علماء: البرامج الدينية.. روشتة سحرية للعلاج.. تفاصيل

البرامج الدينية
البرامج الدينية

رضوى خليل 

وجدت البرامج الدينية مع انتشار الفضائيات إقبالا كبيرا، حيث تلبي احتياجات قاعدة عريضة من الجمهور بما أنها المصدر الرئيسي للمعرفة الدينية ونشر الوعي.. أخبار النجوم في هذا التحقيق  طرحت مجموعة من الأسئلة على أشهر مقدمي البرامج وخبراء وأساتذة الإعلام، عن أهمية البرامج الدينية خاصة مع تزايد الجرائم من قتل وانتحار كيف يتم توجيه خطاب ديني متوازن وتوعوي، وما المعايير التي يجب أن يلتزم بها مقدم البرنامج الديني؟، وغيرها من الأسئلة التي نكشف إجابتها في السطور التالية.

 

البداية كانت مع د. أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية: “الهم والإحباط يهدم الجبال والإنسان، ويجب علينا أن نتكافل جميعاً لإنقاذ الإنسان الذي يبتلى بالاكتئاب واليأس لأنه يكون في خطر شديد، وقد يسبب الأذى لنفسه أو بالمحيطين به كونه وصل لحالة من عدم المبالاة بما يفعل، وهنا نتذكر قول رب العالمين حين قال: (إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)، هذا النص القرآني يذكر الإنسان أن كل حزن يتطرق لداخلك يهدمك وعليك أن لا تستلم له، ويجب أن تضع أمامك هذا النص القرآني عندما تتعرض للحزن”.

 

من جانبه يقول الشيخ أحمد المالكي مقدم برنامج “بيت دعاء” على قناة Ten””: “البرامج الدينية في الأصل تعليمية، وما دامت كذلك، فلابد وأن تكون عامل بناء لا هدم، ومن هنا يجب على من يقوم عليها أن يدرك أبعاد الحكمة وهو يتعامل مع الناس، وأن يكون قادرا  على إبصار المصالح والمفاسد، ووضع الأمور بمواضعها، كما لابد أن يمتلك الأسلوب اللائق الذي يعرض به الخطاب الديني، دون إسفاف أو تحريض أو تهكم، وأيضًا هناك نقطة مهمة لابد أن يمتلكها مقدم الخطاب الديني الإعلامي، وهي حمل أسباب الحكمة ومنتجاتها الفكرية حتى تصبح تربية وثقافة للناس، ومن هنا يكون الخطاب عاملًا من عوامل بناء الإنسان”.

 

ويضيف: “الخطاب الذي يقدمه مقدم البرامج الدينية أو حتى المنبرية، لا بد وأن يعلم أن الحياة ليست متوقفة عند زمن معين، بل هي متجددة، وما دامت متجددة، فهي مختلفة ومتطورة، لذا لابد أن يواكب المحتوى هذا التجدد، وأن يقدم المقدم رؤية سليمة للتعامل مع قضايا الحياة والمجتمع مع الأخذ في الاعتبار أن تكون الرؤية والمعالجة متكاملة وذلك من خلال أصحاب الخبرات والتخصص”.

أما عن المعايير التي يجب أن تتوافر في مقدمي البرامج يقول المالكي: “أولًا: العلم الصحيح الخالي من الشذوذ الفكرية والأراء المتشددة، وأن يكون صاحب منهجية علمية ودعوية واضحة مستمدة من وسطية الدين الإسلامي، ثانيًا: امتلاك الأسلوب الذي يليق بالمشاهد والمجتمع ككل، ثالثًا: امتلاك القدرة على رؤية المستقبل، من خلال المنهج العلمي والفكري الوسطي الذي ينطلق منه، ومن خلال النظر واستقراء الماضي لتحقيق الوقاية للحاضر والمستقبل من الإصابات والأزمات الفكرية، فالله قال: (فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين)، فمن خلال قراءة التاريخ قراءة سليمة ومتأنية، يستطيع أن يقدم رؤية للسير إلى الإمام والارتقاء بالإنسان، رابعًا: امتلاك الأدوات التي تحول النقم إلى نعم، والمشكلة إلى حل وبصيرة.. وهكذا”.

