« كيرة و الجن » .. لقاء الكبار

عز وكريم .. كلاسيكو السينما المصرية «كيرة والجن»

فيلم كيرة و الجن
فيلم كيرة و الجن

خيرى‭ ‬الكمار

يمتلك‭ ‬الثنائي‭ ‬أحمد‭ ‬عز‭ ‬وكريم‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬ذكاء‭ ‬غير‭ ‬تقليدي‭ ‬وبالفعل‭ ‬يستحقا‭ ‬المكانة‭ ‬الفنية‭ ‬التي‭ ‬وصلا‭ ‬إليها،‭ ‬وخاصة‭ ‬أنهما‭ ‬حققا‭ ‬بأفلامهما‭ ‬إيرادات‭ ‬تجاوزت‭ ‬100‭ ‬مليون،‭ ‬واللقاء‭ ‬الأول‭ ‬سينمائياً‭ ‬بينهما‭ ‬يؤكد‭ ‬أنهما‭ ‬بالفعل‭ ‬يسعيان‭ ‬لتطوير‭ ‬الصناعة،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬لتقديم‭ ‬أفلام‭ ‬ناجحة،‭ ‬أفيش‭ ‬عليه‭ ‬اسم‭ ‬منهما‭ ‬كفيل‭ ‬بالنجاح‭ ‬لكن‭ ‬وجودهما‭ ‬معا‭ ‬أمر‭ ‬يجعلك‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬رغبة‭ ‬للدخول‭ ‬لمشاهدة‭ ‬الفيلم،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الإمتحانات‭ ‬لكن‭ ‬الإقبال‭ ‬والإيرادات‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأولى،‭ ‬إذا‭ ‬قورنت‭ ‬بأي‭ ‬فيلم‭ ‬عرض‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬فهي‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬عندما‭ ‬تشاهد‭ ‬الفيلم‭ ‬تجد‭ ‬نفسك‭ ‬منبهرا‭ ‬بكل‭ ‬تفاصيله‭ ‬صورة،‭ ‬موسيقي‭ ‬تصويرية،‭ ‬ملابس‭ ‬ديكورات‭ ‬أداء‭ ‬تمثيلي‭.‬

وتجد‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬3‭ ‬ساعات‭ ‬تمر‭ ‬وأنت‭ ‬منتبه‭ ‬لكل‭ ‬تفاصيل‭ ‬الفيلم،‭ ‬الذي‭ ‬نجح‭ ‬مخرجه‭ ‬مروان‭ ‬حامد‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬درس‭ ‬في‭ ‬الوعي‭ ‬الوطني‭ ‬عن‭ ‬ثورة‭ ‬1919‭ ‬ومعلومات‭ ‬كثيرة‭ ‬غير‭ ‬معروفة‭ ‬دون‭ ‬ملل،‭ ‬تخرج‭ ‬وتشعر‭ ‬بأن‭ ‬الشعب‭ ‬المصري‭ ‬دائما‭ ‬يحب‭ ‬وطنه،‭ ‬والرسالة‭ ‬وصلت‭ ‬كما‭ ‬نقول‭ ‬إنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬الضروري،‭ ‬أن‭ ‬تدافع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأمنية‭ ‬سواء‭ ‬جيش‭ ‬أو‭ ‬شرطة،‭ ‬ولكن‭ ‬الشعب‭ ‬أيضا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يواجه،‭ ‬وهذا‭ ‬حدث‭ ‬طوال‭ ‬تاريخ‭ ‬مصر‭.‬

 

تدخل‭ ‬في‭ ‬الأحداث‭ ‬وتجد‭ ‬عز‭ ‬وكريم‭ ‬يقدمان‭ ‬أداء‭ ‬استثنائيا‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬دارس‭ ‬الشخصية،‭ ‬وكأنه‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬الدكتوراة‭ ‬بتقدير‭ ‬إمتياز‭ ‬مع‭ ‬مرتبة‭ ‬الشرف،‭ ‬مشاهدهما‭ ‬منفردة‭ ‬أو‭ ‬مشاهدهما‭ ‬سويا‭ ‬حاجة‭ ‬بها‭ ‬منافسة‭ ‬على‭ ‬الجودة‭ ‬وتقديم‭ ‬عمل‭ ‬يزيد‭ ‬شعبيتهما‭ ‬لدي‭ ‬الجمهور،‭ ‬وهو‭ ‬يشبه‭ ‬“كلاسيكو”‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬بين‭ ‬أكبر‭ ‬ناديين‭ ‬في‭ ‬لعبة‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬المباراة‭ ‬سريعة‭ ‬وحماسية‭ ‬ولا‭ ‬تتوقف‭ ‬لحظة‭ ‬بسبب‭ ‬قوة‭ ‬الفريقين،‭ ‬وبالتالي‭ ‬الكل‭ ‬خرج‭ ‬فائز،‭ ‬الجمهور‭ ‬استمتع،‭ ‬وهو‭ ‬الهدف‭ ‬الأساسي،‭ ‬والفريقان‭ ‬ظهرا‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬تألقهما‭ ‬والروح‭ ‬الرياضية‭ ‬في‭ ‬قمتها‭ ‬ويحسب‭ ‬أيضا‭ ‬لشركة‭ ‬“سينرجي”‭ ‬الإنتاج‭ ‬الضخم،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المخرج‭ ‬مروان‭ ‬حامد‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬هذه‭ ‬القدرات‭ ‬التمثيلية،‭ ‬منهما‭ ‬وصنع‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الترابط‭ ‬بينهما‭ ‬خاصة‭ ‬أنه‭ ‬قدم‭ ‬حقبة‭ ‬بكل‭ ‬تفاصيلها‭ ‬رغم‭ ‬مرور‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمان‭.

  عز‭: ‬عمل‭ ‬وطنى

دائما‭ ‬يختار‭ ‬أحمد‭ ‬عز‭ ‬أدواره‭ ‬بشكل‭ ‬دقيق‭ ‬ويحرص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬أفلاما‭ ‬سينمائيا‭ ‬مختلفة‭ ‬حتي‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬تحمل‭ ‬مغامرة،‭ ‬لكنه‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬تحدٍ‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عمل‭ ‬سينمائي‭ ‬يقدمه‭ ‬ولذلك‭ ‬اختار‭ ‬رواية‭ (‬1919‭)‬،‭ ‬ليقدمها‭ ‬في‭ ‬أحدث‭ ‬أعماله‭ ( ‬كيرة‭ ‬والجن‭ ).‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬ردود‭ ‬الأفعال‭ ‬والإيرادات‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأولى‭ ‬لعرض‭ ‬الفيلم؟

 

الحمد‭ ‬لله‭ ‬الجمهور‭ ‬متحمس‭ ‬جدا‭ ‬للفيلم،‭ ‬وأرى‭ ‬أن‭ ‬الإيرادات‭ ‬متميزة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أننا‭ ‬نعرض‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الإمتحانات،‭ ‬وكل‭ ‬الفئات‭ ‬راضية‭ ‬تماما‭ ‬عنه‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬يسعدني‭ ‬لأننا‭ ‬كفريق‭ ‬عمل‭ ‬بذلنا‭ ‬فيه‭ ‬مجهودا‭ ‬كبيرا،‭ ‬وإحساس‭ ‬الناس‭ ‬بنا‭ ‬وحرصهم‭ ‬عليه‭ ‬أمر‭ ‬أسعدني‭.‬

ما‭ ‬سبب‭ ‬حماسك‭ ‬لهذا‭ ‬العمل؟‭ ‬

قرأت‭ ‬رواية‭ (‬1919‭) ‬وسعدت‭ ‬جدا‭ ‬بطريقة‭ ‬عرضها،‭ ‬وأيضا‭ ‬بكل‭ ‬الشخصيات‭ ‬الموجودة‭ ‬بها‭ ‬وأنها‭ ‬ترصد‭ ‬رحلة‭ ‬كفاح‭ ‬كبيرة‭ ‬للشعب‭ ‬المصري‭ ‬بكل‭ ‬طوائفه،‭ ‬وعندما‭ ‬تحدثوا‭ ‬معي‭ ‬لكي‭ ‬أقدمها‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬سينمائي‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬مصدر‭ ‬سعادة‭ ‬لي،‭ ‬وخلال‭ ‬جلسات‭ ‬العمل‭ ‬وجدت‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الحماس‭ ‬الشديد‭ ‬لتقديم‭ ‬عمل‭ ‬غير‭ ‬تقليدي،‭ ‬والحمدلله‭ ‬نفذ‭ ‬العمل‭ ‬وكنت‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬أن‭ ‬المخرج‭ ‬مروان‭ ‬حامد‭ ‬سوف‭ ‬ينفذه‭ ‬بشكل‭ ‬متميز‭ ‬والإنتاج‭ ‬الضخم‭ ‬لشركة‭ ‬سينرجي‭.‬

