سريلانكا والأزمة الأسوأ منذ عقود

الرئيس جوتابايا راجاباكسا
الرئيس جوتابايا راجاباكسا

كتبت :مرام عماد المصرى

تسارعت الاضطرابات السياسية فى سريلانكا خلال الأيام الماضية، على خلفية أخطر أزمة اقتصادية تواجهها البلاد فى تاريخها، والتى أدت لاندلاع حركة احتجاجية أجبرت الرئيس جوتابايا راجاباكسا على الاستقالة، فى ظل أزمة غير مسبوقة منذ استقلال الجزيرة عام 1948 .


وافق البرلمان السريلانكى على استقالة الرئيس جوتابايا راجاباكسا الذى فر إلى الخارج بعد اقتحام المتظاهرين مقر إقامته الأسبوع الماضي.. حيث ارسل الرئيس السريلانكى الخميس الماضى خطاب تنحيه من سنغافورة التى استقر فيها بعد أن فر فى البداية إلى المالديف.

ومثل رحيله لحظة تاريخية للأمة بالجزيرة التى يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة، والتى حكمها الراجاباكساس بقبضة من حديد طوال العقدين الماضيين،. جوتابايا راجاباكسا ليس أول فرد من العائلة يتولى منصب الرئيس. فقد سبق ان انتخب شقيقه ماهيندا راجاباكسا، رئيسًا فى عام 2005 وحقق مكانة كبيرة عام 2009 عندما أعلن النصر فى الحرب الأهلية التى استمرت 26 عامًا ضد متمردى نمور تحرير التاميل.

وبموجب دستور سريلانكا، أصبح رئيس الوزراء رانيل ويكرمسينجه الذى يطالب المحتجون أيضا برحيله لانه احد المشاركين فى السياسات التى اوصلت البلاد الى هذا الوضع ، تلقائيا رئيسا بالوكالة حتى يتمكن البرلمان من انتخاب نائب ليتولى الرئاسة طوال الفترة المتبقية من ولاية راجاباكسا.

وأدى رئيس وزراء سريلانكا رانيل ويكريميسنجه، القسم رئيسا بالنيابة للبلاد، رغم رفض المتظاهرين، الذين اقتحموا مقر البرلمان ومكتب رئيس الوزراء مطالبين برحيله.. وسيتولى الرئيس المؤقت مهامه إلى أن ينتخب البرلمان رئيسا جديدا فى 20 يوليو.

وستقبل الترشيحات للرئاسة فى 19 يوليو، وسيكون على النواب التصويت فى اليوم التالي، وأعلن حزب المعارضة الرئيسى ترشيح زعيمه ساجيث بريماداسا لرئاسة البلاد.. وتولى ويكرمسينجه رئاسة الوزراء فى مايو الماضى خلفًا لماهيندا راجاباكسا، شقيق الرئيس جوتابايا راجاباكسا الذى استقال أيضا إثر احتجاجات عنيفة بين عناصر أمن.

وأنصار للرئيس ومتظاهرين مُطالبين بتغيير سياسى واقتصادى جذري، خلّفت 9 قتلى وأكثر من 300 جريح.. وكان المتظاهرون اتهموا راجابكسا بالإدارة السيئة فى وقت تمر البلاد بأخطر أزمة اقتصادية فى تاريخها.

ويعانى اقتصاد سريلانكا من الفوضى بدرجة كبيرة، بسبب تخلف الدولة عن سداد قروض خارجية بنحو 50 مليار دولار، وذلك لأول مرة فى تاريخها كدولة مستقلة. وتوالت الصفعات على قطاع السياحة الأجنبية فى سريلانكا خلال السنوات الـ3 الماضية، جراء سياسات مالية واقتصادية خاطئة ، وفيروس كورونا، وأخيرًا الحرب الروسية الأوكرانية.

وفى ظل سوء الإدارة المالية للرئيس راجاباكسا، زادت هذه الأزمات، مع نقص حاد فى السلع، بما فى ذلك الحليب والوقود والغذاء والدواء، فضلًا عن انقطاعات فى التيار الكهربائي، ما أدى إلى احتجاجات واسعة النطاق، تصاعدت حدِتها إلى فوضى سياسية.. اسرة راجاباكساس، وشقيقه رئيس الوزراء السابق «سلالة سياسية فى سريلانكا كانوا يسيطرون على المناصب الكبرى فى الحكومة.

وبعد انتخاب جوتابايا رئيسًا لسريلانكا فى عام 2019، زادت الديون الخارجية للبلاد، وتضاءل احتياطيات العملات الأجنبية لاستيراد السلع الأساسية. الأمر الذى قاد إلى أسوأ أزمة اقتصادية فى سريلانكا منذ قُرابة 75 عامًا من الاستقلال».


قد يؤدى عدم الاستقرار السياسى إلى تقويض محادثات سريلانكا مع صندوق النقد الدولى حيث تسعى للحصول على3 مليارات دولار ، وإعادة هيكلة بعض الديون الخارجية.. ويلقى البعض باللوم على عائلة راجاباكسا وحلفائهم فى التضخم الجامح والفساد والنقص الحاد فى الوقود والأدوية وانقطاع التيار الكهربائى والتضخم المتسارع و حجم الديون الهائل بالمقارنة بعدد السكان القليل لان الأزمة الاقتصادية ليست وليدة العام الحالي، بل هى نتيجة إخفاقات متراكمة لحكومات متعاقبة تنتمى لنفس العائلة .

اقرأ ايضا | واشنطن تحث سريلانكا على معالجة استياء الشعب