محمود سالم يكتب: الليلة الكبيرة

محمود سالم
محمود سالم

بقلم: محمود سالم

من المؤكد أن المتحف القومى للحضارة المصرية لم يعد مجرد أول متحف فريد من نوعه فى مصر والعالم العربى يقدم صورة متكاملة عن الحضارة المصرية، ولم يعد مجرد متحف لعرض مجموعات أثرية فريدة فى مقدمتها المومياوات الملكية، لكنه أصبح منبرا فكريا يجمع التاريخ بالحاضر.

والحقيقة أن د. أحمد غنيم الرئيس التنفيذى لهيئة المتحف كان وراء تلك الحالة الثقافية الرائعة التى شهد بها الجميع دون استثناء من الوزراء وكبار المسئولين والشخصيات العامة. عشرات اللقاءات الفكرية والثقافية نظمها المتحف منذ افتتاحه فى فبراير 2017 ولعل آخرها تلك التى عقدت  منذ أيام قليلة عندما استضاف د. ماجد فرج رئيس نادى محمد على الملكى متحدثا عن «أيام أفندينا» وهو الخديو إسماعيل من خلال مراحل عديدة لحياته حيث يحمل الرقم 16 قصصا طريفة عن حياته فقد استمر حكمه لمصر 16 سنة ومثلها كانت مدة نفيه بفرمان من السلطان العثمانى وثالثها عدد أولاده وبناته أما الرابعة فهى 16 زوجة بعضهن جوارى من إفريقيا وشرق أوروبا!..

وبالطبع كانت حياته مليئة بالبذخ فى الصرف على حفلات زواجه هو وأولاده وبناته التى تستمر 40 يوما حيث تزدحم سرايات الخديو بمئات المدعوين من موظفى خاصته ومستأجرى مزارعه وعشرات من الفرنجة الذين يفدون من فرنسا وإنجلترا لتنظيم الحفلات التى تحييها ألمظ وعبده الحامولى وراقصات من أوروبا، وكانت تقدم لضيوف إسماعيل أطعمة طوال مدة ضيافتهم فى قصوره، وكان الفطور والغذاء والعشاء ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات بجانب عشاء نصف الليل من اللحوم الباردة والفواكه المجففة، والأنبذة لمن يطلبها من غير المسلمين وهى الروم مع الشاى فى الصباح والنبيذ فى الظهيرة والعشاء!.. وقصص أخرى عن حياة الخديو لم يدعها د. جودة عبدالخالق وزير التضامن الاجتماعى الأسبق تمر مرور الكرام فكان سؤاله: وماذا عن مرحلة الديون التى تراكمت على مصر بسبب هذا البذخ؟!..

ليأتى رد د. ماجد بقوله إنه لم يضع تلك الأموال فى بنوك سويسرا بل باع ممتلكاته الشخصية لتسديدها.. لا يا شيخ! تلك المناوشة تناساها الجميع عند عرض أوبريت الليلة الكبيرة للعباقرة صلاح جاهين وسيد مكاوى وصلاح السقا بجانب فريق متميز من محركى العرائس بالخيوط ليبدأ الأوبريت بــ «قبة سيدنا النبى دول نوروها، ما احلى البيارق والناس بيزوروها» مرورا بـ«الليلة الكبيرة يا عمى والعالم كتيرة ماليين الشوادر يابا من الريف والبنادر».. وينتهى بالتصفيق المتواصل لأصحاب الأوبريت ومن قبلها لسفير كوريا الجنوبية بالقاهرة الذى عزف على الساكسفون نشيد «بلادى لك حبى وفؤادى»، وبالطبع لصاحب الليلة د. أحمد غنيم الذى يستحق باقة ورد من القرنفل الأبيض.