وجع قلب

التليفزيون على المعاش

هبة عمر
هبة عمر

مرت ذكرى  ميلاد التلفزيون المصرى قبل أيام ليكمل عامه الثانى والستين، ويصبح بعد هذا العمر الطويل  ورغم حجم العمل والإبداع والإنتاج الضخم الذى قدمه طيلة مسيرته وكأنه أحيل الى التقاعد، فقد تجاوزه الزمن وتغيرت الدنيا حوله وتجمد بريقه وتأثيره، وأنهكت السياسات والمعوقات والميزانيات والقيود قدرته على المنافسة فى فضاء الإعلام المفتوح على مصراعيه، وعجزت محاولات التطوير المحدودة عن إعادته للمسار الذى يستحقه من الثقة والاهتمام كأقدمة ومحطة تلفزيونية عام ١٩٥٤  بمشروع تقدم به وزير الإرشاد القومى صلاح سالم ووافق عليه الرئيس جمال عبد الناصر، وبدأ إرساله فى ٢١ يوليو عام ١٩٦٠، بجهود مخلصة من وزير الإعلام الدكتور محمد عبد القادر حاتم .

ومنذ البداية التف الناس حوله، وأحبوا الوجوه الرصينة التى أطلت عبر شاشته من مذيعين ومذيعات أكفاء، وبدأ إنتاج البرامج الهادفة والمسلسلات التى تمثل الواقع المصرى الحقيقي، وأصبح للتلفزيون تأثيره فى إتاحة المعرفة والثقافة والآداب والفنون للجميع، واإهتم ببرامج محو الأمية وتعليم الكبار التى أثمرت نجاحا كبيرا فى تعليم الأميين القراءة والكتابة، وأصبح التلفزيون نافذة الناس على العالم خاصة مع تشعب قنواته ومد إرساله لكل مكان فى مصر وامتداد تأثيره فى كل مناحى الحياة.

كيف تحول هذا الكيان بتاريخه وخبراته بعد هذا العمر إلى عبء على الدولة وكيف انفصل عن الجمهور واهتماماته وكيف خسر إعجابه ؟ 
هل المشكلة الرئيسية فى غياب الاستقلالية وجمود الإدارة ورتابة المحتوى ؟ أم فى مفهوم التطوير التجميلى فقط دون تطوير الرؤى والخطط وآليات تنفيذها ؟ ألا يهتم أحد بنسب المشاهدة التى تراجعت أو الدراسات المتخصصة التى فندت كل مشكلة أدت لهذا الوضع المحزن؟