العمل‭ ‬بذل‭ ‬فيه‭ ‬مجهوداً‭ ‬كبيراً‭ ‬جداً‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬فترة‭ ‬التصوير‭ ‬التي‭ ‬زادت‭ ‬عن‭ ‬عامين‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬سهلة‭.‬

شخصية‭ ‬الجن‭ ‬في‭ ‬الأحداث‭ ‬مليئة‭ ‬بالتحولات‭ ‬وأيضا‭ ‬تحتوى‭ ‬علي‭ ‬بعض‭ ‬المشاهد‭ ‬الكوميدية‭ ‬كيف‭ ‬تعاملت‭ ‬معها؟

أحب‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬لك‭ ‬إن‭ ‬الفيلم‭ ‬بالكامل‭ ‬صعب‭ ‬فى‭ ‬تنفيذه‭ ‬وكلنا‭ ‬اجتهدنا‭ ‬لكي‭ ‬يخرج‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل،‭ ‬وأنا‭ ‬بالفعل‭ ‬بذلت‭ ‬أقصي‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعي‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬المخرج‭ ‬لكي‭ ‬يكون‭ ‬كل‭ ‬مشهد‭ ‬يجذب‭ ‬الجمهور،‭ ‬ولكن‭ ‬كنت‭ ‬متحمسا‭ ‬له‭ ‬لأن‭ ‬الفيلم‭ ‬له‭ ‬مضمون‭ ‬مهم‭ ‬وهو‭ ‬تنمية‭ ‬الروح‭ ‬الوطنية‭ ‬لدي‭ ‬المصريين،‭ ‬وأن‭ ‬المقاومة‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬البلد‭ ‬حق‭ ‬لكل‭ ‬مصري،‭ ‬ولذلك‭ ‬كل‭ ‬الشخصيات‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬تدافع‭ ‬وتدفع‭ ‬الثمن‭ ‬رغم‭ ‬أنهم‭ ‬مختلفين‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬والمستوي‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والفكري‭ ‬لكنهم‭ ‬اجتمعوا‭ ‬على‭ ‬حب‭ ‬مصر‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نتمسك‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭.‬

هل‭ ‬وجدت‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬مشاهد‭ ‬الأكشن‭ ‬خاصة‭ ‬أنها‭ ‬تعود‭ ‬بنا‭ ‬إلي‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمان؟

أكشن‭ ‬1919‭ ‬مختلف‭ ‬تماما‭ ‬عن‭ ‬وقتنا‭ ‬الحالي‭ ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬معنا‭ ‬فريق‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬تقديم‭ ‬تلك‭ ‬المشاهد،‭ ‬وكيف‭ ‬ستخرج،‭ ‬وتدربنا‭ ‬على‭ ‬حمل‭ ‬السلاح‭ ‬والتعامل‭ ‬به،‭ ‬والمدافع‭ ‬القديمة‭ ‬أيضا‭ ‬مختلفة‭ ‬وطرق‭ ‬استخدامها‭ ‬متغيرة،‭ ‬لذلك‭ ‬أخذ‭ ‬منا‭ ‬هذا‭ ‬وقتا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬التحضير،‭ ‬لأننا‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نقدم‭ ‬الأكشن‭ ‬ملائم‭ ‬لهذه‭ ‬الفترة‭ ‬طريقة‭ ‬الإمساك‭ ‬بالسلاح‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬خناجر،‭ ‬طوب،‭ ‬بندقية،‭ ‬حتي‭ ‬الذخيرة‭ ‬مختلفة‭ , ‬وتابع‭: ‬“نتناول‭ ‬فترة‭ ‬1919‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬مختلفة‭ ‬سياسيا‭ ‬واجتماعيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬لذلك‭ ‬تطلب‭ ‬هذا‭ ‬مني‭ ‬أن‭ ‬أشاهد‭ ‬أفلام‭ ‬الأبيض‭ ‬والأسود‭ ‬كاملة،‭ ‬وأقرأ‭ ‬كثيرا‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬حتى‭ ‬أتمكن‭ ‬منها،‭ ‬المعالجة‭ ‬لدينا‭ ‬مختلفة‭ ‬تماما”‭.‬

كيف‭ ‬وجدت‭ ‬اللقاء‭ ‬الأول‭ ‬سينمائيًا‭ ‬مع‭ ‬كريم‭ ‬عبد‭ ‬العزيز؟

بكل‭ ‬حب‭ ‬وسعادة‭ ‬كنت‭ ‬أرغب‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬فنيا،‭ ‬ولم‭ ‬نفكر‭ ‬مطلقا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬تفاصيل‭ ‬سوى‭ ‬في‭ ‬خروج‭ ‬الفيلم‭ ‬بشكل‭ ‬جيد،‭ ‬والفنان‭ ‬طبعا‭ ‬يغير‭ ‬ويسعي‭ ‬لكي‭ ‬يكون‭ ‬ناجحا‭ ‬والصحي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ناجح،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬غيرك،‭ ‬وللأسف‭ ‬نحن‭ ‬الآن‭ ‬البعض‭ ‬يفكر‭ ‬كما‭ ‬نقول‭ ‬“أنا‭ ‬ومن‭ ‬بعدي‭ ‬الطوفان”،‭ ‬وهذا‭ ‬تفكير‭ ‬قاصر‭ ‬ومرضي،‭ ‬فالعمل‭ ‬الجماعي‭ ‬مهم،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يسود‭ ‬ونقدمه‭ ‬بإتقان،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬أنا‭ ‬عاوز‭ ‬أنجح‭ ‬ومعي‭ ‬كريم،‭ ‬وأرغب‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬الجمهور‭ ‬“كريم‭ ‬وعز‭ ‬ناجحين”‭ ‬عندما‭ ‬يقدم‭ ‬مشهد‭ ‬جيد‭ ‬أستفز‭ ‬لتقديم‭ ‬مشهد‭ ‬متميز‭ ‬لكنني‭ ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬سيء،‭ ‬لو‭ ‬أنني‭ ‬قدمت‭ ‬مشهد‭ ‬غير‭ ‬جيد‭ ‬كريم‭ ‬ينبهني،‭ ‬والعكس‭ ‬وكل‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬لأن‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬أقدم‭ ‬عملا‭ ‬منفردا‭ ‬واهتميت‭ ‬باسمي‭ ‬والأفيش‭ ‬وتجده‭ ‬يخرج‭ ‬بشكل‭ ‬سئ‭ ‬وتكون‭ ‬نتيجته‭ ‬غير‭ ‬مرضية،‭ ‬لذلك‭ ‬أنا‭ ‬أحب‭ ‬أن‭ ‬أعمل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬زملائي،‭ ‬والفيلم‭ ‬بالضبط‭ ‬يشبه‭ ‬فريق‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬إحراز‭ ‬هدف‭ ‬بمعني‭ ‬في‭ ‬مهنتنا‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬الفيلم‭ ‬بشكل‭ ‬متميز‭. ‬

كيف‭ ‬تقيس‭ ‬نجاح‭ ‬أي‭ ‬فيلم‭ ‬تقدمه‭ ‬مع‭ ‬بدء‭ ‬عرضه؟

دوري‭ ‬ينتهي‭ ‬مع‭ ‬انتهاء‭ ‬تصوير‭ ‬الفيلم،‭ ‬ولكنني‭ ‬أحب‭ ‬المتابعة‭ ‬الحية‭ ‬للفيلم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الناس،‭ ‬وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الإجتماعي،‭ ‬أذهب‭ ‬إلي‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬وأشاهد‭ ‬الفيلم‭ ‬مرات‭ ‬عديدة،‭ ‬وأعرف‭ ‬انطباعات‭ ‬الجمهور‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬القاعة‭ ‬وأتقابل‭ ‬مع‭ ‬الناس‭ ‬وأتناقش‭ ‬معهم‭.‬

