محمود الورداني يكتب: نوادي الإجرام وشركات القتلة (١- ٢)

محمود الورداني يكتب : نوادى الإجرام وشركات القتلة (١- ٢)
محمود الورداني يكتب : نوادى الإجرام وشركات القتلة (١- ٢)

لا أميل إلى الأعمال الأدبية التى تنتمى إلى ما يسمى بأدب الرعب أو روايات الجريمة باستثناء ماقرأه الواحد فى يفاعته الباكرة من روايات شرلوك هولمز وآرسين لوبين وبعض روايات أجاثا كريستى ومن لف لفها. لم أتوقف بعد ذلك بعد عدة عقود إلا أمام رواية الأب الروحى الماخوذ عنها الفيلم الشهير لكاتب غاب اسمه عنى للأسف إلى جانب رواية البريق لستيفن كنج على وجه الحصر.

وخلال الأسبوع الماضى قضيت وقتا ممتعا جدا مع كاتب معاصر من كوريا الجنوبية هو كيم أون سون وروايته المتآمرون الصادرة أخيرا عن دار المحروسة وترجمها عن الكورية محمد نجيب ترجمة لابأس بها ، كما أن أخطاءها اللغوية والنحوية قليلة جدا مما أتاح قراءة سلسة ومريحة لعمل تجاوزعدد صفحاته ٣٧٠ صفحة.لاجدوى بطبيعة الحال من تلخيص عمل كهذا ولافائدة لكننى سأشير مثلا إلى بعض الأماكن التى تحفل بها الرواية. هناك  مثلا الفرن والعاملون على خدمته بدقة.


الفرن يتولى حرق الجثث المغتالة بأعلى درجات الأمان حيث يتم طحن وإخفاء بقايا الأسنان تحديدا وهى التى يستطيع الطبيب الشرعى من خلالها أن يكشف الكثير والكثير. على أى حال فإن الدقة والمزيد من الدقة الأمنية صفة لازمة وضرورية ولايمكن التهاون بشانها فى عمليات الاغتيال والمراقبة. 


أشير أيضا إلى المكتبة الضخمة التى أمضى فيها ريسينج بطل الرواية طفولته ومراهقته وشبابه ويديرها راكون العجوز أحد كبار القتلة من الرعيل الأول. وكان من أوائل من أسس شركات القتل واتخذت الشركة من المكتبة المقر الرئيسى لعملياتها.


أما سوق اللحوم فهو على حد تعبير الكاتب المحطة الأخيرة للحياة الساقطة. هناك خبراء التزوير وغاسلو الأموال والقتلة المأجورون والأطباء غير المرخصين والقوادون. مزورو التأمين وتجار المخدرات والأعضاء البشرية. تجار الأسلحة والمتخلصون من الجثث والقتلة والقناصة والمتعقبون والمرتزقة.الوسطاء واللصوص والمحققون الملتوون والمبلغون عن المخالفات والواشون والمنشقون اخلطوا جميعا مع سماسرة من كل الأنواع. ويجب أن يأخذ القاريء فى اعتباره أنه أمام سوق حقيقى تباع فيه اللحوم ويعج بالبقايا والروائح ..وعموما لا رموز أو استعارات. الرواية حقيقية جدا وعارية تماما.


تقريبا هؤلاء السابقون هم أبطال هذا العمل وكان الكاتب من الحصافة والذكاء الفنى بحيث يتعامل معهم باعتبارهم حالات بشرية. ليسوا مجرد مجرمين قساة القلب يقتلون بدم بارد .بل هم أيضا يحبون ويخافون ويدفعون الثمن غالبا وأغلبهم شباب فى مقتبل العمر وسرعان ما يتساقطون. لديهم قانون لايمكن المساس به وهو ضرورة أن يحصل القاتل على أجر ولا عمليات عاطفية .. كل عملية لها أجرها ومن سبق ذكرهم فى الفقرة السابقة يصولون ويجولون على مدى صفحات الرواية فى ظل اتفاق وتخطيط مشترك مع الحكومة وفق مراسيم وتحدد كل التفاصيل وقيمة كل رشوة.


من جانب آخر فإن سوق اللحوم هو الأكثر رأسمالية بين كل الأسواق بلا استثناء. لاشىء ممنوع. يمكنك  شراء مقلة عين أو كلية أو رئة.  كما يمكنك باليسر نفسه شراء قنابل محلية الصنع ونساء من جنوب شرق آسيا وأدوية رخيصة مستوردة من أفغانستان. وفى السنوات التى أعقبت انتهاء الحرب الباردة شهد سوق اللحوم انتعاشا لسبب نشاط عملاء المخابرات السوفيتية السابقين إلى المافيا الروسية.


وهكذا فان تلخيص عمل مثل المتآمرون لا أهمية له فيما أظن. يكفى فقط الإشارة إلى الملامح العامة وإلى مسرح العمليات..وهو ما سأواصل تناوله فى الأسبوع القادم إذا امتد الأجل..

اقرأ ايضا

محمود الورداني يكتب |عن سيد البحراوي