التضامن الاجتماعي.. وتأهيل المُقْبِلِين على الزواج

د. مجدى عاشور
د. مجدى عاشور

إن الأسرة فى الأجيال السابقة كانت أكثر ترابطًا وأشد تماسكًا منها فى أيامنا هذه، وذلك لعوامل عدة اجتماعية واقتصادية وثقافية، نتج عنها انتشار ديموجرافى سُكَّانى يباعد بين أطراف الأسرة الواحدة، خاصة بين الأبناء وأبويهم فضلًا عن أصولهم من الجدات والأجداد من ناحية الأب والأم، وزاد الأمر تفرُّقًا بما أفرزته الحضارة الحديثة من أدوات تشغل الإنسان صغيرًا أو كبيرًا عن أقرب الناس إليه، وذلك مثل هواتف المحمول وأدوات التواصل الاجتماعي المتعددة (السوشيال ميديا).

وبسبب ذلك افتقد الصغار التوعية والتدريب واكتساب المهارات التي كان غيرهم قبل ذلك يعيشها ويعايشها مع أسرته، خاصة علاقة أبيه بأمه وكيف كانا يتعاملان كزوجين متعاونين متكاملين.

كان الصغار يرون كم تضحي الأم بكل ما لديها للوقوف بجانب زوجها ومن أجل البقاء على أسرتها سعيدة ومستمرة، وكذلك ما كان يبذله الأب من جهد ومال لذات الغرض النبيل، مما أنتج نموذجًا فريدًا أمام الأبناء، فيه من التوأمة والاندماج والإيثار، ما يجعله يسمو إلى مرتبة الإحسان التي هي أعلى مراتب القرب من الله، لأن كُلًّا منهما يُرَاعِي الله في الطرف الآخر، وهو الخُلُق الذي عبَّر عنه القرآن الكريم بـ (الفضل - وليس العدل - في التعامل بين الزوجين) فقال عز وجل: (وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) «البقرة:٢٣٧».

لَمَّا افتقد أبناؤنا من الذكور والإناث في عصرنا الحاضر مشاهدة ومعايشة هذه الحالة الفريدة العزيزة الناصعة في التعامل بين الأبوين، وبسبب ما ذكرناه من عوامل، وأبعدتهم تلك العوامل عن التدريب واكتساب المهارات وفن التعامل الخاص بين الزوجين، لَمَّا صار الأمرُ كذلك احتجنا إلى أن تساعد مؤسسات الدولة المعنية بتربية وتأهيل النشء والأسرة في إكساب الأبناء تلك المهارات من خلال ما يُسَمَّى بـ :(الدورات الضرورية لتأهيل المقبلين على الزواج) نفسيًّا واجتماعيًّا ودينيًّا وأخلاقيًّا، وهو ما بدأته بعض الوزارات كالتضامن الاجتماعي بالتعاون مع المؤسسات الدينية والتربوية والشبابية، وتحتاج مصرُنا بل وأمتنا العربية والإسلامية إلى المزيد من تلك الدورات ذات الأهمية القصوى لبناء أسرة واعية ومستقرة ومستمرة.