلنت «جازبروم» أنها ستخفض شحنات الغاز اليومية إلى الاتحاد الأوروبى بحوالى 20 % اعتباراً من يوم الأربعاء.


إن التوقف التام فى إمدادات الغاز الروسى قد يعرقل مساعى الاتحاد الأوروبى فى الوصول إلى مستويات تخزين الغاز لتصل إلى 80% خلال فصل الشتاء، إذ أشارت مسودة الخطة إلى أن مستويات التخزين قد تصل من 65 إلى 71 %.

ويرى خبراء أنه حتى فى حالة قيام بوتين بوقف خط «نورد ستريم 1»، فإن الدول الأوروبية التى تعتمد على الغاز الروسى لن تتضرر كثيرا فى الوقت الراهن بسبب تمكنها إلى حد ما من إيجاد البديل، لكن المشكلة تكمن مع قدوم فصل الشتاء 
 

اقرأ ايضا | فنلندا تتجه لتخفيض إنتاجها الصناعي بسبب أسعار الغاز اليوم