«صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوها».. علي جمعة يوضحها

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومفتي الجمهورية السابق، إن سيدنا رسول الله ﷺ حررنا من الضيق إلى السعة، ونقل مفهوم العبادة من الطقوس والشعائر إلى معاملة الناس؛ فجعل الذكر، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر صدقة، ومعاشرة الرجل حليلته صدقة، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيَأْتِى أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ : « أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِى حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ ، فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِى الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ ».


وأضاف علي جمعة خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: "جعل فى كل تسبيح صدقة، وفى كل تحميد صدقة، وفى كل تهليل صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهى عن المنكر صدقة ، « يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ فِى كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ ، فَلَهُ بِكُلِّ صَلاَةٍ صَدَقَةٌ ، وَصِيَامٍ صَدَقَةٌ ، وَحَجٍّ صَدَقَةٌ ، وَتَسْبِيحٍ صَدَقَةٌ ، وَتَكْبِيرٍ صَدَقَةٌ ، وَتَحْمِيدٍ صَدَقَةٌ »، ويقول النبى ﷺ: " أفضلُ الصدقَةِ صدقةُ اللسانِ، قالوا: وما صدقَةُ اللسانِ؟ قال: الشفاعَةُ، تَفُكُّ بها الأسيرَ، وتَحْقِنُ بها الدَّمَ، وتُجْرِ بها المعروفَ والإحسانَ إِلى أخيكَ، وتدفعُ عنه الكريهةَ " بل وجعلها أفضل الصدقات".

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن سيدنا النبى ﷺ - وهو يوسع لنا مفهوم الصدقة- يبين أن الله قد تصدق علينا، فلما جعل الصلاة فى السفر على ركعتين، قال فيها رسول الله ﷺ: " صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بهَا علَيْكُم، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ " فلما تعلم ذلك تعلم قوله ﷺ : "مَا مِنْ يَوْمٍ وَلَا لَيْلَةٍ إِلَّا وَلِلَّهِ فِيهِ صَدَقَةٌ يَمُنُّ بِهَا عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَمَا مَنَّ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ بِمِثْلِ مِنْ أَنْ يُلْهِمَهُ ذِكْرَهُ" نعم .. صدقاته ومننه سبحانه وتعالى علينا لا تتناهى ولا نحصيها ولا نستطيع أن نعدها { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} ، حتى علمنا أن نقول " لا نحصى ثناءاً عليك أنت كما أثنيت على نفسك "، فيقول رسول الله ﷺ وليس من صدقة أعظم من توفيق ربنا لعبده إلى الذكر.

واستدل  علي جمعة، بما ورد عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ : أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ- فَقَالُوا : ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ. فَقَالَ : « وَمَا ذَاكَ ؟». قَالُوا : يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّى ، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلاَ نَتَصَدَّقُ ، وَيُعْتِقُونَ وَلاَ نُعْتِقُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - : « أَفَلاَ أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ ، وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ ، وَلاَ يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ إِلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ ؟ ». قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : « تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ مَرَّةً ». فَرَجَعَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - فَقَالُوا : سَمِعَ إِخْوَانُنَا أَهْلُ الأَمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا فَفَعَلُوا مِثْلَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - : « ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ». دين منفتح على الفقراء والأغنياء يرضى برضا الله وفعله فى الأكوان، لا يعرف أسود وأبيض ، لا يعرف حاكماً ومحكوما، لا يعرف عربياً وأعجميا.

وأشار علي جمعة إن أن ديننا دعى إلى عبادة الله، ورد الناس إلى الأمر الأول، وفتح لهم مفاهيم العبادة، وجعل فى كل خير صدقة، وفى كل خير ثواب، حتى قال رسول الله ﷺ : « إِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ عَلَى أَهْلِكَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّكَ تُؤْجَرُ فِيهَا حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إِلَى فِى امْرَأَتِكَ ». ، ويقول ﷺ : « دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِى رَقَبَةٍ ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ ؛ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِى أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ ». قال العلماء: ما أنفقته على أهلك وما جعلته فى ناسك مأجور عليه حتى ولو لم تنوِ ذلك، أما إذا نويت فلك أجران، أجر الفعل وأجر النية.

واختتم علي جمعة قائلاً: من واسع فضل الله أن جعل التعليم صدقة " أفْضلُ الصَّدَقةِ أنْ يَتَعَلَّمَ المَرْءُ المُسلِمُ عِلْمًا، ثُم يُعَلِّمُهُ أخاهُ المُسلِمَ "، والدعاء لأخيك المسلم صدقة، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر صدقة، ويقول رسول الله ﷺ : " وإِماطَةُ الأَذى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ " وشد ساقيك لتغيث الملهوف صدقة ، وشد ذراعيك تعين بها العانى -أى الضعيف- صدقة.

ودعا عضو هيئة كبار العلماء : “اللهم صَلِّ على سيدنا محمد والحمد لله الذى جعلنا مسلمين، اللهم يا ربنا تصدق علينا ووفقنا إلى ذكرك، وتصدق علينا واستجب دعائنا, وتصدق علينا وانقلنا من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك، وتصدق علينا وخفف عنا لأواء هذه الدنيا وشدتها، اللهم يا ربنا تصدق علينا ووفقنا للصدقة فى سبيلك بقدر ما أقمتنا فيه، فاللهم يا ربنا استجب دعائنا وتصدق علينا، إنك على كل شئ قدير”.

اقرأ أيضا:علي جمعة: الدعاء عبادة مضمونة.. والاستجابة لها ٣ مراحل