الروائي طالب الرفاعي: الرواية توثيق فني للواقع

الروائى طالب الرفاعى: الرواية توثيق فنى للواقع
الروائى طالب الرفاعى: الرواية توثيق فنى للواقع

أكتب وفق مدرسة «التخييل الذاتى».. فأكون بسيرتى واسمى الحقيقيين متواجداً فى أعمالى

جائزة شخصية العام الثقافية جاءت تتويجاً لمسيرتى الإبداعية والثقافية

الجوائز الخليجية صارت تمثّل جذباً لجميع الكتّاب العرب ومن مختلف الأقطار العربية والعالم
جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية، تسير بخطو واثق لتأكيد مكانتها على ساحة الجوائز العربية، وإعادة الألق لفن القصة القصيرة العربية

لا يمكن لأى جائزة عربية أو عالمية أن تأتى بلجنة تحكيم من القمر أو المريخ

الكتابة الإبداعية أعجز من أن تخرّج كاتباً

مؤخرًا صدر للروائى والقاص الكويتى طالب الرفاعى رواية «خطف الحبيب» من خلال 14 ناشرًاعربيا لتوفيرها للقراء العرب فى دول مختلفة فى وقت واحد من دون انتظار آلية التوزيع المعتادة، وهى خطوة من شأنها تشجيع هذا الشكل من النشر والذى تأخر كثيرًا عن العالم العربى.
تتناول "خطف الحبيب" ظاهرة الإرهاب، هنا نرى الكويت، التى كانت أحد أهم المنابر الثقافية العربية خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضى، أسيرة حالة من التخبط والضياع، يتجسد ذلك من خلال أسرة كويتية ثرية فقدت ابنها الشاب فى دهاليز التعاليم التكفيرية.  
 لا تحضر الكويت هنا وحدها، بل ومعها العراق سوريا ومصر وإيران والتى تنتقل الأحداث إلى أرضها فى الجزء الثانى من العمل بما يمكن تأويله رمزيًا على تعاظم الدور الإيرانى بالضبط كما يمكن تأويل شخصية المدرس المصرى والذى كان له دورًا فى اقتناع الابن بالفكر الجهادى، إلى تحولات الدور المصرى فى الخليج والمصحوب بتغيرات عنيفة طالت المجتمعات العربية بأكملها ولم يفلت من براثنها أحد وضاعت سبل النجاة اللهم إلا من طريق البائسين والمتمثل فى تبادل الاتهامات على من كان مصدر التطرف.
لكن التطرف فى رواية الرفاعى هنا ليس الوجه الوحيد للهم المحلى والقومي، بل أنه يكاد يكون نتيجة للعنة أخرى هى المال الذى تضيع فى سبيله حيوات من أصحاب البلد وممن جاءوا يعيشون على أرضه للعمل تحت سطوة مناخ الكل فيه تائه والأسئلة التى يطرحها أعقد من الإجابة عنها.
هنا فى هذا الحوار مع طالب الرفاعى فرضت «خطف الحبيب» بما تطرحه من أفكار نفسها لتكون العامود الرئيسى للحوار، وإن كنا تطرقنا إلى موضوعات أخرى يثيرها تنوع مسؤوليات الرفاعى واهتماماته. وكان لا بد بالطبع أن نبدأ من حدث تكريمه الذى تزامن مع صدور روايته التى أشرنا إليها.

ما الذى يعنيه لك تكريمك بجائزة شخصية العام الثقافية فى الدورة الـ40 لمعرض الشارقة الدولى للكتاب؟ وبشكل عام كيف ترى التكريمات والجوائز بالنسبة للكاتب، هل هى ضرورية؟
باعتزارٍ وتقدير تلقيت خبر تكريمى بجائزة «شخصية العام الثقافية»، فكما تعلمون فإن هذه الجائزة لا تأتى عبر تقدّم الكاتب لنيلها، لكنها تأتى باختيار لجنة معنية بذلك فى

معرض الشارقة الدولى للكتاب، ويتفضّل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمى شخصيًّا بتكريم الفائز. وهى تُمنح على إجمالى الإنتاج الإبداعى والثقافى للكتاب، لذا جاء فى حيثياتها، النظر إلى كتاباتى فى الرواية والقصة وأدب الطفل وأدب السيرة الذاتية، والكتاب الأكاديمي.

مثلما ثمّنت الجائزة جهدى فى العمل الثقافى على امتداد ما يزيد على الأربعين عاماً، سواء عملى فى المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب؛ مديراً لإدارة الثقافة والفنون، وتاليًا مستشاراً للمجلس.