كيف‭ ‬وجدت‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬المخرج‭ ‬مروان‭ ‬حامد‭ ‬وهل‭ ‬استفدت‭ ‬من‭ ‬التجربة؟

دائما‭ ‬لدي‭ ‬قاعدة‭ ‬فنية‭ ‬أن‭ ‬المخرج‭ ‬هو‭ ‬المسئول‭ ‬الأول‭ ‬والأخير‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬وأتناقش‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬التفاصيل‭ ‬التي‭ ‬تتناول‭ ‬الشخصية،‭ ‬وبالفعل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬تعاملت‭ ‬مع‭ ‬مخرج‭ ‬يمتلك‭ ‬قدرات‭ ‬خاصة‭ ‬يحب‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬بالعمل‭ ‬إلي‭ ‬أعلى‭ ‬جودة،‭ ‬وتجربتي‭ ‬معه‭ ‬أفادتنى‭ ‬لأنه‭ ‬مخرج‭ ‬غير‭ ‬تقليدي‭.‬

‭ ‬هل‭ ‬بالفعل‭ ‬ستقدم‭ ‬فيلما‭ ‬مع‭ ‬المخرج‭ ‬شريف‭ ‬عرفة‭ ‬؟

شريف‭ ‬عرفة‭ ‬أستاذي‭ ‬ومعلمي‭ ‬ومهما‭ ‬تحدثت‭ ‬عنه‭ ‬لن‭ ‬أوفيه‭ ‬حقه‭ ‬علي‭ ‬المستويين‭ ‬الإنساني‭ ‬والمهني،‭ ‬وأري‭ ‬أنه‭ ‬مخرج‭ ‬كبير‭ ‬جدا‭ ‬والمخرجان‭ ‬مروان‭ ‬حامد‭ ‬ومحمود‭ ‬علاء‭ ‬حظهما‭ ‬جيد‭ ‬أنهما‭ ‬تعاملا‭ ‬معه‭ ‬مساعدين‭ ‬مخرجين،‭ ‬وقدمت‭ ‬معه‭ ‬اعلانات‭ ‬قبل‭ ‬السينما‭ ‬وشرف‭ ‬لنا‭ ‬أننا‭ ‬تتلمذنا‭ ‬على‭ ‬يديه،‭ ‬ويعرف‭ ‬جيدا‭ ‬الممثل‭ ‬الواقف‭ ‬أمامه‭ ‬وكيف‭ ‬يخرج‭ ‬منه‭ ‬أفضل‭ ‬قدرات‭ ‬تمثيلية،‭ ‬والفيلم‭ ‬الجديد‭ ‬تجربة‭ ‬مختلفة‭ ‬وليس‭ ‬اسمه‭ ‬بغداد‭ ‬2003‭ ‬كما‭ ‬يتردد،‭ ‬ولم‭ ‬نستقر‭ ‬على‭ ‬اسمه‭ ‬بعد‭ ‬وسوف‭ ‬أتحدث‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬وقته‭.‬

ما‭ ‬مصير‭ ‬فيلم‭ ‬“صقر‭ ‬المحروسة”‭ ‬الذي‭ ‬تردد‭ ‬أنك‭ ‬سوف‭ ‬تقدمه‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة؟

عمل‭ ‬أكشن‭ ‬نفسي‭ ‬أقدمه،‭ ‬ينتمى‭ ‬إلى‭ ‬الأعمال‭ ‬التاريخية،‭ ‬وهو‭ ‬عن‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬المماليك،‭ ‬وهو‭ ‬عن‭ ‬فترة‭ ‬محاكاةً‭ ‬لإحدى‭ ‬الشخصيات‭ ‬الإسلامية‭ ‬المعروفة،‭ ‬ومن‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يتضمن‭ ‬العمل‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬مشاهد‭ ‬المعارك‭ ‬الحربية‭ ‬بالاستعانة‭ ‬بمصممي‭ ‬معارك‭ ‬عالميين،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬أتوقع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬فيلمي‭ ‬القادم‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الذي‭ ‬يليه‭.‬

هل‭ ‬ستتواجد‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬2023‭ ‬؟

لن‭ ‬أتواجد‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬رمضان‭ ‬القادم،‭ ‬أركز‭ ‬على‭ ‬السينما،‭ ‬وطوال‭ ‬مشواري‭ ‬أقدم‭ ‬مسلسل‭ ‬كل‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬الراهنة‭ ‬ووجود‭ ‬عمل‭ ‬مثل‭ ‬“الاختيار”‭ ‬لا‭ ‬تحدث‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬العمر‭ ‬مع‭ ‬نجوم‭  ‬كريم‭ ‬والسقا‭ ‬وياسر‭ ‬جلال‭ ‬وخالد‭ ‬الصاوي‭ ‬وكل‭ ‬الزملاء‭ ‬المتميزين‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬أقدمه‭.‬

                                          كريم‭ : ‬مهمتنا‭ ‬توعية‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة

يصر‭ ‬كريم‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬أفلام‭ ‬سينمائية‭ ‬مختلفة‭ ‬مهما‭ ‬حملت‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬وصعوبات‭ ‬في‭ ‬تنفيذها‭ ‬لأنه‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬شعبيته‭ ‬لدى‭ ‬الجمهور،‭ ‬لذلك‭ ‬اختار‭ ‬تجربة‭ ‬فيلم‭ ‬“كيرة‭ ‬والجن”‭ ‬المأخوذ‭ ‬عن‭ ‬رواية‭ ‬1919‭ ‬للكاتب‭ ‬أحمد‭ ‬مراد‭ ‬والذي‭ ‬سبق‭ ‬لهما‭ ‬التعاون‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬ويقول‭ ‬كريم‭: ‬“هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الثالثة‭ ‬لي‭ ‬مع‭ ‬الثنائي‭ ‬المخرج‭ ‬مروان‭ ‬حامد‭ ‬والمؤلف‭ ‬أحمد‭ ‬مراد،‭ ‬وأعمالنا‭ ‬كلها‭ ‬حققت‭ ‬نجاحا‭ ‬كبيرا‭ ‬وأتمني‭ ‬أن‭ ‬نواصل‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التجربة،‭ ‬لأنها‭ ‬بالفعل‭ ‬تجربة‭ ‬مختلفة‭ ‬عما‭ ‬قدم‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ونفذت‭ ‬بشكل‭ ‬جيد”‭.‬

كيف‭ ‬تري‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬أحمد‭ ‬عز‭ ‬في‭ ‬أولي‭ ‬تجاربكما‭ ‬السينمائية‭ ‬خاصة‭ ‬أنكما‭ ‬قدمتما‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬مسلسل‭ ‬“الاختيار”؟

هذه‭ ‬أول‭ ‬تجاربي‭ ‬السينمائية‭ ‬مع‭ ‬أحمد‭ ‬عز‭ ‬وفرحت‭ ‬بها‭ ‬لأنها‭ ‬مع‭ ‬نجم‭ ‬كبير‭ ‬وإنسان‭ ‬متميز،‭ ‬وسعدت‭ ‬لأننا‭ ‬أعطينا‭ ‬انطباعا‭ ‬مختلفا‭ ‬عن‭ ‬المنافسة،‭ ‬لأننا‭ ‬دخلنا‭ ‬التصوير،‭ ‬ولم‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬حجم‭ ‬أدوارنا،‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬المادي،‭ ‬وقبلنا‭ ‬بالأدوار‭ ‬وكانت‭ ‬هناك‭ ‬أقاويل‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أننا‭ ‬سوف‭ ‬يحدث‭ ‬بيننا‭ ‬خلاف‭ ‬وكما‭ ‬نقول‭ ‬بالمصري‭ ‬“نتخانق”،‭ ‬والأمور‭ ‬خرجت‭ ‬بأفضل‭ ‬صورة‭ ‬وكواليس‭ ‬العمل‭ ‬ممتعة‭ ‬والمخرج‭ ‬مروان‭ ‬حامد‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬“أسهل‭ ‬ثنائي‭ ‬تعاملت‭ ‬معه”‭.‬

ما‭ ‬أصعب‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬واجهتكما‭ ‬أثناء‭ ‬التصوير؟

