حكاية ثورة خالدة| أنهت الملكية والاحتلال وقضت على الإقطاع ورسخت مبادئ العدالة

الإخوان لصوص الثورات| عبدالناصر: عندما اختلفت مع الإخوان عقدوا صفقات مع بريطانيا

سيد قطب ومجموعة من الإخوان خلال محاكمتهم بسبب جرائم الجماعة
سيد قطب ومجموعة من الإخوان خلال محاكمتهم بسبب جرائم الجماعة

كانت ثورة 23 يوليو وستظل دائمًا حاضرة فى وجدان الشعب المصري، تلك الثورة التى حققت إنجازات عظيمة، وارست مبادئ العدالة والمساواة والحرية، وأحدثت  تغييرًا كبيرًا  فى المنطقة العربية والأفريقية، دافعت عن حرية الشعوب وحقها فى حياة حرة كريمة، وفى التخلص من الاحتلال وسيادتها واستقلال كرامتها..

وفى الذكرى السبعين لهذه الثورة ، يتذكر المصريون جميعًا هذه الثورة التى ألهمت حركات التحرر فى العالم والشعوب المتطلعة للحرية، وقادها الضباط الأحرار المخلصون للوطن، الذين تحركوا للتصدى للفساد والإقطاع ووضع نهاية للاحتلال الإنجليزى ، وسوف  تظل باقية فى وجدان كل الأجيال، لأنها تذكرنا بأن مصر قد امتلكت إرادتها، وأن الشعب المصرى دائمًا لا يقبل المساس بتراب الوطن..

كما أن ثورة 30 يونيو 2013، تعتبر استكمالاً قويًا وامتدادًا صحيحًا لثورة 23 يوليو المجيدة ، حيث تمكنت من استعادت الدولة من يد جماعة إرهابية حاولت الهيمنة عليها .

يبدو أن مقولة «التاريخ يعيد نفسه» لم تأتِ من فراغ، وسواء اتفقت أو اختلفت معها إلا أن الكثير من الأحداث الماضية تتشابه مع الحاضر والمستقبل، وإذا نظرنا إلى تاريخ جماعة الإخوان الإرهابية سنجد أيادى خضبتها الدماء وألسنة دست السم فى العسل، وعقول ملأها التطرف ومحاولات الوصول للسلطة وإيجاد المبررات لارتكاب الجرائم، بل وإن سرقة البساط من الثوار هو حرفة امتهنوها منذ نشأتهم، فما حدث فى ثورة 23 يوليو أكبر دليل على ذلك خاصة أنهم حاولوا السيطرة على المشهد والوصول للحكم وعندما فشلوا فى ذلك، ظهر وجههم القبيح وكرههم ليوليو مثلما حدث فى يناير حينما نجحوا بالفعل فى تحقيق هدفهم السلطوى والذى سرعان ما أسقطتهم 30 يونيو لتصحيح المسار.

أطماع السلطة

وصفت جماعة الإخوان الإرهابية ثورة يوليو بأنها انقلاب وليست ثورة شعبية، وذلك بعدما فشلوا فى السيطرة على المشهد والظهور كأبطال وأحد أهم العناصر المشاركة فيها -على عكس الحقيقة- وحاولوا تشويه قادة ثورة يوليو خاصة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والذى اكتشف وجههم الحقيقى لذا حاولوا اغتياله، وعرف الشعب المصرى حقيقة التنظيم، والدليل على ذلك ما فعلته الهاربة آيات عرابى القيادية بتحالف جماعة الإخوان، بزعمها أن الزعيم جمال عبد الناصر كان يعادى الإسلام والمسلمين وأنه كان مواليًا للأمريكان، ليس هذا فحسب بل حاولت بشتى الطرق تشويه ثورة 23 يوليو والضباط الأحرار.. وقد سبق وأوضح المهندس عبد الحكيم عبد الناصر، نجل الرئيس الراحل، أسباب تشويه الإخوان لتلك الثورة، فيقول إن ما فعلوه فى يناير ما هو إلا تكرار لتاريخهم الأسود وحاولوا ركوب الثورة على أكتاف الشباب البرىء الذى حاول إصلاح الوطن للوصول للحكم، حتى ثارت مصر على نظامهم الفاشل، وسقط قناعهم المتاجر بالدين، وأن ما فعلوه فى ثورة 25 يناير يشبه تمامًا موقفهم فى يوليو فهم لم يخرجوا ورفضوا أن يمثلوا أى جانب من جوانب الثوار ولم يعلنوا حينها أى موقف واضح إلا بعد خروج الملك بل وحاولوا لعب دور الوصى على الثورة لمحاولة تحقيق أطماعهم فى السلطة.

كراهية وعداء

حاولت جماعة الإخوان منذ تأسيسها بالتعاون مع الاحتلال البريطانى، عام 1928، فرض هيمنتها على القرار السياسى للدولة لذلك عاشت معها الدولة المصرية صراعًا عنيفًا خاصة مع السنوات الأولى لثورة يوليو حينما حاولت صناعة الوهم بمشاركتها فى الثورة زيفًا وزورا وسقط القناع حينما تم التحقيق مع القيادات التى ساهمت فى محاولة اغتيال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وصدرت أحكام بالإعدام والسجن ضدهم خاصة بعدما تأكد أنهم لا يريدون الخير لمصر أو للشعب المصرى على الإطلاق وهذا ما اتضح أيضًا باغتيالهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات على الرغم من محاولته لتقديم فرصة حقيقية لهم للتصالح مع أنفسهم ومع المجتمع إلا أنهم حاولوا تشويه صورته أيضًا ورحبوا باغتياله.

