رعب وإثارة| فيلم ‏The Black Phone.. لو سمعت رنين .. فأنت فى خطر !

فيلم ‏The Black Phone
فيلم ‏The Black Phone

إنچى ماجد

على مدار السنوات القليلة الماضية، كان هناك طوفان مستمر من الأعمال التي تنتمي للون الرعب والإثارة، سواء في شكل أفلام تعرض على شاشات السينما، أو أعمال درامية تذاع على منصات البث، ولعل أحدث توابع ذلك الطوفان الجزء الرابع من المسلسل الدرامي “Stranger Things”، والمثير أن أكثر أعمال الرعب والإثارة الناجحة في يومنا هذا هي التي يقوم ببطولتها شباب مراهقين، وهو ما ينطبق على فيلم “The Black Phone” للمخرج سكوت ديريكسون، الذي قدم لنا فيلم رعب ينتمي للفانتازيا السوداء حول فتى يتعرض للاختطاف، والمثير أنه على الرغم من أن قصة الفيلم حول صبي مراهق يحاول إنقاذ نفسه، وهو ما يجعله تحت تصنيف “PG13”، إلا أنه تم عرضه تحت تصنيف R” في مفاجأة كبيرة، ولعل السبب في ذلك أنه بالفعل فيلم شديد الإختلاف عن مثيله من أفلام رعب المراهقين، حيث يحتوي على جرعة زائدة من العنف، إلى جانب أن الرتم الغالب عليه يتأرجح بين الكآبة والكوميديا السوداء

الفيلم مقتبس عن قصة قصيرة كتبها المؤلف الأمريكي جو هيل - وهو بالمناسبة ابن رائد كتابة روايات الرعب ستيفن كينج - ، وفي الفيلم يعود ديريكسون للتعاون مرة ثانية مع السيناريست سي روبرت كارجيل، بعد تعاونهما الأول في فيلم الرعب “Sinister”، ويتولى إنتاج الفيلم شركة Blumhouse الشهيرة بتقديم أفلام الرعب ذات الميزانية المنخفضة، لكنها القادرة على تحقيق العائد المرتفع.

 

ويقوم بالبطولة نجم هوليوود إيثان هوك ومعه الفتى الصاعد ماسون تاميس، في فيلم يجعلك تشعر  ”النوستالجيا” ليس فقط لفترة السبعينيات الحالمة، لكنه أيضا جعلنا نسترجع مخاوفنا ونحن صغار، ولم يكتف ديريكسون بذلك النوع من الحنين للماضي، لكن يبدو أنه يحاول إظهار الجانب المظلم من فكرة “النوستالجيا” نفسها، فيكفي أنه جعلنا نسترجع مخاوفنا القديمة ليس فقط لعالم الأشباح، لكن كذلك للتهديدات الحقيقية ممن حولنا.

 

تدور أحداث الفيلم في نهاية فترة السبعينيات من القرن الماضي - وتحديدا عام 1978 - حول صبى يدعى “فيني بلايك” يعيش في مدينة “دنفر” ويرتاد المدرسة الإعدادية، يعيش مع والده الذي لا تراه إلا وهو في حالة سكر، ويعاني “فيني” من زملاءه المتنمرون الذين يجعلون حياته حزينة بشكل يومي، بالإضافة إلى ذلك يختفي جميع أصدقائه على يد الخاطف المعروف باسم “The Grabber”، الذي يترك بالونات سوداء في مسرح جرائمه، وما هي إلا مسألة وقت فحسب قبل أن يتم خطف “فيني” أيضا.

 

تدور الكثير من أحداث الفيلم في الطابق السفلي الغامض من المنزل، حيث يتم الإبقاء على “فيني” من جانب “جرابر” صاحب القناع المرعب، والذي يتردد على الفتى المسكين من بين الحين والآخر لإرعابه وتوجيه تهديدات غامضة له، يوجد على الحائط هاتف أسود بسلك مقطوع، لكنه مع ذلك يستمر في الرنين، ويواصل “فيني” الرد على مكالمات ذلك الهاتف الغريب، ليدرك أنها مكالمات من الأولاد الذين أختفوا من قبله، فهم يسعون لمساعدته للخروج من تلك التجربة، وتقديم النصائح والحيل والإرشادات له من أجل النجاة من براثن Grabber، فقد يكون في ذلك سلام نفسي لهولاء الصغار، عندما يدركون أنهم أنتقموا ممن أنهى حياتهم باكرا للغاية.

يقدم ماسون أداء بارعا يكاد يعتصر قلبك من الحزن عليه في تجسيده لشخصية “فيني”، خاصة عندما يكون الصغير وحيدا في الطابق السفلي مع الأشباح، حيث يصبح “The Black Phone” في أفضل حالاته، مشوق وعاطفي ومليء بجرعة الرعب التي تجعلك تقفز من مكانك، ونحن نشاهد الفتى الصغير في رحلته البطولية للنجاة بنفسه من الطابق السفلي، أما بالنسبة للحال فوق الأرض فالأمور أكثر قوة، وتأتي تلك القوة من الأداء ثنائي الأبعاد الذي يقدمه أبطال الفيلم، بدءا من جيريمى ديفيز في دور الأب المخمور المسيء لأقصى حد لطفله، وكذلك الفتاة الموهوبة مادلين ماكجرو التي جاءت أكثر من رائعة في لعب شخصية “جوين” شقيقة “فيني” التي تنتابها رؤى شديدة الغرابة -.

 

تضفي الألوان الباهتة والتي جعلت مشاهد الفيلم تشبه الحلم، إحساس قديم يتناسب مع زمن الأحداث، وهو ما أضفته كذلك فكرة الخوف من خاطف الأطفال، والتي كانت تشكل أكبر مخاوف الأطفال والمراهقين في فترتي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.

 

في النهاية يبدو الأمر كما لو كان الفيلم بمثابة حنينا إلى أوقات أكثر بساطة، عندما كان القلق الأكبر بالنسبة للطفل هو رجل مخيف يقود شاحنة صغيرة يختطفه في طابق سفلي عازل للصوت، على النقيض تماما من مخاوف العصر الحالي، على شاكلة تهديدات تغير المناخ، أو التعرض لإطلاق نار جماعي، ولعل الرسالة الأهم لـ “The Black Phone”، هي تعميق فكرة المثابرة في إصرار الطفل على إنقاذ نفسه من براثن المختطف المخيف، وكأن سكوت ديريكسون أراد تقديم رسالة أخلاقية إيجابية في قلب فيلم عنيف ومخيف بشكل صادم.