ومن ثم تأسيسى وإدارتى للملتقى الثقافى فى بيتى كصالون ثقافى مند العام 2012، وأخيراً تأسيسي، لجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية. وبالتالى فإن جائزة شخصية العام الثقافية جاءت تتويجاً لمسيرتى الإبداعية والثقافية.

وهذه الجائزة وبقدر ما تخصّ طالب الرفاعى فهى بالتأكيد تُعدّ تكريماً للساحة الثقافية الكويتية، وزملائى المبدعين والمثقفين.
فيما يخصّ الشطر الثانى من السؤال، فإننى أرى أن التكريمات والجوائز تقدّم حافزاً مهماً لأى كاتب، سواء بقيمتها وتكريمها المعنويين، أو بما تقدّمه من مكافآت مالية، تعين الكاتب على تحمّل مشقات عيشه وأسرته.

وبالتالى فهى مهمة لتنشيط الوسط الإبداعى والثقافي، ومهمة أيضا لتكريم من يستحق من الكتّاب، بإعلان تميّزه فى مجاله وجنسه الأدبي، وأخيراً هى مهمة كونها تؤكد صلة الكاتب بجمهور القراءة، وتفيد حركة النشر العربي.


«كان حاضرا باسمه وسيرة حياته الحقيقية وأسرته وأصدقائه فى رواياته الصادمة” هذا ما جاء على الغلاف الأخير لعملك الأحدث «خطف الحبيب» .. وهنا خلط متعمد ما بين عناصر متناقضة ولو شكليًا.. الشخصى والفنى، الواقعى والمتخيل، السيرة الذاتية والرواية.

كيف ترى الفروق والفواصل بين تلك العناصر وبعضها؟ وما الحدود التى تتبعها عند المزج بينها؟ وما الذى يفيد فنيًا التصريح باستخدام الشخصى فى الفن؟ أم أنها مسألة إثارة لفضول القارئ؟
هذا سؤال مهم، فمنذ صدور روايتى الأولى «ظل الشمس» عام 1998، قبل حوالى ربع قرن، وأنا أكتب وفق مدرسة «التخييل الذاتى»، فأكون بسيرتى واسمى الحقيقيين متواجداً فى أعمالى الروائية كجزء من حبكة العمل.

وفى أحيان كثيرة أشرك معى أفراد أسرتى وأصدقائي، وطبعاً باسمائهم الحقيقية، وبمواقفهم تجاه قضايا الحياة. وهذا يعنى تقديم العمل الفني، الذى يستند فى جذره إلىالواقع، ويقوم على الخيال، متماهيّاً مع الشخصى البحت، وبما يُعد بمنزلة السيرة الذاتية الحقيقية لى. فأنا أرى أن الرواية هى توثيق فنى للواقع.

وحياة أى كاتب هى جزء من الواقع الاجتماعى والاقتصادى الذى يعيشه مجتمعه. وفى سؤالكم: هل يفيد مثل التصريح لدى القارئ؟ فأرى بإمكانية تحريك فضول القارئ، بأن يتعرّف على شيء من سيرة الكاتب الحقيقية مندمجة ومندغمة بحكاية العمل الفني.

وهذا يصدق فى رواياتي: «ظل الشمس»، و «سمر كلمات»، و «الثوب»، و «فى الهُنا»، أما بقية رواياتى بما فيها روايتى الجديدة «خطف الحبيب»، فأنا لست موجوداً. فإن لم يكن وجودى باسمى الحقيقى فاعلاً فى سياق حكاية الرواية، فلا داعى لوجودى فيها، ولا أريد له أن يكون نشازاً أو زيادة مخلة بحبكة الرواية.


تثير رواية «خطف الحبيب» بشكل أساسى مواضيع مثل التطرف، الانهيار الذى حدث فى بنية المجتمع الكويتى والعربي.. دعنا نتحدث أولًا عن الكويت التى كانت يومًا واحدة من عواصم إنتاج الثقافة العربية قبل وقوعها أسر حالة ظلامية تعادى الثقافة والتنوير.كيف ولماذ حدث هذا فى رأيك؟وإذا كانت دولًا مثل السعودية تسعى للتحرر من تلك السيطرة فأين الكويت من ذلك؟
ما حدث ويحدث فى الكويت يأتى بالدرجة الأولى بشكل سلمى معتمداً على سقف الحرية العالى الذى يحميه دستور البلاد. وأنا أرى أن الكويت ما زالت تقدّم للوطن العربى ما درجت على تقديمه من إصدارات ثقافية، سواء عبر مجلة «العربي» أو إصدارات المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب.