الفيلم‭ ‬صور‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬3‭  ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬صعبة‭ ‬وباء‭ ‬متواجد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬وظروف‭ ‬اقتصادية‭ ‬صعبة،‭ ‬لكن‭ ‬شركة‭ ‬سينرجي‭ ‬المنتجة‭ ‬للعمل‭ ‬كانت‭ ‬فى‭ ‬قمة‭ ‬الاحترافية‭ ‬والالتزام‭ ‬أنها‭ ‬أصرت‭ ‬علي‭ ‬استكمال‭ ‬العمل‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬توقف‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬أوجه‭ ‬لها‭ ‬التحية‭ ‬لأنها‭ ‬قدمت‭ ‬منتج‭ ‬فني‭ ‬بهذا‭ ‬المستوى‭.‬

دائما‭ ‬ما‭ ‬تختار‭ ‬أفلامك‭ ‬بهدوء‭.. ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬أغراك‭ ‬فنيا‭ ‬في‭ ‬شخصية‭ ‬كيرة؟

شخصية‭ ‬أحمد‭ ‬عبد‭ ‬الحي‭ ‬“كيرة”‭ ‬غير‭ ‬تقليدية‭ ‬ومليئة‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬أعترف‭ ‬أنها‭ ‬مغرية‭ ‬فنية‭ ‬لأنه‭ ‬شخص‭ ‬شديد‭ ‬الذكاء‭ ‬يتودد‭ ‬للإنجليز،‭ ‬وأصدقائه‭ ‬كانوا‭ ‬يسخرون‭ ‬منه،‭ ‬و”تقدر‭ ‬تقول‭ ‬مهان‭ ‬بينهم”‭ ‬كان‭ ‬يقوم‭ ‬بتصنيع‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬معامل‭ ‬القوات‭ ‬الإنجليزية‭ ‬ويقوم‭ ‬بقتلهم‭ ‬به،‭ ‬لديه‭ ‬قدرة‭ ‬كبيرة‭ ‬علي‭ ‬التنكر‭ ‬ويمتلك‭ ‬سرعة‭ ‬البديهة،‭ ‬ولكن‭ ‬الشيء‭ ‬المؤسف‭ ‬أنه‭ ‬قتل‭ ‬علي‭ ‬يد‭ ‬أربع‭ ‬ضباط‭ ‬إنجليز‭ ‬ودفن‭ ‬في‭ ‬تركيا‭.‬

أصبحت‭ ‬تركز‭ ‬علي‭ ‬تقديم‭ ‬أعمال‭ ‬جادة‭ ‬فنيا‭ ‬خلال‭ ‬الفترات‭ ‬الماضية‭ ‬ما‭ ‬سبب‭ ‬حرصك‭ ‬على‭ ‬هذا‭.. ‬وهل‭ ‬ستكون‭ ‬محور‭ ‬اهتمامك‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة؟

أقدم‭ ‬كل‭ ‬النوعيات‭ ‬الفنية‭ ‬ورغم‭ ‬تقديمي‭ ‬أعمال‭ ‬جادة‭ ‬“الفيل‭ ‬الأزرق،‭ ‬والاختيار،‭ ‬كيرة‭ ‬والجن”،‭ ‬لكني‭ ‬أيضا‭ ‬قدمت‭ ‬فيلم‭ ‬لايت‭ ‬كوميدي،‭ (‬نادي‭ ‬الرجال‭ ‬السري‭)‬،‭ ‬ولكن‭ ‬أحب‭ ‬الإشارة‭ ‬إلي‭ ‬شيء‭ ‬مهم‭ ‬وضروري‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬مهام‭ ‬الفن‭ ‬تقديم‭ ‬توعية‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬لكي‭ ‬تعرف‭ ‬تاريخ‭ ‬بلدها،‭ ‬وقصص‭ ‬كفاحه‭ ‬وأنا‭ ‬أحاول‭ ‬جاهدا‭ ‬أن‭ ‬أفعل‭ ‬ذلك‭ ‬بجانب‭ ‬الترفيه‭.  ‬

كيف‭ ‬تري‭ ‬المنافسة‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬عيد‭ ‬الأضحي؟

أتمني‭ ‬النجاح‭ ‬لكل‭ ‬الأفلام‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬طبيعي‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬أقوي‭ ‬موسم‭ ‬سينمائي‭ ‬كل‭ ‬الشركات‭ ‬تسعي‭ ‬لعرض‭ ‬أفلامها،‭ ‬وأتمني‭ ‬أن‭ ‬يقبل‭ ‬الجمهور‭ ‬على‭ ‬مشاهدة‭ ‬الأفلام‭ ‬جميعا،‭ ‬وليس‭ ‬فيلمي‭ ‬فقط‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬مكسب‭ ‬كبير‭ ‬للصناعة،‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الكورونا‭ ‬عانت‭ ‬من‭ ‬الإيرادات‭ ‬وبالتالي‭ ‬كل‭ ‬العاملين‭ ‬بها‭ ‬تأثروا‭ ‬وبالتالي‭ ‬نرغب‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬الإيرادات‭ ‬قوية‭ ‬والكل‭ ‬يحقق‭ ‬نجاحا‭ ‬لأننا‭ ‬كلنا‭ ‬نعمل‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬فنية‭ ‬واحدة‭.‬

هل‭ ‬ستتواجد‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬بالفعل‭ ‬بعمل‭ ‬تاريخي‭ ‬يرصد‭ ‬التاريخ‭ ‬الأسود‭ ‬للإرهاب؟

أقدم‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬عمل‭ ‬يتطرق‭ ‬لتاريخ‭ ‬الإرهاب،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬بعيدة‭ ‬تعود‭ ‬إلي‭ ‬القرن‭ ‬11،‭ ‬عن‭ ‬شخصية‭ ‬حسن‭ ‬الصباح‭ ‬زعيم‭ ‬طائفة‭ ‬الحشاشين،‭ ‬يتناول‭ ‬العمل‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬التاريخية‭ ‬بكل‭ ‬تفاصيلها،‭ ‬فهذا‭ ‬الشخص‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬ذرع‭ ‬بذرة‭ ‬الإرهاب‭.‬

وتابع‭: ‬“هذا‭ ‬المسلسل‭  ‬له‭ ‬مذاق‭ ‬خاص‭ ‬لأنني‭ ‬أعيد‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬بيتر‭ ‬ميمي‭ ‬الذي‭ ‬أخرج‭ ‬مني‭ ‬أمور‭ ‬جديدة‭ ‬تمثيلية‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬الاختيار،‭ ‬وما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬سعادتي‭ ‬أنني‭ ‬التقيت‭ ‬أخيرا‭ ‬مع‭ ‬الكاتب‭ ‬عبد‭ ‬الرحيم‭ ‬كمال‭ ‬هذا‭ ‬الكاتب‭ ‬الاستثنائي‭ ‬صاحب‭ ‬الرؤية‭ ‬الفنية‭ ‬الخاصة‭ ‬والمذاق‭ ‬الفني‭ ‬الرفيع”‭.‬

كيف‭ ‬تختار‭ ‬أدوارك؟

أختار‭ ‬الأدوار‭ ‬بتأني،‭ ‬وعدم‭ ‬التسرع‭ ‬نهائيا‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬أعمالي،‭ ‬لأنني‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬أضع‭ ‬أمامي‭ ‬جمهوري‭ ‬فهو‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬يشغل‭ ‬تفكيري‭ ‬لا‭ ‬أفكر‭ ‬سوي‭ ‬في‭ ‬إرضائه،‭ ‬إذا‭ ‬وجدت‭ ‬عملا‭ ‬قويا‭ ‬غير‭ ‬تقليدي‭.‬

                                         ملفات‭ ‬ا‭ ‬كيرة‭ ‬و‭ ‬الجن‭ ‬ب‭ ‬السرية

بعد‭ ‬النجاح‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬حققه‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬كيره‭ ‬والجن‮»‬‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬أيام‭ ‬عرضه‭ ‬بالسينمات،‭ ‬نستعرض‭ ‬القصة‭ ‬الحقيقية‭ ‬للفيلم‭ ‬وننشر‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬‮«‬الكتاب‭ ‬الممنوع‭.. ‬أسرار‭ ‬ثورة‭ ‬1919‮»‬‭ ‬للكاتب‭ ‬الصحفي‭ ‬الكبير‭ ‬مصطفى‭ ‬أمين‭.‬