ويعد أيضًا أحد أهم أسبابهم لكره ثورة يوليو هو أنها أنهت تبعية مصر للدولة العثمانية التى تحمى الإخوان وتدعمهم بكل الأشكال، ونظروا إلى الضباط الأحرار بنظرة الخوف باعتبارهم تهديدًا حقيقيًا لإنهاء وجودهم ومشروعهم الإخوانى للسيطرة على الحكم فى مصر وغيرها من البلاد العربية التى لا يعترفون بحدودها من الأساس، ولذلك كان الصدام حتميًا لأنهم ضد أى تغيير فى السلطة لن يدعمهم.

ذكر بعض المؤرخين أن الجماعة جن جنونها عندما أدركت أن الضباط الأحرار بقيادة ناصر أقوى مما تخيلت وأنه أعرب عن غضبه وسرعان ما أدرك الوجه الحقيقى لطيور الظلام بعد محاولات فرض وصاية الجماعة على الضباط الأحرار، وفى أول لقاء عقده مع مرشد الجماعة وقتها حسن الهضيبى، وكان ذلك بعد أسبوع واحد فقط على اندلاع الثورة، كما لاحظ نشاطا متزايدا للجماعة، من أجل إحياء الأسر الإخوانية، الأمر الذى أغضبه وأدرك أن الإخوان يعملون من أجل خدمة مصالحهم فقط.

تحالف مع بريطانيا

كره الإخوان لقادة ثورة يوليو أودى بهم إلى وقوفهم ضد مبادئهم المعلنة بل وضد مبادئ الدولة الإسلامية أيضًا والتى يتغنون بها ليلًا ونهارًا وأكبر دليل على ذلك معارضتهم للوحدة مع سوريا، وهذا ما أكده اللواء فؤاد علام فى مذكراته والتى أكد فيها أنهم تحركوا ضد الدولة خوفًا من تمدد قوة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأن خلافهم مع النظام حول الوحدة المصرية السورية لم يكن قائما على منطلقات فكرية وأيديولوجية، وإنما كان يقوم على كراهية النظام الحاكم ومـا يصدر عنه من قرارات بصرف النظر عن مدى تلاؤمها مع الإسلام باعتباره دين الوحدة وليس دين الفرقة والتشتت، بل واكتشف الضباط الأحرار وجود مفاوضات سرية تجرى من ورائهم بين الإخوان والسفارة الإنجليزية..ما يؤكد ذلك أيضًا ما كتبه «أنتونى إيدن» رئيس وزراء بريطانيا فى مذكراته، قائلا: «كنا نعتمد على الإخوان فى إثارة القلاقل والاضطرابات لإيقاف مفاوضات الجلاء، بدعوى أن الأحوال داخل مصر غير مستقرة».

وقد فضح الزعيم الراحل جمال عبد الناصر جرائمهم فى حق الوطن عندما قال فى أحد خطاباته: «الإخوان كانوا يريدون التأثير على الثورة، ويعملوا نفسهم أوصياء عليها.. اختلفنا معاهم فأعلنوا الحرب علينا، وأطلقوا الرصاص علىَّ..

كنا بنتفاوض مع الانجليز على الجلاء وهما بيعقدوا صفقات معاهم ويقولولهم نستطيع الاستيلاء على السلطة.. أيام ما كنا بنحارب الانجليز فى القناة مرشد الإخوان قال انتوا تحاربوا فى القناة واحنا نرى اننا نحارب فى أى بلد آخر لأننا دعوة واسعة.. كلام كله تضليل وتجارة بالدين.. اكتشفنا وجود خطط للاغتيالات وتدمير البلد..

ونحن لن نسلم انفسنا لأعوان الاستعمار، فهذه الجماعة تعمل لحساب الاستعمار».

لم تيأس الجماعة من محاولات فرض رؤيتهم على الحياة البسيطة اليومية فى مصر، حيث طلبوا من مجلس قيادة الثورة إصدار قرارات رسمية تفرض على المصريات ارتداء الحجاب، وأن يتم إغلاق دور السينما والمسرح، ومنع الأغانى وتعميم الأناشيد الدينية، حتى داخل الأفراح، ومنع السيدات من العمل فى المصالح الحكومية والخاصة، وإزالة كل التماثيل القديمة والحديثة من القاهرة، ووصل الأمر إلى جلوس حسن الهضيبى مرشد الإخوان مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بعدما جاء إليه، وطالبه بضرورة إلزام الفتيات والسيدات داخل مصر بارتداء الحجاب، فرد الزعيم الراحل: «ابنتك تدرس فى الجامعة، ولا ترتدى الحجاب، أنت لم تستطع فرض الحجاب على أهل بيتك، وتريد منى إجبار المصريين على ارتداء الحجاب» وذلك بحسب ما جاء أيضًا فى مذكرات اللواء فؤاد علام التى نشرت بعنوان: «الإخوان.. وأنا»...

ووصل الأمر بهم إلى محاولات متتالية من «سيد قطب» الزعيم الأكبر للإخوان والذى حكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 15 عاما كتب خلالها فتاواه التكفيرية وتستند إليها الجماعة حتى وقتنا الحالى بل إنه بعد الإفراج عنه أسس مجددا لما عرف بـ»تنظيم 1965»، لاغتيال جمال عبد الناصر وعدد من رجاله المؤثرين للسيطرة على السلطة بالإضافة إلى عدد من العمليات الإرهابية منها محاولة تدمير مبنى الإذاعة والتليفزيون، ومحطات الكهرباء، والقناطر الخيرية، لإغراق البلاد فى الفوضى لكن المؤامرة تم كشفها قبيل التنفيذ وتم القبض على عناصر التنظيم وتم إعدام سيد قطب.