وعلى رأسها سلسلة «عالم المعرفة» ،و «عالم الفكر»، ولكن ما يجب التنبّه إليه هو أن حالة الثقافة والفنون اختلفت فى منطقة الخليج، ففى عام 1975، حينما أفتتح معرض الكتاب فى الكويت، لم تكن هناك معارض كتب خليجية، لكن الوضع اختلف اليوم، ببروز عواصم خليجية تهتم بالشأن الثقافي.

وتسعى بشكل ملحوظ لتقديم نفسها كحاضنة ثقافية خليجية عربية، وهذا شأن ملموس جداً عبر معارض الكتب، كالشارقة، وأبوظبى، والرياض، وقطر، أو تظاهرات ومؤتمرات فكرية ثقافية، وأخيراً عبر جوائز إبداعية ثقافية عربية، احتلت مشهد الجوائز العربية، وصارت تمثّل جذباً لجميع الكتّاب العرب ومن مختلف الأقطار العربية والعالم.


روايتى الجديدة «خطف الحبيب»، التى صدرت لدى أربعة عشر ناشراً عربياً، ووزّعت فى جميع العواصم العربية، فى وقت واحد، وبما يُعدّ بادرة ثقافية فى النشر العربى غير مسبوقة، فإنها تسلّط ضوءا كاشفاً على حياة أسرة كويتية، بعلاقاتها الإنسانية، وما يحيط بها، فى طبيعة علاقات البيت الكويتي، وعلاقة ذلك بالحدث العربى والعالمي، وغياب أحد أبناء هذه الأسرة  فى سوريا، ضمن الحروب البائسة الدائرة هناك. 


الكويت، فى رواية «خطف الحبيب» متاهة تضيع فيها الجنسيات جميعًا بما فيها المواطنون أنفسهم، وفى أعمالك بشكل عام نلمس الحسرة على الصورة القديمة للكويت والبحر وطقوسه فى القلب منها.كيف كانت تلك الصورة وما بقى منها؟ وهل ترى أن البترول لعنة بالفعل؟ 
بالتأكيد تاريخ 30 يونيو 1946 وهو تاريخ تصدير أول شحنة بترول كويتية، يمثّل المنعطف الأهم فى حياة الشعب الكويتي، فقبل هذا التاريخ كان المجتمع الكويتى مجتمعاً بسيطاً يعيش على مصارعة البحر من جهة، والالتفات للصحراء من جهة ثانية، وحين بدأت صادرات البترول تتدفق على الكويت والكويتيين، انتقلت الكويت من مجتمع صغير إلى دولة عصرية حديثة ناهضة. لذا فإن تذكّر الماضي.

يعنى تذكّر البساطة والوصل الإنسانى المباشر، المختلف عما هو قائم اليوم. ويأتى البحر ليكون الرمز الأهم لماضى الكويت. وضمن هذا كتبت روايتى «النجدي» التى تحكى الساعات الأخيرة فى حياة أحد أهم ربابنة السفن الشراعية الكويتية «النوخذة على بن ناصر النجدي”.

وربما بسبب محليتها وتقديمها لتراث الكويت البحري، فلقد لاقت اهتماماً كبيراً من المترجمين، وتمت ترجمتها للغات كثيرة من بينها: الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والصينية والتركية، وتجرى المباحثات الآن لتقديمها كفيلم روائي.

وأنا شخصياً لا أرى أبداً أن البترول لعنة، وكيف يمكن أن يكون كذلك وهو ما مهّد السبيل لبروز الكويت الحديثة، خاصة وأن ذلك جاء مقترناً بدستور حديث جعل من الكويت منارة للديمقراطية والسلام.


فى الرواية يتهم البطل مدرسًا مصريًا وآخر كويتيًا بأنهما وراء غسل فكر ولده وتحوله إلى الإرهاب، ونرى بوضوح كيف جرى التواطؤ لغض الطرف عن تغلغل تلك الجماعات فى الكويت، الكل مدان بالاشتراك أو التقصير أو الطمع والنهاية غير السعيدة كأنما تقول أننا، العرب، سقطنا فى مستنقع لا سبيل فى الأفق للخروج منه.. هل هذه قناعة فرضتها ضرورارت فنية أم أنه الواقع؟
الرواية تنطق بواقع محلى بتشابكه مع ما هو عربي، ومؤكد أن الحروب الأهلية سواء كانت فى سوريا أو اليمن أو ليبيا، هى حروب مؤلمة وطاحنة، بقتل الأخ لأخيه، وهى قادرة على الوصول بظلالها وآثارها إلى مختلف أقطار الوطن العربي.