كان‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭ ‬من‭ ‬دفعتى‭ ‬فى‭ ‬مدرسة‭ ‬الطب،‭ ‬وكان‭ ‬شخصية‭ ‬غامضة،‭ ‬وشخصية‭ ‬قوية،‭ ‬كان‭ ‬يستطيع‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬أى‭ ‬شخص‭ ‬يتكلم‭ ‬معه‭.. ‬وقد‭ ‬بلغ‭ ‬من‭ ‬غموضه‭ ‬أننى‭ ‬كنت‭ ‬عضواً‭ ‬في‭ ‬الجهاز‭ ‬السرى،‭ ‬ولا‭ ‬أعرف‭ ‬فى‭ ‬الجهاز‭ ‬السرى‭ ‬معى‭!.. ‬ولكنى‭ ‬كنت‭ ‬أعرف‭ ‬أنه‭ ‬عامل‭ ‬في‭ ‬الحركات‭ ‬الهامة‭ ‬فى‭ ‬الجهاز‭ ‬السرى‭ ‬آلى‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭.. ‬وكان‭ ‬العمل‭ ‬يجرى‭ ‬بسرية‭ ‬تامة‭.. ‬وكان‭ ‬يحدث‭ ‬أن‭ ‬اضطر‭ ‬إلى‭ ‬الاستعانة‭ ‬بزميل‭ ‬من‭ ‬زملائى‭ ‬الذى‭ ‬ليس‭ ‬عضواً‭ ‬فى‭ ‬الجهاز‭ ‬السرى،‭ ‬ثم‭ ‬تقوم‭ ‬الدنيا‭ ‬وتقعد‭ ‬بعد‭ ‬ارتكاب‭ ‬إحدى‭ ‬الحوادث‭ ‬فلا‭ ‬يفتح‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬فمه،‭ ‬ومن‭ ‬الذين‭ ‬استعنت‭ ‬بهم‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالقادر‭ ‬الدياسطى،‭ ‬والدكتور‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬شريف،‭ ‬وقد‭ ‬كانا‭ ‬زميلين‭ ‬لى‭ ‬فى‭ ‬مدرسة‭ ‬الطب‭.‬

وتركت‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة،‭ ‬وسافرت،‭ ‬وإذا‭ ‬بأخى‭ ‬محمود‭ ‬حفنى‭ ‬يحتل‭ ‬مكانى‭ ‬فى‭ ‬الجهاز‭ ‬السرى‭!‬،‭ ‬وفى‭ ‬سنة‭ ‬1922‭ ‬وصل‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭ ‬إلى‭ ‬برلين،‭ ‬ومكث‭ ‬معى‭ ‬يومين‭.. ‬وعرفت‭ ‬أن‭ ‬أخى‭ ‬محمود‭ ‬حفنى‭ ‬قبض‭ ‬عليه‭ ‬فى‭ ‬مؤامرة‭ ‬مع‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭! ‬ثم‭ ‬فوجىء‭ ‬كيرة‭ ‬فى‭ ‬برلين‭ ‬بأن‭ ‬الحصار‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يطبق‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الحال،‭ ‬من‭ ‬المخابرات‭ ‬البريطانية‭.. ‬واتصل‭ ‬بنا‭ ‬بعض‭ ‬أصدقائنا‭ ‬بالخارجية‭ ‬الألمانية،‭ ‬ووضعنا‭ ‬خطة‭ ‬لتهريبه‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬الحدود‭.‬

وبقى‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭ ‬لغزاً‭ ‬غامضا،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قتلته‭ ‬المخابرات‭ ‬البريطانية‭!. ‬وكان‭ ‬أخى‭ ‬محمود‭ ‬حفنى‭ ‬عضواً‭ ‬في‭ ‬خلية‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحي‭ ‬كيرة‭.‬

دكتور‭ ‬محمد‭ ‬حفنى

مدير‭ ‬عام‭ ‬التفتيش‭ ‬الفنى‭ ‬بالنيابة

بوزارة‭ ‬الصحة‭ ‬سابقاً

خلية‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭.. ‬ومحمود‭ ‬النحاس

ونبدأ‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬خلية‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭!‬

ونمضى‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬حل‭ ‬اللغز‭.. ‬وتحصل‭ ‬على‭ ‬مذكرات‭ ‬محمود‭ ‬خليل‭ ‬النحاس‭ ‬عضو‭ ‬الجهاز‭ ‬السرى‭ ‬لثورة‭ ‬1919،‭ ‬وأحد‭ ‬أعضاء‭ ‬الخلية‭ ‬السرية‭ ‬التى‭ ‬كان‭ ‬يرأسها‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة،‭ ‬ومدير‭ ‬التبادل‭ ‬الثقافى‭ ‬بوزارة‭ ‬الإرشاد‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭.‬

إنه‭ ‬يكتب‭ ‬صفحة‭ ‬من‭ ‬مذكراته‭ ‬عن‭ ‬كيرة‭ ‬يوماً‭ ‬بيوم‭.. ‬وعن‭ ‬مغامراته‭ ‬المثيرة‭ ‬فيقول‭:‬

كان‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭ ‬رئيس‭ ‬خليتنا،‭ ‬وكانت‭ ‬الخلية‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬المرحوم‭ ‬أحمد‭ ‬توفيق،‭ ‬الذى‭ ‬ألقى‭ ‬القنبلة‭ ‬على‭ ‬حسين‭ ‬درويش‭ ‬باشا،‭ ‬وشقيقه‭ ‬حسن‭ ‬توفيق‭ ‬الذى‭ ‬ألقى‭ ‬القنبلة‭ ‬على‭ ‬إسماعيل‭ ‬سرى‭ ‬باشا،‭ ‬وإبراهيم‭ ‬نظير‭ ‬الذى‭ ‬أعدم‭ ‬شنقاً‭ ‬فى‭ ‬سنة‭ ‬1922‭ ‬والمرحوم‭ ‬أحمد‭ ‬خالد،‭ ‬ومحمود‭ ‬حفنى‭ ‬الذى‭ ‬أصبح‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬مستشاراً‭ ‬بمحكمة‭ ‬الاستئناف،‭ ‬والدكتور‭ ‬محمد‭ ‬نديم‭ ‬طالب‭ ‬الطب‭ ‬الذى‭ ‬أصبح‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬اللواء‭ ‬محمد‭ ‬نديم‭ ‬باشا‭ ‬كبير‭ ‬أطباء‭ ‬الجيش‭ ‬المصرى،‭ ‬والذي‭ ‬اشترك‭ ‬مع‭ ‬أحمد‭ ‬توفيق‭ ‬فى‭ ‬قنبلة‭ ‬درويش‭ ‬باشا‭.‬

وكنت‭ ‬تلميذاً‭ ‬في‭ ‬البكالوريا‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬الإلهامية،‭ ‬وكان‭ ‬عمرى‭ ‬18‭ ‬سنة‭!. ‬كان‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭ ‬طالباِ‭ ‬في‭ ‬الطب،‭ ‬يشتعل‭ ‬ذكاء‭ ‬ووطنية،‭ ‬عيناه‭ ‬براقتان،‭ ‬شديد‭ ‬التدين‭ ‬والاستقامة،‭ ‬يبدو‭ ‬عليه‭ ‬الغموض،‭ ‬لا‭ ‬يتكلم‭ ‬كثيرا،‭ ‬شديد‭ ‬الحذر،‭ ‬إذا‭ ‬حدد‭ ‬لك‭ ‬موعداً‭ ‬لا‭ ‬يكشف‭ ‬مكانه‭ ‬ولا‭ ‬وقته،‭ ‬ولكنك‭ ‬فجأة‭ ‬تجده‭ ‬أمامك،‭ ‬ثم‭ ‬يختفي‭ ‬فجأة،‭ ‬وكان‭ ‬لا‭ ‬يحضر‭ ‬اجتماعات‭ ‬الخلية‭ ‬السرية،‭ ‬ولكننا‭ ‬نجده‭ ‬معنا،‭ ‬ومعه‭ ‬تعليمات‭ ‬قيادة‭ ‬الجهاز‭ ‬السرى‭!‬

