السجن المشدد للضابط المزيف وأعوانه.. تفاصيل

السجن المشدد للضابط المزيف
السجن المشدد للضابط المزيف

منى‭ ‬ربيع

على‭ ‬طريق‭ ‬المطار‭ ‬يقف‭ ‬ثلاثة‭ ‬رجال‭ ‬بجانب‭ ‬سيارة‭ ‬ملاكي‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬العودة‭ ‬من‭ ‬المطار‭ ‬يراقبون‭ ‬سيارات‭ ‬العائدين‭ ‬في‭ ‬ساعة‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬الليل‭.‬

فجأة‭ ‬يقوم‭ ‬احدهم‭ ‬بإيقاف‭ ‬إحدى‭ ‬السيارات،‭ ‬ويلتف‭ ‬الثلاثة‭ ‬حولها،‭ ‬ويقومون‭ ‬بإنزال‭ ‬قائدها‭ ‬ومن‭ ‬يركب‭ ‬معه،‭ ‬ويسألون‭ ‬الضحية‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬الشخصية،‭ ‬ومن‭ ‬منهم‭ ‬كان‭ ‬مسافرا‭ ‬ليبدأ‭ ‬أحدهما‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬وهومرتبك‭ ‬قائلاً‭ : ‬أنا‭ ‬كنت‭ ‬مسافر‭ ‬وبشتغل‭ ‬محاسب‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ .. ‬انتم‭ ‬مين؟

يرد‭ ‬عليه‭ ‬أحدهم‭ : ‬أنا‭ ‬ضابط‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬الوطنى‭ ‬ولدينا‭ ‬إخبارية‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العائدين‭ ‬الخارج‭ ‬يحملون‭ ‬اموالاً‭ ‬مزيفة‭ ‬لضرب‭ ‬الاقتصاد‭ ‬القومي‭.‬

يرتبك‭ ‬المحاسب‭ ‬الشاب‭ ‬ويحاول‭ ‬إقناعهم‭ ‬بأنه‭ ‬ليس‭ ‬المقصود،‭ ‬وكذلك‭ ‬صديقه‭ ‬الذى‭ ‬حاول‭ ‬الاتصال‭ ‬بأحد‭ ‬اقاربه،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬الضابط‭ ‬يأمر‭ ‬الامين‭ ‬والمجند‭ ‬الذي‭ ‬معه‭ ‬بسحب‭ ‬هواتفهم‭ ‬المحمولة،‭ ‬ويبدأون‭ ‬في‭ ‬تفتيش‭ ‬السيارة‭ ‬وحقائب‭ ‬المحاسب‭ ‬الشاب‭ ‬وهم‭ ‬يقفون‭ ‬بجانب‭ ‬السيارة‭.‬

جملة‭ ‬الامن‭ ‬الوطنى‭ ‬كانت‭ ‬كفيلة‭ ‬بإثارة‭ ‬الرعب‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬العائد‭ ‬من‭ ‬السفر‭ ‬ومن‭ ‬معه،‭ ‬خاصة‭ ‬وإن‭ ‬تصرف‭ ‬الضابط‭ ‬ومرافقيه‭ ‬كان‭ ‬مقلقًا،‭ ‬حتى‭ ‬أخرج‭ ‬الضابط‭ ‬من‭ ‬حقيبة‭ ‬المحاسب‭ ‬الشخصية‭ ‬حوالى‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬دولار‭ ‬وبعض‭ ‬العملات‭ ‬الاخرى،‭ ‬وبدأ‭ ‬يسأله‭ ‬عن‭ ‬مصدرها،‭ ‬ليقدم‭ ‬المحاسب‭ ‬الشاب‭ ‬جواز‭ ‬سفره‭ ‬إلى‭ ‬الضابط‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أنه‭ ‬عائد‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬ودخل‭ ‬بالأموال‭ ‬بطريقة‭ ‬مشروعة‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬الضابط‭ ‬العنيف‭ ‬أفقده‭ ‬التوازن‭ ‬،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تعرض‭ ‬للسب‭ ‬والنهر‭ ‬والاتهام‭ ‬المباشر‭ ‬بأنه‭ ‬يهرب‭ ‬أموالا‭ .‬