أصحاب التريند 

ويقول المالكي أيضا: “لو تحدثت عن أصحاب التريند فهذه قضية خطيرة، فهذا يدل على أن أصحاب التريند، عندهم غياب حضاري، فمحتواهم لا يبني مجتمعًا، لأنه وبكل صدق ليس عندهم إنتاجًا يحقق تقدمًا ملحوظًا لعقلية الإنسان، وهذه الظاهرة (التريند) خطيرة، لأن أصحابها يلعبون على وتر المشاعر والعواطف، والإلحاح على الناس بوجود مشكلات، دون أن يقدموا حلًا ناجعًا، أو ليس عندهم القدرة على وضع حلول للمشكلات، الأمر الذي يعود على المجتمع بمزيد من السوء، وتصبح هذه الظاهرة سببًا في هدر الطاقات وضياع الأوقات واتساع العشوائية الفكرية والغوغائية”.       

المذيع الناجح 

د. سهير عثمان عبد الحليم، الأستاذ المساعد بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، تقول: “المعايير التي يجب أن يلتزم بها مقدم البرامج الدينية هي المعايير التي يجب أيضا أن يلتزم بها مقدمي البرامج  بشكل عام، أهمها البعد تماما عن  الزج بأرائه الشخصية داخل البرنامج، ويكون موضوعي في طرح وجهات النظر، وأن تكون مبنية على أدلة دينية دامغة، وليست ضعيفة، وأيضا استشارة أراء  كبار رجال الدين والمشايخ دون الزج بأي اسم مختلف على شخصيته أو علمه، وحتى توجهه، إما عن ضمان وجود خطاب ديني متوازن فلا أحد يختلف أن الدين من الثوابت التي لا تتغير، فإذا ضمنا عرض هذه الثوابت للناس بطرق بسيطة دون تعصب أو فرض رأي شخصي لا علاقة له بصحيح الدين، مع وجود داعية إسلامي مقبول لدى الناس، لضمان وجود خطاب ديني متوازن”. 

وأضافت: “البرامج الدينية مهمة في أي وقت، لكنها تبرز فقط في الأوقات التي يرتفع فيها معدل الجريمة وحالات الانتحار، أما عن ما يستغلونها للوصول إلى التريند فمن يساعدهم على تحقيق ذلك القائمين حاليا على العمل الإعلامي، لأنهم يحولون وجهة نظر ضعيفة، أو كلمة بسيطة لموضوع كبير، وهي للآسف تعتبر مساعدة منهم للشخص الذي يبحث عن التريند، ولكي نتصدى لظاهرة استغلال الدين في الوصول لنسب مشاهدة عالية، يجب انتقاء الموضوعات التي يتم مناقشتها بشكل موضوعي وعلمي وديني”.

الدين حياة 

الخبير الإعلامي د. سامي عبد العزيز، تحدث عن أهمية البرامج الدينية، ويقول: “الدين حياة.. ومن ثم البرامج الدينية ينبغي أن تركز على الأخلاقيات والعلاقات الإنسانية والابتعاد عن الفتاوى لأن مكانها ببساطة في قاعات التدريس بالأزهر والأوقاف، وليس في خلق قصص وهمية تتسبب في تشتت المجتمع وتشويه المفاهيم الدينية، والقيم الإنسانية بداية من الحفاظ على أمن وسلام وحياة الإنسان، والحفاظ على الممتلكات العامة، فعلى سبيل المثال بعد افتتاح الرئيس لمحطات القطارات الجديدة هل المحافظة على هذه المشروعات وعدم تخربيها ليس من أسس الدين، وصيانتها ليس من الأخلاقيات، وكسر الإشارة ليس خلف للقوانين، وأخيرا أتمنى أن يكون الخطاب الديني هادي بنبرة صوت منخفضة، ونحن لا نتحمل ذرة عنف أو فرض أراء لا مستندات لها.. فلماذا نحرص على تحويل الحوادث إلى ظواهر رغم أنها أعمال فردية؟، وهل نحن بحاجة لتحمل كلام أو سماع قصص تفسد حياتنا أكثر، رغم أن المجتمع فيه إيجابيات كثيرة يتم إهمالها”.