‭ ‬وذات‭ ‬يوم‭ ‬فى‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬سنة‭ ‬1921‭ ‬جاء‭ ‬كيرة‭ ‬وقال‭ ‬لنا‭: ‬الجماعة‭ ‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬محمد‭ ‬بدر‭ ‬الدين‭ ‬بك‭ ‬مراقب‭ ‬الأمن‭ ‬العام،‭ ‬يدبر‭ ‬الخطط‭ ‬للقبض‭ ‬على‭ ‬الجهاز‭ ‬السرى‭ ‬للثورة،‭ ‬وأننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتخلص‭ ‬منه،‭ ‬لأنه‭ ‬أكبر‭ ‬موظف‭ ‬فى‭ ‬الداخلية‭ ‬يعتمد‭ ‬عليه‭ ‬الانجليز‭ ‬فى‭ ‬قمع‭ ‬الثورة‭ ‬بعد‭ ‬نفى‭ ‬سعد‭ ‬زغلول،‭ ‬وان‭ ‬الجماعة‭ ‬قرروا‭ ‬وجوب‭ ‬قتله‭.‬

‭ ‬ولم‭ ‬يسأل‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬الجماعة‭!. ‬لأن‭ ‬تقاليد‭ ‬الخلية‭ ‬السرية‭ ‬ألا‭ ‬تسأل‭ ‬عمن‭ ‬يصدر‭ ‬الأوامر‭!.. ‬ثم‭ ‬سألناه‭ ‬كيرة‭: ‬من‭ ‬منكم‭ ‬يقوم‭ ‬بالعملية؟‭.. ‬فقلت‭ ‬أنا‭.. ‬وقال‭ ‬محمود‭ ‬حفنى‭: ‬وأنا‭ ‬سأرافقه،‭ ‬وفى‭ ‬نفس‭ ‬اللحظة‭ ‬أخرج‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭ ‬من‭ ‬جيبه‭ ‬مسدساً‭ ‬أوتوماتيكياً‭ ‬وأعطاه‭ ‬لى‭. ‬وقال‭ ‬كيرة‭: ‬أنه‭ ‬تقرر‭ ‬أن‭ ‬يتولى‭ ‬المنفذون‭ ‬عملية‭ ‬دراسة‭ ‬دخول‭ ‬وخروج‭ ‬محمد‭ ‬بدر‭ ‬الدين‭! ‬واختفي‭ ‬كيرة‭ ‬فجأة‭ ‬كما‭ ‬ظهر‭!‬

وبدأنا‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬نتبع‭ ‬محمد‭ ‬بدر‭ ‬الدين‭.. ‬وعلمنا‭ ‬أنه‭ ‬يقطن‭ ‬فى‭ ‬شارع‭ ‬الدواوين‭ ‬وهو‭ ‬شارع‭ ‬نوبار‭ ‬الآن،‭ ‬فى‭ ‬منزل‭ ‬يقع‭ ‬بقرب‭ ‬شارع‭ ‬المبتديان،‭ ‬وأنه‭ ‬يخرج‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬منزلة‭ ‬بين‭ ‬التاسعة‭ ‬والعاشرة‭ ‬صباحاً،‭ ‬ويمشى‭ ‬على‭ ‬قدميه‭ ‬إلى‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬التى‭ ‬تبعد‭ ‬بضع‭ ‬دقائق‭ ‬عن‭ ‬بيته‭.. ‬وجاء‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭ ‬وأخطرنا‭ ‬بأن‭ ‬الجهاز‭ ‬السرى‭ ‬علم‭ ‬بأن‭ ‬محمد‭ ‬بدر‭ ‬الدين‭ ‬مسلح،‭ ‬وأنه‭ ‬يحمل‭ ‬مسدساً‭ ‬فى‭ ‬جيب‭ ‬معطفه‭ ‬الأيمن،‭ ‬وأنه‭ ‬يسير‭ ‬دائماً‭ ‬ويده‭ ‬اليمنى‭ ‬فى‭ ‬جيبه‭ ‬استعداداً‭ ‬لمواجهة‭ ‬أي‭ ‬اعتداء−‭ ‬وأنه‭ ‬حدثت‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬محاولات‭ ‬لاغتياله‭ ‬لم‭ ‬تنجح،‭ ‬وأنه‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬حياته‭ ‬مهددة‭.‬

ودرسنا‭ ‬المنطقة‭.. ‬ووضعنا‭ ‬الخطة‭!‬

‭ ‬واتفق‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬محمود‭ ‬حفنى‭ ‬أمام‭ ‬منزل‭ ‬بدر‭ ‬الدين،‭ ‬ويراقب‭ ‬خروجه‭ ‬من‭ ‬الباب،‭ ‬وأن‭ ‬أقف‭ ‬عند‭ ‬زاوية‭ ‬شارع‭ ‬الدواوين،‭ ‬مع‭ ‬شارع‭ ‬البركة‭ ‬الناصرية،‭ ‬وعند‭ ‬خروج‭ ‬بدر‭ ‬الدين‭ ‬من‭ ‬منزله،‭ ‬ينحنى‭ ‬محمود‭ ‬حفنى‭ ‬ويربط‭ ‬حذاءه،‭ ‬وعندئذ‭ ‬أستعد‭ ‬لضربه،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬سيمر‭ ‬على‭ ‬الرصيف‭ ‬الذى‭ ‬أقف‭ ‬عليه‭.. ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬يربط‭ ‬محمود‭ ‬حفنى‭ ‬حذاءه،‭ ‬يستمر‭ ‬فى‭ ‬سيره،‭ ‬أما‭ ‬أنا‭ ‬فأهرب‭ ‬من‭ ‬شارع‭ ‬البركة‭ ‬الناصرية،‭ ‬فى‭ ‬عدة‭ ‬شوارع‭ ‬ضيقة‭ ‬ومتعرجة‭ ‬فى‭ ‬حوارى‭ ‬عمارة‭ ‬البابلى،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أضع‭ ‬المسدس‭ ‬فى‭ ‬جيبى،‭ ‬حتى‭ ‬أصل‭ ‬إلى‭ ‬شارع‭ ‬خيرت،‭ ‬ومنه‭ ‬أمشى‭ ‬إلى‭ ‬سكة‭ ‬الحنفى،‭ ‬ومنها‭ ‬إلى‭ ‬بركة‭ ‬الفيل،‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬الحلمية‭ ‬حيث‭ ‬أسكن‭.‬

وفى‭ ‬يوم‭ ‬الثلاثاء‭  ‬3‭ ‬يناير‭ ‬سنة‭ ‬1922‭ ‬ذهبنا‭ ‬إلى‭ ‬المكان‭ ‬المحدد‭ ‬لاغتياله‭ ‬وانتظرنا‭.. ‬ولم‭ ‬يخرج‭ ‬بدر‭ ‬الدين‭! ‬ويغلب‭ ‬على‭ ‬الظن‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬موعد‭ ‬خروجه،‭ ‬وخرج‭ ‬مبكرا‭ ‬وقد‭ ‬بلغ‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬التدبير،‭ ‬أن‭ ‬اتصل‭ ‬أحد‭ ‬أعضاء‭ ‬الخلية‭ ‬بخادمة‭ ‬محمد‭ ‬بدر‭ ‬الدين‭ ‬وعرف‭ ‬منها‭ ‬كل‭ ‬نظام‭ ‬خروجه‭ ‬ودخوله‭ ‬ومعيشته،‭ ‬وساعدنا‭ ‬هذا‭ ‬كثيرا‭ ‬على‭ ‬إعداد‭ ‬خطة‭ ‬الاغتيال‭.‬

‭ ‬وفى‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬4‭ ‬يناير‭ ‬سنة‭ ‬1922‭ ‬عدنا‭ ‬إلى‭ ‬المكان‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.. ‬ولم‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬العثور‭ ‬عليه،‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬يخرج‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬إطلاقاًَ‭!.. ‬وكانت‭ ‬حالتنا‭ ‬العصبية‭ ‬متوترة‭.‬

