خلال فعاليات المؤتمر الدولي بالقاهرة..

تفاصيل المؤتمر الدولي حول تحديات حماية الخصوصية في ظل الذكاء الاصطناعي

تفاصيل المؤتمر الدولي حول تحديات حماية الخصوصية في ظل الذكاء الاصطناعي
تفاصيل المؤتمر الدولي حول تحديات حماية الخصوصية في ظل الذكاء الاصطناعي

عقدت جلسة العمل الأولى من المؤتمر الدولي حول "تعزيز الحق في الخصوصية في سياق تحديات الذكاء الاصطناعي"، الذي تنظمه المنظمة العربية لحقوق الإنسان بالشراكة مع اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، على مدار يومين بعنوان «تحديات إعمال الحق في الخصوصية في ظل التطور التكنولوجي».

 

ترأس الجلسة محمد فائق، وزير الإعلام الأسبق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان سابقا، والذي أكد في كلمته أن الثورة الصناعية أثرت على الكوكب والمناخ، وامتدت تأثيراتها السلبية على قضايا حقوق الإنسان والحق في الخصوصية، وهو ما أكدته العديد من المواثيق الدولية.

 

وحذر "فائق" من خطورة ما وصفه بامتلاك بعض الأشخاص لملكية تطبيقات ما يعرف بالسوشيال ميديا وما يتم خلالها من تتبع لبيانات خاصة وبالتالي انتهاك الحق في الخصوصية، وقال: «الخطورة في أن تحولنا التكنولوجيا وتملكها في يد مجموعة من الأشخاص الذين يحصدون من الأموال الطائلة من وراء استخدام المعلومات والبيانات الخاصة».

 

شارك في الجلسة، الدكتور محمد سالم، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، والباحثة هايدي الطيب من المنظمة العربية لحقوق الإنسان، والحبيب بلكوش مركز دراسات الديمقراطية وحقوق الإنسان المغرب، وعصام يونس مركز الميزان لحقوق الإنسان - فلسطين.

 

وعرض الدكتور محمد سالم، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، ورقة مقدمة بعنوان "تحديات إعمال الحق في الخصوصية في ظل التطور التكنولوجي"، أكد خلالها أنه مع تسارع وتيرة التطور فى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتأثيرها المباشر وغير المباشر على جميع مناحى الحياة، ما كان بوسع الأمم المتحدة أن تتجاهل ما يحدث من تغير فى العالم كله، وأن هناك واقعًا جديدًا أصبح قائمًا بسبب هذا التطور التكنولوجى.

 

وقال إن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت فى 8 ديسمبر 2013 القرار رقم 68/ 167 الخاص بـ"الحق فى الخصوصية فى العصر الرقمى" بالإجماع، ويدعم هذا القرار بقوة الحق في الخصوصية، داعيًا جميع الدول إلى اتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد للأنشطة التي تنتهك هذا "المبدأ الأساسي للمجتمع الديمقراطي."

وتحت عنوان "الحق في الخصوصية في العصر الرقمي"، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء التأثير السلبي للمراقبة الإلكترونية واعتراض الاتصالات الرقمية وجمع البيانات الشخصية، على حقوق الإنسان، مؤكدة على أن الحق في الخصوصية هو حق أصيل من حقوق الإنسان.

 

وكشف سالم، عن أن هناك أكثر من 150 دستورا على مستوى العالم أشاروا إلى الحق فى الخصوصية، فإن من الطبيعى أن تتنوع مجهودات الدول فى ترجمة هذا الحق إلى قوانين وضعية.

 

وشدد على أن الحق فى الخصوصية هو بالتأكيد حق ثابت من حقوق الإنسان على مدى التاريخ، تعترف به معظم دول العالم وتبذل مختلف الجهود للحفاظ عليه ودعمه. ولكن مع التطور الهائل الذى يحدث فى أدوات ووسائل وتطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتشعبها وتغلغلها فى حياة البشر بكثير من الإيجابية وبعض السلبية من حيث أن أساس عمل هذه التطبيقات وقواعدها الرئيسة يعتمد على البيانات التى تشكل بيانات المتعاملين معها من البشر النسبة الأكبر منها، فإنه لزامًا علينا أن نجيب على السؤال الأهم الذى يبرز وهو: فى هذا العصر الرقمى، هل مازال العالم قادرًا على يحافظ على "حقه فى الخصوصية" أم أن التكنولوجيا قد رسّخت قواعدها ووضعت قوانينها وعلى العالم أن يمتثل لهذا الواقع الجديد؟   

