من اغتصب "سميرة"؟!

المجني عليها
المجني عليها

إيمان البلطي

كان لبراءتها الأثر البالغ في محبة الجميع لها، وقبولها على ما هي عليه، وهي الأخرى، بدورها، كانت ترى كل من حولها إخوتها، تحبهم ويحبونها، لذلك لم يتسلل الخوف مرة إلى قلبها. فـ «سميرة» صاحبة الثمانية والعشرون سنة، فتاة من ذوي الهمم، تعيش مع والدتها وشقيقها في مسكن بسيط في قرية جزيرة الحجر التابعة لمركز الشهداء بالمنوفية. لكن للأسف، قبل سنة، انقلبت حياة تلك الفتاة المسكينة رأسًا على عقب، وباتت الشابة - في غمضة عين - أمًا، دون زواج، ودون أن يُعرف لجنينها الذي في بطنها أبًا، واكتشفت اسرتها أنها تعرضت للاغتصاب، بل وتطور الأمر إلى أن الذي اعترفت عليه بأنه اغتصبها لم يتطابق تحليل الـ D N A الخاص به مع رضيعها، مما فتح الكثير من التساؤلات التي لم يتم الإجابة عنها حتى الآن. تفاصيل أكثر عن تلك الواقعة في السطور التالية.

 

نشأت الصغيرة في كنف والدتها بائعة السمك، ترى الدنيا بعينها، وتتنفس بوجودها، وكان شدة تعلق "سميرة" بوالدتها إلى هذا الحد، السبب الأول فيه، أن تلك الصغيرة ظهر عليها بعض التغيرات التي اتضحت فيما بعد أنها مصابة بإعاقة فكرية، لذلك كانت جُل عناية الأم لها، ولا تتركها إلا ساعة أو ساعتين في النهار، عندما تخرج حاملة قفتها لتبيع السمك. كبرت الصغيرة وأصبحت فتاة في عقدها الثالث، تغمرها السعادة وتنتشي بالفرح، لكن كان هناك من يتربص لهذه السعادة أن تنجلي ولهذا الفرح أن يزول.

 

حامل

فجأة، ظهر على الفتاة بعض الأمور المريبة، والأوجاع المتكررة، مرات تشكو ألم في البطن، ومرات تكسير في العظام، لكن كانت أمها تناولها أدوية المسكنات ومن ثم تعود لصحتها، لكن تكرر الوضع كثير، خصوصا بعد أن لاحظت الأم أن بطن ابنتها قد كبرت، واستدارت، فظنت أن بها مرض أصاب ربما الكبد أو الكلية، وحينها شرعت إلى الذهاب بها فورًا إلى المستشفى، وهناك أبلغها الطبيب بعد أن أجرى لها الفحص الطبي والكشف عليها بالسونار أن ابنتها حامل في الشهر السادس!

 

صدمة ما بعدها صدمة أصيبت بها الأم، جعلتها تصرخ بشكل هستيري دون هوادة، ولم تجد أمامها إلا أن تتصل بابنها تبلغه بما حدث، وهو الآخر، فور أن قصت عليه والدته ما جرى، أصابته رعشة انتهت بحالة إغماء لم يفق إلا بعدها بساعات.

 

أخذت الأم ومعها ابنها "سميرة" من المستشفى وعادوا بها إلى البيت، وهناك، حاول الاثنان أن يتكلمان معها علها تحكي لهم ما حدث لها، لكن كانت الفتاة أصلا لا تعرف ما حدث لها، أو بالأحرى، لم تكن تفهم ما يقصدانه، لكنها فور أن وصل إليه الكلام معبرًا ومفهومًا حكت أن أحد الموجودين في القرية ومعه صديق له فعلوا معها ما فعلوا دون أن تدرك ماذا يفعلان، عن طريق استدراجها في منطقة زراعية خلف منزل أحدهما.

 

اغتصاب

تحكي والدة "سميرة" لـ "أخبار الحوادث" قائلة: " أنا مكنتش بسيب بنتي في أي وقت، يدوب ساعة ولا اتنين اروح أبيع فيها السمك وارجع على طول، لحد ما لقتها بدأت تتعب وبقى عندها مغص كل شوية، وفجأة بطنها كبرت، ولما روحت كشفت عليها اتصدمت وعرفت أنها حامل".