لكنى لست يائساً، ولم أكن فى يوم أرى انسداد أفق الغد، بالرغم من كل الأوضاع القاسية والمريرة التى تعيشها بلداننا العربية، ولذا أتمنى أن تشرق الشمس غداً وتأتى بجديد يكون أفضل مما هو قائم.

وهذه قناعة شخصية وجزء أساسى من فهمى للحياة. وحتى نهاية رواية «خطف الحبيب» مفتوحة، فصحيح أن طلقة انطلقت لتصيب بطل الرواية «أحمد»، لكن ليس هناك ما يؤشر إلى موته!


الحضور الفارسى، أو الإيرانى، فى العمل يأتى باعتباره أملًا وحبًا ومساعدة، طريقًا جديدًا بعدما انسدت الطرق الأخرى.هل تستشرف الرواية هنا مستقبلًا قريبًا؟ هل تظن أن الثقافة العربية اخطأت بالنأى بنفسها عن بلاد فارس؟ هل يمكن التجاوز عن التاريخ الذى تهتدى به الثقافتان فى حركتهما الحاضرة؟
مهما أمكن اللعب فى كتابة التاريخ، فإنه يصعب تغيير حقائق الجغرافيا، والتى تقول بتجاور الثقافتين العربية والفارسية، ومنذ ما قبل الإسلام، لذا أتمنى أن يحلّ السلام العادل فى المنطقة العربية، وأن تجتمع الثقافتان العربية والفارسية حول الخير والسلام والوصل الإنسانى الخيّر، بعيداً عن التدخل فى شؤون الآخر الداخلية، والقتل والقتال.


تكتب القصة والرواية.. أيهما تجده أقرب إلى نفسك لإيصال أفكارك، وكيف ترى تفاعل القراء مع كليهما؟
القصة القصيرة أقرب إلى نفسي. لكنها الأصعب كونها تحتاج للغة مكثّفة ورشيقة وفكرة متماسكة. لكن الرواية فى سياقها الأفقي، مفتوحة على إمكانية أكبر لأن يبث الكاتب أفكاره، وهذا ما يجعلها أكثر وصلاً وتفاعلاً مع القراء.


كيف ترى نتاج جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية. ربما لا تكفى 4 دورات لتقديم أحكام، لكن هل ترى أن الجوائز هى السبيل لإعادة إنعاش فن القصة فى الوطن العربي؟
عشقى للقصة القصيرة أخذنى لتأسيس جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية، بمساعدة مجموعة من الزملاء الأدباء المؤمنين بدور الفن فى حياة الإنسان، وبدعم ودورٍ كريمين من الشيخ ناصر صباح  الأحمد، طيّب الله ثراه، وذلك عام 2015. الجائزة تسير بخطو واثق لتأكيد مكانتها على ساحة الجوائز العربية.

ولإعادة الألق لفن القصة القصيرة العربية ويكفى أنها تستقبل فى كل دورة ما يزيد على 250 مجموعة قصصية، لكتّاب عرب من مختلف الأقطار العربية والعالم. لكونها بات يُنظر إليها بوصفها جائزة القصة القصيرة العربية الأولى، خاصة والمكان الذى احتلته فى «منتدى الجوائز العربية».

هذه الجائزة تأتى بدعم سخى فى البدء كان من الجامعة الأمريكية فى الكويت، ومنذ الدورة الرابعة هى فى عهدة ودعم كبيرين جامعة الشرق الأوسط الأمريكية (AUM)، حيث يحتضن حرم الجامعة سنويًّا حفل الجائزة وكذلك الأنشطة الثقافية المصاحبة للاحتفالية، وبما يقدّم وجهاً ثقافياً جميلاً للكويت بوصفها بيتاً لفن القصة القصيرة العربية.


ترأست واحدة من دورات جائزة البوكر العربية. هذا الاقتراب يسمح لك بالتعليق على ما تثيره الجائزة على أهميتها من جدل سنوى حول الاختيارات، المعايير، القيمة الفنية للأعمال الفائزة. هل تغلب الاعتبارات السياسية على الجائزة؟
بالرغم مما يُثار سنويّاً من جدلٍ حول جائزة البوكر للرواية العربية، فإنها بلا شك، تبقى واحدة من الجوائز العربية المهمة. وهنا لابد من الإشارة إلى أن التحكيم فى أى جائزة عربية كانت أو عالمية، إنما يخضع لوعى وفكر وموقف لجنة تحكيم الجائزة.