‭ ‬وفى‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬5‭ ‬يناير‭ ‬سنة‭ ‬1922‭ ‬ذهبنا‭ ‬فى‭ ‬الساعة‭ ‬التاسعة‭ ‬صباحاً‭ ‬وانتظرنا‭ ‬فى‭ ‬الأمكنة‭ ‬المحددة‭ ‬لنا‭.. ‬وفى‭ ‬الساعة‭ ‬العاشرة‭ ‬إلا‭ ‬ربعاً‭ ‬رأيت‭ ‬زميلى‭ ‬محمود‭ ‬حفنى‭ ‬يعطي‭ ‬الاشارة‭ ‬المتفق‭ ‬عليها،‭ ‬وكنت‭ ‬واقفاً‭ ‬والمسدس‭ ‬فى‭ ‬يدى‭ ‬داخل‭ ‬السترة،‭ ‬وقد‭ ‬ربعت‭ ‬يدى‭ ‬على‭ ‬صدرى،‭ ‬واتخذت‭ ‬موقفى‭ ‬فى‭ ‬ناصة‭ ‬شارع‭ ‬البركة‭ ‬الناصرية،‭ ‬وسمعت‭ ‬وقع‭ ‬أقدام‭ ‬بدر‭ ‬الدين‭ ‬وهو‭ ‬يقترب‭ ‬منى‭.. ‬ثم‭ ‬وصل،‭ ‬وأصبحت‭ ‬المسافة‭ ‬بينى‭ ‬وبينه‭ ‬حوالى‭ ‬نصف‭ ‬متر،‭ ‬ونظر‭ ‬إلى‭ ‬نظرة‭ ‬شك‭.. ‬ولم‭ ‬أتحرك‭.. ‬وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬خطا‭ ‬خطوة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أدار‭ ‬وجهه‭ ‬أخرجت‭ ‬المسدس‭ ‬بسرعة،‭ ‬وأطلقت‭ ‬عليه‭ ‬الرصاص‭ ‬فى‭ ‬صدره‭.. ‬فصاح‭ ‬بدر‭ ‬الدين‭ ‬بأعلى‭ ‬صوته‭: ‬يا‭ ‬ابن‭ ‬الكلب‭.. ‬امسكوه‭!.‬

‭ ‬وأسرعت‭ ‬أعدو‭ ‬فى‭ ‬شارع‭ ‬البركة‭ ‬الناصرية‭.. ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬أخطو‭ ‬بضع‭ ‬خطوات‭ ‬سمعت‭ ‬طلقاً‭ ‬نارياً،‭ ‬فقد‭ ‬أطلق‭ ‬بدر‭ ‬الدين‭ ‬الرصاص‭ ‬من‭ ‬مسدسه‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يسقط‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬واستمررت‭ ‬فى‭ ‬عدوى‭ ‬فى‭ ‬الحوارى‭ ‬المتعرجة‭ ‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬شارع‭ ‬خيرت،‭ ‬ولم‭ ‬يتبعنى‭ ‬أحد،‭ ‬ولم‭ ‬يحاول‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬يقبض‭ ‬علىّ‭.. ‬ولهذا‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬الإنجليز‭ ‬شاهداً‭ ‬واحداً‭ ‬يتقدم‭ ‬ويصفنى،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬شارع‭ ‬الدواوين‭ ‬كان‭ ‬مزدحماً‭ ‬بالمارة‭.‬

‭ ‬وعندما‭ ‬وصلت‭ ‬إلي‭ ‬شارع‭ ‬خيرت‭ ‬توقفت‭ ‬عن‭ ‬العدو،‭ ‬وسرت‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭ ‬فدخلت‭ ‬وخلعت‭ ‬ملابسى،‭ ‬وارتديت‭ ‬ملابس‭ ‬أخرى،‭ ‬وحملت‭ ‬ملابسى‭ ‬والمسدس‭ ‬إلي‭ ‬منزل‭ ‬زميلنا‭ ‬أحمد‭ ‬خالد‭ ‬بالقلعة،‭ ‬ثم‭ ‬عدت‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭.‬

‭ ‬وأعلنت‭ ‬السلطة‭ ‬البريطانية‭ ‬عن‭ ‬مكافأة‭ ‬قدرها‭ ‬خمسمائة‭ ‬جنيه‭ ‬لمن‭ ‬يرشد‭ ‬عن‭ ‬الجانى،‭ ‬فلم‭ ‬يتقدم‭ ‬أحد‭.‬وقرر‭ ‬الجهاز‭ ‬اغتيال‭ ‬عبدالخالق‭ ‬ثروت‭ ‬باشا‭!‬‭.‬

‭ ‬وبعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬وقوع‭ ‬الحادث‭ ‬وجدت‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭ ‬فجأة‭ ‬فى‭ ‬بيتى‭ ‬بالحلمية‭ ‬بشارع‭ ‬على‭ ‬باشا‭ ‬إبراهيم،‭ ‬وهنأنى‭ ‬باسم‭ ‬الجهاز‭ ‬السرى‭.. ‬ثم‭ ‬قال‭ ‬لى‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭ ‬أن‭ ‬قيادة‭ ‬الجهاز‭ ‬السرى‭ ‬للثورة‭ ‬تلقت‭ ‬معلومات‭ ‬مؤكدة‭ ‬بأنه‭ ‬بدأت‭ ‬مفاوضات‭ ‬سرية‭ ‬جداً‭ ‬بين‭ ‬عبد‭ ‬الخالق‭ ‬ثروت‭ ‬باشا‭ ‬واللورد‭ ‬اللمبى،‭ ‬وأن‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬المفاوضات‭ ‬أن‭ ‬تعلن‭ ‬بريطانيا‭ ‬استقلالاً‭ ‬وهمياً‭ ‬لمصر،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬تعهد‭ ‬ثروت‭ ‬باشا‭ ‬بأن‭ ‬يكتب‭ ‬خطابات‭ ‬سرية‭ ‬تلغى‭ ‬هذا‭ ‬الاستقلال،‭ ‬وتعطى‭ ‬بريطانيا‭ ‬نفس‭ ‬الحقوق‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬قبل‭ ‬إلغاء‭ ‬الحماية‭ ‬البريطانية‭!  ‬ولهذا‭ ‬قررت‭ ‬قيادة‭ ‬الجهاز‭ ‬السرى‭ ‬للثورة‭ ‬قتل‭ ‬عبدالخالق‭ ‬ثروت‭ ‬باشا‭.. ‬وأنه‭ ‬تقرر‭ ‬تكليف‭ ‬محمود‭ ‬حفنى‭ ‬بتنفيد‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭!.‬

‭ ‬وزارنى‭ ‬محمود‭ ‬حفنى،‭ ‬وأبلغنى‭ ‬أنه‭ ‬صدرت‭ ‬إليه‭ ‬الأوامر‭ ‬بتنفيذ‭ ‬اغتيال‭ ‬ثروت‭ ‬باشا‭.. ‬واجتمع‭ ‬بى‭ ‬عدة‭ ‬مرات،‭ ‬ندرس‭ ‬خطة‭ ‬الاغتيال‭.. ‬وأخبرنى‭ ‬محمود‭ ‬حفنى‭ ‬بأنه‭ ‬معه‭ ‬بعض‭ ‬الزملاء‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العملية،‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬أشخاصاً‭ ‬جدداً،‭ ‬سيكون‭ ‬معهم‭ ‬بأن‭ ‬معه‭ ‬بعض‭ ‬الزملاء‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العملية،‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬أشخاصاً‭ ‬جدداً،‭ ‬سيكون‭ ‬حفنى‭ ‬معهم‭ ‬خلية‭ ‬سرية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭. ‬وزارنى‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة،‭ ‬وقال‭ ‬لى‭ ‬أنه‭ ‬يوجد‭ ‬مع‭ ‬محمود‭ ‬حفنى‭ ‬فى‭ ‬خليته‭ ‬التى‭ ‬ستنفذ‭ ‬اغتيال‭ ‬ثروت‭ ‬باشا‭ ‬شخص‭   ‬اسمه‭ ‬مصطفى‭ ‬فرغلى‭ ‬لا‭ ‬يطمئن‭ ‬إليه‭ ‬الجهاز‭.. ‬وقال‭ ‬محمود‭ ‬حفنى‭ ‬انه‭ ‬مطمئن‭ ‬إلى‭ ‬مصطفى‭ ‬فرغلى‭.‬

‭ ‬ورتبت‭ ‬الخطة‭ ‬بحيث‭ ‬يتم‭ ‬اغتيال‭ ‬ثروت‭ ‬باشا‭ ‬يوم‭ ‬26‭ ‬يناير،‭ ‬عند‭ ‬خروجه‭ ‬من‭ ‬منزله‭ ‬فى‭ ‬الدقى،‭ ‬متجهاً‭ ‬إلي‭ ‬المدينة،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الكوبرى‭ ‬الأعمى،‭ ‬كوبرى‭ ‬الجلاء‭ ‬حالياً،‭ ‬وتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬إلقاء‭ ‬حقيبة‭ ‬ملأى‭ ‬بالقنابل‭ ‬على‭ ‬سيارة‭ ‬ثروت‭ ‬باشا‭.‬

