احترس في حضرة «الملك».. ذكرى مغادرة فريد شوقي «عرين الوحش» للأبد

ملك الترسو الراحل فريد شوقي
ملك الترسو الراحل فريد شوقي

لم يكن فنانا عاديًا، تعرفه من نبرة صوته دون أن تراه.. وحش الشاشة والبخيل وملك الترسو وسلطان ضحية المجتمع.. هو الماركة المسجلة باسم «فريد شوقي».. مدرسة العنترية في السينما على أرض صلبة.. هو الحاضر دائمًا خاصة في ذكرى وفاته في 27 يوليو عام 1998.

 

ولد فريد شوقي في يوم 30 يوليو 1920 بحي البغالة بالسيدة زينب بالقاهرة، بينما نشأ في حي الحلمية الجديدة؛ حيث انتقلت إليه الأسرة، وهذا الحي يتوسط عدة أحياء شعبية قديمة ،كأحياء السيدة زينب والقلعة والحسين والغورية وعابدين وشارع محمد علي وباب الخلق. 

 

وتلقى فريد شوقي دراسته الابتدائية في مدرسة الناصرية التي حصل منها على الابتدائية عام 1937 وهو في الخامسة عشرة، ثم التحق بمدرسة الفنون التطبيقية وحصل منها على الدبلوم، التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية.

 

 

أصبح ممثل وكاتب سيناريو وحوار ومنتج مصري، أمتدت حياته المهنية نحو أكثر من 50 عاما، تألق شوقي فيها، أنتج، وكتب سيناريو أكثر من 400 فيلما ، أكثر من الأفلام التي أُنتجت بشكل جماعي من قبل العالم العربي كله، وحصل على أكثر من 92 جائزة أبرزها وسام الفنون الذي سلمه له الرئيس جمال عبدالناصر إلى أن رحل وهو في عمر الـ78 عاما.

 

وما بين الولادة والوفاة كان فريد شوقي صاحب مواقف غير عادية بعضها كوميدي وآخر اتسم بالطابع الحزين: 

 

سرقة فريد شوقي

 

يروي وحش الشاشة القصة بقوله إنه عندما دخل أحد المحلات لشراء جهاز تسجيل بـ150 جنيهاً، فجأة ظهر من يهمس فى أذنه قائلاً: لماذا تدفع كل هذا المبلغ.. فالتفت ليجد بجواره شخص قائلاً له لا تخف أنا منادي سيارات المنطقة.. وسأله فريد عن الثمن الذي يدفعه له نظير حصوله على التسجيل .


فقال المنادي 15 جنيهاً فقط ، فدفعها وحش الشاشة فى الحال وعاد إلى مكتبه وانتظر التسجيل، وفي اليوم التالي عاد المنادي إلى فريد ليقول له "متأسف جداً" رفضوا بيع التسجيل بأقل من 25 جنيهاً وفي الحال أخرج فريد 10 جنيهات من جيبه وسلمها للمنادي وبقي في مكتبه منتظراً التسجيل، وفي اليوم التالي عاد المنادي إلى فريد وقدم له 25 جنيهاً، قائلاً: متأسف جداً، إنهم يرفضون بيع التسجيل بأقل من 50 جنيها وهذه هي نقودك.

 


وبسرعة امتدت يده في جيبه وأخرج 25 جنيها وسلمها للمنادي ليشتري له التسجيل المطلوب، وغادر المكتب بعد أن اتفق مع وحش الشاشة على انتظاره بسيارته على ناصية الشارع ليضع له التسجيل، وذهب فريد وانتظر طويلاً..ولم يحضر أحد.. وكل ما حدث لفريد أنه دفع غرامة لوقوف سيارته في الممنوع .. وضحك فريد وأدرك أنه كان وقع ضحية لنصاب.


وبعد فترة ذهب فريد، إلى أحد سجون ليمثل هناك بعض مشاهد فيلمه الجديد، وتجمع المساجين حوله لمصافحته، واقترب منه أحدهم قائلاً: أنا الذي نصبت عليك وسرقت ثمن التسجيل أنني هنا في السجن أمضى 4 أعوام في قضية أخرى، وذلك حسب ما جاء بجريدة أخبار اليوم في 19 فبراير 1972. 