وللمعايير التى يضعها أعضاء اللجنة كى تتمكن من اختيار الروايات الأهم وفق ذلك. ومن واقع خبرتى الشخصية، فإننى لا أرى اعتبارات للجوانب السياسية، وأتمنى ألا يتردد ذلك كثيراً، فمن شأن ذلك أن يضر بسمعة الجائزة، وبالتالى مشهد الجوائز العربية. لا يمكن لأى جائزة عربية أو عالمية أن تأتى بلجنة تحكيم من القمر أو المريخ، لذا سيأتى أشخاص من وسط جسد الرواية والثقافة العربية، ومؤكد أن هذا سيلقى بظلاله على اختياراتهم.


كيف ترى الساحة الثقافية والأدبية حاليا فى الكويت.. الاتجاهات، أبرز الأسماء، الاهتمام الجماهيرى؟
كما دائماً فإن الساحة الثقافية فى الكويت تجمع بين مختلف الأجيال، وبمختلف المدارس الإبداعية والثقافية التى ينتمون إليها. فإلى جانب الشاعر والمؤرخ الدكتور خليفة الوقيان، والروائى والقاص والناقد الدكتور سليمان الشطي، والروائية والقاصة ليلى العثمان، والقاص والروائى وليد الرجيب.

هناك عشرات الأسماء الشابة، من مثل: باسمة العنزي، وهدى الشوا، وفوّاز الهاجري، ومنى الشمري، وخالد النصر الله، وسعود السنعوسي، وبثينة العيسى، وأمل الرندي، وعلى الفيلكاوي، وغيرهم كثير من جيل الشباب المجتهد والذى يرى فى الأدب طريقاً للوصل الإنساني، سواء فى القصة أو الرواية أو الشعر أو الترجمة أو دور النشر. 


عملت لفترة فى المجلس الوطنى الكويتى للفنون والآداب. من واقع تلك الخبرة كيف ترى التحول الكويتى فى مجال الثقافة من الاهتمام بالشأن العربى والعالمى بشكل عام إلى الانكفاء نحو الداخل؟ 
من قبل انضمامى للعمل فى المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب، وخلال فترة عملى التى جاوزت العشرين عاما، وحتى بعد تقاعدي، فإن المجلس الوطنى يمثل شمعة ضوءٍ كويتية بارزة فى الساحة الثقافية العربية. صحيح أن دور المجلس الوطنى الثقافي، قد انحسر عما كان عليه فى السبعينات والثمانينات.

لكنى أقرأ ذلك بالحركة النشطة التى دارت وتدور من حوله فى الدول الخليجية: الإمارات والمملكة السعودية وقطر وعُمان والبحرين. إضافة لظرف المجلس الموضوعي، لذا فإن عطاء الكويت الثقافى لم يزل كما هو، بامتداداته العربية، لكن الوضع العربى والعالمى تغيّر بما يتطلب بالضرورة إعادة النظر بإصدارات المجلس وحضوره الفكري والثقافي.


تقوم بتدريس مادة الكتابة الإبداعية، ولك كتاب أكاديمى بخصوصها، فهل يمكن تعليم صنعة الأدب، وخلق كاتب عبر التعلّم؟
منذ العام 2009، ودراستى فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية، ولاحقاً بريطانيا، وحصولى على الماجستير المعضّد، الذى يعادل الدكتوراه فى الكتابة الإبداعية، فإننى أقوم بتدريس مادة الكتابة الإبداعية، انطلاقاً من فهم جديد، يقول بأن الموهبة وحدها لا تكفى لصنع كاتب.

وأن دورات الكتابة الإبداعية هى أعجز بدورها عن تخريج كاتب مبدع. لذا فمادة الكتابة الإبداعية، تستند إلى موهبة الكاتب الشاب، ورصيد قراءاته المتنوّع والمتجدد، إضافة إلى تدريسه للعناصر الأساسية لكتابة الجنس الأدبى سواء كان قصة أو رواية. تدريس الكتابة الإبداعية وفق المنهج الأمريكي، يقوم على الدرس التفاعلى بين المدرس والطالب.

ويقوم أيضاً على كون الواقع جذراً للكتابة، لكنه لا يجب أن يكون الحاضر الوحيد فى الكتابة، بل أن خيال ولغة الكاتب وحدهما من يصنع عالما فنيا يكاد يكون قطعة طازجة من الحياة!

اقرأ ايضا | فيفان دينون يكتب | بلا غد