 

وقال سالم، نعيش الآن فى عالم صار أبطاله هم صانعو تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بدءًا من جون ماكارثى أول من صاغ وصك مصطلح الذكاء الاصطناعى عام 1956، مروراً بالأب الروحى للإنترنت فينت سيرف والعبقرى الراحل ستيف جوبز مؤسس أبل وكيفين أشتون مخترع إنترنت الأشياء، وصولاً إلى مارك زوكربرج مؤسس فيسبوك وإيلون ماسك صاحب شركتّى تسلا للسيارات الكهربائية وسبيس إكس لأبحاث الفضاء والأهم والأكثر تأثيرًا شركة نيورالينك للأبحاث الطبية. هؤلاء المشاهير إقتنصوا ثروات العالم، فمن بين أغنى عشرة أشخاص على وجه الأرض سبعة منهم يعملون فى مجال تكنولوجيا المعلومات وتتعدى ثرواتهم ثمانمائة بليون دولاًرا، أما شركاتهم فأصبحت أكبر مصنع على وجه الأرض، فمنتجاتها تتعدى خمسة تريليونات دولارًا، وبسبب أجهزة المحمول التى فاق عددها عدد سكان الأرض، أصبحت هذه الشركات أيضاً هى أكبر مستودع للمعلومات.

 

 

واعتبر سالم، أن الطفرة التكنولوجية أحلت مصطلح الاستمتاع والارتباط الدائم بالعالم محل مصطلح الحق فى الخصوصية ولم تعد هذه الخصوصية على قائمة أولويات العالم، بل على العكس لم يعد يكترث أحد بحقه فى خصوصيته بل سوف يلهث الجميع وراء منتجات التكنولوجيا مستقطعين من أساسيات حياتهم ليظفروا بكل ما هو جديد، ولا بأس بأن نسلم عقولنا لشركات التكنولوجيا لتعبث بها وتحولنا إلى آلات بلا مشاعر وسوف يصبح "الحق فى الخصوصية" ما هو إلا تعبير عليه مسحة التاريخ لا يفهمه إلا من يقرأ الأوراق القديمة. هذا هو حالنا وها هو مستقبلنا الذى ندعو الله أن يجعله أبعد ما يكون». 

 

وأضاف، حيث أن الجزء الأكبر من هذه المعلومات والبيانات هى بيانات ومعلومات البشر المتعاملين مع أدوات ووسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إذن فهى ترتبط إرتباطًا عضويًا بموضوع هذه الورقة وهو حق الإنسان فى الخصوصية والمحافظة على سرية بياناته وأن "يترك الإنسان وحده" ولابد أن نضيف هنا "إذا رغب فى ذلك". ويمكن أن نقسم تطور الطفرة التكنولوجية التى يشهدها العالم إلى مراحل ثلاث: مرحلة ربط العالم ببعضه، ثم مرحلة الاستنساخ الرقمى، وأخيرا القفزة النهائية باستهداف العقل البشرى.

 

من جانبها ، أرجعت هايدي الطيب اسباب الفجوة الرقمية الي العديد من فجوات عدم المساواءة مثل الفجوات التكنولوجية والعلمية والتنظيمية والتشريعية. يمكن تقسيم اسباب الفجوة الرقمية الي اسباب سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية.

وقالت الطيب على الصعيد السياسي نجد تلعب السياسات العالمية دورا حيويا في نقل المعرفة واكتساب التكنولوجيا، وعلي الصعيد الاقتصادي نلاحظ التكلفة المرتفعة لتوطين تكنولوجيا المعلومات بالرغم من انخفاض اسعار تكنولوجيا المعلومات الخاصة بالمستخدم النهائي

كما توجد فجوة رقمية كبيرة بين الدول الاغني والافقر في استخدام تكنولوجيا المعلومات.وتوجد لمشكلة الفجوة الرقمية ابعاد جغرافية وديموغرافية واجتماعية واقتصادية، من جانب اخر تلعب ششركات تكنولوجيا المعلومات العملاقة دورا كبيرا في خرق خصوصية الافراد وخاصة في سياق شبكات التواصل الاجتماعي.

