كنوز| نصباية القرن الجديد!

محمود السعدنى
محمود السعدنى

محمود السعدنى

انتهى القرن العشرون وبدأ الواحد والعشرون بنصبة الصفرين التى هددونا بسببها بالويل والثبوروعظائم الأمور، فالطائرات سوف تتساقط كالذباب والصواريخ سوف تنطلق وحدها، والأرصدة فى البنوك سوف تنكمش، والعالم كله مقبل على خراب مالطة، وفتحت الدول الكبرى خزائنها لمنع الخراب المستعجل، الولايات المتحدة انفقت مائة مليار، وفعلت أوروبا نفس الشىء، وكذلك اليابان.

ولم يتضح ما فعلته روسيا، كل المؤشرات تؤكد أن كل دول العالم أنفقت مبالغ ذهبت كلها إلى خزائن شركات الكمبيوتر، وهى شركات لا توجد فى الكونغو أو موريتانيا، لكنها موجودة فى الدول الكبرى التى أطلقت إشاعة الصفرين!

صدق العالم إشاعة الصفرين وما سيتبعها من كوارث، وعندما جاء الوقت الذى حددوه لوقوع الكارثة لم يحدث شىء،لا الطائرات هوت من السماء ولا الصواريخ انطلقت على هواها ولا حسابات البنوك أصابها التلف، ومر اليوم الموعود كما مر غيره من الأيام، وتبين للناس أن حكاية الصفرين مجرد نصبة ثقيلة تتضاءل إلى جانبها نصبة شركات توظيف الأموال، وإذا كانت الحكومات قد وقفت فى وجه أصحاب شركات توظيف الأموال، فمن يجرؤ على الوقوف فى وجه الذين أطلقوا نصبة الصفرين؟ ومن يتصدى لمحاسبة الذين أشاعوا الخوف فى نفوس البشر؟ وأجلسوهم على سطح صفيح ساخن، وحكاية الصفرين هى نتيجة لعقدة مزاج استعملوا فيها كميات ضخمة من مسحوق وارد دولة كولومبيا، والعملية كلها لا تخرج عن نطاق المثل الشعبي»رزق الهبل على المجانين»، الهبل هم شركات الكمبيوتر والمجانين هم حكومات الدول الغنية المفترية التى منحتها الأقدار الثروة والقوة وسلبتها راحة البال ونعمة الشعور بالأمن والأمان. 

>>>

لأول مرة شاهدت بيوتا شعبية تتناثر فى حدائقها مقاعد يجلس عليها المتنزهون، المساكن حماماتها مكسوة بالقيشانى، ونوافذها تطل على الحديقة، وتكلفة الشقة 28 ألف جنيه، بعد جولة فى المساكن إياها قلت لرجل الأعمال إبراهيم كامل، هذا المشروع فتح جديد لأن المساكن الشعبية كانت حتى قيام هذه المساكن حوائط أسمنتية تحيط بها مستنقعات وكهوف وحفر تسكنها زواحف، هذه أول مرة يعامل فيها سكان هذه المساكن معاملة آدمية، أجابنى بأن هذا هو هدف الذين شاركوا فى إقامة المشروع.

قلت: «يبقى هناك خطوة لتحديد الوصف الذى يمكن ان نطلقه على المشروع، والأفضلية ستكون للناس الذين كانوا يقيمون فى أكواخ على أرضه لرفع مستوى هذه الطبقة التى تحالفت ضدها الظروف، وكم من مساكن أقيمت باسمها وتم تسليمها لفئات أخرى.

سألته: « ولماذا لا تقومون بتسليم الشقق للناس الذين كانوا يقيمون على أرض المشروع قبل بنائه ؟ أجاب بأن الرأى استقرعلى تسليم المشروع للمحافظة لتتولى توزيع المساكن على المستحقين، قلت «لا بأس من الانتظار حتى يتم التوزيع على المستحقين، ثم نطلق عليها مساكن شلبية»، سألنى عن «شلبية».

فقلت: «امرأة من بلدنا كانت تبيع الفول والطعمية عند الجسر الذى يؤدى إلى قريتنا، ولما كانت خالة شلبية ست طيبة ومؤمنة بالله، فكانت تخصص من الطعام الذى تبيعه كمية للفقراء وأبناء السبيل، ولكن هذه الكمية من الطعام لم يذهب منها شىء فى اى وقت لهؤلاء الذين كان من المفروض ان تذهب اليهم، فقد كان الخفير النظامى يحضر كل صباح لتناول فطوره، وكانت خالة شلبية تضطر لإخراج إفطاره من نصيب الفقراء، وكان الولد البلطجى ابوليلة الأقرع يطلب إفطاره من خالة شلبية، فكانت تعطيه من نصيب الفقراء، وبالرغم من عدم وصول شيء من طعام خالة شلبية إلى المحتاجين، ظلت النية متوافرة لديها وهى مأجورة على ذلك باعتبار أن الأعمال بالنيات!

«البيان»- 5 يناير2000

إقرأ أيضاً|كنوز| إلى عرفات الله يا خير زائر.. عليك سلام الله فى عرفات