‭ ‬ووزع‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭ ‬مسدسات‭ ‬على‭ ‬أعضاء‭ ‬خلية‭ ‬التنفيذ‭.. ‬وأخبرنى‭ ‬كيرة‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يمشى‭ ‬مع‭ ‬مصطفى‭ ‬فرغلى‭ ‬ويسمى‭ ‬أعضاء‭ ‬خلية‭ ‬التنفيذ،‭ ‬وفجأة‭ ‬قال‭ ‬مصطفى‭ ‬فرغل‭: ‬يظهر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتتبعنا‭!. ‬فقال‭ ‬كيرة‭: ‬لو‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬صحيحاً‭ ‬فسأضربه‭ ‬بالنار،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬يعاونه‭!. ‬وقال‭ ‬كيرة‭ ‬وهو‭ ‬يروى‭ ‬هذه‭ ‬الواقعة‭:‬

إننى‭ ‬قلت‭ ‬هذا‭ ‬وأخرجت‭ ‬مسدسى،‭ ‬لأننى‭ ‬شككت‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬فى‭ ‬مصطفى‭ ‬فرغل−‭ ‬وقال‭ ‬مصطفى‭ ‬فرغل‭: ‬سأذهب‭ ‬وأرى‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬الذى‭ ‬يتعقبنا،‭ ‬وسأتحقق‭ ‬من‭ ‬الموضوع‭ ‬بنفسى‭.. ‬ثم‭ ‬عاد‭ ‬مصطفى‭ ‬فرغل‭ ‬إلى‭ ‬كيرة،‭ ‬وقال‭ ‬إنه‭ ‬رجل‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬شارع‭ ‬آخر‭!.‬

وفى‭ ‬يوم‭ ‬التنفيذ‭.. ‬قبض‭ ‬البوليس‭ ‬على‭ ‬محمود‭ ‬حنفى‭ ‬وجميع‭ ‬من‭ ‬معه،‭ ‬وهم‭ ‬يقفون‭ ‬فى‭ ‬انتظار‭ ‬ثروت‭ ‬باشا‭ ‬فى‭ ‬الأمكنة‭ ‬المحددة‭ ‬فى‭ ‬الخطة،‭ ‬واستولوا‭ ‬على‭ ‬الأسلحة‭ ‬والقنابل‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬معهم‭.‬

وذهب‭ ‬البوليس‭ ‬فى‭ ‬يوم‭ ‬11‭ ‬يناير‭ ‬سنة‭ ‬1922‭ ‬إلى‭ ‬مدرسة‭ ‬الطب‭ ‬للقبض‭ ‬على‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة،‭ ‬وفوجىء‭ ‬كيرة‭ ‬بدخول‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الضباط‭ ‬الإنجليز‭ ‬ليلقوا‭ ‬القبض‭ ‬عليه‭ ‬فى‭ ‬العمل‭.. ‬وعرف‭ ‬كيرة‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬أن‭ ‬مصطفى‭ ‬فرغل‭ ‬أبلغ‭ ‬البوليس‭! ‬وبسرعة‭ ‬مذهلة‭ ‬قال‭ ‬لهم‭: ‬أنتم‭ ‬تريدون‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭ ‬وأنا‭ ‬لست‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭!.. ‬وإذا‭ ‬بطلبة‭ ‬المدرسة‭ ‬والمدرسين‭ ‬المصريين‭ ‬يشهدون‭ ‬بأن‭ ‬المقبوض‭ ‬عليه‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭!.. ‬وترك‭ ‬الضباط‭ ‬الإنجليز‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة،‭ ‬وراحوا‭ ‬يفتشون‭ ‬المدرسة‭ ‬عنه‭!! ‬وفى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬اختفى‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭!.‬

وفوجئت‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬اليوم‭ ‬بأن‭ ‬البوليس‭ ‬جاء‭ ‬ليقبض‭ ‬على‭! ‬ولم‭ ‬أكن‭ ‬بالمنزل‭.. ‬وترك‭ ‬البوليس‭ ‬أمراً‭ ‬لى‭ ‬بالتوجه‭ ‬إلى‭ ‬المحافظة‭ ‬فورا‭ ‬ومقابلة‭ ‬اللواء‭ ‬رسل‭ ‬باشا‭ ‬حكمدار‭ ‬القاهرة‭ ‬شخصياً‭. ‬وعندما‭ ‬توجهت‭ ‬إلى‭ ‬المحافظة‭ ‬سألت‭ ‬عن‭ ‬رسل‭ ‬باشا،‭ ‬فقيل‭ ‬لى‭ ‬إنه‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬مؤقتاً،‭ ‬وطلبوا‭ ‬منى‭ ‬مقابله‭ ‬وكيل‭ ‬الحكمدار‭.. ‬وإذا‭ ‬بوكيل‭ ‬الحكمدار‭ ‬هو‭ ‬اللواء‭ ‬محمد‭ ‬نديم‭ ‬باشا‭ ‬زوج‭ ‬خالتى‭! ‬وقال‭ ‬لى‭: ‬إيه‭ ‬الحكاية؟‭ ‬هل‭ ‬تعرف‭ ‬شخصاً‭ ‬اسمه‭ ‬محمود‭ ‬حفنى؟‭ ‬قلت‭: ‬أعرفه‭ ‬لأنه‭ ‬تلميذ‭ ‬معى‭ ‬فى‭ ‬البكالوريا‭.. ‬ليه؟‭.‬

قال‭ ‬اللواء‭ ‬نديم‭ ‬باشا‭: ‬إنه‭ ‬قبض‭ ‬عليه‭ ‬فى‭ ‬مؤامرة‭ ‬محاولة‭ ‬اغتيال‭ ‬ثروت‭ ‬باشا‭ ‬وإنه‭ ‬كان‭ ‬مراقباً،‭ ‬وأن‭ ‬تقرير‭ ‬البوليس‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬زارك‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬قبل‭ ‬الحادث،‭ ‬وإن‭ ‬آخر‭ ‬مرة‭ ‬كانت‭ ‬قبل‭ ‬الحادث‭ ‬بيوم‭ ‬واحد‭. ‬فأجبته‭ ‬بأنه‭ ‬زميلى‭ ‬فى‭ ‬البكالوريا‭ ‬وأنه‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الكتب‭ ‬والكراريس‭ ‬فيستعيرها‭ ‬منى‭ ‬للمذاكرة‭! ‬فقال‭ ‬لى‭ ‬نديم‭ ‬باشا‭: ‬إننى‭ ‬سأستجوبك‭ ‬الآن‭ ‬رسمياً،‭ ‬وعليك‭ ‬أن‭ ‬تقرر‭ ‬هذا،‭ ‬وسأحاول‭ ‬أن‭ ‬أحفظ‭ ‬الموضوع‭.‬

وقد‭ ‬تم‭ ‬هذا‭.. ‬وحفظ‭ ‬الموضوع‭!‬

ونظرت‭ ‬قضية‭ ‬محمود‭ ‬حفنى‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬العسكرية،‭ ‬وإذا‭ ‬بشاهد‭ ‬الملك‭ ‬هو‭ ‬فعلاً‭ ‬مصطفى‭ ‬فرغل،‭ ‬كما‭ ‬توقع‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭! ‬وحكم‭ ‬على‭ ‬محمود‭ ‬حفنى‭ ‬بالسجن‭.. ‬وتمكن‭ ‬فى‭ ‬أثنائه‭ ‬من‭ ‬مواصلة‭ ‬دراسته‭ ‬والنجاح‭ ‬فى‭ ‬البكالوريا‭ ‬والحقوق‭.‬

واختفى‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭ ‬من‭ ‬مصر‭!‬

وفجأة‭ ‬رأيت‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالحى‭ ‬كيرة‭ ‬أمامى‭ ‬من‭ ‬جديد‭.. ‬يخطرنى‭ ‬بأن‭ ‬قيادة‭ ‬الجهاز‭ ‬السرى‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬يختفى‭ ‬من‭ ‬مصر،‭ ‬وأنها‭ ‬وضعت‭ ‬خطة‭ ‬ليسافر‭ ‬إلى‭ ‬إيطاليا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬ليبيا‭.. ‬وأنه‭ ‬سيكتب‭ ‬لى‭ ‬باسم‭ ‬مستعار‭..‬