 

خناقة السينما 

 

وفي موقف آخر، نشبت مشاجرة بين فريد شوقي ومدير سينما مدينة نصر اشترك فيها جمهور السينما؛ حيث توجه فريد ومعه مجموعة من أصدقائه إلى السينما ومعهم بعض المأكولات والمشروبات وطلب أن تخصص له ولأصدقائه بضع موائد في البلكون.

 

كانت هذه السينما بها موائد تشبه موائد الكازينوهات تقدم فيها الأطعمة إجباريا لكن مدير السينما رفض إعداد هذه الموائد لسببين،  الأول أنها كلها مشغولة، أما السبب الثاني أن فريد وأصدقائه يحملون معهم مأكولات من الخارج ومشروبات وذلك ممنوع في السينما.

 


حينها رد فريد أن الفيلم المعروض من بطولته ومن حقه الدخول هو والأصدقاء الذين دعاهم لكن مدير السينما أصر على موقفه، وبدأ النقاش يحتد وتحول إلى مشاجرة، وأمام ذلك ترك الجمهور الفيلم الذي كان يعرض قبل فيلم فريد شوقي الواقعي وأخذ يتفرج على المشاجرة، وكاد الأمر أن يصل إلى الشرطة لولا تدخل «أولاد الحلال» قبل أن يتجه فريد شوقي وأصدقائه إلى خارج دار السينما.

 

بعد ذلك شاهد فريد شوقي الفيلم ومعه أصدقائه في دار أخرى شتوية تعرض نفس الفيلم لكن بدون مأكولات.

 

 صبي الجزار

 

قام كثير من الفنانين على مدار تاريخ السينما المصرية بأداء دور الجزار والملفت في هذا الدور هو الملابس الموحدة وأدوات الجزار المعروفة، وكان منهم الفنان الكبير فريد شوقي وما يميزه عن غيره أنه ذهب بالفعل إلى جزارة في حي الجمالية وعمل بها صبي جزار.

 

أثناء تصوير أحداث فيلم «كيدهن عظيم» طلب المخرج حسن الإمام من فريد أن يتدرب على طرق بيع وتقطيع اللحوم في أحد محال الجزارة، كما نشر في جريدة «أخبار اليوم» يوم 24 أبريل 1982.

 

 

وتنفيذا لتعليمات المخرج تردد فريد شوقي أكثر من مرة على أحدى محلات الجزارة بحي الجمالية ليتلقى دروسًا في طرق بيع وتقطيع اللحوم والمصطلحات اللغوية التي يستخدمها المعلمون الكبار في «المدبح».

 

وتم عرض الفيلم عام 1983، وقام فيه فريد شوقي بدور «المعلم أبو العطوف» الجزار مع تحية كاريوكا وفاروق الفيشاوي وعفاف شعيب، ولم يكن هذا هو الفيلم الأول الذي يقوم فيه فريد بأداء دور الجزار ففي عام 1966 قدم في فيلم «الزوج العازب» شخصية الجزار المودرن من خلال شخصية المعلم عاشور  تاجر اللحوم، وعلى الرغم من أنه كان طيب القلب إلا أنه كان يتزوج كثيرًا وكان لدية كثر من 3 زوجات ووقع في حب المعلمة أزهار أرملة أحد الجزارين وقامت بدورها الفنانة هند رستم.

 

حراسة خاصة

 

وفي السادس من أكتوبر عام 1963، نشرت جريدة الأخبار خبرًا عن أن فريد شوقي قد عانى في حالة رعب طوال 48 ساعة من توقيت نشر الخبر؛ حيث تسلم خطابا في مكتبه يهدده فيه الكاتب بالقتل إذا لم يعطه 10 آلاف جنيه.

 

المرسل كتب لوحش الشاشة في خطابه: «عزيزي فريد.. أنت أحسن ممثل في مصر وتمثل أكبر عدد من الأفلام ولديك نقود كثيرة وذهب كثير، وأنا محتاج للمال لذلك أملي أن تعطيني عشره آلاف جنيه وإلا فسأقتلك».

 

وتابع: «أنا لا أمزح ولا تهمل هذا الخطاب لمصلحتك.. أكتب في إحدى الصحف أنك موافق، وبعد ذلك سأحدد لك الطريقة التي اتسلم بها المبلغ منك». سارع فريد شوقي إلى قسم عابدين التابع له مكتبه ثم قسم الدقي التابع له منزله فتم فرض حراسة خاصة له، والغريب أن فريد شوقي لم يدفع جنيها واحدا ومر الأمر وكأن شيئا لم يحدث.