حكايات| عسل الهلوسة.. أقوى من «الفياجرا» وأخطر الأسلحة العسكرية

عسل الهلوسة
عسل الهلوسة

عليك أن تجتاز العديد من المخاطر حتى تصل إليه، فغرابته وارتفاع سعره يسمح له أن يضع الكثير من الخطر في طريق الحصول عليه والتي تبدأ بصعود واحدة من أعلى قمم جبال العالم «الهيمالايا»، وبعد الوصول لا تعتقد أنك فزت به فعليك أن تبدأ رحلة أخرى قد تكون الأكثر خطورة على الإطلاق.. هنا عسل الهلوسة.


عملية تبدأ بتحضير الحبال للوصول إلى منحنيات الجبل والنزول إلى أماكن تواجده بين الصخور، وبمجرد أن ترى تجمعاته يكون عليك الاستعداد لمواجهة معركة مع واحدة من أشرس وأكبر أنواع النحل في العالم والتي تدافع عن إنتاجها باستماته بلدغات مميتة.

 

وإذا تمكنت من العيش بعد هذه المعركة فقد تكون على بعد خطوات من تحقيق الهدف والحصول على أغلى أنواع العسل في العالم.. «عسل جبال الهيمالايا الأحمر» لتبدأ مغامرة جديدة لا تقل نتائجها خطورة عن طريق الوصول إلى «عسل الهلوسة» والذي يمكن أن يسبب ردود فعل فسيولوجية دراماتيكية لدى البشر والحيوانات.

 

 

ردود فعل تتراوح بين الشعور بالنشوة والهلوسة إلى بطء نبض القلب لتكون النهاية بالشعور بالشلل المؤقت وفقدان الوعي وحتى الموت.. فأهلا بك بين صائدي الهلوسة في عالم أغرب أنواع العسل.

 

اقرأ أيضًا| روث التماسيح واللبن والعسل.. أقدم خلطة طبية لمنع الحمل بالتاريخ


«عسل الهيمالايا الأحمر» هو تلك المادة المهلوسة النادرة التي ينتجها نحل جبال نيبال فمن بين 300 نوع من العسل حول العالم لا تجد أغرب وأخطر من «عسل الهلوسة»، الذي يتميز بلونه الأكثر إحمرارا وبمذاقه الأكثر مرارة ليكون شاهدا حيا على واحدة من نوادر الطبيعة.


يمتلك هذا النوع من العسل آثارا فسيولوجية غريبة تتوقف مدى قوتها على مقدار ما يستهلكه الشخص منه ما دفع الأشخاص إلى استهلاكه كوسيلة ترفيهية تحقق النشوة المطلوبة وكأنك مخمور أو كدواء مساعد للعديد من الحالات مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والتهاب المفاصل والتهاب الحلق كما تعتبره بعض الدول الآسيوية بديلا طبيعيا للفياجرا وعنصرا مهما يوفر دفعة من الطاقة.


استخدام عسكري 

 

وعلى الرغم من تعدد استخداماته إلا أنه يعد الاستخدام التاريخي الأبرز له والذي استمر لعدة قرون هو اعتباره جزءا عسكريا يدخل ضمن الحروب البيولوجية فبحسب إحدى أقدم الروايات والتي تعود لعام 401 قبل الميلاد عثر الجنود اليونانيون على كميات كبيرة من «عسل الهلوسة» وهم في طريقهم إلى تركيا وبعد لحظات من تناوله فقد الجنود الاحساس بحواسهم.


حتى أنهم لم يكونوا قادرين على الوقوف وكأنهم في حالة سكر شديد وازداد الأمر خطورة مع من أفرط في تناوله فضعروا أنهم عند نقطة الموت ولكن في اليوم التالي استعاد الجنود حواسهم واحتاج استعادتهم لصحتهم يومين حتى يتمكنوا من الوقوف على أقدامهم بصحة وفقا لموقع بيج ثينك.

 


ولم تكن هذه الرواية هي الوحيدة لاستخدام «عسل الهلوسة» في الاستخدامات العسكرية ولكن بعد قرون وتحديدا في عام 67 قبل الميلاد أوقع جيش الملك ميثريداتس الفارسي جنود الرومان في خدعة العسل؛ حيث ترك الفرس كميات كبيرة من عسل الهلوسة ورائهم حتى تجدها القوات الرومانية.

 

اقرأ أيضًا| التشافي بالعسل ولدغ النحل.. مؤلم مذاقه حلو يجدد الدم


لم تكن القوات الرومانية محظوظة في تناوله؛ حيث ظهرت عليهم أعراض الهلوسة وبمجرد أن تملكتهم عاد الجيش الفارسي وقتل أكثر من 1000 جندي روماني مع خسائر قليلة لهم ليبقى سر هذا العسل وآثاره لغزا استمر قرونا تمكن العلماء من اكتشافها أخيرا.


سر الهلوسة


وفي دراسة لطبيعة هذا النوع من العسل وما يسببه من آثار هلوسة واضحة تتوقف على الكمية التي يتناولها الفرد فالجرعات المنخفضة منه تسبب الدوخة والدوار والنشوة أما الجرعات العالية فتسبب الهلوسة والقيء وفقدان الوعي والنوبات وفي حالات نادرة تصل إلى حد الموت.


وقد وجد العلماء أن سر الهلوسة يأتي من نوعية الأزهار التي يتغذى عليها النحل في هذه المناطق المرتفعة؛ حيث يتغذى النحل على جنس من النباتات المزهرة تسمى «الرودودندرون»، والتي تحتوي على مجموعة من المركبات السامة للأعصاب تسمى السموم الرمادية.


وعندما يتغذى النحل على الرحيق وحبوب اللقاح لهذا النوع من الزهور فإنها تبتلع هذه السموم التي تشق طريقها في النهاية إلى عسل النحل مما يجعلها «مهلوسة» بشكل فعال بحسب موقع أطلس.

 


وحتى أنها يمكن أن تسبب التسمم في حالات الإفراط في تناول «عسل الهلوسة» فبسبب هذه السموم الرمادية والتي تمارس سميتها من خلال الارتباط بقنوات أيون الصوديوم على أغشية الخلايا ومنعها من الانغلاق بسرعة فإنها قد تسبب تدفق في أيونات الصوديوم بحرية إلى الخلايا  ما يمكن ان يسبب تزايد في تدفق الكالسيوم.


مما قد يؤدي إلى انخفاض خطير في ضغط الدم ومعدل ضربات القلب وظهور عدد من الأعراض التي تشمل زيادة التعرق وسيلان اللعاب والغثيان والتي عادة ما تختفي في غضون 24 ساعة ونادرا ما تصل إلى حد الوفاة بحسب دراسة تم نشرها عام 2012 في مجلة «Cardiovascular Toxicology».


صائدو العسل


وعلى الرغم من أن هذا النوع من العسل لا يوجد سوى في المنحدرات الشاهقة شديدة الخطورة إلا أن صائدي «عسل الهلوسة» لديهم من الجرأة ما يكفي للذهاب لأقراص العسل لتحقيق الربح؛ حيث يصل سعر الكيلو من عسل الهلوسة في السوق السوداء لأكثر من 360 دولارا، وقد يتراوح سعر الرطل في عدد من الدول الآسيوية من 60 إلى 80 دولارا.


وعلى الرغم من أن بعض الدول تعتبر هذا النوع من العسل غير قانوني مثل كوريا الجنوبية والتي حظرت هذه المادة الطبيعية عام 2005 إلا أن «عسل الهلوسة» لا يزال يتم حصاده وبيعه حتى الآن.