عبد الصبور بدر يكتب: فضلات الجبناء

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


تحولت السوشيال ميديا إلى مكتب صحة متخصص في استخراج شهادات وفاة مزورة للمشاهير، أعلنت مؤخرا موت الفنان الكبير خالد زكي، وأقامت سرادقات العزاء على مواقع التواصل الاجتماعي،  حتى اضطر الرجل إلى تمزيق الكفن الافتراضي والظهور مع الإعلامية بوسي شلبي ليثبت أنه حي يرزق، لم يصب بمرض، ولا يشكو من شئ، ويتحدث بصراحة عن معاناة جيله، ولكن ليت الأستاذ خالد ما ظهر ولا تحدث واكتفى ببيان صحفي ودمتم!

أكلت المواقع الإخبارية عيش على الحوار – لما قالت يا بس - وهي تصوغ منه عناوين محرّفة خادعة تضعها على صفحاتها الرسمية، لتحصل على أكبر عدد من اللايكات والشير، وكل منها يسابق الآخر من أجل أن يظهر  أولا على "جوجل"، ويحظى بالمزيد من المتابعين لجلب الإعلانات، والدولارات الخضراء.

رفعت صفحات المواقع الإخبارية عدد المتابعين، وقللت من شأن فنان محترم يقدس الكلمة، وهي تنهش كرامته، وتصوره أمام الناس وكأنه على فيض الكريم ويستجدي العطف، في حين أن الرجل مستور والحمد لله، ولا يعاني ضائقة مادية، ويتحدث عن أزمة جيل كامل من العباقرة والموهوبين يتم ركنه على الرف، وحين يشارك أحدهم في عمل فني لا يتم تقديره ماديا، في الوقت الذي تتقاضى فيه أسماء معينة ملايين الملايين، والحوار موجود بالكامل على "يوتيوب" ويمكن لأي شخص الرجوع إليه في أي وقت، ولكننا شعب يكتفي بقراءة العناوين، خوفا على باقة النت.

تعاملت السوشيال مع تصريحات خالد زكي بمنطق "لاتقربوا الصلاة" وهي تجتزئ من كلامه، فعلى سبيل المثال قالت إنه باع سيارته في 2011 بسبب الانفلات الأمني، فركزت مواقع التواصل على بيع السيارة ولم تذكر شيئا عن السبب، حتى يخمن البعض أنه باعها ليشتري طعاما لأولاده الذين يتضورون جوعا!.. ويخمن آخرون أنه باعها لسداد ديونه المتلتلة!.. ويفترض الفريق الثالث أنه لايجد في جيبه مصاريف البنزين!.. إلخ

ولو أن الرجل فارد صدره على السوشيال ميديا، ولا يكف عن الاشتباك مع شخصيات معينة، لقلنا إنها حملة ممنهجة ضده، ولكن الأستاذ خالد شاري دماغه ولا يدخل مواقع التواصل الاجتماعي من أساسه، ولا يمتلك أي صفحة لا على فيس بوك ولا تويتر ولا إنستجرام، ويتابع الأخبار من الصحف، والتلفزيون ومصادرها الرسمية، ومع ذلك لم يسلم من "فضلات الجبناء" وهو المصطلح الذي استخدمه الكاتب الكبير عباس محمود العقاد وهو يصف الإساءة التي يتعرض إليها من بعض الصحف التي تزيف الحقائق.