واستكملت: "أنا كان نفسي أموت أحسن وميجراش اللي جرالنا ده، مش عارفه ازاي واحد قدر يغتصب بنت معاقة بريئة ويسبب لنا ولها أذى هنفضل طول عمرنا نعاني منه، طبعا إحنا حاولنا معاها لحد ما قالت لنا مين هو".

 

وأضافت؛ أن هذا الشخص كان معه صديق له وقت أن نادى عليها، فنظرت الفتاة لهما ظنت أنهما سوف يعطيان لها فلوس لتشتري بها شيء، وعندما ذهبت إليهما أخرج أحدهما من بنطاله مطواة، واقتادوها خلف منزل إحداهما، ونفذا فعلتهما النكراء دون رحمة، فقط تحركهما شهواتهما الفاسدة وضميرهما الميت، وبعد أن انتهيا من فعلتهما عادت البريئة إلى البيت تشتكي لأمها من مغص شديد فى بطنها، لم تدرك الأم أي شئ، واعتبرت أن ما في ابنتها محض مغص ليس إلا، ولم يأتِ فى ذهنها ما حدث. واختتمت: "لما بطنها كبرت وعرفنا إنها حامل وحكت لنا اللي حصلها، روحنا القسم وعملنا محضر ضد الشخص اللي عرفناه، والحمد لله قبضوا عليه، طبعا الإجراءات وقفت شوية لحد ما البنت تضع حملها، وفعلا ولدت وجابت ولد زي القمر، وأدينا لحد دلوقتي مش عارفين نثبت مين أبوه"؟!

 

وفي حديثه لـ "أخبار الحوادث" قال شقيقها: "لما قبضوا عليه عرضوا عليها المتهم داخل طابور العرض في القسم، وبالفعل تعرفت اختي عليه، وكمان عملوا طابور عرض للجاني في النيابة العامة، وبرضه أختى تعرفت عليه، لكنه  أنكر ما فعله بها، على الرغم من أن أسرته عرضوا علينا  شيك بمبلغ ١٠٠ ألف جنيه مقابل أن يتزوجها يوم واحد في القسم ويطلقها فى نفس اليوم، لكننا رفضنا طبعا، ومش هنقبل فلوس في شرفنا، لازم يعترف بالطفل ده ويتجوزها".

 

تحليل ومفاجأة

في قضايا النسب عموما، تكون الكلمة الفصل لتحليل الـ DNA، بالفعل أمرت النيابة العامة أخذ عينة من المتهم لإجراء التحليل، لكن كانت نتيجته صادمة، وغير متوقعة، إذ جاء التحليل يؤكد أن البصمة الوراثية للمتهم غير البصمة الوراثية للطفل، وبناءً عليه نفت النيابة أنها تتوافق مع عينة الطفل المولود، إلى هنا، كانت الواقعة تسير وفق خطوات ثابتة، ومفهومة، لكن كانت نتيجة التحليل غير متوقعة، وأصبحت الواقعة يومًا عن آخر تزيد صعوبة وتعقيدًا. 

 

الفتاة أنجبت، ولديها طفل حتى الأن مجهول النسب، والمتهم تعرفت عليه وقالت ما فعله معها، وتعرفت عليه مرتين داخل طابور العرض في قسم الشرطة والنيابة، كل هذه الحقائق جاء تحليل الـ DNA ونفاها جميعها، وفتح الكثير من الأسئلة التي لم يجدوا بعد إجابتها، من اغتصب "سميرة"؟ من هو والد طفلها؟ 

عن هذا يقول شقيق الضحية لـ "أخبار الحوادث": "العينة قعدت فترة كبيرة قبل ما تتبعت للتحليل، معرفش ده ايه بصراحة، ممكن يكون قدروا يغيروا العينة، وممكن يكون التأخير ده سبب في إنها لا تعطي نتيجة صادقة، وممكن يكون الشخص التاني اللي كان مع المتهم هو اللي أبوه، أنا مش عارف أقول ايه، إحنا بيتنا اتهد وحياتنا باظت، ومش عارف مين اللي عمل كده فيها، أنا طبعا اثق في القضاء لكن أن عايز حق أختى، بطلب يقبضوا على الشخص التاني، وإعادة تحليل الـ DNA مرة أخرى على المتهم وشريكه.