 

وأشار الحبيب بلكوش خلال كلمتة الي بعض من القضايا التي تبعث علي القلق وتدعو الي تفكير جماعي دولة وقطاع خاص ومجتمع مدني وذلك من زاوية البناء الديمقراطي. الثورة حققت انجازات والتسهيل التكنولوجي للمعرفة ولكن هذا يطرح تحديات علي المستوي المعرفي. تضحم المعلومات يجعل الباحث مشتتا وهذا ضغط علي العقل.

 

 

وقال علي المستوي السياسي، لقد وضحت عدة دراسات أن هذا التشكيل الدولي الؤسسي الذي تشكل في تسعينات القرن الماضي فرصة واعلا لاعلام تواصل يكسر هيمنة كبريات الؤسسات الدولية او التابعه للدول في المجال ، فإن تطور عدد من الأخطار المهدد للحرية من إرهاب وجريمة دولية منظمة وغيرها قد طرح ضرورة مراقبة هذه الفضاءات التي اصبحت توظف من قبل الشبكات الدولية خدمة لاغراضها الدنيئة.

وأوضح بلكوش أن الانتخابات الأمريكية من انتخاب للرئيس ترامب الكشف عن استعمال شركات بريطانية لقواعد معطيات للتعبئة الانتخابية بالولايات المتحدة الأمريكية ، كما أن هذا التوظيف لشبكات التواصل الاجتماعي والرقمي قد برز أيضا في دول الجنوب حيث أوردت ضمن عدد مخصص للثورة الرقمية تحت عنوان " مرحبا في الجنة الرقمية".

 

وأوضح أن نحو 22 دولة أفريقية قامت بقطع الإنترنت أو تقليصه خلال الانتخابات في أغلب الحالات، والحال ان لهذه الانقطاعات تلفتها المالية ، أيضاً مما يكون له من انعكاس علي الوضع الاقتصادي. الذي بلغت نسبة في 2019 أزيد من مليارين ومائة مليون دولار ، مشيرا إلى أنه علي مستوي الإنسان فأنا الحق في حماية الحياة الخاصة للإنسان قد تم التكفل بضمانة في الشرعة الدولية.

وكشف بلكوش، لقد أصبحت المعطيات المرتبة بالأشخاص في متناول الدول والشركات الخاصة في كل الجوانب من معلومات ومعطيات نحو الجانب العصبي والمالي والبيولوجي، والاختيارات السياسية والغذائية والفنية وما إلى ذلك، لذلك فإن هذه الفترة تستوجب اليقظة والمراقبة وهنا تأتي أهمية التشريع والبناء المؤسساتي، حماية للحقوق والمعطيات الشخصية.

 

وقال عصام يونس ، أن الخصوصية هي افتراض وهي مرتبطة بإنسانية الانسان والطفرة الإلكترونية "الثلاث" مراحل أحلت مكان الحق في الخصوصية وتحويلنا الي آلات بدون مشاعر، مشيرا إلى أن القوانين تهرم وتشيخ ، والمشكلة في المعيار عندما يتعلق بالأمم المتحدة وما يتعلق بالحق في الخصوصية والذكاء الاصطناعي .

 

وركز يونس في كلمته على الرقابة اللصيقة والتحكم في البشر مستعرضا الوضع الفلسطيني ، وقال الفلسطينيون محاصرون وممنعون من التواصل الاجتماعي، تم تطوير خورزميات من قبل المنصات للتواصل والملاحقة بالمحتوي الفلسطيني.، وفيما يتعلق بالمراقبة فالاحتلال يتحكمون في أدق التفاصيل، مضيفاً أن إنتاج تقنيات مراقبة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تم اختبارها وصقلها في الأراضي الفلسطينية حيث تم رصد أكثر من 1200 انتهاك هذا المحتوي القمعي الفلسطيني بزيادة وصلت الى 20% من العام 2019، ورصد أكثر من 800 انتهاك عبر «فيس بوك».

اقرأ أيضا: نيفين القباج: تقنية الذكاء الاصطناعي اقتحمت الحياة الخاصة شئنا أم أبينا