الوضع‭ ‬يزداد‭ ‬إثارة‭ ‬عندما‭ ‬يدعي‭ ‬الضابط‭ ‬أن‭ ‬الدولارات‭ ‬مزيفة‭ ‬وانه‭ ‬يجب‭ ‬تحريزها،‭ ‬المحاسب‭ ‬العائد‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬يحاول‭ ‬إقناعه‭ ‬بأنها‭ ‬سليمة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬فوجئ‭ ‬به‭ ‬يطلب‭ ‬منه‭ ‬هو‭ ‬وصديقه‭ ‬أن‭ ‬يركبا‭ ‬معهما‭.‬

في‭ ‬البداية‭ ‬رفضا‭ ‬وطلبا‭ ‬أحد‭ ‬هواتفهم‭ ‬للاتصال‭ ‬بأسرتهما،‭ ‬إلا‭ ‬انهم‭ ‬رفضوا‭  ‬واصطحبوهم‭ ‬عنوة‭ ‬إلى‭ ‬السيارة‭ ‬الأخرى‭ ‬وأخذوا‭ ‬يسيرون‭ ‬بسرعة‭ ‬جنونية‭ ‬وفي‭ ‬أحد‭ ‬الشوارع‭ ‬النائية،‭ ‬وبعدما‭ ‬تعالت‭ ‬ضحكات‭ ‬الثلاثة‭ ‬وهم‭ ‬يهددون‭ ‬المحاسب‭ ‬وصديقه‭ ‬بالأسلحة‭ ‬النارية،‭ ‬فجأة‭ ‬توقفوا‭ ‬بالسيارة‭ ‬وألقوا‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬السيارة‭ ‬وفروا‭ ‬هاربين‭. ‬هنا‭ ‬أيقن‭ ‬المجنى‭ ‬عليهما‭ ‬انهما‭ ‬وقعا‭ ‬ضحية‭ ‬لمجموعة‭ ‬من‭  ‬النصابين،‭ ‬وعلى‭ ‬الفور‭ ‬تقدما‭ ‬ببلاغ‭ ‬لرجال‭ ‬المباحث،‭ ‬وكانت‭ ‬المفاجأة‭ ‬انه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬البلاغ‭ ‬الوحيد‭ ‬بتلك‭ ‬الواقعة‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬اشخاصًا‭ ‬آخرين‭ ‬تعرضوا‭ ‬للسرقة‭ ‬بنفس‭ ‬الاسلوب‭ ‬ونفس‭ ‬مواصفات‭ ‬المتهمين‭.‬

يبدأ‭ ‬رجال‭ ‬المباحث‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬تحرياتهم‭ ‬عن‭ ‬الواقعة‭ ‬وتم‭ ‬ضبط‭ ‬المتهمين‭ ‬الثلاثة‭ ‬ليتم‭ ‬تحرير‭ ‬محضر‭ ‬بالواقعة‭ ‬وأدلى‭ ‬المتهمون‭ ‬باعترافات‭ ‬تفصيلية‭ ‬بأنهم‭ ‬قرروا‭ ‬تكوين‭ ‬تشكيل‭ ‬عصابي‭ ‬حيث‭ ‬انتحل‭ ‬أحدهم‭ ‬صفة‭ ‬ضابط‭ ‬والآخرين‭ ‬أمين‭ ‬شرطة‭ ‬ومجند‭ ‬ويقومون‭ ‬باستهداف‭ ‬ضحاياهم‭ ‬من‭ ‬العائدين‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬نظرًا‭ ‬لكونهم‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬معهم‭ ‬عملات‭ ‬اجنبية‭ ‬وهدايا‭ ‬هواتف‭ ‬محمولة‭ ‬أو‭ ‬فيما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك‭ ‬وأنهم‭ ‬نفذوا‭ ‬جريمتهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬،‭ ‬لتتم‭ ‬إحالتهم‭ ‬إلى‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬ومنها‭ ‬إلى‭ ‬محكمة‭ ‬جنايات‭ ‬شمال‭ ‬القاهرة،‭ ‬برئاسة‭ ‬المستشار‭ ‬ابراهيم‭ ‬مصطفى‭ ‬كمال،‭ ‬تمت‭ ‬محاكمة‭ ‬المتهمين‭ ‬الثلاثة،‭ ‬وبعد‭ ‬عدة‭ ‬جلسات‭ ‬أصدرت‭ ‬المحكمة‭ ‬حكمها‭ ‬بسجن‭ ‬الاول‭ ‬سبع‭ ‬سنوات‭ ‬مشدد‭ ‬والثانى‭ ‬والثالث‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭..‬